عَ مدار الساعة


تقرير: أزمة العملة في سوريا.. تساؤلات حول السياسات ونداء للشفافية

أكد باسل عبد الحنان، وزير الاقتصاد في حكومة تصريف الأعمال السورية، أن التقلبات الحادة في سعر صرف الدولار مقابل الليرة “وهمية”، واعتبرها نتيجة لمضاربات غير منضبطة من قبل التجار.

جاء التصريح متأخرا أسبوعا منذ بدء الدولار هبوطا حادا في السوق الموازية أمام الليرة السورية، بينما بقي سعر ثابتا وفق نشرة المصرف المركزي السوري، ويشير التصريح إلى تعقيدات تواجهها الحكومة الجديدة تفوق توقعاتها، وسط أزمة اقتصادية طاحنة.

الحلول المطروحة وانتقادات التطبيق

يطرح المحللين الاقتصاديين حلين أساسيين: الأول إلزام شركات الحوالات بتسليم الأموال إما بالدولار أو – على الأقل- بالسعر الرسمي، وليس بسوق الموازي، مشيرا إلى أن السماح لهذه الشركات باختيار السعر “ينهك المواطن” ولا يرتبط بآليات السوق الحقيقية، أما الحل الثاني فيتمثل في تسهيل إجراءات ترخيص شركات الصرافة، لإنهاء الفوضى السائدة. 

عمليا فإن الواقع يعكس تناقضا صارخًا: فبينما تشترط السلطات على شركات الحوالات إيداع 20 مليون دولار لدى المصرف المركزي للحصول على ترخيص، ومليون دولار لمكاتب الصرافة، تُترك “صرافات البسطات” تعمل دون رقابة، ما يهدد بعدم رفع سوريا من”مجموعة العمل المالي الدولي” التي تتابع مسالة غسيل الأمول

مقارنة مثيرة مع الإمارات.. أين المنطق؟

تُثار تساؤلات حول جدوى هذه الشروط، خاصة عند مقارنتها بسياسات دول مثل الإمارات، التي تطلب رأس مال لا يتجاوز 1.36 مليون دولار لشركات الحوالات، و544 ألفا للمكاتب، مع إيداع المبلغ في حسابات الشركات وليس المصرف المركزي.

يُذكر أن حجم الاقتصاد الإماراتي يتجاوز 500 مليار دولار، بينما بالكاد يصل السوري إلى 10 مليارات، مما يدفع للاستغراب: لماذا تتشدد سوريا أكثر من دولة أغنى وأكثر استقرارًا؟ 

الفوضى تُفاقم الأزمة..

يعيش السوريون تناقضا مريرا: فبينما تُفرض قيود غير واقعية على الشركات المرخصة، تُترك السوق السوداء لتنتشر حتى على الأرصفة، مما يستنزف احتياطات البلاد من العملة الصعبة، وسؤال الجوهري: هل دفع “صرافو الشوارع” تلك الملايين المطلوبة؟ أم أن السياسات الحالية تُعقّد عمل المؤسسات النظامية وتُسهّل الفوضى؟ 

جدول مقارنة السياسات الاقتصادية بين سوريا والإمارات

المعيارسورياالإماراتملاحظات
حجم الاقتصاد~10 مليار دولار~500 مليار دولاراقتصاد الإمارات أكبر 50 مرة
ترخيص شركات الحوالاتوديعة 20 مليون دولار (المصرف المركزي)رأس مال 1.36 مليون دولار (حساب الشركة)الشروط السورية أعلى رغم اقتصادها الأضعف
ترخيص مكاتب الصرافةوديعة 1 مليون دولار (المصرف المركزي)رأس مال 544 ألف دولار (حساب الشركة)الفارق بين “الوديعة” و”رأس المال”
انتشار السوق الموازيمرتفع (صرافات البسطات)منخفض (أسواق منظمة)خطر بقاء سوريا في القائمة الرمادية لـ FATF

ويؤكد خبراء أن أولى خطوات التعافي الاقتصادي تكمن في الوضوح وبناء الثقة، عبر سياسات عادلة ومنطقية، بدلا من إجراءات تبدو غير مدروسة، تُثقل كاهل الاقتصاد والمواطن معا. فهل تُعيد السلطات النظر في مقاربتها قبل فوات الأوان؟