عَ مدار الساعة


تحليل مقارن لمقابلة الرئيس السوري الانتقالي أحمد الشرع مع الإيكونوميست وتلفزيون سوريا

يعكس الظهور الإعلامي للرئيس السوري الانتقالي بعضا من التصورات حول سوريا ما بعد سلطة البعث، فالانتقال من قائد هيئة تحرير الشام إلى رئاسة دولة “معقدة” ومركبة على مثلث أزمات يبدأ بالموضوع الفلسطيني ويمر بالمسألة الكردية وينتهي بطبيعة التنوع والعلاقات داخل بنية المجتمع السوري، فإن السلطة السياسية الجديدة تحاول بناء تصورات مازالت تحتاج إلى قراءة معمقة.

في مقابلتين مع مجلة الإيكونويس وتلفزيون سوريا البريطانية  تظهر انعكاسات مختلفة وملامح خطاب سياسي في مرحلة حرجة، حيث تظهر كل مقابلة توجهات معينة، ويظهر في الأولى اهتمامه بالسياسة الخارجية والعلاقات الدولية، بينما تركز الثانية على تفاصيل المعركة العسكرية، إعادة الهيكلة الداخلية، والإصلاحات الاقتصادية والسياسية.

أولًا: التحليل العام للرؤى المطروحة

  1. التوجه العام في مقابلة الإيكونوميست
  • ركّز الشرع في حديثه على القضايا الكبرى، مثل إعادة بناء سوريا سياسيا، وإقامة نظام حكومي شامل، وطرح رؤية لإجراء انتخابات مستقبلية.
  • حاول التأكيد على أنه لا يسعى لحكم فردي، بل سيكون هناك إطار قانوني واضح ينظم المرحلة الانتقالية.
  • أعطى اهتماما واضحًا للعلاقات الدولية والإقليمية، مشددا على أهمية كسب الدعم العربي والغربي، خصوصا من الولايات المتحدة ودول الخليج.
  • أشار إلى أن سوريا ستخضع لإصلاحات تدريجية قبل إجراء الانتخابات، متحدثا عن عوائق قانونية وسكانية تتطلب سنوات من العمل.
  • التوجه العام في مقابلة تلفزيون سوريا
  • جاءت المقابلة أكثر تفصيلا حول الجانب العسكري وإدارة المرحلة الانتقالية من منظور داخلي، حيث كشف تفاصيل عن معركة إسقاط النظام واستراتيجياتها.
  • سلط الضوء على إعادة بناء الجيش الوطني، والتأكيد على إشراك الضباط المنشقين في إعادة هيكلته.
  • ركز بشكل أكبر على تفاصيل الحكم الداخلي، وإعادة ضبط المؤسسات، وضبط السلاح بيد الدولة.
  • ناقش بشكل أعمق مسألة الإصلاح الاقتصادي، والانتقال من الاقتصاد الاشتراكي إلى نموذج السوق الحر لجذب الاستثمار.

ثانيا: مقارنة المحاور الرئيسية في المقابلتين

  1. الإطار السياسي وإدارة المرحلة الانتقالية
المحورمقابلة الإيكونوميستمقابلة تلفزيون سوريا
إدارة الحكمحكومة انتقالية تعمل على إعداد دستور جديد، وتعتمد على مؤسسات الدولة.التوجه إلى تشكيل “مؤتمر وطني” يشارك فيه مختلف الأطياف لوضع أسس الحكم الجديد.
الانتخاباتتستغرق بين 3 إلى 4 سنوات بسبب الحاجة لإجراء تعداد سكاني وتحديث القوانين الانتخابية.يرى أن الانتخابات قد تستغرق من 4 إلى 5 سنوات بسبب البنية التحتية غير الجاهزة.
دور الأحزابالدستور المستقبلي سيحدد طبيعة الأحزاب وقوانينها.لا يوجد قانون حالي لضبط الأحزاب، ولكن ستعتمد الحكومة على الكفاءات الفردية في هذه المرحلة.

تحليل المقارنة:

  • الشرع في حديثه مع الإيكونوميست كان حذرا في تقديم جدول زمني دقيق للانتخابات، بينما في مقابلة تلفزيون سوريا أشار إلى إمكانية تأخيرها لخمس سنوات، مما يعكس توجها مختلفا.
  • حديثه عن “المؤتمر الوطني” في مقابلة تلفزيون سوريا ربما يكون محاولة لإشراك مزيد من الفئات السورية في المرحلة الانتقالية، ما قد يساهم في تقليل الاحتقان الداخلي.
  • الملف العسكري
المحورمقابلة الإيكونوميستمقابلة تلفزيون سوريا
إدارة الفصائل المسلحةتم الاتفاق على دمج الفصائل في الجيش لضمان الاستقرار.كشف عن تفاصيل حول التخطيط العسكري لإسقاط النظام، مشيرًا إلى أن الجيش الوطني الجديد سيعتمد على الضباط المنشقين.
التعامل مع قسدالمفاوضات مستمرة، لكنها قد تكون صعبة.قسد أبدت استعدادها لتسليم السلاح، لكن هناك خلافات حول بعض التفاصيل.
ضبط السلاحيجب أن يكون السلاح تحت سلطة الدولة لمنع الفوضى.ضبط السلاح هو أحد الأولويات، مع التأكيد على فرض السيادة الوطنية.

