– حياة الأوطان لا تختصر بعهود رئاسية، بل هي تمتد لأجيال وأجيال، ولبنان يستأهل منا نحن شعب لبنان العظيم كل أعمارنا لإنقاذه***
هذا هو جنرال الرابية الذي به نؤمن، وهو الذي أثبت أمس في إطلالته الإعلامية القوية، أنه لم يتغير، فلا السنوات قللت من عنفوانه(بالعمر المديد بإذن الله)ولا الحروب الشرسة التي تشن ضده، خففت من عزيمته وإصراره على إكمال مسيرة الحرية والسيادة والاستقلال.
فبعكس ما يخيل لكثيرين، إن خطاب الجنرال طوال فترة توليه الرئاسة لم يتغير هو أيضا، فلم يغب يومآ عن كشف الحقائق، فصارح اللبنانيين من خلال الوفود التي كانت تزوره في قصر بعبدا، بفتح بيت الشعب لجميع اللبنانيين، واستقبال ساحات القصر لمئات آلاف اللبنانيين، في بداية عهده، أمّوا قصر بعبدا والطرقات المؤدية اليه بتظاهرات حاشدة، تأييدا له، وجددوا هذه البيعة مرات عدة خلال عهده، ومن ثم للوفود الزائرة لقاعات قصر بعبدا التي لا نملك بعد عددها بالتحديد، لكثرتها، واستمرت حتى اليوم، في آخر أيام العهد(لم يفتح أي رئيس للجمهوية في تاريخ لبنان الحديث، أبواب قصره للبنانيين، كما فعل الرئيس عون، فأشركهم في صنع القرار في الجمهورية، من دون أن يعلموا).
إذا، أرفق العماد الرئيس القول بالفعل خلال توليه رئاسة الجمهورية، فيما النتائج وإن تأخرت بالظهور، لكن بعضها تم، وهي لم تكن سهلة بعكس ما يظن الرأي العام، لأنها تطلبت جهودآ جبارة لتتحقق، نتيجة حالة الإهتراء(كانت أكبر مما يتخيلها البعض) في مؤسسات الدولة وعلى الصعد كافة، فأبسط الأمور كانت تستوجب أشهرا من العمل المضني، وبعض الانجازات تطلبت سنوات لتحصل، ولما كانت تحققت برئيس عادي(التدقيق الجنائي، ترسيم الحدود البحرية الجنوبية مع العدو وما سيتبعها من محادثات مع الوفد القبرصي برئاسة دولة الرئيس الياس بو صعب المكلف من الرئيس عون بالتوصل الى صيغة مع القبارصة لتعديل الحدود البحرية بين لبنان وقبرص.)
فلولا إصرار وتصميم الرئيس عون على الوصول الى النتائج المرجوة خلال عهده، التي كان يطمح اليها شعبه، لما تحقق شيئ، بخاصة بوجود منظومة فاسدة، تبدأ من رأس القضاء مرورا بالأجهزة الأمنية، ولا تنتهي بحاكم مصرف لبنان والنظام المالي والاقتصادي المسخ، القائم على الاحتكارات والفساد، هذه المنظومة تشبه الأخطبوط، تتحكم أرجلها منذ أربعين عامآ، برقاب اللبنانيين وتشد على حناجرهم حتى تكاد تخنقهم، هذه المافيا التي يديرها رئيس السلطة التشريعية، مدعومة أولا من مافيا عالمية إجرامية ومحمية من حكومات ما يسمى العالم الحر(هذه الحكومات محكومة بدورها من الشركات العالمية الكبرى ورجال الأعمال الفاحشي الثراء والصهيونية العالمية)؛
غير ان القائد الملهم الرئيس ميشال عون، وعلى الرغم من قوة أعدائه، هز عرش المنظومة هذه، وزعزع أساساتها، لا في لبنان فقط بل في العالم، وسيظهر هذا التصدع فيها، بوقت قريب جدآ.
يبقى في المحصلة ان يعيد الكثيرون من شعبنا حساباته، هؤلاء الذين انجروا بالشائعات وصدقوا كل التلفيقات عن الجنرال الذي لم تغيره سدة الرئاسة، فبقي جنرال الرابية، وقد دحضت حلقة الأمس كل الأقاويل والأكاذيب بحق الجنرال، وأظهرت مدى الحملة الشرسة العالمية وبأدوات داخلية، عليه وعلى تياره، التي نجحت الى حد ما باغتياله وتياره معنويآ(انقلاب ١٧ تشرين) ولكنها فشلت بحمد الله بقتله جسديآ، ليكمل مسيرة النضال مع محبيه في تياره الوطني الحر، من الرابية، والتي ستؤدي بالتأكيد الى القضاء نهائيآ على تجار الوطن، الذين اقتربت نهايتهم، وهي باتت قاب قوسين من التحقق.
إن حياة الأوطان عادة لا تختصر بعهود رئاسية، بل هي تمتد لأجيال وأجيال، ولبنان يستأهل منا نحن شعب لبنان العظيم كل أعمارنا لإنقاذه إذا تطلب الأمر، فمنا من قاوم واستشهد والبعض الآخر منا، ناضل في سبيل القضية، فدفع الثمن بأمنه وحريته وأمانه الاجتماعي، ولكن كونوا على ثقة، ان هؤلاء الأبطال في التيار الوطني الحر الذين حرروا لبنان من الاحتلالات، مستمرون في بذل التضحيات الى ما لا نهاية، لتحرير الإنسان في لبنان من العبودية.