رغم نفي موسكو..الإعلام الغربي يواصل نهجه ويرسم مسارات الغزو الروسي المحتمل لأوكرانيا
أفادت شبكة NBC بأن الجيش وأجهزة الاستخبارات الأمريكية حددوا سيناريوهات محتملة لتدخل روسيا عسكريا في أوكرانيا.
ونشرت الشبكة، في تقرير أمس الخميس، خريطة تظهر سبعة مسارات قد “تغزو” بها روسيا أوكرانيا، وفقا لتقييمات الاستخبارات والعسكريين الأمريكيين.
وأوضحت أن هناك سيناريوهين للغزو أكثر شمولا يقضيان بشن هجمات متزامنة من اتجاهات مختلفة.
وحسب السيناريو الأول، ستجتاز دبابات ومدرعات روسية الحدود وستتقدم نحو مدينتي بولتافا وخاركيف لتطويقهما، بينما ستتقدم القوات البرية بثلاثة مسارات من منطقة دونباس بالاتجاهين الشرقي والجنوبي، نحو شبه جزيرة القرم، بغية السيطرة على ساحل بحر آزوف، في حين ستشن مروحيات عسكرية هجوما جويا من القرم.
وتابعت الشبكة أن هذا السيناريو قد يشمل أيضا هجوما طموحا يرمي إلى سيطرة القوات الروسية على الساحل الأوكراني للبحر الأسود ثم تقدمها من ميناء أوديسا الأوكراني نحو مولدوفا بغية إقامة جسر بري على طول الساحل.
وأشار التقرير إلى أن أحد الخيارات المطروحة في التقييمات الأمريكية يقضي باستيلاء روسيا على معظم الأراضي الأوكرانية شرقي نهر دنيبر، أي منطقة تنتشر فيها نحو 50% من القوات المسلحة الأوكرانية.
وأما بخصوص السيناريو الثاني فهي “أكثر عدائية”، وفقا للشبكة، ويضيف محورين جديدين لـ”الغزو الروسي” في الشمال، ويقضي باستخدام المدفعية وأساليب الحرب الإلكترونية وتقدم القوات الروسية من أراضي بيلاروس جنوبا نحو مدينة جيتومير وشرقا إلى العاصمة كييف بغية تطويقها.
كما رجح هذا السيناريو استخدام القوات الروسية مسارا آخر، مرورا بمنطقة تشيرنوبل صوب كييف.
وأشارت الشبكة إلى أن تقييمات الحكومة الأمريكية لهذا السيناريو تشير إلى أن دبابات روسية قد تصل إلى مشارف كييف في غضون 48 ساعة فقط من بدء الغزو، بينما سيمنح نشر بطاريتين من صواريخ “إس-400” في الأراضي البيلاروسية الجيش الروسي التفوق في معظم مجال أوكرانيا الجوي والقدرة على إسقاط صواريخ العدو.
وفقا للتقرير، يقضي كلا السيناريوهين بشن هجمات مدفعية وصاروخية وغارات جوية مكثفة على مستودعات الأسلحة والرادارات والطائرات العسكرية ومنظومات الدفاع الجوي وغيرها من المرافق العسكرية الأوكرانية الهامة، بينما قد تصل حصيلة الضحايا بين المدنيين 50 ألف قتيل وجريح، وفقا للتقييمات الأمريكية.
ونفت روسيا ومرارا وتكرارا وجود أي خطط لديها لمهاجمة أوكرانيا، مشددة على أن تحركات قواتها داخل حدودها لا تهدد أحدا وتندرج في الشأن الداخلي الروسي، وحملت الغرب المسؤولية عن تأجيج الهستيريا حول الموضوع.
وكان الرئيس الأوكراني فلاديمير زيلينسكي قد دعا المسؤولين الغربيين ووسائل الإعلام إلى الكف عن نشر الذعر بشأن “الغزو الروسي” المحتمل، محذرا من أن هذه التصريحات “غير المدروسة” تضر باقتصاد بلده.
***
هذا ودعا الرئيس الأمريكي جو بايدن، الخميس، مواطنيه إلى مغادرة أوكرانيا فورا، في وقت تجري موسكو مناورات بالذخيرة الحية وتحشد قوات قرب الجمهورية السوفياتية السابقة ما يزيد من المخاوف من غزو روسي رغم الجهود الدبلوماسية التي تبذل في الأسابيع الأخيرة.
وبلغ منسوب التوتر بين واشنطن وموسكو ذروته منذ الحرب الباردة، وتقول بعض التقديرات الأميركية إن قرابة 130 ألف عسكري روسي يحتشدون في عشرات الوحدات القتالية قرب الحدود مع أوكرانيا.
وقال في مقابلة مسجلة مسبقا مع شبكة “إن بي سي نيوز” إنه يتوجب “على المواطنين الأميركيين المغادرة. عليهم المغادرة الآن”.
وأضاف بايدن “نحن نتعامل مع أحد أكبر الجيوش في العالم”، في إشارة إلى الجيش الروسي، مشددا على أن “هذا وضع مختلف جدا، والأمور يمكن أن تصبح جنونية بسرعة”.
وكرر أنه لن يرسل تحت أي ظرف قوات إلى الميدان في أوكرانيا، حتى من أجل إجلاء أميركيين في حال حصول غزو روسي للبلاد.
وقال بايدن إن الأمر سيكون بمثابة “حرب عالمية عندما يبدأ الأميركيون والروس بإطلاق النار على بعضهم. نحن في عالم يختلف كثيرا” عما كان عليه سابقا.
