عَ مدار الساعة


نبوءة القدّيسة هيلدغارد عن العقاب في الأزمنة الأخيرة وهلاك العديد من الدول


التعليم الذي تلاه قداسة البابا بندكتس 16 عن القديسة
🌸 ♰ 🌸
القدّيسة هيلدغارد من أعظم قدّيسي القرن الثاني عشر، تعيّد لها الكنيسة في 17 سبتمبر. حصلت على رؤى ونبوءات كثيرة منذ طفولتها. قال عنها الطوباوي البابا يوجين الثالث الذي عاصرها “الروح القدس يتكلّم من خلالها”.

أسّست عدة أديرة في مدن ألمانيا. عندما نمت شهرتها، وسّعت اتّصالتها شخصيًّا وبالمراسلة. استشارها عدد كبير من رجال الدين والملوك نذكر منهم:

  • القديس برنارد من كليرفو،
  • القدّيسة إليزابيث شوناو،
  • الإمبراطور فريدريك بارباروسا،
  • الملك كونراد الثالث،
  • عشرة رؤساء أساقفة،

والكثير من الأساقفة ورجال الدين والعلمانيين.

في كثير من الأحيان، عندما كانت تكتب إلى أشخاص رفيعي المكانة، كان عليها أن تنقل إليهم التوبيخ والنبوءات التي تلقتها في رسائلها السماوية.

نبوءاتها لا تُحصى وقد نالت جميعها موافقة الكنيسة. ما يلي هو نبوءتها عن عقاب مريع للبشرية بحلول الأزمنة الأخيرة.

“سوف يحين الوقت الذي يرفض فيه الأمراء والشعوب سلطة البابا. تفضل بعض الدول حكام كنيستهم على البابا. سيتم تقسيم الإمبراطورية الألمانية. وتصبح طبيعة الكنيسة علمانية. سيتم اضطهاد الكهنة. بعد ولادة المسيح الدجال سوف يبشر الهراطقة بمذاهبهم الكاذبة دون عائق، مما يؤدّي إلى شكوك المسيحيين حول عقيدتهم الكاثوليكية المقدسة”.

في تلك الفترة التي سيولد فيها المسيح الدجال، ستكون هناك الكثير من الحروب وسيتم تدمير النظام الصحيح على الأرض. البدع سوف تكون متفشية وسيعظ المهرطقون ضلالهم علنًا من دون تحفّظ. حتى بين المسيحيين سوف يكون الشك والإرتياب مطلقًا فيما يتعلق بالمعتقدات الكاثوليكية.

بحلول نهاية الأزمنة، سيتم تطهير البشرية من خلال المعاناة. هذا صحيحًا بشكل خاص بالنسبة لرجال الدين الذين سيتم سلبهم من جميع الممتلكات. عندما يتبنّى الإكليروس طريقة حياة بسيطة، سيتحسن الحال.

في هذا الوقت كعقوبة على خطاياهم، سيحاول المسيحيون بشكل خاص القيام بمقاومة مسلحة ضد الذين يضطهدونهم ، جون الإهتمام بالموت الجسدي.

سوف تهب رياح قوية من الشمال تحمل ضبابًا ثقيلًا وغبارًا كثيفًا بأمر إلهي وستملأ حناجرهم وعيونهم حتى يكفوا عن وحشيّتهم ويصيبهم الخوف الشديد.

ثم في داخل الشعب المسيحي، ستُنجز العزّة الإلهية العلامات والعجائب كما فعلت في زمن موسى بعمود السحاب وكما فعل ميخائيل رئيس الملائكة عندما حارب الوثنيين من أجل المسيحيين.

بسبب مساعدة القدّيس ميخائيل، يسير أولاد الله المؤمنين تحت حمايته.  سوف يُهلِكون أعداءهم ويحقّقون النصر من خلال القدرة الإلهية… ونتيجة لذلك ، سينضم عدد كبير من الوثنيين إلى المسيحيين والإيمان الحقيقي ويقولون “إله المسيحيين هو الإله الحقيقي لأن مثل هذه الأعمال العجيبة قد تمّت بينهم “.

بعد ذلك، سيكون هناك عدد قليل من الرجال فتتقاتل سبع نساء على رجل واحد، حتى إنّهن يقلن للرجل: “تزوّجني لترفع عني العار.  لأنه في تلك الأيام سيكون عارًا أن تكون المرأة بدون ولد، كما كان في زمن اليهود في العهد القديم.”

