أخبار عاجلة

عَ مدار الساعة


بعد “COP 26”.. من يدفع للدول النامية فاتورة التغيّر المناخي؟ (DW)

رغبت البلدان المتضررة من ظاهرة التغير المناخي في أن تتطرق محادثات قمة المناخ في غلاسكو للخسائر الناجمة عن تلوث المناخ الذي تسببت فيه الدول المتقدمة. فهل تجد مثل هذه الدعوات آذانا صاغية لدى الدولة الغنية الملوثة للبيئة؟

كانت قضية من سيتحمل فاتورة ظاهرة التغير المناخي إحدى القضايا الشائكة الرئيسية في المفاوضات خلال قمة المناخ في مدينة غلاسكو الأسكتلندية المعروفة اختصار بـ “كوب 26”. وفي ذلك، يؤكد مولوين جوزيف، وزير الصحة والبيئة في دولة أنتيغوا وباربودا في البحر الكاريبي، على أن الدول “الملوثة للبيئة لم يتم معاقبتها.”

وفي مقابلة مع DW، يضيف الوزير “لا تُظهر الدول الملوثة للبيئة أي تعاطف مع الكارثة التي تواجهها الدول الصغيرة النامية المؤلفة من جزر صغيرة جراء التلوث.”

يأتي ذلك في الوقت الذي يكافح فيه العالم للحفاظ على كوكب الأرض في ظل تفاقم تداعيات ظاهرة التغيّر المناخي التي بدت جلية في ارتفاع درجة حرارة الأرض والجفاف والفيضانات والأعاصير القوية التي أتت على سبل عيش الملايين حول العالم بل محت جزرا بأكملها.

وإزاء ذلك، تدعو البلدان الأكثر عرضة لتداعيات ظاهرة التغير المناخي بشكل متزايد إلى ضرورة وجود التزامات مالية لمساعدتها على مواجهة الظاهرة؛ وهو ما أشارت إليه هذه الدول بعبارة “الخسائر والأضرار” ناجمة عن تلوث المناخ.

 مولوين جوزيف في مؤتمر الأمم المتحدة للمناخ بغلاسكو كوب 26.
يدعو مولوين جوزيف – وزير الصحة والبيئة في دولة أنتيغوا وبربودا – إلى فرض ضريبة على كل برميل نفط لمساعدة الدول النامية الأكثر عرضة لتداعيات التغير المناخي

وفي هذا الصدد، ركزت المحادثات الحالية حيال تمويل سبل مواجهة ظاهرة التغيّر المناخي بشكل أساسي على مساعدة البلدان لتطوير التحول إلى الطاقة النظيفة أو تمويل مشروعات الاقتصاد الخضراء وكيفية تخفيف انبعاثات غازات الاحتباس الحراري فضلا عن التكيّف مع الاحترار العالمي.

بيد أن القضية التي لم يتم التطرق إليها بشكل جيد تلك التي تتعلق بتكلفة الخسائر والأضرار الناجمة عن ظاهرة التغيّر المناخي ومن سيتحمل فاتورة الأمر. فعلى سبيل المثال، من سيدفع تكلفة انتقال مجتمعات بأكملها من مناطق ساحلية معرضة للخطر إلى مناطق أكثر أمنا؟

وفيما يتعلق بهذه القضية يقول الوزير جوزيف إن “الدول النامية التي تتألف من جزر صغيرة تحتاج إلى الحصول على التزام بأنه سوف يتم التعامل مع قضية الخسائر والأضرار بطريقة عاجلة من خلال قمة المناخ الحالية”.

ويضيف “يتعين الشروع في مثل هذه العملية لمعرفة كيف يمكن توفير التمويل”، مشددا على أن هذه الدول ليس أمامها الكثير من الوقت.

وفي هذا السياق، يؤكد “لا تتحمل دول مثل بلدي (دولة أنتيغوا وباربودا ) الانتظار لأربع سنوات حتى تتعافى من كارثة ( ناجمة عن ظاهرة التغير المناخي) إذ أنه في عام 2017 وقعت كارثة في باربودا، ولا نزال نحاول التعافي في الوقت الذي تغرق فيه الحكومة في الديون”.

 جزيرة باربودا في البحر الكاريبي 7/9/ 2017.
أدى أعصار “إيرما” إلى تدمير 90 بالمائة من جميع الممتلكات على جزيرة باربودا في البحر الكاريبي عام 2017.

المال ثم المال!

ولا تعد قضية التمويل بالجديدة إذ تطرقت إليها قمم المناخ السابقة خاصة خلال قمة بولندا قبل ثماني سنوات حيث خرج عن رحم هذه القمة ما يُعرف بـ “آلية وارسو الدولية للخسائر والأضرار” المرتبطة بتأثيرات تغير المناخ والتي ترمي إلى مساعدة البلدان الضعيفة على مواجهة تداعيات ظاهرة التغيّر المناخي.

وبعد ذلك وخلال قمة باريس تم التأكيد على هذه الآلية، إلا أن البلدان المتقدمة لا تزال مترددة في تقديم التزاماتها المالية بشكل كبير خاصة وأن الآلية لا تنص بشكل واضح على أنها قد تكون بمثابة أساس “لأي تعويض أو تحميل مسؤولية”.

