“يجب اسقاط جبران باسيل في البترون”…برنامجهم الوحيد اليوم هو اسقاط جبران باسيل ***
هكذا اختصر سمير جعجع اليوم برنامج القوات الانتخابي لعام 2022، دونما حاجة لمزيد من بذخ الاموال على اللوحات الاعلانية الضخمة والباهظة الثمن التي بدأت تملأ الطرقات وتحجب الانظار… ليأتي كلامه مكملا بالشكل والمضمون، لما ورد سابقا على لسان الكتائب وميشال معوض وعشرات الاسماء والاحزاب والتشكيلات، سواء على مستوى دائرة الشمال الثالثة، او في كل لبنان.
“يجب اسقاط جبران باسيل”. هذا هو الهدف الاسمى لكل هؤلاء. اذ بعد ذلك، يعود لبنان الى الجنة التي كان يعيش فيها قبل دخول جبران باسيل الى السياسة، ويخرج اللبنانيون من الجحيم.
ففي مفهوم جميع هؤلاء ان قبل دخول جبران باسيل والتيار الوطني الحر الحقل العام، كانت السيادة تامة، والميثاق محترما، وصحة التمثيل مضمونة في مجالس النواب والحكومات والادارات وصولا الى الفئة الرابعة، وحتى حراس الاحراش.
قبل جبران باسيل، لم يكن الفساد موجودا، وكانت الكهرباء 24 على 24، والسدود ممتلئة، والاقتصاد في قمة الانتاج، والطبابة مؤمنة وضمان الشيخوخة مطبقا، والخزانات تفيض بالنفط، والغاز مستخرجا، والمنتشرون يمارسون حقهم بالاقتراع.
تسأل جميع هؤلاء عن التحييد ورفض التبعية لأي محور، فيجيبون: جبران باسيل.
تسألهم عن رفض توطين الفلسطينيين وعودة النازحين السوريين، فيردون: جبران باسيل.
تسألهم عن اللامركزية الادارية والمالية الموسعة، فيقولون: جبران باسيل.
تسألهم عن مشروع الدولة المدنية، والجواب: جبران باسيل.
تسألهم عن عرقلة التدقيق الجنائي، والرد: جبران باسيل.
تسألهم عن عدم اقرار الكابيتال كونترول، فيجيبون: جبران باسيل.
تسألهم عن موقفهم من ملف حاكم مصرف لبنان والازمة المالية والنقدية وتحقيقات القاضية غادة عون وكل قضايا الفساد وهدر المال العام، فيردون: جبران باسيل.
تطرح امامهم كارثة اموال المودعين وفضيحة الاموال المحولة والمنهوبة، فيعلقون: جبران باسيل.
يغضون النظر عن اقرار الموازنات وقطع الحسابات على مدى ثلاثين سنة وينادون: جبران باسيل.
تتحداهم باقرار قانون استقلالية القضاء وكشف حسابات واملاك جميع العاملين في الشأن العام، فيصرحون: جبران باسيل.
يرتكبون الجرائم في الحرب، ويقولون اليوم: جبران باسيل.
يقضون على صلاحيات رئاسة الجمهورية في الطائف، ويتابعون: جبران باسيل.
يلتحقون بالتحالف الرباعي مع حزب الله ويجلسون جنبا الى جنب مع وزرائه في الحكومات منذ الانسحاب السوري ويرفعون الصوت اليوم قائلين: جبران باسيل.
يتحالفون مع وليد جنبلاط امس واليوم، ويهتفون: جبران باسيل.
يسقطون القانون الارثوذكسي لأسباب معروفة، ثم يقولون: جبران باسيل.
يقولون بعظمة لسانهم، في مرحلة تفاهم معراب، وبتصريح موثق بالصوت والصورة لسمير جعجع بالذات ان جبران باسيل ليس مسؤولا عن افشال خطة الكهرباء، وان العرقلة ضمن الدولة واداراتها هي المسؤولة، لكنهم اليوم ولأنهم مختلفون معه في السياسة، يتهمون جبران باسيل.
كل الحسنات كانت موجودة قبل جبران باسيل وكل السيئات خلقت على ايامه وتزول كلها فجأة في لحظة سقوطه المرتجى من قبل هؤلاء، على منوال نغمة “اذا انتخبتونا بينزل الدولار وبيرجع لبنان سويسرا الشرق”.
ففي عهد بطرس حرب النيابي مثلا، الذي امتد على مدى اثنين واربعين عاما، اي بين عامي 1972 و2018، كل عناصر الرفاهية فضلا عن البنى التحتية المتطورة والخدمات العامة الحديثة كانت مؤمنة ليس فقط في البترون، بل في كل لبنان.
وفي زمن الاكثريات النيابية التي كانت القوات والكتائب ونايلة معوض وجميع هؤلاء جزءا منها، كنا في النعيم.
من حق الناس ان يكونوا اليوم مع جبران باسيل او ضده، تماما كما كانوا في الماضي مع ميشال عون او ضده.
اما ان يختصر البعض كل المعركة الراهنة بطلب إسقاط شخص، ففي الامر تعبير عن فراغ ما بعده فراغ، بالفكر والممارسة والبرنامج، لأن برنامجهم الوحيد اليوم هو اسقاط جبران باسيل، مع لفت النظر الى ان معظم ارتكاباتهم في حق الكيان والشعب دونها التاريخ في سجلهم الاسود يوم كان جبران باسيل لم يزل تلميذا او طالبا او ناشطا، او في بدايات نشاطه في الحقل العام.
لكن، قبل الدخول في العناوين المطروحة، ومنها اليوم سعر البنزين والهلع الغذائي ومصير سد بسري والتطورات الاوكرانية والايرانية، ولأننا على مسافةِ شهرين تقريباً من الانتخاباتِ النيابية المُزمع إجراؤها في 15 أيار المقبل، الموعدِ الذي يُمارِس فيه الشعب حقَّه الدستوري بأن يكون مصدرَ كلِّ السلطات، “تذكروا يا لبنانيات ويا لبنانيين، إنو لأ، مش كلن يعني كلن، بغض النظر عن الحملات والدعايات والشتائم والتنمر وتحريف الحقيقة والكذب المركّز والمستمر بشكل مكثف من 17 تشرين الاول 2019.
ولمّا تفكروا بالانتخابات، حرروا عقلكن وقلبكن من كل المؤثرات والضغوطات، وخللو نظرتكن شاملة وموضوعية، وساعتها انتخبوا مين ما بدكن، بكل حرية ومسؤولية”.
وتبقى اشارة اخيرة الى اننا سنكون الليلة مباشرة بعد الاخبار مع الحلقة الثانية من برنامج “ساعة الحقيقة” وعنوانها: فضيحة الفيول المغشوش.