قبل مجيء المذنّب، ستزول العديد من الدول، ويعاني الباقون من العوَز والمجاعة. وستدمر الأمة العظيمة في المحيط التي يسكنها أناس من قبائل مختلفة، وتنقضّ عليها الزلازل والعواصف وأمواج المدّ. سيتم تقسيمها، وتغمر المياه جزءًا كبيرًا منها، وستواجه هذه الأمة أيضًا العديد من المصائب في البحر، وستفقد مستعمراتها في الشرق بواسطة نمر وأسد.

سيؤدي المذنّب بضغطه الهائل إلى إجبار الكثير على الخروج من المحيط ويُغرق العديد من البلدان، مما يتسبب في الكثير من المجاعات والأوبئة. بعد المذنب العظيم، ستدمر الأمة العظيمة من جراء الزلازل والعواصف وموجات كبيرة من المياه.

سيغمر المحيط أيضًا العديد من البلدان الأخرى، فتعيش جميع المدن الساحلية في خوف،وتُدمَّر الكثير منها بسبب أمواج المد، وستُقتل

والمجاعة. وستدمر الأمة العظيمة في المحيط التي يسكنها أناس من قبائل مختلفة، وتنقضّ عليها الزلازل والعواصف وأمواج المدّ. سيتم تقسيمها، وتغمر المياه جزءًا كبيرًا منها، وستواجه هذه الأمة أيضًا العديد من المصائب في البحر، وستفقد مستعمراتها في الشرق بواسطة نمر وأسد.

سيؤدي المذنّب بضغطه الهائل إلى إجبار الكثير على الخروج من المحيط ويُغرق العديد من البلدان، مما يتسبب في الكثير من المجاعات والأوبئة. بعد المذنب العظيم، ستدمر الأمة العظيمة من جراء الزلازل والعواصف وموجات كبيرة من المياه.

سيغمر المحيط أيضًا العديد من البلدان الأخرى، فتعيش جميع المدن الساحلية في خوف، وتُدمَّر الكثير منها بسبب أمواج المد، وستُقتل معظم الكائنات الحية وحتى أولئك الذين يفرون من الموت سيموتون من مرض فظيع.

لأنه في أي من هذه المدن لا يوجد شخص يعيش وفقًا لقوانين الله. “السلام سيعود إلى أوروبا عندما تستولي الزهرة البيضاء مرة أخرى على عرش فرنسا.”

🌸 ♰ 🌸

وأعلن قداسة البابا بندكتس 16 القديسة هليدغارد من بنجن (1089-1179) في 7 أكتوبر 2012.

والقديسة هليدغارد هي رابع مرأة تعلن ملفانو بعد القديسة كاثرين من سيينا والقديسة تريزا من أفيلا والقديسة تريزا من ليزيو.

وقال البابا “كانت هليدغارد راهبة في قلب ألمانيا في القرون الوسطى، كانت معلمة لاهوت جديرة بالثقة وخبيرة في العلوم الطبيعية وفي الموسيقى”.

تعليم لقداسة البابا بندكتس السادس عشر 1 سبتمبر 2010

“أيها الإخوة والأخوات الأعزاء،

في عام 1988، بمناسبة السنة المريمية، كتب المكرم يوحنا بولس الثاني رسالة رسولية بعنوان “كرامة النساء” عالج فيها الدور الثمين الذي لعبته النساء وما زالت تلعبه في حياة الكنيسة. يكتب البابا في الرسالة: “إن الكنيسة تشكر جميع مظاهر العبقرية الأنثوية التي ظهرت عبر التاريخ، في وسط جميع الشعوب وجميع الأمم؛ تشكر لأجل جميع المواهب التي يفيضها الروح القدس على النساء في تاريخ شعب الله، لأجل جميع الانتصارات التي هي من فضل إيمانهنّ، رجائهن ومحبتهن؛ تشكر لأجل جميع ثمار القداسة الأنثوية” (عدد 31).

حتى في عصور تاريخ الكنيسة التي نسميها “العصر الوسيط”، لمعت شخصيات أنثوية عديدة لقداسة حياتها ولغنى تعليمها.

