-عندما تيقن كتاب تاريخ لبنان المقبل من كل ذلك، ارتاح ضميره، وانصف منذ الآن هذا الرجل الاستثنائي الذي يستحق بكل جدارة صفة “جبل لا يهزه ريح”
اذا اردنا ان نبدأ من آخر الرواية، لا بد ان نقول ان عهد رئيس الجمهورية العماد ميشال عون هو بالفعل من أصعب العهود التي مرت على لبنان. انه العهد الذي فُتح بوجهه “صندوق بندورا” المشهور في الميتولوجيا الاغريقية والمعروف عنه انه يرمز الى نشوب ازمات كبيرة، غير متوقعة ولكن مقصودة، تتحول في الواقع الى لعنة تتلقاها الجهة المستهدفة من أجل سحقها.
واذا اردنا ان ان نقيم النتيجة، لا مفر الا ان يعترف القاصي والداني، الخصم والحليف، الحيادي والمنحاز، المتفرج والفاعل، ان مؤامراة اللعنة هذه فشلت فشلا” ذريعا” وانقلبت على اصحابها لانها واجهت قلعة” عونية” قائمة” على قوة شخص الرئيس، وذكاء قائد التيار الوطني الحر، وثبات المناضلين، وقدسية الشهداء، والتزام المنتسبين، وثقة شعب واسع قرر اختيار هذا النضال المشرف من خلال صوته في الانتخابات.
لقد عمل أصحاب النيات السيئة على افشال العهد منذ اليوم الاول رغم انهم يعلمون جيدا” ان نظام الحكم في لبنان فريد من نوعه يتطلب في الحد الادنى توافقا” في الامور المهمة بين الرئاسات الثلاث والجهات السياسية المؤثرة. فعوض ان يتكاتفوا ويساعدوا الرئيس في مهمته لانه الوحيد الذي يقسم على الدستور، انقضوا عليه ضاربين عرض الحائط كل التفاهمات التي نسجها معهم بكل نية طيبة،بعد ان ظن خطأ” انهم سيحترمونها. واظبوا على هذا المنوال خلسة” وظاهرا” مدة ست سنوات استطاعوا من خلالها شل عجلة الحكم بمقدار 45 بالماية من دون تشكيل حكومات، حتى في السنين الثلاث الاولى التي سجلت انجازات هائلة على صعيد الامن والاستقرار وانتظام المؤسسات كافة” وترسيخ صورة لبنان المشرقة تجاه الخارج.
ولكن بمجرد ان اعتلى رئيس الجمهورية منبر الامم المتحدة في العقد الثاني من ولايته اي في ايلول 2017 واكد على حقوق لبنان السيادية ونيته بفتح الملفات الاقتصادية، جن جنون المنظومة في الداخل وتحالفت مع اصحاب المصالح في الخارج، وفجروا سوية” في وجهه الازمات المتتالية سياسية كانت، او اقتصادية، او ثورية، او اعلامية، لاسقاطه والغائه من المعادلة بحجة تحميله كل مسؤولية المعاصي التي ارتكبوها.
عندما تيقن كتاب تاريخ لبنان المقبل من كل ذلك، ارتاح ضميره، وانصف منذ الآن هذا الرجل الاستثنائي الذي يستحق بكل جدارة صفة “جبل لا يهزه ريح”. قديخرج ميشال عون من القصر آخر هذا الشهر مصابا” بجروح عديدة، ولكن رأسه سيبقىى مرفوعا” ومعه كل رؤوس اللبنانيين الشرفاء،بعد ان ربح باسمهم جميعا” مع رجل الدولة جبران باسيل ودولة الرئيس الياس بو صعب ووزراء الطاقة، معركة لبنان البلد النفطي، لانه أقدم وتجرأ حيث لم يجرؤ الآخرون.
سمير مسرة