أخبار عاجلة

عَ مدار الساعة


الإنتخابات النيابية… وَفرة في الأقطاب ونُدرة في القيادات (أمين أبوراشد)


تعليق الرئيس سعد الحريري نشاطه السياسي، وانسحاب القرار أيضاً على تيار المستقبل وعلى المُقرَّبين، أحدث إرباكاً لدى الحلفاء والخصوم، وزعزع الهرمية الحزبية للتيار الأزرق، سيما وأن هناك إصراراً على خوض الإنتخابات حتى من نواب المُستقبل، بصفة مُستقلِّين، وأول الغيث جاء من النائب هادي حبيش، المُصرّ على ترشيح نفسه والتحالف مع قوى محلِّية عكَّارية، سيما وأنه لا يعرف بهاء الحريري ويستبعد أن يتَّصل به لهذه الغاية.

يبدو وضع التيار الأزرق وكأنه رَفَع السما الزرقا عن رؤوس كل الذين تربُّوا في عزّ “الحريرية السياسية”، من زمن قريطم حتى عصر بيت الوسط، وهذا ليس بمُستغرب، لأن هذا التيار بُني على المال، وكل المُنتمين إليه هُم ضمن خطة تخفيض الرأسمال، ولا دور سياسي ناجع في الوقت الحاضر لمَن يمتلك هذا التيار بإقرار من المالك سعد الحريري، والإستثمار في الجماهير خلال موسم إنتخابات مُكلِف جداً، خاصة أن هذه الجماهير ضائعة ما بين رحيل سعد المؤكد وقدوم بهاء المُرتقَب، وفي الحالتين، فإن تسويق “مشروع رفيق الحريري” لم يكُن ولن يكون أكثر من بيع سمك في البحر، سيما وأن مقولة “لبنان أولاً” مطلب كل اللبنانيين ولكن، لكل فريق طريقته في الأداء الوطني، وجمهور تيار المستقبل تاه كما كل الشرائح الشعبية في الوجع المعيشي، وضاع في الإنتماء المذهبي الإقليمي بحيث بات يرفع باليُمنى العلم السعودي، وباليُسرى العلم التركي.

بعد الحريري اختلطت الأوراق على الطاولة الإنتخابية، ما جعل الترشيحات تتأرجح بين لعبة الباصرة وشعوذة التبصير، وتيار المستقبل لن تحلّ مكانه أحزاب بقدر ما سوف تنتفض العائلات المُتموِّلة لإخذ دورها، من عكار الى طرابلس وبيروت وصيدا، وصولاً الى البقاعين الأوسط والغربي، وكل ديك عائلي محلي سيحاول أن يعتبر نفسه في التحالفات أنه “قاشوش الطاولة”، لأن الحريري صدم “المُستنوِبين” أكثر مما صدم الناخبين.

ولأننا في لبنان لدينا وفرة في الأقطاب على المستويات الحزبية والعائلية والطائفية، ولأننا للأسف لدينا نُدرة في القيادات الجامعة على المستوى الوطني، سوف نلحظ حركة كثيفة للقوى المحلِّية غير المُقيَّدة بمركزية الأحزاب، وسوف تستعيد بعض العائلات السُنِّية العزِّ الذي كان قبل ظاهرة المرحوم رفيق الحريري، وهذه العائلات هي جداً لبنانية وجداً كريمة وليست مُقيَّدة بحسابات إقليمية، ولا خلفيات لديها لا بالوهابية السياسية ولا بالإرث العثماني لا بل هي ناصرية التوجُّه أكثر مما هي عروبية على شاكلة بعض الخليجيين.

لهذه الأسباب، وبصرف النظر عن قدوم بهاء الحريري أو ملائكته الحاضرة، لإقتطاع شيء من الإرث السياسي الذي هجره شقيقه سعد، فلا مكان لأحد من خارج الإرث التاريخي لسُنة لبنان أن يأخذ هذه الطائفة الى مشاريع أوهامه، خاصة إذا كان وكيلاً سعودياً على تفليسة بيت الحريري في لبنان، وأداة لبنانية في مشروع “صفقة القرن” ومطلوبٌ منه الإزعاج الإعلامي والجعجعة على العهد وسلاح المقاومة، والشارع السُنِّي تلقى جيداً أصداء اعتزال الحريري من دُعاة محبتهم له، وجماهيره حكماً لن يرتضوا لأنفسهم أن يكونوا مواد التهام  في أشداق قواشيش العمالة، وليس كل مَن تعتبره جماعته قُطباً بات بنظر الجماعات الأخرى قائداً وطنياً..