أود اليوم أن أبدأ بتقديم واحدة منها: القديسة هيلدغارد من بينغن، التي عاشت في ألمانيا في القرن الثاني عشر. ولدت في عام 1098 في بلاد الرينان، وبالتحديد في بيرمرشايم بالقرب من ألزي، وماتت في عام 1179، بعمر 81 سنة، بالرغم من صحتها التي لطالما كانت هشة. كانت هيلدغارد تنتمي لعائلة نبيلة وكبيرة، ومنذ ولادتها، كرسها أهلها لخدمة الله. بعمر 8 سنوات، ولكي تنال تنشئة إنسانية ومسيحية مناسبة، تم تسليمها لعناية المربية يهوديت من سبانهايم، التي كانت قد دخلت حياة الحصن في دير القديس ديسيبود البندكتي. كان قيد النشوء دير أنثوي محصن صغير يتبع قانون القديس مبارك. أبرزت هيلدغارد نذورها الرهبانية على يدي الأسقف أوتون من بامبرغا، وفي عام 1136، لدى موت الأم يهوديت، طلبت الأخوات إليها أن تخلفها. قامت بدورها مستثمرة مواهبها الأنثوية كامرأة مثقفة، رفيعة روحيًا وقادرة على معالجة وجوه حياة الحصن التنظيمية بقدرة مثالية.

بعد بضعة سنوات، وبسبب ازدياد عدد اللواتي يقرعن باب الدير، أسست هيلدغارد جماعة أخرى في بينغن، مكرسة للقديس روبرتوس، وهناك قضت ما تبقى من حياتها. إن أسلوب عيشها للسلطة هو نموذجي لكل جماعة مسيحية: فقد كان يؤدي إلى ولادة نوع من تنافس الخير، لدرجة أن شواهد العصر تخبر أن الأم والأخوات كن يتبارين في تبادل الاحترام والخدمة.

هذا ومنذ أيام ترؤسها لدير القديس ديسيبود، كانت هيلدغارد بدأت تتلو الرؤى الصوفية التي كانت تختبرها لمرشدها الروحي، الراهب فولمار، ولأمينة سرها، ريتشارديس من ستراده، وهي أخت كانت تكن لها الكثير من العاطفة.

وكما يحدث دومًا في حياة المتصوفين الحقيقيين، أرادت هيلدغارد أن تخضع لسلطة أشخاص حكماء لكي تميز أصل رؤاها، خوفًا منها أن تكون ثمرة أوهام وألا تكون من الله. وتوجهت إلى الشخص الذي كان يتمتع في زمانها بأكبر تقدير في الكنيسة: القديس برنار دو كليفرفو الذي تحدثت عنه في بعض التعاليم. قام برنار بطمأنة هيلدغارد وبتشجيعها. ولكن في عام 1147 تلقت مصادقة أخرى هامة جدًا. البابا أوجانيوس الثالث، الذي كان يترأس سينودسًا في تريفيري، قرأ نصًا تلته هيلدغارد قدمه له رئيس أساقفة ماغوزا، أنريكو. ومنح البابا المتصوفة التصريح بكتابة رؤاها والحديث عنها أمام العموم. منذ ذلك الحين تنامت شهرة هيلدغارد الروحية لدرجة أن معاصريها أطلقوا عليها اسم “النبية الألمانية”.

أيها الأعزاء، هذا هو ختم خبرة أصيلة للروح القدس، أصل كل موهبة: الشخص الذي يؤتمن على هذه المواهب لا يتباهى بها أبدًا، ولا يتفاخر بها، وخصوصًا، يبين عن طاعة كاملة للسلطة الكنسية. إن كل عطية يهبها الروح القدس تهدف إلى بناء الكنيسة، والكنيسة، من خلال رعاتها، تعترف بأصالتها.

سأتحدث أيضًا في الأسبوع المقبل عن هذه المرأة “النبية” العظيمة، التي تتحدث إلى زمننا بآنية كبيرة، من خلال قدرتها على تمييز علامات الأزمنة، من خلال حبها للمخلوقات، من خلال طبها، موسيقاها، التي يعاد تركيبها اليوم، من أجل حبها للمسيح ولكنيسته التي كانت متألمة في ذلك الزمان، ومجروحة في ذلك الوقت أيضًا من خطايا الكهنة والعلمانيين، ومحبوبة أكثر من ذلك كونها جسد المسيح. بهذا الشكل تتحدث القديسة هيلدغارد إلينا؛ سنتحدث عن هذا الأمر أيضًا نهار الأربعاء المقبل. شكرًا لانتباهكم. “

* * *
ننشر في ما يلي التعليم الذي تلاه قداسة البابا بندكتس السادس عشر في قاعة بولس السادس في الفاتيكان.
9 سبتمبر 2010

