أخبار عاجلة

عَ مدار الساعة


صانعو التّحرير 14 – بريطانيّاتٌ تبرّعن بالأَواني المنزليّة للمجهود الدّفاعيّ وتشرشل أَكّد: سنُحارب حتّى النّهاية

هبّت إِنكلترا بأَكملها لصناعة الأَسلحة والذَّود عن نفسها… وقد كان دورٌ بارزٌ للمرأَة في هذا السّياق، إِذ تبرّع بعض النّساء البريطانيّات، بالأَواني المنزليّة المعدنيّة والحديديّة، لتحويل معدنها سلاحًا يخدم الجيش الوطنيّ في مجهوده الحربيّ.

   وكان لكُلّ مُواطنٍ دوره في “المقاومة”، بحسب ما يمكنُه أَن يُقدّم… فقد ساهم البعض في نقل الأَسلحة، والبعض الآخر عمل على التّرميم بعد كُلّ غارةٍ أَلمانيّةٍ كانت تستهدف لندن. وبعد كُلّ اعتداءٍ جويٍّ، كان ثمّة شبّانٌ وصبايا وشُيوخٌ، على أَتمّ الاستعداد والجُهوزيّة، لإِعادة الحياة إِلى طبيعتها سريعًا، قدر الإِمكانات المُتوافرة، وفي ذلك أَيضًا بُطولةٌ ومُقاوَمةٌ.

   لقد تبرّع الكثيرون ببنادقهم، ولو كانت قديمة الطّراز، للجيش البريطانيّ المُقاتل. كما وعمد المُواطِنون إِلى اقتلاع إِشارات الطُّرق، كيلا يسمحوا للأَلمان بالاستهداء إِلى مآربهم وبُلوغ أَهدافهم… وحتّى أَجراس الكنائس اعتُمدَت صفّارات إنذارٍ، عندما كانت تقترب الطّائرات الأَلمانيّة المُغيرة، حتّى أَنّ مناطيد ضخمةً رُفعت فوق الجُسور، كي تصطدم بها الطّائرات المُعادية تلك. وأَمّا محطّات “المترو”، فقد تحوّلت ملاجئ تُوفّر الحماية للنّساء والأَطفال…

   وحاول رئيس الوزراء آنذاك ونستون تشرشل، تعبئة قوى الوطن، فأَلقى خطابه الشّهير الّذي قال فيه: “على رُغم أَنّ مساحاتٍ شاسعةً في أُوروبّا، ودُولًا عريقةً ومشهُورةً قد سقطت، أَو قد تسقُط في قبضة (الغستابو)، وتحت وطأَة جهاز الحُكم النّازيّ الرّهيب، فإِنّنا صامدون ولن نستسلم، بل سنمضي حتّى النّهاية، وسنُحارب حتّى النّهاية. سنُحارب في فرنسا، فوق البحار والمُحيطات، سنُحارب في الجوّ بقُوّةٍ، وثقةٍ تكبُر يومًا بعد يومٍ. سنُقاتل على سواحلنا، على تلالنا، بمُفردنا، سنُقاتل في كُلّ مكانٍ. سنُدافع عن أَرضنا مهما غلا الثّمن، ولكنّ شيئًا واحدًا لن نُقدم عليه: إِلقاء السّلاح… أَجل، سنضرب رُؤوسهم بزجاجات البيرة الفارغة، لأَنّ ذلك هُو كُلّ ما لدينا مِن وسائل الدّفاع”.

   لقد اكتسب تشرشل شُهرةً واسعةً وبخاصّةٍ حين قاد بريطانيا أَيّام الحرب العالميّة الثّانية. وقد تولّى رئاسة الوزارة فى المملكة المُتّحدة مرّتين اثنتَين: من 1940 إِلى 1945 ومن 1951 إِلى 1955. وقد كان تشرتشل رجل دولةٍ لبقًا وضابطًا في الجيش البريطانيّ ومُؤَرّخًا، كما ونال جائزة “نوبل في الأَدب” سنة 1953 عن كتاباته التّاريخيّة المُهمّة، وبخاصّةٍ كتابه الصّادر في ستّة أَجزاءٍ، والمُعنوَن: “الحرب العالميّة   الثّانية (The Second World War).

   مِن أَبرز أَقواله: “عصب الحرب هو المال”، و”الجدال مثل الطُّرق الفرعيّة، لا تعرف أَبدًا إِلى أَين ستوصلك”، و” ليس شُجاعًا ذلك الكلب الّذي ينبح على جُثّة الأَسد”، و”العاقل يعرف متى تكون المُواجهة ومتى تقبل بالحُلول الوسط”، و”في كُلّ قصّة نجاحٍ، ثمّة شخصٌ اتّخذ قرارًا شُجاعًا”، و”يُعيد التّاريخ نفسه لأَنّ الحمقى لم يفهموه جيّدًا”، وهو القائل أَيضًا: “بعض الأَخطاء لا تُنسى، حتّى وإِن سامحنا”، والقائل: “نُفوذ الدُّول يُقاس بمسافة نيران مدافعها”، وللحديث صلة.

رزق الله الحلو – صحافيّ وخبير تربويّ

______

* “صانعو التّحرير في العالم”: سلسلة مقالاتٍ يعرضها تزامُنًا موقعا “أَغوراليكس” و”Arabic Academy Award”، منقولةٍ عن البرنامج الّذي حمل العُنوان نفسه، وبثّته “الإذاعة اللّبنانيّة” – الفنار، خلال العامين 1989 و1990. مع تحيّات النّاشرين: “جائزة الأَكاديميّة العربيّة”.