نشرت مقابلة بايدن بعد ساعات على بدء روسيا وبيلاروس مناورات عسكرية مشتركة أججت التوتر وزادت من أهمية تحقيق اختراق في الجهود الدبلوماسية التي يبذلها قادة الدول الأعضاء في حلف شمال الأطلسي لمنع أي غزو لأوكرانيا.
وقال حلف الأطلسي إن نشر روسيا صواريخ وعتادا ثقيلا وعسكريين يمثل “لحظة خطيرة” لأوروبا بعد ثلاثة عقود على انهيار الاتحاد السوفياتي.
ويجري قادة دول الغرب زيارات مكوكية إلى موسكو في مسعى لإبقاء خطوط التواصل مفتوحة ما أعطى روسيا فرصة للتعبير عن اعتراضها على توسع الحلف شرقا وفي جمهوريات سوفياتية سابقة.
لكنهم أيضا يحذرون منذ أسابيع من أن روسيا تستعد للتصعيد في وضع متوتر أصلا.
نبّه المستشار الالماني اولاف شولتس أن “على روسيا الا تقلل من اهمية وحدتنا وتصميمنا بوصفنا شركاء داخل الاتحاد الاوروبي وبوصفنا حلفاء في حلف شمال الاطلسي”.
وفي مسعى لتجنب احتمال وقوع “حوادث غير محسوبة” خلال المناورات الروسية البيلاروسية، أجرى رئيس هيئة الأركان الأميركية الجنرال مارك ميلي اتصالاً هاتفياً قلما يحدث، بنظيره البيلاروسي الجنرال فيكتور غوليفيتش.
وأرسلت روسيا ست سفن حربية عبر مضيق البوسفور لمناورات بحرية في البحر الأسود وبحر أزوف المجاور.
أدانت كييف نشر السفن واعتبرت ذلك مسعى “غير مسبوق” لقطع أوكرانيا من البحرين.
لم تكشف موسكو ولا مينسك عن عدد الجنود المشاركين في المناورات لكن الولايات المتحدة قالت إن قرابة 30 ألف جندي سيتوجهون إلى بيلاروس من مواقع تشمل أقصى الشرق الروسي.
مخيبة
شددت وزارة الدفاع الروسية على أن المناورات ستتمحور على “منع وصد عدوان خارجي” فيما تعهد الكرملين بأن يعود الجنود الروس بعد انتهاء المناورات.
لكن الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينكسي قال إن “حشد القوات عند الحدود يمثّل وسيلة ضغط نفسي من قبل جيراننا”.
وأطلقت كييف تدريبات عسكرية يتوقع أن تكون ردا على المناورات الروسية، لكن المسؤولين لم يكشفوا الكثير عن تفاصيلها خشية تفاقم التوتر على ما يبدو.
وتسعى روسيا للحصول على ضمانات خطية بشأن سحب حلف الأطلسي تواجده العسكري من شرق أوروبا وبعدم ضم أوكرانيا للحلف.
ورفضت الولايات المتحدة والحلف رسميا المطالب الروسية.
غير أن واشنطن طرحت فكرة أن يتوصل الجانبان لاتفاقية جديدة بشأن نزع الاسلحة في أوروبا، عرض اعتبرته موسكو غير كاف.
وكانت وزيرة الخارجية البريطانية ليز تراس آخر المسؤولين الغربيين الذين توجهوا إلى موسكو الخميس. وقالت عقب لقاء مع نظيرها الروسي سيرغي لافروف في موسكو “أبلغني الوزير لافروف اليوم بأن روسيا لا تخطط لغزو أوكرانيا”.
وأضافت في تصريحات للصحافيين “لكن هذه الأقوال يجب أن تقترن بأفعال”.
غير أن لافروف وصف المحادثات بـ”المخيبة” وقال إن التدريبات العسكرية وانتشار الجنود على أراض روسية أثار “حذرا غير مفهوم ومشاعر قوية من نظرائنا البريطانيين وممثلين غربيين آخرين”.
الوقت يضيق
جاءت زيارة تراس بعد أيام على قيام الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون بزيارات مكوكية بين موسكو وكييف قبل أن يطلع شولتس على نتائج المحادثات في برلين.
وسيتوجه المستشار الألماني إلى كييف وموسكو الأسبوع القادم لمحادثات منفصلة مع القادة الأوكرانيين والروس، تتضمن أول لقاء مباشر له مع بوتين.
وسيخيم موقفه من خط أنابيب الغاز نورد ستريم 2 الذي يمتد من روسيا إلى ألمانيا، على الزيارة.
وتجنب شولتس في وقت سابق هذا الأسبوع في واشنطن التطرق إلى تعهد بايدن “بوضع حد” لخط الأنابيب البالغ الأهمية في حال غزت روسيا أوكرانيا.
وقال المستشار في وقت لاحق “قررنا عدم نشر قائمة (العقوبات) بأكملها، وأعتقد أن ذلك منطقي إذ إن بإمكاننا كسب مزيد من القوة” بفضل عدم الوضوح.
وشملت المساعي الدبلوماسية المكوكية لقاء بين رئيس الوزراء البريطاني بوريس جونسون والأمين العام لحلف شمال الأطلسي ينس ستولتنبرغ.
وقال ستولتنبرغ خلال مؤتمر صحافي مع جونسون إن “عديد القوات الروسية يرتفع. والوقت المتاح للإنذار من هجوم يضيق”.
غير أن جونسون شدد بعد لقائه بالرئيس البولندي أندري دودا، أحد أقوى حلفاء أوكرانيا في أوروبا، أن على دول الغرب أن “تبذل كل جهودها نحو مسار الدبلوماسية”.
المصدر: afp – nbc