“أيها الإخوة والأخوات الأعزاء،

أود الآن متابعة الحديث عن القديس هيلدغارد من بينغن، وهي شخصية هامة من العصر الوسيط، التي تميزت بحكمتها الروحية وقداسة حياتها. إن الرؤى الصوفية للقديسة هيلدغارد تشبه تلك التي خبرها أنبياء العهد القديم: كانت تستعمل لغة زمانها الثقافي والديني لتؤول بنور الله الكتاب المقدس وتطبقه على مختلف ظروف الحياة. وبهذا الشكل، كل من كان يسمعها كان يشعر بالدفع لكي يختار أسلوب عيش مسيحي متماسك وملتزم. في رسالة إلى القديس برنار، تعترف المتصوفة الرينانية: “الرؤية تتملك كل كياني: لا أرى من خلال عيون الجسد، بل تظهر لي الأسرار في الروح… أعرف المعنى العميق لما يُعرض في كتاب المزامير، في الأناجيل وفي الكتب الأخرى، بحسب ما ظهر لي في الرؤى. هذه الأخيرة تتقد كشعلة نار في صدري ونفسي، وتعلمني أن أفهم عميقًا النص” (Epistolarium pars prima I-XC: CCCM 91).

إن رؤى هيلدغارد الصوفية غنية بالمكنونات اللاهوتية. وهي تشير إلى الأحداث الأساسية في تاريخ الخلاص، وتستعمل لغة هي في الإجمال شعرية ورمزية. على سبيل المثال، في أشهر مؤلفاتها المعروف بـ ” Scivias ” (اعرف السبل)، تجمع هيلدغارد في 35 رؤية أحداث تاريخ الخلاص، من خلق العالم وحتى نهاية الأزمنة. مع ما يميز الحس الأنثوي، تتوسع هيلدغارد في وسط مؤلفها في الحديث عن موضوع الزواج الصوفي بين الله والبشرية والذي تم في تجسد المسيح. في شجرة الصليب يتم عرس ابن الله مع الكنيسة، عروسته الممتلئة نعمة والتي أضحت قادرة لكي تهب لله أبناءً جددًا، في حب الروح القدس (cfrVisio tertia: PL 197, 453c).

انطلاقًا من هذه الإشارات البسيطة نرى كيف أن اللاهوت يستطيع أن ينال إسهامًا خاصًا من قبل النساء، لأنهن يستطعن الحديث عن الله وعن أسرار الإيمان بذكائهن وحسهنّ الخاص. أشجع إذًا كل اللاوتي يقمن بهذه الخدمة لكي يتممنها بروح كنسي عميق، ويغذين تفكيرهن بالصلاة وينظرن إلى عظم غنى التقليد الصوفي في العصر الوسيط، الدفين إلى حد ما، خصوصًا ذلك التصوف الذي تحمله أمثلة نيرة مثل هيلدغارد من بينغن.

ألّفت المتصوفة الرينانية كتابات أخرى، اثنان منها هي مهمة بشكل خاص، لأنها تحمل، مثل كتاب “اعرف السبل”، رؤاها الصوفية: وهي “كتاب مناقب الحياة” (Liber vitae meritorum ) و “كتاب الأعمال الإلهية” (Liber divinorum operum )، المعروف أيضًا باسم “عمل الله” (De operatione Dei). في الكتاب الأول يتم وصف رؤيا فريدة وعظيمة لله الذي يحيي الكون بقوته وبنوره. تشدد هيلدغارد على العلاقة العميقة التي تربط الإنسان بالله وتذكرنا بأن كل الخليقة، التي يشكل الإنسان قمتها، تنال الحياة من الثالوث. يتركز النص على العلاقة بين الفضائل والرذائل، حيث يترتب على الإنسان كل يوم أن يواجه تحدي الرذائل التي تبعده عن المسيرة نحو الله، والفضائل، التي تسعف هذه المسيرة. الدعوة هي الابتعاد عن الشر لتمجيد الله وللدخول، بعد عيش فاضل، في حياة “ملؤها الفرح”.

في المؤلف الثاني، التي تعتبر من قبل الكثيرين أفضل مؤلفاتها، تصف هيلدغارد الخليقة في علاقتها مع الله ومحورية الإنسان، مبينة محورية مسيحانية قوية ذات نكهة كتابية-آبائية.

تقدم القديسة خمس رؤىً مستوحاة من مقدمة إنجيل يوحنا، وتنقل الكلمات التي يوجهها الابن إلى الآب: “كل العمل الذي أردت أن أعمله والذي أوكلته إلي، قد تممته بالكلية، وهاءنذا معك، وأنت معي، ونحن واحد” (Pars III, Visio X: PL 197, 1025a).

