🌷♰🌷
لَم يَعُد يُنظَرُ إلى الخطيئةِ اليومَ على أنَّها شرٌّ
عبادةَ العالَمِ المادِّيِّ مغلَّف بالأَنْسَنَةِ والدفاعِ عن حُقوقِ الإنسان ومُبطَّنة بالْمَكْرِ ومُمَثِّلةً بالمسيحَ الدجَّالَ (لويس دو بوديكور، الأمينُ العامُّ لجمعيَّةِ القدِّيسِ بولسَ – 01 آب 1882)
عن كتاب انتصار قلب مريم الطاهر – نهاية الأزمنة وجلجلة الكنيسة للأب غسان رعيدي (3)
يقولُ القدِّيسُ أثَناسيوسُ الإسكندريُّ (تحت عنوان: الشيطان يَعمَلُ في الخَفاء) إنَّ المسيحَ جاءَ ليُخلِّصَ العالَمَ لا ليَدينَهُ، ولكنَّهُ ذكَرَ تَحذيرَ الربِّ يسوعَ مِنَ الأنبياءِ الكذَبَةِ وعلاماتِ وُجودِهم في الأزمنةِ الأخيرة.
والنتيجةُ مِن هذا التحذيرِ أنَّ الْمسيحَ إلَهَنا قد زَوَّدَنا “بِنِعَمٍ خاصَّةٍ كمَلَكُوتِ اللهِ والسلطانِ على قِوَى الشَرِّ والبُنُوَّةِ المجيدةِ بالتَبَنِّي لله“. والنعمةُ الأهَمُّ هي “معرِفَةُ الآبِ وكلمَتِهِ ومَوهِبَةِ الروحِ القُدُس“.
ويشرحُ هذا القدِّيسُ أنَّ الشيطانَ يَغَارُ مِنَّا على هذه النِعَمِ الَّتي وَهَبَنا إيَّاها المسيح. لِذا، يُحارِبُنا بضَراوةٍ ليَهْدِمَ إيْمانَنا وذلكَ، بٱستعمالِه أحيانًا كلمةَ الحقِّ، ولكنَّهُ يستعمِلُها ” مُغَيِّرًا معناها وساتِرًا رُوحَها ومُعَقِّدًا شَرْحَها“[1]. لذا، فالكتابُ الْمُقَدَّسُ هو الدَواءُ لِعلاجِ هذِهِ الأباطيلِ، بالإضافةِ إلى كتابِ التَعليمِ المسيحيِّ للكنيسةِ الكاثوليكيَّة، فلنقرَأْهُما ولنتأمَّلْ بكلمةِ المسيحِ في قلوبِنا كمريَمَ البتولِ الطاهرة.
فإذا كانَ المسيحُ قد أَنْبَأَنا بكلِّ ما سيجري في زمنِ الْمَخاضِ وبالأهوالِ والاضطهاداتِ والمحنةِ الكبرى خلالَ فترةِ نِهايةِ الأزمنة، فإنَّهُ بِمَثَلِ التينةِ أَنْبَأَنا بعلاماتِها قائلاً: ” مَتَى رَأَيْتُم هذا كُلَّهُ، فٱعلَمُوا أنَّ ٱبنَ الإنسانِ قريبٌ على الأبواب. الحقَّ أقولُ لكُم: لن يزولَ هذا الجيلُ[2] حتَّى يَحدُثَ هذا كلُّه. السماءُ والأرضُ تزولانِ، وكلامي لن يزولَ” (متَّى24: 32-35).
