عَ مدار الساعة


حوارٌ بين الصحفيّ بيتر سيفالد والبابا بنديكتوس السادس عشر

سأل الصحفيّ بيتر سيفالد البابا بنديكتوس السادس عشر في كتاب نور العالم:

  • في بداية الألفية الثالثة ، تعيش شعوب الأرض ثورة ذات أبعاد لم يكن في الإمكان تصوّرها حتى الآن ، اقتصاديّا وبيئيّا واجتماعيّا ، يعتبر بعض العلماء أن العقد الثاني سيكون حاسما في بقاء هذا الكوكب في قيد الحياة .

قداسة البابا ، أنت نفسك استخدمت عبارات مأسويّة في أثناء حفل استقبال الدبلوماسيّين ، في روما ، في كانون الثاني السنة ٢٠١٠ ، عندما قُلت : « إن مستقبلنا ومصير كوكبنا هما في خطر » .

إذا لم نتمكّن قريبا من أن نُحدِث إرتدادا على قاعدة واسعة النطاق ، فإن الشعور بالضياع ومشهد الفوضى سيعمّان كلّ مكان .

في بلدة فاطمة ، كان لعِظتك وقع ينذر بقرب النهاية ، لقد قُلت : « استطاع الإنسان أن يُطلِق دورة موت وهول ؛ لكنه فشل في وضع حدّ لها …. + هل ترى في علامات الأزمنة بدايات منعطف سيغيّر العالم ؟

  • بطبيعة الحال ، هناك علامات تُخيفنا وتُقلقنا ، إنّما هناك بالمقابل علامات علينا أن نتعلق بها لأنها تعطينا أملا . سبق لنا أن تكلّمنا بإسهاب على مشهد الرعب والخطر اللذين یداهمان عالمنا . أودّ بطيبة خاطر أن أضيف هنا شيئا يثقل كاهلي ، من خلال زيارة الأساقفة للفاتيكان .

قال لي عدد كبير من الأساقفة ، بخاصة من هم من أميركا اللاتينية : حيث تمر طريق زراعة المخدرات وترويجها – وهي أجزاء كبيرة من تلك البلدان يمكن أن نقول إن وحشا عدوانيّا استولى على البلاد ليفسد البشر . أعتقد أن ثعبان تجارة المخدرات واستهلاكها الذي يلف العالم ، هو سلطة لا نستطيع دائما أن نكوّن عنها فكرة صحيحة . فهو يدمّر الشبيبة ويدمّر العائلات ، ويقود إلى العنف ويضع موضع الخطر مستقبل بلدان برمتها .

  • وهذا يعتبر من مسؤوليّات الغرب الرهيبة ، الغرب الذي يحتاج إلى مخدرات ، فيخلق بلدانا تكون مرغمة على أن تمده بها ؛ وهذا ما يفسد تلك البلدان ويدمرها في النهاية . نَهمٌ عطش للسعادة لا يرضى بما هو موجود ، ووجد ملجأ في جنة الشيطان ( إذا جاز القول ، وهو يهلك البشر من حوله .

تضاف إلى هذا مشكلة أخرى . يحذّرنا الأساقفة من دمار لا يتصوره عقل ، دمار ناجم عن السياحة الجنسيّة في مرحلة الشباب . تحدث الآن عمليات تدمير غير مألوفة ، تولدت من هذا النوع من الهوس المتعجرف ، وإرواء النهم ، والحرية الزائفة في العالم الغربي .

نرى أن الإنسان يبحث عن فرح بلا حدود ، ويودّ أن يحصل على أقصى المتعة ، يريد اللانهاية إنما حيث لا وجود الله ، لن يستطيع الحصول على ما يريد ، لأن الله غير موجود ، على الإنسان أن يخلق بنفسه ما هو صحيح » ، أن يخلق اللانهاية المزيّفة .

هذه علامة الأزمنة التي عليها أن تثير فينا كمسيحيين اهتماما إلى أقصى الحدود . علينا أن نوضح ـ ونعيش تاليا – أن الأبدية التي يحتاجها الإنسان لا يمكن أن تأتي إلا من الله ، وأن الله هو الضرورة الأولى التي تسمح لنا بمقاومة ضيقات هذا العصر ، وأن علينا تعبئة كل قوى النفس والخير لكي تظهر بصمةٌ حقيقيّة تقاوم المزيفة فتُلغي طريق الشر .