أخبار عاجلة

عَ مدار الساعة


بالصوت – سيرة حياة القديسة بولا – باولا (Paula) 🕯🙏🌹❤


☝ صلاتها معنا جميعاً 🕯🙏🌹❤
(347 – 26 يناير 404 م.)

عائلتها:
تعتبر الأرملة الشهيرة القديسة باولا St. Paula من أشهر النساء الرومانيات من جهة التقوى والتكريس العائلي للرب مع غنى وكرامة واتزان فكر.

ولدت في 15 مايو سنة 347 م. من عائلة غنية جدًا، من أشراف روما. توفي رجلها وهي في الثانية والثلاثين من عمرها، وكانت قد أنجبت ابنًا وأربع بنات، هم:

  1. الإبن هو توكسوتيوس Toxotius على اسم والده.
  2. الإبنة الكبرى بليسيلا Blesilla على اسم جدتها (والدة والدتها)، هذه التي تنيحت بعد حوالي ثلاثة أشهر من توبتها وتغيير حياتها تمامًا، وقد كتب القديس جيروم للقديسة باولا يعزيها في ابنتها (رسالة 39)، معلنًا أنها في الفردوس.
  3. بولينا Paulina زوجة باماخيوس، الذي وزع غالبية ممتلكاته بعد نياحة زوجته الشابة ليحيا لخدمة الفقراء، ممارسًا الحياة النسكية بكل تقوى مع كونه من الأشراف.
  4. أوستخيوم (أوستاكيا) Eustochium، رافقت والدتها كل الطريق بحياةٍ نسكية شديدة أثارت أقرباءها، كادت أن تنهار بنياحة والدتها في بيت لحم لكن القديس جيروم (إيرونيموس) وقف بجوارها يسندها لتكمل رسالة والدتها.
  5. روفينا Rufina تنيحت في شبابها المبكر.

ترملها:
عاشت باولا مع رجلها في حياة عائلية مثالية، فكانا مثلين لروما في الحياة الزوجية الفاضلة في الرب، حتى إذ مات رجلها وهي في الثانية والثلاثين من عمرها وكانت تحبه وتتعلق به جدًا اُستغرقت في الحزن بشدة فانتشلتها صديقتها القديسة مارسيلا الأرملة التي علمت روما بتوبتها وزهدها لمحبة العالم. انفتحت بصيرة باولا الداخلية لتكرس حياتها لله في حياة نسكية صارمة.

حاول والداها أن ينصحاها بإدارة أموالها وعدم تبذيرها على الفقراء، إلّا أنّها كانت مقتنعة بأنّ مساعدتهم هي بمثابة مساعدة يسوع الّذي “لم يكن له موضعًا يسند إليه رأسه”.

صار طعامها بسيطًا للغاية، لا تشرب خمرًا، ولا تنام على سرير بل على مسوح، تركت الحفلات والمجاملات الزمنية وكل أنواع التسلية العامة، واتجهت بكل إمكانياتها للعطاء وخدمة المحتاجين. تركت أيضًا كل أعمالٍ زمنية من أجل ضبط فكرها في الرب وملكوته السماوي.

قال عنها القديس جيروم (إيرونيموس) في افتتاحية رسالته التي بعث بها إلى ابنتها أستوخيوم (أوستاكيا) ليعزيها في والدتها: “لو تحولت كل أعضاء الجسد إلى ألسنة، ولو نطقت كل أطرافي بصوت بشري، لا أوفي الحق في الحديث عن فضائل القديسة المكرمة باولا.

  • نبيلة من جهة عائلتها، لكنها أكثر نبلًا في القداسة.
  • كانت غنية في خيرات العالم لكنها صارت متميزة بالفقر الذي احتضنته من أجل المسيح…
  • فضلت بيت لحم عن روما، فتركت قصرها البهي بالذهب لتسكن قلاية من الطين. إننا لا نحزن كأننا نفقد هذه السيدة الكاملة، بل بالحري نشكر الله أننا لم نفقدها، فإنها لا تزال معنا، وإذ الكل أحياء (لو 38:20) في الله، الذين يعودون إلى الرب لا يزالوا يحسبون أعضاء عائلته. حقًا لقد خسرناها، لكن المساكن السماوية قد اقتنتها…”.

صداقتها للقديس جيروم (إيرونيموس):
ارتبط اسمها بالقديس جيروم، بل وارتبط اسمه بها خلال الصداقة على مستوى أبوته الحانية الجادة. تعرف عليها عن طريق الأب أبيفانيوس أسقف سلاميس وبولينوس أسقف أنطاكية اللذين استضافتهما في بيتها، وإذ تعرفت خلالهما بالقديس جيروم اجتذبها لخدمة الله خلال وجوده في روما.

وجدت مقاومة شديدة من عائلتها خاصة وأن ابنتها أوستخيوم خلعت كل رباطات العالم لتمارس الحياة النسكية بقوة مما أقلق الأسرة على مستقبلها كابنة أحد الأشراف. ومع هذا بقيت باولا مع ابنتها تسلكان هذه الحياة بلا تردد.

التجارب
مرت باولا بتجارب كثيرة فكانت تعتصر نفسها الرقيقة للغاية، وكان القديس جيروم يحوِّل التجارب في حياتها إلى طاقات للتكريس وانطلاقه نحو الحياة الأفضل، من بين هذه التجارب موت ابنتها الكبرى بليسيلا فجأة، ثم موت بولينا زوجة باماخيوس وهي شابة، وأيضًا روفينا، ولم يبقَ من بناتها الأربع سوى أوستخيوم.

