عَ مدار الساعة


ميشال عون، من الكرسي الى العرش – أمين أبوراشد

ليست المقالة قصيدة مديح بشخص الرئيس ميشال عون، ولا هو ينتظر الإطراء مني ومن سواي، فلا أنا من غلمان الدواوين وماسحي البلاط، ولا فخامة الآدمي صاحب القلب الطاهر والفكر الشامخ من سلالة السلاطين، بل أن موضوعي يتناول ثقافة العونيين، الذين قبل ومع وبعد ميشال عون الرئيس، يجدون أنفسهم ينتظرون إنتقاله من كرسي بعبدا الى عرش المدرسة الإنسانية والوطنية والسياسية، ولا بديل عنه في قلوبهم وأفكارهم ورؤاهم، ولو أنه لم يؤسس كما أنطون سعادة لمدرسة عقائدية، لكنه بنى على أكتاف الأوادم، ودون أي مقابل، أساسات مدرسة دولة المؤسسات، الرافضة لمنطق الميليشيات التي فعلاً يحتقرها العونيون.ومشكلة بعض الصغار في السياسة والإعلام، أنهم يربطون مصير العونيين برحيل قائدهم عن قصر بعبدا، لا بل وصل الحقد لدى إعلامي مُكتنز مادياً وأفقر الفقراء معنوياً أن قال: نصف الرجل بات في القبر وما زالوا متمسكين به، في إشارة الى العلاقة التي تربط العونيين بقائدهم المُلهِم، وصبرهم على الحرب الكونية التي شنَّها الخارج الدولي والإقليمي عليه، بتعاون من شركاء الحكم الذين أعلنوا بوقاحة أنهم لن يسمحوا له أن يحكُم، إضافة الى مَن ارتهنوا للسفارات لنحر عهد ميشال عون، الذى أبى إلا أن يوجِّه لهم صفعة الترسيم وبتوقيع مبارك من يده التي ما لمست سوى الحلال مدى عمره المديد.لسنا هنا بوارد تعداد الإنجازات لهذا الرئيس الاستثنائي، والتي سوف تتظهَّر بعضها بعد مغادرته بعبدا، تماماً كما سوف يتظهَّر إنهيار بعض الميليشيات الكبرى الممسوكة حالياً من حيتان المال والسلطة والفساد، وليتذكَّر كل من يمتلك البصيرة، أن قوة ميشال عون تكمُن في قواعده الشعبية التي لا ترضى بديلاً عن تعاليمه، وضعف معظم خصومه أنهم بنوا أمجادهم على شراء القطعان بالمال الحرام ومارسوا السلطة بأقذر وجوهها.ختاماً، ميشال عون سوف ينتقل بكل بساطة من الكرسي الى العرش، لأن العونيين ارتبطوا به رباط قداسة أبدية، وهو وإن لم يقصد تأسيس مدرسة عقائدية، ولا اشترى المناصرين بالمال وخدمات الإذلال، فهو أسَّس لمدرسة آدمية وأخلاق في السياسة وإدارة الشأن العام، مع دهاء في كيفية تدمير المَزَارع، وكما الآدمية مُستوحاة من وصايا الله العشر، فإن فخامة الآدمي الداهية يُتقِن رسالة طرد اللصوص من الهيكل، وهو قد بدأها من كرسي بعبدا وسوف يستكملها من على عرش قلوب جماهيره، والآتي قريب، قريب جداً…