وأخيرًا، في كتابات أخرى، تبين هيلدغارد تنوع الاهتمامات والحيوية الثقافية في الأديار النسائية في العصر الوسيط، خلافًا للأحكام المسبقة التي ما زالت تلقي بثقلها على تلك الحقبة. فقد اهتمت هيلدغارد بالطب والعلوم الطبيعية، كما واهتمت بالموسيقى بما أنها كانت موهبة فنيًا. ألفت أناشيد ولازمات وترانيم جمعت تحت عنوان “سيمفونية تناغم الإيحاءات السماوية” (Symphonia Harmoniae Caelestium Revelationum ). كانت تتلى بفرح في أديارها، وكانت تنشر جوًا من الصفاء، وقد وصلت إلينا. بالنسبة لها، كانت الخليقة بأسرها سيمفونية إلى الروح القدس، الذي هي في ذاته فرح وابتهاج.

إن الشعبية التي تمتعت بها هيلدغارد كانت تدفع الكثير من الأشخاص إلى استشارتها. ولهذا السبب لدينا الكثير من رسائلها. كانت تتوجه إليها الجماعات الرهبانية الرجالية والنسائية، الأساقفة ورؤساء الأديار. الكثير من إجاباتها ما تزال آنية بالنسبة لنا اليوم. على سبيل المثال، تكتب هيلدغارد إلى جماعة رهبانية نسائية: “يجب الاعتناء بالحياة الروحية بكثير من الاهتمام. في بادئ الأمر الجهد مرّ. لأنه يتطلب التخلي عن الرغبات، عن شهوات الجسد والأمور المماثلة. ولكن إذا سمحت النفس للقداسة أن تخلبها ستجد حتى احتقار العالم أمرًا لذيذًا ومحبوبًا. يجب فقط أن نسعى بذكاء لكي لا تذبل النفس” (E. Gronau, Hildegard. Vita di una donna profetica alle origini dell’età moderna, Milano 1996, p. 402). وعندما تسبب الامبراطور فيديريكو بارباروسا بانشقاق كنسي مقيمًا ثلاثة بابوات غير مشروعين بدل البابا المشروع ألكسندر الثالث، لم تتوان هيلدغارد، بوحي من رؤاها أن تذكره بأنه كامبراطور هو خاضع لحكم الله.

بالشجاعة التي تميز كل نبي، كتبت هيلدغارد إلى الامبراطور هذه الكلمات من قبل الله: “الويل، الويل لتصرفات المنافقين الشريرة التي تحتقرني! أمل أذنك، أيها الملك، إذا أردت أن تحيا! وإلا فإن سيفي سيضربك!” (Ibid., p. 412) .

بفضل السلطان الروحي الذي كانت تتحلى به، قامت هيلدغارد بالسفر في آخر سني حياتها، بالرغم من تقدمها بالسن وصعوبات التنقل، للحديث عن الله إلى الناس. كان الجميع يصغي إليها برضى، حتى عندما كانت تستعمل نبرة قاسية: كانوا يعتبرونها رسولة من قِبل الله. كانت تذكر الجماعات الرهبانية والإكليروس بضرورة عيش سيرة تتماشى مع دعوتهم. وبشكل خاص، قاومت هيلدغارد حركة الكتر الألمانية. الكتر، أي “الأطهار” حرفيًا، كانوا يقترحون إصلاحًا جذريًا في الكنيسة، خصوصًا لمواجهة فساد الإكليروس. كانت هيلدغارد تعارض بقساوة قلب معايير طبيعة الكنيسة، مذكرة إياهم بأن الإصلاح الحقيقي في الكنيسة لا يتم من خلال تغيير البنى بقدر ما يتم من خلال روح توبة صادقة ومسيرة توبة فاعلة.

هذه هي الرسالة التي لا يجب أن ننساها أبدًا. فلنصل إلى الروح القدس، لكي يقيم في الكنيسة نساءً قديسات وشجاعات، مثل القديسة هيلدغارد من بينغن، لكيما يقيّمن الهبات التي ينلنها من الله، فيقدمن إسهامهنّ الثمين والفريد لأجل النمو الروحي في جماعاتنا وفي كنيسة عصرنا. “

المصدر: (Zenit.org) نقله من الإيطالية إلى العربية روبير شعيب – وكالة زينيت العالمية
المصدر: http://mariantime.org