كان قلب باولا يلتهب كل يوم حنينًا نحو الحياة السماوية، وإذ كان جو روما خانقًا بالنسبة لها بكونها معروفة بعائلتها التي من الأشراف ولنقد العائلة لها، أرادت ترك روما لتحيا في سكون وهدوء تمارس عبادتها، بعيدًا عن أسرتها وأصدقائها القدامى.

في عام 385 م. انطلقت مع ابنتها مبحرة نحو قبرص حيث زارتا القديس أبيفانيوس أسقف سلاميس، ومن هناك ذهبتا إلى أنطاكيا حيث التقتا بالقديس جيروم ومن معه. انضم الكل معا لينطلقوا إلى الأماكن المقدسة بفلسطين، ثم يرحلوا إلى مصر يلتقون ببعض رهبانها ومتوحديها.

في مصر:
رافقت القديس جيروم رحلته في مصر. ولا بد أنها كانت معه حين التقى بالقديس ديديموس الضرير مدير مدرسة الإسكندرية حيث تتلمذت على يديه لمدة شهر، ثم انطلقت معه إلى نتريا حيث بقيا هناك مدة طويلة. يحدثنا القديس جيروم عن أثر هذه الفترة في حياة هذه الأرملة، قائلًا بأنها كانت مملوءة غيرة وفرحًا برؤية القديسين مشتاقة أن تقتدي بهم. استقبلها الآباء بفرح، فكانت تمجد الله وتشعر أنها غير أهلٍ لهذه الكرامة. التقت بالمقارين وسرابيون وغيرهم، وزارت قلاليهم، وكانت تسجد عند أقدامهم، تشعر أنها ترى السيد المسيح في كل واحدٍ منهم. كان احتمالها التنقل بين القلالي والمبيت في البرية بفرح فوق احتمال أية امرأة. لقد نسيت كل تعبٍ وكل احتياجٍ من أجل فرحها.

في بيت لحم:
انطلقت في السنة التالية إلى أورشليم لتعيش في بيت لحم حيث بنت فندقًا لاستضافة الغرباء وديرًا للرهبان وآخر للراهبات.

عاشت مع ابنتها أستوخيوم في دير الراهبات في حياة نسكية جادة، وكان نظام الدير أن يشترك الكل في العمل اليدوي، خاصة الحياكة سواء للدير أو لمن هم خارج الدير.

عاشت القديسة باولا بين الراهبات أمًا تجتذبهن بحبها ورقتها وقدوتها، فكانت أول العاملات، تشترك وابنتها إستوخيوم في الخدمة والعمل. ومع هذا فكانت حازمة، إن شاهدت إنسانة كثيرة الكلام أو غاضبة تسألها أن تعتزل الجماعة إلى حين، تصلي خارج الباب (خارج مكان الصلاة) وتأكل بمفردها.

كانت تهتم بالفقراء كما ببناء الكنائس، وكان مبدأها بناء كنائس متضعة، فلا تميل إلى الكنائس الفخمة ولا المبالغة في أثاثاتها، إذ كانت تردد أنها تفضل إنفاق المال على الفقراء بكونهم أعضاء جسد المسيح الأحياء.

كانت معينة للقديس جيروم في دراساته وترجماته، فقد تعلمت اليونانية عن والدها، واللاتينية في روما، والعبرية أيضًا حتى كانت تسبح المزامير بلغتها الأصلية. اشتركت مع معلمها جيروم في جداله الحاد مع يوحنا أسقف أورشليم بخصوص “الأوريجينية”.

تربيتها لباولا الصغيرة:
عندما تركت روما كانت تئن في أعماقها لدموع ابنها توكسوتيوس الذي سألها ألا تغادر المدينة، لكن حياة الوحدة تتعدى حدود الدموع بالرغم من رقتها وحبها لابنها. تزوج هذا الابن فتاة مسيحية تدعى لائيتا Laeta ابنة كاهنٍ وثني، وقد عاشت مع رجلها مقتدين بباولا ورجلها في حياة إيمانية تقوية. إذ أنجبت لائيتا طفلة دعتها “باولا الصغيرة” لتعلقها بحماتها. وقد كتب إليها القديس جيروم رسالة رائعة عن تربية طفلتها، حملت مفاهيم مسيحية حية للفكر التربوي المتفتح. بعد فترة أرسلت لائيتا ابنتها باولا الصغيرة إلى بيت لحم للتلمذة على يديْ جدتها القديسة باولا ثم تسلمت قيادة جماعة رهبانية كجدتها.

نياحتها:
إذ بلغت من العمر السادسة والخمسين دعاها السيد المسيح لتنطلق من الأتعاب إلى الفردوس بعد أن تعرضت للمرض. كانت في مرضها الأخير تردد المزامير بلا انقطاع، والتهب شوقها لملاقاة الله، والتمتع بالحياة السماوية، وإذ ضعف جسدها جدًا جدًا ولم تقدر على النطق صارت ترشم شفتيها بعلامة الصليب حتى رقدت في 26 يناير سنة 404 م. بين دموع ابنتها إستوخيوم.

الجدير بالذكر أنّ الله أنعمَ عليها نعمة ذرف الدموع، مشتركة مع سيدها المسيح بآلامه.. وهي دموع كل إنسان تائب عن خطاياه وخطايا البشر.


  • المرجع Reference (الذي استخدمه كتاب “قاموس آباء الكنيسة وقديسيها مع بعض شخصيات كنسية” للقمص تادرس يعقوب ملطي)