تحليل المقارنة:

  • في الإيكونوميست كان الحديث عن الفصائل المسلحة أكثر دبلوماسية، حيث أكد على نيتهم الاندماج في الجيش.
  • أما في تلفزيون سوريا، فأظهر الشرع نظرة عسكرية أكثر، مشيرا إلى التكتيكات التي استخدمتها قواته لإسقاط النظام، ما يعكس تصوره كقائد عسكري وليس فقط سياسيًا.
  • العلاقات الخارجية
المحورمقابلة الإيكونوميستمقابلة تلفزيون سوريا
العلاقة مع الخليجيهدف إلى تعزيز الاستثمارات الخليجية لإعادة الإعمار.تحدث عن دعم سعودي واضح لسوريا بعد لقائه مع ولي العهد السعودي.
العلاقة مع أمريكايسعى إلى استعادة العلاقات الدبلوماسية، مع الإشارة إلى أن العقوبات تؤذي الشعب السوري.لم يركز كثيرًا على الولايات المتحدة، بل كان اهتمامه موجهًا للمنطقة العربية.
العلاقة مع إسرائيليجب على إسرائيل الانسحاب من المناطق التي احتلتها، ولكن لا يوجد نقاش حول التطبيع حاليًا.لم يتطرق لهذا الموضوع.

تحليل المقارنة:

  • في الإيكونوميست كان أكثر تركيزا على مخاطبة الرأي العام الغربي، مبرزا أهمية إزالة العقوبات، بينما في تلفزيون سوريا ركز على تأكيد الدعم العربي، خصوصا من السعودية.
  • لم يتناول مسألة إسرائيل بوضوح في تلفزيون سوريا، مما يشير إلى أنه أراد تفادي الحديث عن هذا الملف أمام الجمهور المحلي.
  • الملف الاقتصادي
المحورمقابلة الإيكونوميستمقابلة تلفزيون سوريا
إصلاح الاقتصاديسعى لجذب الاستثمارات بدلاً من الاعتماد على المساعدات.تحدث عن إعادة هيكلة الاقتصاد، والتحول إلى السوق الحر بدلاً من النظام الاشتراكي.
التنميةسوريا تحتاج إلى استثمارات واسعة لإنعاش اقتصادها.بناء البنية التحتية شرط أساسي قبل البدء في الإصلاح الاقتصادي.

تحليل المقارنة:

  • في الإيكونوميست، ركّز على تشجيع الاستثمارات الخليجية كحل أساسي، بينما في تلفزيون سوريا، تحدث بتفصيل أكبر عن التحول الاقتصادي من الاشتراكية إلى السوق الحر.
  • يظهر خطاب الإيكونوميست موجها للخارج، بينما مقابلة تلفزيون سوريا موجهة أكثر للداخل، لتطمين المواطنين حول مستقبل الاقتصاد.

الاستنتاجات

  • مقابلة الإيكونوميست كانت أكثر دبلوماسية واستراتيجية، وموجهة للرأي العام الدولي، حيث ركز على إعادة بناء العلاقات الخارجية، وإزالة العقوبات، وإجراء انتخابات في المستقبل.
  • مقابلة تلفزيون سوريا كانت أكثر محلية وواقعية، حيث ركّز على تفصيل المعركة العسكرية، الإصلاح الداخلي، والتخطيط الاقتصادي، مع إبراز الدعم العربي وطمأنة الداخل السوري.
  • الشرع يوازن بين إظهار نفسه كقائد عسكري حاسم، وبين كونه رجل دولة يسعى لإعادة الإعمار والاستقرار، لكن تصريحاته في المقابلتين توحي بأنه سيأخذ وقتا طويلا قبل السماح بإجراء انتخابات حقيقية.
  • الخطاب الخارجي للشرع يركز على الدبلوماسية والاستثمار.
  • الخطاب الداخلي يركز على إعادة بناء الجيش وضبط الحكم، مما يعكس مزيجًا بين البراغماتية السياسية والواقعية العسكرية.