عَ مدار الساعة


بدّنا كتلة نيابية كبيرة وما فينا – أمين أبوراشد

تحليل المُحرَّم في التحالفات لن يُفيد القوات اللبنانية، بدءاً من عكار عبر الداعشي خالد الضاهر ومروراً بزعيم الزواريب المذهبية أشرف ريفي في طرابلس، وصولاً الى كل لائحة يدعمها مَن يدَّعي وراثة بيت الحريري فؤاد السنيورة.

وإذا كان سمير جعجع يجِد بهؤلاء الثلاثة (الضاهر وريفي والسنيورة) حلفاءً له في الحقد على المقاومة، ولا يجمعه بهم سوى هذا الحقد، فهو مُطالب قبل أن يُلزِم المسيحيين بهكذا طاقم مكروه، أن يتساءل عن موقعه هو بالنسبة للشارع السُنِّي، ولماذا رفضه رؤساء اللوائح السُنَّة، من الشمال الى الجنوب مروراً بالبقاع، ولماذا انهارت لائحة بعلبك الهرمل ذات الغالبية الشيعية التي كان أنطوان حبشي متحالفاً معها.

وبصرف النظر عن عدد مُرشَّحِيّ القوات الذي فاق عددهم الدزينتين، فإن سقفهم الأعلى في الفوز هو دزينة، إن لم نقُل عشرة، على الورقة والقلم واستطلاعات الرأي، لكن الأمر يتخطى الإنتخابات النيابية – إن حصلت – لأن خطاب سمير جعجع لا يُراعي المصالح الوجودية لمسيحيي الأطراف، ومَن كان له تاريخ في تهجيرهم، من شرق صيدا والشوف وبحمدون وزحلة، ما زالت لديه هواجس الكانتون المحدود جغرافياً الذي ما زال يحلم به، ومَن لديه مخاوف من مسيحيي الأطراف في الشمال والشوف والبقاع والجنوب يُمكنه بيع ما يملك والإنتقال الى دويلة “سمير جعجع”.

لا يتحمَّل مسيحيو الأطراف مسؤولية خطاب جعجع، المرفوض شيعياً وسُنياً، ومقبول جزئياً لدى شريحة درزية عبر تبويس اللحى مع وليد جنبلاط منذ إعلان ما تُسمَّى مصالحة الجبل، لأن منطق الكانتون المعزول لا يسري على وضع المسيحيين في المناطق المختلطة، ونحن هنا لا نتناول أي مُرشَّح محسوب على القوات اللبنانية في الأطراف، خاصة إذا كان يستحق تمثيل منطقته ولكن، احتساب المسيحيين في هذه المناطق على سياسات معراب هو الخطأ التاريخي.

كل القوى السياسية نزلت الميدان الإنتخابي، وحتى الشارع السنِّي المصدوم برحيل سعد الحريري يتصرَّف ضمن مقولة “مات النبي عليه السلام وما تعطَّلت الأمّة”، وحتى لو ألزمت السعودية جماهير سعد الحريري بالإقتراع لمَن حضَر من المُرشَّحين السنَّة، فإن هذه الجماهير لن تنسى لسمير جعجع فعلته بزعيم السنَّة، وبالتالي، أية لائحة فائزة في الشارع السُنِّي من عكار الى طرابلس وبيروت وصيدا والبقاع، الحاصل الذي قد تناله سيكون لمُرشَّح سنِّي وليس لمُرشَّح سمير جعجع.

وهنا نبلُغ بيت القصيد، ونُقدِّم نموذجاً عن أسباب ضمور كتلة القوات وخسارة بعض مقاعدها الحالية البالغة 14 نائباً:

النائب أنطوان حبشي الذي فاز عام 2018 عبر تحالفه مع تيار المستقبل والمرشَّح يحي شمص، كان معروفاً عنه أنه يعمل على الأرض بين الناس قبل وصوله الى الندوة البرلمانية، وهذا الجانب كان لصالحه بنيل الصوت التفضيلي، لكنه وخاصة خلال السنتين الماضيتين، بات صاحب خطاب سياسي إستقوائي إستعلائي شبيه بخطاب سمير جعجع، وتناسى أن البلدات المسيحية في بعلبك الهرمل كانت بحماية سلاح المقاومة بمواجهة جحافل الإرهابيين، وليس كلاشينوف أنطوان زهرة الذي سهِر ليلة استعراضية واحدة مع الشباب لحماية القاع وجوارها، فبات حبشي نتيجة مواقف البهورة الفارغة، مرفوضاً من البيئة المسيحية قبل الشيعية والسنِّية لأنه لم يُراعِ خصوصية المنطقة ويخفف من إطلاق بوقه على الآخرين.

وما ينطبق على حبشي، ينطبق على الكثيرين ممَّن تحاول القوات فرضهم على مسيحيي الأطراف في أيار المُقبل، وسوف يخسرون حتماً مكررة ثلاث مرات، ليس رفضاً لأشخاصهم، بل لأنهم يحملون خطاب سمير جعجع المرفوض من الشارع المسيحي في تلك المناطق قبل الشوارع الأخرى…