عَ مدار الساعة


مجازر الساحل السوري: جرائم إبادة تهدد مستقبل سوريا

خلال يومين فقط تحول الساحل السوري إلى مسرحٍ لواحدة من أبشع فصول العنف الممنهج ضد المدنيين منذ اندلاع الصراع السوري قبل أكثر من عقد، فأرقام الضحايا التي سُجلت في مدن مثل بانياس وصنوبر جبلة والتويم والمختارية وغيرها ليست مجرد إحصاءات، بل شواهد على تصعيد خطير في سياسة القتل الجماعي التي تُصنَّف كجرائم إبادة، وفقا لمعايير القانون الدولي.

تفكيك المجازر… أرقام تُخفي مأساة إنسانية

بدأت الأحداث في 6 شباط، حيث شهدت محافظة اللاذقية وريفها سلسلة هجمات ممنهجة استهدفت قرى وبلدات عديدة، ورغم أن الروايات حول بداية الحدث تؤشر إلى أن توتر كان سائدا، لكن التحول نحو المجازر يغلق كل السرديات لأن عدد الضحايا يستوجب البحث أكثر في مستقبل سوريا تحت إدارة السلطات الجديدة.

  1. مجزرة بانياس (164 شهيدا)

   تحولت شوارع المدينة إلى ساحة إعدام ميداني، مع تقارير عن عمليات تمشيط منزلية وإطلاق نار عشوائي، ولم يسلم الأطفال والنساء من الرصاص، في مشاهد تذكّر بمجازر حدثت في أماكن متفرقة في العالم، مثل منطقة البلقان في أوروبا.

  • صنوبر جبلة (86 شهيدا)

   هجمات متزامنة على منازل المدنيين، مع تقارير عن استخدام أسلحة ثقيلة، وتشير أدلة أولية إلى أن الضحايا تعرضوا للاعتقال قبل إعدامهم.

  • التويم (78 شهيدا) والمختارية (52 شهيدا)

   عمليات قتل استهدفت عائلات بأكملها، مع تدمير متعمد للممتلكات، مما يُشير إلى نية طمس الهوية الديموغرافية للمنطقة.

من القتل إلى الإبادة… قراءة في السياق القانوني

لا يمكن فصل هذه الأحداث عن سياق تاريخي من الانتهاكات الممنهجة التي ترقى إلى جرائم ضد الإنسانية، حسب تصنيفات الأمم المتحدة، فشكلها وطريقة التعبئة التي سبقتها تؤشر إلى نية تدمير بناء على الهوية الدينية فقط، وليس انتقاما لحوادث متفرقة، أو مطاردة لما يُسمى “فلول النظام”، ونشير هنا إلى عدة عوامل:

  • التكرار الجغرافي: تركيز المجازر في مناطق معروفة بهويتها الدينية، حيث تحولت الأحداث في من عمليات تصفية إفرادية إلى مجازر.
  • طريقة القتل: الإعدامات الميدانية، وتقييد حركة الناجين، وتدمير البنى التحتية الحيوية كالمستشفيات، فالتصفيات طالت أروقة المشافي.
  • خطاب الكراهية: منذ اللحظات الأولى لأحداث اللاذقية ظهر خطاب ممتد على طول سوريا من قبل يصف سكان هذه المناطق بـ”الخونة”. 

ونقل المرصد السوري لحقوق الإنسان عن المحامي الدولي “جوناثان ستون” أنه: “عندما تُستخدم الدولة آلاتها القمعية لاستئصال فئة معينة، فإن ذلك يشكل أساساً لمحاكمة قضائية بموجب اتفاقية منع الإبادة”.

لا تنته المجازر بعمليات التصفية فقط، فالنتائج التي تحملها تمتد إلى تفكك النسيج الاجتماعي، وتُعمِّق الشرخ الطائفي في مناطق كانت تُعتبر نموذجاً للتعايش، ما يغذي ثقافة الانتقام بين الأجيال القادمة.

هوامش

– جميع الأرقام المذكورة مستقاة من تقارير المرصد السوري لحقوق الإنسان. 

– المحافظة على أسماء القرى والضحايا هو جزء من مقاومة النسيان.