عَ مدار الساعة


الرئيس الانتقالي السوري يُعلن “مجلسا تشريعيا”

أعلن الرئيس الانتقالي السوري، أحمد الشرع، عن تشكيل “مجلس تشريعي” مكون من 35 عضوا (قابل للتوسيع ليصل لـ50)، يعيّن هو شخصيا 25 منهم، بينما يتم اختيار العشرة الباقون من كم الطيف السوري السياسي، ومن المقرر أن يشكّل هذا المجلس – الذي يُوصف بـ”البرلمان المصغّر” – حكومة تكنوقراط باستثناء حقيبتي الدفاع والخارجية، وذلك لمدة عامين، لكن الإعلان أثار موجة انتقادات داخلية تُتهمه بـ”تكريس الديكتاتورية” و”تمهيد الطريق لمخططات تقسيمية”. 

خلل تمثيلي.. ثورة مُهمَّشة

تشير بعض المصادر معارضة إلى أن الفصائل العسكرية لا تمثل سوى 25% من نسيج الثورة السورية الذي يشمل تضحيات شعبية واسعة، من المعتقلين إلى المنظمات المدنية والمجالس المحلية، ويعكس تشكيل المجلس الجديد الذي حضر 65% من الفصائل اجتماع الإعلان دون إطلاعهم على المخرجات، هيمنة أحادية تتناقض مع مطلب “التمثيل الجامع”، فالتعيينات تشبه الأنظمة الملكية، رغمأن الملوكفي هذه الأنظمة لا يعيّنون أكثر من 10%.

كما ظهرت تساؤلات حول الآلية الدستورية لتعيين الرئيس في غياب انتخابات أو مؤتمر وطني، فيما يُعتبر تركيز 80% من سلطة التعيين بيد فرد سابقة غير مألوفة حتى في الأنظمة السلطوية، وتكشف وثائق مسربة عن تحذيرات من “سيناريو إندونيسي” – إشارة إلى سقوط نظام سوهارتو عام 1998 – حيث يؤدي غياب الشرعية إلى انهيار مفاجئ تحت ضغط الاحتجاجات. 

خيوط خارجية.. من “صفقة ترامب-نتنياهو” إلى الفيدرالية

تكشف تحليلات استخباراتية عن تداعيات اجتماعٍ سري بين ترامب ونتنياهو، نتج عنه تفاهمات لإدارة ملف سوريا عبر تعزيز نفوذ إسرائيل في إطار “المشروع التوراتي” (من الفرات إلى النيل)، وتتزامن الخطوة مع تصاعد المطالبات الفيدرالية من قبل قسد، وإعداد خطط – بغطاء روسي- إماراتي لتأسيس “كانتون علوي” في الساحل، و”ممر داوود” الرابط بين القنيطرة والبوكمال، ما يُنذر بتقسيم فعلي لسوريا.

يواجه الرئيس النتقالي السوري خيارين صعبين: إما تبني نموذج “الكتلة الوطنية” التاريخي (1920-1946) عبر تشكيل مجلس انتقالي تُتخذ قراراته بأغلبية واضحة، أو الإصرار على النهج الأحادي الذي يجعله “أداة لمشاريع التقسيم”، حيث تشر المصادر إلى أن “الكتلة الصامتة” – المكونة من رجال أعمال دمشق ومشايخ الدين والنقابات قادرة على إطلاق انتفاضة غير مضمونة العواقب إذا استمر التدهور الاقتصادي.

سيناريوهات الكارثة..

بحسب تقييمات أممية، فإن السيناريو الأقل خطرا – وإن كان كارثيًا – هو استمرار الوضع الراهن مع تفاقم الأزمة الاقتصادية حتى اندلاع انتفاضة شعبية، أما الأسوأ فهو انهيار كامل للنظام الحاكم في إدلب، ما يُفتح الباب أمام صراع دموي على السلطة أو تدخل خارجي مباشر. 

رغم التشاؤم السائد، يرى البعض أن الفرصة الأخيرة لإنقاذ الوضع تكمن في إعادة تشكيل مشابهة لـ”الكتلة الوطنية” التي أدارت سوريا خلال الاستقلال، وذلك عبر تحالف جامع يضم كل المكونات، لكن الوقت ينفد، والتدخلات الإقليمية تُسرع نحو نهاية تُطوي صفحة سوريا الموحدة إلى الأبد، فالمشهد السوري يشهد تحركات مكثفة لدول تحاول تجريد سوريا من سيادتها تحت ذرائع “الاستقرار”، والخطر الأكبر أن يصبح السوريون شهودا على تقسيم بلدهم بينما هم غارقون في الجدل حول شرعية “مجلسٍ” لا يملك قراره.