عَ مدار الساعة


نحروا “حنا السكران” على حضيض الأزقَّة – أمين أبوراشد

ليست القضية عملاً فنياً يلزمه ناقد فني، ولا نجد بالضرورة وجوب استدعاء جهابذة الأدب العربي لتفسير عبارة “عم بيزبِّط بنت الجيران”، لأننا بالأساس، بتنا في لبنان نعيش أزمة أخلاق، وانحداراً رهيباً في لغة التخاطب، ولم يعُد الشارع فقط لمجموعة صبيَة يتسكعون على أرصفة كركرة الأراغيل، بل كل كلام شوارعي بصرف النظر عن الأشداق التي تُطلقه، هو ملامسة للحضيض في الثقافة الى حدود قلَّة الأدب وانعدام الحياء، ونحر لكل تاريخنا القروي الجميل مع أغنية “حنا السكران”، ومع كل عملقة الرحابنة وعظمة فيروز وبالتالي تاريخ كل عصر النهضة اللبنانية.

لا يستحق ذلك العمل الحديث عنه أكثر، ولا تستحق تلك المُغنية أن أذكرها بالإسم، لأن ظواهر الإسفاف والرُخص في مجتمعنا اللبناني قد بلغت بنا عصر الإنحطاط على كافة المستويات، ومَن قال أن ” حنا السكران عم بيزبِّط بنت الجيران” هي أقل أدباً من عبارة ” نحنا بدّنا ونحنا فينا” التي كانت علامة تجارية وماركة مسجلة لجهة سياسية مارست في الإنتخابات الماضية كل أنواع دعارة اللسان وشراء الضمائر عبر رمي الحرام من أجل مقعد نيابي بالزائد أو الناقص؟

بئس هذا المستوى الذي بلغناه في لبنان، عندما باتت لهجات الشوارع تُداهم بيوتنا سواء عبر وسائل الإعلام أو مواقع التواصل، لكن البلد الذي أنجب جبران والرحابنة، تُعتبر أزمة الثقافة والفن فيه مؤقتة وآنية مع جماعة “الطقاطيق” تماماً كما أزمة السياسة التي نقلتنا من وطن أنطون سعادة وميشال عون وحسن نصرالله، إلى عصر صبيان البهورة الفارغة تحت شعار “نحنا بدّنا ونحنا فينا”…