عَ مدار الساعة


الحريري وقع في الفخ بخطابه المعدّ سلفاً

الدعوة للحريري هي للتحرر ليتمكّن من التشكيل وإذا ما بقي أسيراً فستبقى الحكومة هي أيضاً أسيرة
– كتبت رندلى جبور-


بات معروفاً أن رئيس مجلس النواب نبيه بري أجّل مناقشة رسالة رئيس الجمهورية العماد ميشال عون من الجمعة إلى السبت، بسبب عدم جهوزية كلمة الرئيس المكلّف التشكيل سعد الحريري. فبحسب المعلومات، وبعدما تم تسريب فكرة أن رئيس التيار الوطني الحر جبران باسيل قد جهّز كلمة نارية لإلقائها في البرلمان، انكبّ فريق الحريري الاعلامي على كتابة خطاب يكون بمثابة رد على المتوقّع من كلمة باسيل. لكن توقعات الفريق الازرق لم تصِب، ولم يتمكّن الشيخ سعد من تعديل ولا كلمة واحدة بعد كلمة باسيل، فأتى خطابه المعدّ سلفاً، نوعاً من الهروب إلى الامام والتهرّب من المسؤولية ورمي الاتهامات على فريق رئيس الجمهورية، بينما كانت كلمة باسيل عبارة عن مبادرة للحل ودعوة للحوار. وبالتالي أتت الكلمات مقلوبة. فبدلاً من أن تكون كلمة باسيل هجومية وتقتصر على تحميل الحريري المسؤولية، كانت نوعاً من خارطة طريق للتشكيل، وبدلاً من أن تكون كلمة الحريري طرحاً لمبادرة للخروج من المأزق، أتت فارغة إلا من الهجوم. وهذا ما أدّى بحسب المصادر إلى وقوع الحريري في الفخ، وتأكيد المؤكد بأنه من لا يريد تشكيل الحكومة، وظهوره بمظهر بعيد كل البعد عن رجل الدولة الذي يطرح طروحات بنّاءة وأفكاراً إيجابية للمضي قدماً إلى الامام وليس للهروب إلى الامام.

وتسأل المصادر: ماذا قدّم الحريري للمواطنين الذين ينتظرون تشكيل الحكومة؟ وأي صورة أظهرها عن نفسه؟ وتضيف أنه كان على الحريري أن يستمع إلى الكلمات التي ستلقى في مجلس النواب قبل أن يجهّز كلمة مكتوبة سلفاً علّ كلمته تأتي في سياقها الطبيعي والمنطقي، أو على الاقل أن تكون الكلمة المعدّة متضمنة لمبادرة لم يطرحها على الاطلاق منذ تكليفه قبل عدة شهور.

وبحسب المعلومات، فإن الرئيس بري طلب أن يكلّم باسيل لأول مرة من فترة طويلة وهو والوزير السابق علي حسن خليل باتا يدركان كل أكاذيب الحريري في موضوع تشكيل الحكومة، والخفة التي يتعامل بها المكلّف مع موضوع حيوي كالتشكيل.

وغير بعيد عن هذا الجوّ، جاء كلام رئيس الحزب الاشتراكي وليد جنبلاط في إطلالته الاخيرة حين أكد عدم رضى السعودية عن الحريري وترؤسه للحكومة، ومع ذلك طلب من الحريري وليس من أي شخص آخر المسارعة إلى التشكيل مع الاستعداد لمساعدته، لأن جنبلاط هو أيضاً بات يعرف أين تكمن العقدة وما هي أسبابها.

في الخلاصة، ظهر جلياً من يريد تشكيل الحكومة ومن لا يريد تشكيلها، ومن يطرح المبادرات ومن يكتفي بالتصويب بالسياسة، ومن هو رجل الدولة ومن هو ولد الدولة اللا مسؤول. وإذا كان من مجال لملاحظة بعد، فهي أن نواب التيار الوطني الحر ونواب القوات اللبنانية لم يصوّتوا على موقف مجلس النواب الذي أتى رداً على رسالة الرئيس ميشال عون.

أخيراً، الدعوة للحريري هي للتحرر ليتمكّن من التشكيل، وإذا ما بقي أسيراً فستبقى الحكومة هي أيضاً أسيرة. وهو يستحق عن جدارة أن يدخل كتاب غينيس للأرقام القياسية كأكثر شخص أضاع الفرص، وما رسالة الرئيس عون إلى مجلس النواب إلا فرصة جديدة أضاعها.