مجددا، ابدع سمير جعجع اليوم. فبكلمتين او ثلاث في مؤتمر صحافي من نصف ساعة تقريبا، اضاف رئيس القوات الى سجله التاريخي الحافل بالشطب، شطب ثمرة نضال سياسي طويل بدأ عام 2005، ولم ينته عام 2016، لتصحيح التوازن الوطني وتكريس الميثاق والشراكة الكاملة والمناصفة التامة بين المسيحيين والمسلمين في لبنان.
فرئيس الجمهورية اللبنانية، رئيس الدولة المسيحي الوحيد على طول الخط الممتد بين المحيطين الأطلسي والهادئ، اي بين المغرب واندونيسيا، ليس بالضرورة ان يكون للبنانيين المسيحيين اي رأي فيه. فلبنان صار في نظر “حكيم” القوات دولة علمانية تفصل الدين عن الدولة، ولا طوائف فيها او مذاهب. ولعله اقتنع ان رئاستي مجلس النواب والحكومة في لبنان تحددهما الكفاءة والسيرة الذاتية المهنية فقط، لا التمثيل الشعبي والمباركة المذهبية، فأحب أن يُطبّق هذا المبدأ على رئيس لبنان المسيحي الماروني.
وفي المؤتمر الصحافي اليوم، رفض المبدع اياه اي حوار مع الممثل الاول للمسلمين الشيعة في لبنان، اي حزب الله، حول الاستحقاق الرئاسي، كما رد بالرفض المسبق على اي دعوة من البطريرك الماروني الى حوار بينه وبين رئيس التكتل النيابي المسيحي الاكبر، اي جبران باسيل، ليضاف هذان الرفضان المستحدثان على العلاقة المنعدمة بينه وبين اي مكون سني كبير، فضلا عن الافتراق الواضح بينه وبين وليد جنبلاط في الملف الرئاسي على الاقل، ناهيك عن بعض نواب التغيير او مجموعة ال13 الذين لوح لهم بتهمة الخيانة اذا لم يلتفوا حول طرحه الرئاسي.
ولم يفت جعجع كذلك اليوم ان يجدد ابداعه في قراءة نتائج الانتخابات الاخيرة. فعاد الى نغمة فوز القوات وحيدة بمقاعدها النيابية، قبل ان يستدرك بالاشارة الى تحالفه مع جنبلاط في الشوف وعاليه، متناسيا عمدا ما سبق واعلنه هو بالذات عن دور الناخب السني في تأمين فوز نوابه في طرابلس وزحلة والبقاع الشمالي وبيروت الاولى وجزين وغيرها من المناطق.
حقا، ابدع سمير جعجع اليوم. اما مغارة علي بابا التي كان حليفَها اللصيق بين عامي 2005 و2019، وصار يرجمها بالحجارة اليوم، فكفيلة بأن تكرّس القوات ورئيسَها جزءاً لا يتجزأ من المنظومة، ولو حاول ان يُميّز نفسه عنها شكلا ومضمونا اليوم.
OTV News