وتخشى الدول المتقدمة من أن قضية التمويل أو ما يعرف بـ “الخسائر والأضرار” قد تمهد الطريق أمام تحميلها المسؤولية عن كل ظاهرة مناخية متطرفة وهو الأمر الذي سيكون شديد الكلفة.

فقد ذكرت الدراسات أن التكلفة الاقتصادية لتداعيات ظاهرة التغيّر المناخي بحلول عام 2030 يمكن أن تتراوح ما بين 400 مليار دولار إلى 580 مليار دولار سنويا في البلدان النامية. وهذه الأرقام ليست بالقاطعة إذ قد تزداد التكلفة في دول مثل دولة جزيرة فيجي، وفقا لما يشير إليه ساتيندرا براساد مندوبها في الأمم المتحدة.

وفي مقابلة مع DW، يقول براساد “يتعين النظر في طلب 750 مليار دولار سنويا فيما يتم تخصيص 10 بالمائة من هذا المبلغ للدول النامية التي تتألف من مجموعة من الجزر الصغيرة”.

أولادوسو أدينيك تطلق مشاريع توعية لمكافحة التغير المناخي

الملوث هو من يدفع!

تزامن هذا مع إرسال أكثر من 300 منظمة مثل “شبكة العمل المناخي” رسالة إلى رئيس قمة المناخ ألوك شارما وزعماء العالم المشاركين فيها تحثهم على ضرورة الالتزام بتقديم التمويل فيما يتعلق بقضية الخسائر والأضرار المرتبطة بتأثيرات تغير المناخ “على أساس الإنصاف والمسؤولية التاريخية والتضامن العالمي وتطبيق مبدأ الملوث هو من يدفع “.

ويشدد على هذا الأمر أماث باثي سيني، خبير المناخ والبيئة لمنطقة غرب ووسط أفريقيا في الصندوق الدولي للتنمية الزراعية (إيفاد). ويضيف “ندعو جميعا قادة العالم ليس فقط إلى قطع تعهدات وإنما لتقديم التمويل على الطاولة. أعتقد أن الرد على ظاهرة التغير المناخي يجب أن يشبه الرد العالمي على جائحة كورونا وما شمل ذلك من صرف مليارات الدولارات بشكل عاجل”.

تقدم في محادثات قمة غلاسكو

وإزاء ذلك، طُرحت العديد من الأفكار لمساعدة الدول النامية الأكثر عرضة لظاهرة التغير المناخي ماديا لمواجهة تداعيات الظاهرة بما في ذلك فرض ضريبة على النفط، وفقا لما يشير إليه مولوين جوزيف – وزير الصحة والبيئة في دولة أنتيغوا وباربودا.

ويضيف “يتم تداول 90 مليون برميل من النفط في العالم يوميا. وفي حالة فرض ضريبة قدرها دولار واحد على كل برميل، فقد يمكن جمع ما يكفي من المال للبدء على الأقل في معالجة مسألة الخسائر والأضرار”.

ويشدد الوزير على أن الدول النامية التي تتألف من جزر صغيرة تدرس خيارات أخرى في حالة فشل المفاوضات، مضيفا أن دولة أنتيغوا وبربودا انضمت إلى دولة توفالو الواقعة في جنوب المحيط الهادئ من أجل النظر في إمكانية اتخاذ إجراء قانوني في هذا الصدد، لكن دون توضيح ما هو هذا الإجراء.

ساتيندرا براساد، قمة غلاسكو كوب 26.
يؤكد ساتيندرا براساد سفير دولة فيجي أن الكثير من المجتمعات في هذا البلد اُضطرت إلى الانتقال بسبب مخاطر ظاهرة الاحتباس الحراري.

وإذ يحذر من الفشل في التوصل إلى نتيجة يطالب الدول الجزرية الصغيرة النامية “النظر في خيارات أخرى. نحن ضحايا الدول الملوثة”. ورغم ذلك، يبقي الوزير على تفاؤل حذر حيال مخرجات قمة المناخ إذ شدد أن لمس بعض الإشارات الإيجابية.

يتزامن هذا التفاؤل الحذر مع شكوك من منظمات ونشطاء مثل الناشط الكيني إريك داميان نجوجونا من حركة “أيام الجمعة من أجل المستقبل” الشبابية المعنية بالبيئة. وفي مقابلة مع DW، يقول: “كوب 26 ستكون مثل قمم المناخ السابقة التي لم تحقق أي نجاح. ولن يكون الأمر مفاجئا إذا فشلت قمة المناخ في غلاسكو”.

من جانبه، يرى سفير فيجي في الأمم المتحدة ساتيندرا براساد أن هناك التزاما بشكل جدي من العديد من البلدان بالاعتراف بأن الدول الجزرية الصغيرة النامية تواجه أزمة مناخية شديدة.

ويضيف “أبلغتنا العديد من البلدان خلال المباحثات الثنائية ومتعددة الأطراف أنها ترغب في مساعدتنا لمواجهة تداعيات ظاهرة التغير المناخي.. علينا الانتظار إذ لا يزال أمامنا أسبوع على اختتام قمة غلاسكو”.

سارة ستيفن/ م.ع