عَ مدار الساعة


الواقع الأمني في سوريا خلال يناير 2025: تصعيد مستمر ومعطيات مقلقة

بعد شهرين من سقوط سلطة البعث فإن الأحداث الأمنية حافظت على وتيرة مرتفعة، حيث شهدت سوريا خلال شهر يناير 2025 تصعيدا أمنيا ملحوظا في مختلف المحافظات، وتنوعت الأحداث بين الغارات الجوية، والاشتباكات المسلحة، والاعتقالات، والتفجيرات، والتوغلات العسكرية. وقد تركزت هذه الحوادث بشكل رئيسي في المناطق الشمالية والشرقية من البلاد، في حين شهدت بعض المناطق الأخرى اضطرابات متفرقة مرتبطة بالنشاط العسكري والمواجهات بين الفصائل المختلفة.

التوزيع الجغرافي للأحداث الأمنية

أظهرت البيانات أن محافظة حلب كانت الأكثر تعرضًا للغارات الجوية، إذ كثّف الطيران الحربي التركي ضرباته على مواقع ميليشيا “قسد” في عدة مناطق، أبرزها محيط سد تشرين ومنطقة صرين. كما شهدت الرقة والحسكة عمليات قصف مدفعي متكررة بين الجيش الوطني وميليشيا “قسد”، في حين سجلت دير الزور العدد الأكبر من الاشتباكات المسلحة، خاصة في المناطق الواقعة على ضفتي نهر الفرات.

على صعيد آخر، شهدت القنيطرة توغلًا إسرائيليًا محدودًا، حيث دخلت قوات الاحتلال الإسرائيلي إلى بعض القرى الحدودية، مما أدى إلى وقوع اشتباكات مع مسلحين محليين. كما تعرضت السويداء لسقوط قذائف هاون مجهولة المصدر، مما زاد من حالة التوتر الأمني في المحافظة.

أنواع العمليات الأمنية ومعدلاتها

تم تسجيل عدة أنواع من الأحداث الأمنية خلال الشهر، حيث تصدرت الغارات الجوية قائمة العمليات الأكثر شيوعًا، تليها الاشتباكات المسلحة، ثم عمليات القصف المدفعي. كما استمرت ميليشيا “قسد” في تنفيذ حملات اعتقال واسعة طالت العشرات من المدنيين، خصوصًا في الحسكة والرقة، حيث استهدفت هذه الاعتقالات الشباب بغرض التجنيد الإجباري.

أما التفجيرات فتركزت بشكل رئيسي في دير الزور والرقة، حيث تم تسجيل عدة حوادث انفجار عبوات ناسفة وسيارات مفخخة، استهدفت نقاطا عسكرية ومناطق مدنية، ما أسفر عن سقوط قتلى وجرحى.

تحليل الواقع الأمني والتوقعات المستقبلية

تعكس هذه المعطيات واقعا أمنيا متأزما، حيث يستمر الصراع بين الأطراف المتناحرة، مع غياب أي حلول سياسية جادة لإنهاء حالة الفوضى. ويبدو أن التصعيد العسكري بين الجيش الوطني السوري وميليشيا “قسد” سيستمر خلال الأشهر المقبلة، خاصة مع تزايد التدخل التركي عبر الضربات الجوية.

في المقابل، تبقى محافظة درعا عرضة للاغتيالات والاشتباكات المحلية، في ظل استمرار الفلتان الأمني وغياب سلطة مركزية قادرة على ضبط الوضع. كما أن التحركات الإسرائيلية في القنيطرة قد تنذر بمزيد من التوتر على الجبهة الجنوبية.

مع استمرار هذا التصعيد الأمني، يبقى المدنيون هم الحلقة الأضعف في المشهد السوري، حيث يدفعون ثمن المواجهات المستمرة وانعدام الاستقرار. وفي ظل غياب تسويات سياسية حقيقية، يُتوقع أن تستمر الأوضاع الأمنية في التدهور خلال الفترة القادمة، مع احتمال تصعيد العمليات العسكرية في عدة مناطق، مما يستوجب تدخلاً دوليًا للحد من تداعيات هذا الصراع على المدنيين والبنية التحتية في البلاد.