عَ مدار الساعة


لبنان…ليس طبقاً على مائدة إفطار – أمين أبوراشد

لن نتحدث عن المال الإنتخابي الذي تهدره بسخاء قوى سياسية، سواء كان هذا المال حلالاً أو حراماً، أو كان إعلاماً مُنتشراً على الطرقات، أو سموماً على لسان الواثقين بأنفسهم عن غباء، أو إفطاراً رمضانياً غريباً في توقيته، لأن مَن أفطر صائمي رمضان عند الثانية عشرة ظهراً، يدفع ضيوفه ما يُسمَّى كفَّارة، ويدفع هو كفَّارته في 15 أيار، حتى ولو دعا العالم كله الى مآدب إفطاراته، وسقفه الأعلى في نتائج الإنتخابات المقبلة أن يحافظ على حجم كتلته النيابية الحالية، مهما استخدم كلمات ” حتماً” و”طبعاً” و”أكيد” وأكَّدها كالعادة ثلاث مرات.

أهمية إقامة إفطارٍ على شرف سفير خليجي، ليست فقط في “تفطيره” ظهراً، ولا في مجموعة السفراء العرب الذين حضروا ذلك الإفطار، بل في ثُلَّة المشايخ الذين استحضرهم معه السفير البخاري، ومن ضمنهم ممثل عن دار الفتوى، لكن الأهم يكمُن في وهَم كل من اعتقدوا أن لبنان يُمكن أن يكون طبقاً على مائدة إفطارهم، عبر استغلالٍ واضحٍ وقحٍ لظروف الشعب اللبناني الذي بات يشتهي فُتات الموائد، الشعب الذي يفطر على الوعود الكلامية والهجمات السافرة التي شاءها “نزيل معراب” نشر غسيل لبنان أمام ضيوفه، وأسهب كالعادة في الهجوم على العهد وعلى سلاح المقاومة، لإسترضاء وليّ أمره الخليجي، وهو يُدرك أنه أعجز من أن يحقق حرفاً من تعهداته التي بدأ يلتزمها منذ وشى بسعد الحريري عام 2017 وتسبب له بفلقة سعودية مع استقالة من رئاسة الحكومة ومن الرياض بالذات.

السذاجة لدى بعض المُحللين، أن رحيل سعد الحريري عن الساحتين السياسية والإنتخابية، يخوِّل سمير جعجع وراثته جُزئياً في الشارع السُنِّي، وعززوا رؤيتهم بعد تحالف القوات مع خالد الضاهر في عكار وأشرف ريفي في طرابلس، لكنهم أغفلوا رفض الناخبين السُنَّة أن يتحالف أي مُرشَّح سُنِّي مع جعجع في بيروت وصيدا والبقاعين الأوسط والغربي رغم “استبسال” فؤاد السنيورة لنسج هكذا تحالفات ما تسبَّب بطلاق بائن بين هذا الأخير والشارع المؤيد للحريري الذي يتَّهم جعجع بالخيانة.

ونتَّهم هؤلاء المحللين بالسذاجة، لأنهم ذهبوا بأوهامهم الى الإجتهاد الغير موضوعي، أن نواباً سُنَّة قد ينضمون لكتلة القوات في حال وصولهم الى المجلس النيابي، وهنا نُلفت النظر الى ردود الفعل السلبية لسُنَّة عكار تجاه خالد الضاهر وطلال المرعبي، والردود نفسها على أشرف ريفي في الشارع الطرابلسي.

وإذا كان الحقد المذهبي على المقاومة، دفع بالضاهر وريفي الى رؤية القائد السيادي المُنقذ بشخص سمير جعجع، فنحن نُراهن مع المراهنين، أن السفير السعودي الذي تمكَّن من اصطحاب شخصيات دينية ومدنية سُنِّية الى إفطار الظهيرة في معراب، لن يستطيع مهما أهدر من مكرمات إنتخابية على سمير جعجع، أن يكون ظهيراً له في المواجهة غير المتكافئة على مستوى لبنان، والإنتخابات النيابية – لو حصلت – ستُثبِت صوابية ما نُدلي به من معطيات، والإنتخابات الرئاسية – متى حصلت – لن تأتي برئيسٍ سوى مَن تنتصر له المقاومة…