العميد شارل ابي نادر-
يبرهن الجيش اللبناني يوما بعد يوم ، و من خلال معركته المفتوحة ميدانيا وامنيا ضد الجماعات الارهابية ، عن انضباطية عسكرية و قانونية لافتة ، تتواكب مع قدرة و فعالية تميز وحداته عن الكثير من وحدات الجيوش التي تفوقه تجهيزا وامكانيات ، و قد اصبح مؤخرا يشكل نقطة مركزية من بين جيوش دول الشرق لا يمكن لاحد تجاوزها عند المقارنة مع الوحدات العسكرية الاخرى ، وهذا ما تؤكده نتائج العمليات الخاصة والنوعية التي ينفذها ، بالاضافة الى ما يحصل عليه من تقديرات ايجابية تتخطى المسؤولين المحليين الى الغربيين منهم ، ولكن من جهة اخرى ، دائما ما يشكل هذا النجاح وهذه الفعالية فرصة للتصويب والانتقاد من قبل المتضررين و الداعمين للارهابيين .
و تاكيدا على هذا التصويب والانتقاد ، وعلى خلفية العملية الاستباقية التي نفذتها وحدات خاصة من الجيش اللبناني مدعومة بوحدات تابعة لمديرية المخابرات ، وذلك في مخيمي ” النور” و” القارية ” لللاجئين السوريين ، بين بلدة عرسال ومنطقة وادي حميد في جرودها ، تداولت مؤخرا بعض الاوساط الاعلامية و السياسية ، المحلية و الاقليمية والغربية ، الكثير من التقارير و الابحاث والتحليلات عن وفاة عدد من الموقوفين من اللاجئين السوريين اثناء التحقيق معهم ، والتي اظهرت الوقائع والتحقيقات انها حصلت على خلفية سوابق صحية خاصة بكل حالة ، و كالعادة ظهرت بعض الابواق التي صوبت بطريقة مشبوهة وغير موضوعية على هذه الحادثة ، بالاضافة طبعا الى عدد كبير من اصوات اخرى ، دعمت وأيدت وبقوة ، طريقة واسلوب مقاربة الجيش لهذه العملية وتداعياتها وذيولها .
بالمبدأ ، من حق المتابعين ، اعلاميين او سياسيين او غيرهم ، توجيه الانتقاد البنّاء الى اية مؤسسة عسكرية او امنية ، خاصة اذا تعلق الامر بوفاة موقوفين يتم التحقيق معهم في مراكز تابعة لتلك المؤسسات على خلفيات تنفيذ اعمال ارهابية او التدخل فيها ، ولكن ما هو ليس من حق هؤلاء المتابعين المنتقدين ان يتم التصويب على عمل ضباط وعناصر هذه المؤسسات بطريقة فيها الكثير من التجني والمظلومية قبل الوقوف على حقيقة معطيات وفاة هؤلاء الموقوفين ، في الوقت الذي يحرص فيه دائما هؤلاء الابطال ، معرضين حياتهم للخطر الاكيد ، على تنفيذ مهماتهم الحساسة والدقيقة مع الالتزام التام بالقوانين والانظمة العسكرية ، والتي تشمل حكما القوانين الدولية بما خص قانون النزاعات المسلحة وقانون الحرب والقانون الدولي الانساني وغيرها .
ولكن ، هل يعلم هؤلاء المنتقدون ماذا يعني في مفهوم العلم العسكري والامني حساسية ودقة وخطورة عملية توقيف عدد كبير من الارهابيين المزنرين بالاحزمة الناسفة الجاهزة للتفجير ، في بيئة تغص باللاجئين الذين يحضنوهم ، او في بيئة لا يمكن فيها تمييز من هو مزنر بالحزام الناسف عن الاخر الذي لا يختلف عن الاول ، لا في الهدف ولا في الخلفية ولا في الدافع ولا في الشكل ؟؟
هل لدى هؤلاء المنتقدين ، حماة القوانين الدولية وحقوق الانسان ودعاة الديمقراطية ، اية فكرة او معطيات عن مستوى الضغط الذي يعيشه قائد وعناصر القوة المكلفة بمداهمة مجموعة ارهابيين انتحاريين في بيئة حاضنة لهم بالكامل ، اثناء المداهمة المُقيّدة باهداف و بهواجس : تنفيذ المهمة بنجاح ، حماية العناصر المُنَفِذة ، حماية المدنيين المشبوهين وغير المشبوهين وحماية المطلوبين الارهابيين احياءً قدر الامكان ، لضرورات التحقيق ومتابعة الخلايا والشبكات الارهابية الاخرى ؟؟
هل لدى هؤلاء المنتقدين والمتباكين على حقوق الانسان اية فكرة او مناورة يقترحونها على عناصر الجيش الذين داهموا الارهابيين وبيئتهم الحاضنة ، ليصار الى تلافي او ابعاد خطر الاحزمة الناسفة او اية عبوات ناسفة اخرى ، غير الطريقة التي تم تنفيذ المداهمة فيها ؟ او هل لديهم فكرة يقدمونها للعناصر المُداهِمة ، يتم من خلالها فرز المطلوب الحقيقي عن الآخر دون التصرف بردة فعل سريعة وقاسية تفترضها حساسية الموقف وخطورته ؟
هل يعلم هؤلاء الاذكياء خبراء الاعلام والسياسة و الامن والمداهمات ، ان الوسيلة الافضل لتلافي الحوادث الخطرة اثناء عملية التوقيف في الاوضاع المماثلة ، والتي تحفظ حياة الجميع قدر الامكان ، منفذين و موقوفين ، هي تقييد الاطراف والدفع ارضا على الاوجه حتى الانتهاء من العملية ؟؟ تلك الصورة التي استغلوها وحملوها و جابوا العالم بها عن مخالفة القوانين الانسانية وغيرها ؟؟
واخيرا …هل يعلم هؤلاء المشككين الموتورين ، ان اعلامهم المرتهن باموال رخيصة مثلهم ، هو اعلامٌ ناسفٌ مفخخ ٌ ، وهو اشدّ خطرا على الامن وعلى الدولة وعلى حياة المواطنيين والعسكريين من احزمة الارهابيين الناسفة ؟؟
-موقع التيار الوطني الحر-