سحر قبرصي –
إنه الوضع نفسه الّذي نعيشه اليوم عشناه منذ سنوات عديدة فهو لم يتغير و لم يطرأ عليه طارئ من سنتين و نيف أو حتى أكثر ، فالعماد عون كان مرشحاً جدياً منذ نهاية العهد السابق و كان اسمه مطروحاً لرئاسة الجمهورية و لا عائق في وصوله سوى تحالفات وطنية طالما ظنناها بعيدة عن امكانية التحقق.
هو العماد نفسه ،حاملاً المبادئ نفسها و الوعود الصادقة ذاتها ، هو صاحب النظرة الدولية الّتي لم تتغير في أزمنة السلم ، فما الّذي جعل خصوم الأمس يقترعون باسمه اليوم ؟ طبعاً ليس الايمان بمسيرته و مساره و ليست القناعة بأن خلاص لبنان لا يكمن إلا بالاصلاح و التغيير . أتكون فرصة الحريري الذهبية للعودة للحكومة و بذلك اعادة ما فقده من ثروة بحكم الثورة على حدّ تعبيره ، أيراهن أن الشعبية الّتي خسرها بهذا الخيار بضع وزارات و خدمات ستعيدها و يكون بذلك مستعيناً بالطائف وحده صاحب الغنيمة الأكبر . أما وليد جنبلاط فربما بوصلته أوصلته إلى الخيار الأقوى و القائم حُكماً فيكون بذلك قد سجل هدفاً في مرمى الرأي العام لا يُخسره و لكن قد يُربحه في الاصطفافات المستقبلية . و بالنسبة لسمير جعجع فبهذه المصالحة يكون قد طوى زمن الأيادي الملطخة بالدم و استغفر جزأً كبيراً من المسيحيين مما قد يكسبه استراتيجياً في العهود التالية.
و لكن الخوف ، أنكون أمام اتفاق رباعي سيفقد أقطابه حماسهم و يتناسوا مواقفهم أو أن هذة العلاقة الجدلية الغير متفقة إلا على خيار لبنان أولاً ستخلق ديناميكية تساعد الرئيس على النهوض بالعهد الجديد و المواطن على استعادة الثقة بحكومته و قوانينه و نظامه.
لبنان المتنوع طائفياً و ثقافياً لا يمكن أن يحكم بأكثرية ساحقة و لا يمكن لديكتاتورية فكرية أن تسيطر على شعبه فمن رحم التنوع تولد السياسات الّتي تجد أجوبة لكل الطوائف و الثقافات الحزبية.
أملنا بالغد ليس وليد الظرف الحاضر فطالما كنا ذلك الشعب القائم من تحت الردم الّذي تحدى أقوى جيوش المنطقة و أكثرها حقداً و بطشاً، نحن شعب أرجو أن نكون قد تعلمنا أن لا أساس للحياة الكريمة الّتي نستحق إلا بالوحدة الوطنية و تقبُّل الشراكة. إن الفرصة اليوم أتت ليس على طبق من فضة إنما مغمسة بنضالات و حقبات طويلة من الكفاح ، الفرصة اليوم و بعد طول انتظار و عمل دؤوب و محاربة الظلم و الاقصاء و الاستبداد أضحت حقيقة ليس علينا سوى الايمان بها و بمن استحقها و عدم اللجوء إلى المزايدات و الأحكام المسبقة فمشروع عهد فخامة الرئيس الجديد يبتدأ من أول كانون فنعلِّق بذلك على جدران التاريخ بطولات رجل الجيش الأول و رئيس التيار السياسي العلماني و نستهل عهد رئيس الجمهورية القوي .
فيا جنرال القصر ، نؤمن بأن أولوياتك ستكون المصلحة العامة لمواطنين كانوا على بُعد شعرة واحدة من الكفر بالدولة فحولنا من معارضين ،متظاهرين ، مطالبين لموالين للحكم و مساهمين في النهضة.