وما تعيشُه البشريَّةُ، منذ ٱنطلاقِ عصرِ الأنوارِ الخبيثِ (أي القرن الثامن عشر) مع الثورةِ الفرنسيَّةِ (1789-1799)[3] المغلَّفةِ بالأَنْسَنَةِ والدفاعِ عن حُقوقِ الإنسان والْمُبَطَّنةِ بالْمَكْرِ والخِداعِ مُمَثِّلةً المسيحَ الدجَّالَ[4]، والَّتي فجَّرَت عبادةَ العالَمِ المادِّيِّ والجسدِ الشهوانيِّ وكنيسةِ الشيطان، كأعداءِ الإنسانِ الثلاثة وفقًا لِمَا يُعلِّمُه القدِّيسُ يوحنَّا للصليبِ الكرمليُّ في كلِّ كُتُبِهِ الروحيَّةِ، ما هو إلاَّ العلامةُ الكبرى لانحرافِ البشريَّة عن مسارِ الملكوتِ الَّذي بشَّرَنا به إلَهُنا يسوعُ المسيح. ومنذ ذلك الحين، تشهدُ الكنيسةُ تراجُعًا لا مثيلَ له، بسبب الدُخَلاءِ فيها الَّذين شَوَّهُوا ويُشوِّهُون حقيقةَ سرِّ المسيحِ المخلِّصِ وتعاليمِ كنيستِه المقدَّسة، فبدأَتْ بَوادِرُ اللاهوتِ المعاصِرِ الَّذي يَنقُضُ العقائدَ والأسرارَ المسيحيَّةَ الأساسيَّةَ ويُقوِّضُ أخلاقيَّاتِها الساميةَ وإيمانَها الموروثَ من شهادةِ الرُسُلِ الأحَدَ عشَرَ الأُمناءِ؛ وٱختيرَ مَتيَّا بالقُرعةِ ليكونَ معهم الثاني عشرَ، وتَمَّ ذلك بين الصعودِ والعنصرة.
ومن الفوارِقِ الأساسيَّةِ الَّتي ترتبطُ ٱرتباطًا وثيقًا بالَّذي أنبأت به مريَمُ العذراءُ في فاتيما – البرتغال سنة 1917، هي الأعمالُ الشاسعةُ ضدَّ الحياةِ وضدَّ الأخلاقِ (تشريعُ كُلٍّ من الشذوذِ الجنسيِّ والزواجِ الْمُثليِّ وتبنِّي الأطفالِ لدى الْمُثليِّين والإجهاضِ ووَسائلِ الحَملِ الاصطناعيِّ ووسائلِ مَنْعِهِ وعبادةِ الشيطان)، والْمُستشريةُ خصوصًا في كلِّ المجتمعاتِ المسيحيَّة وغيرِ المسيحيَّة، والَّتي تُذكِّرُنا بالطُوفانِ (بسبب العنف بشكلٍ أساسيٍّ) وبإحراقِ سَدُومَ وعامورةَ (بسبب الانحرافاتِ الجنسيَّة وغيرِها)، وذلك بالتزامُنِ مع الخروجِ الواسِعِ عن طاعةِ السُلطةِ في الكنيسةِ وفُقدانِ الإيمانِ بالقربانِ المقدَّسِ بأنَّه الحضورُ الحقيقيُّ للمسيحِ الإلهِ الحيِّ في سرِّ الإفخارستيَّا المقدَّس من قِبَل بدعةِ العصر الجديد والأَنسنةِ وما يُسمَّى الكنيسة المسكونيَّة الآتية؛ كلُّ هذا، بالإضافةِ إلى فرضِ “سِمَةِ الوَحشِ”[5] على مُواطني الولاياتِ الْمُتَّحِدَةِ الأميركيَّةِ ومُواطنينَ في بلادِ الغربِ والشَرق، يَجعلُنا نعتقدُ أنَّنا دخلنا مرحلةَ نِهايةِ الأزمنةِ الأخيرة الَّتي ستؤدِّي بنا إلى المحنةِ الكبرى، الَّتي أضحَت على الأبواب، وإلى يومِ الربِّ العظيمِ الَّذي يَقضي على مَنابِعِ الشرور ويُدخِلُ الباقين من أبناءِ الله في زمن السلامِ الحقيقيِّ الموعود.
توضيحًا لِهذه الأمور، نُورِدُ أنَّ بَدْءَ نِهايةِ الأزمنةِ أكَّدَتْهُ العذراءُ مريَمُ للأب ستيفانو دون غوبي في الرسالةِ رقم 485، في المقطع الخامس[6]. أمَّا الربُّ يسوعُ المسيحُ فقال لتلاميذه: “ستأتي أيَّامٌ تشتَهُونَ فيها أن تَرَوا يومًا واحدًا من أيَّامِ ٱبنِ الإنسان، ولن تَرَوا… وكما كانَ في أيَّامِ نوح، هكذا يكونُ في أيَّامِ ٱبنِ الإنسان: كانَ الناسُ يأكُلُونَ ويشرَبُون، ويتزوَّجونَ ويُزَوِّجون، إلى يوم دَخَلَ نوحٌ السفينة. فجاءَ الطُوفانُ وأهلَكَهُم أجمعين. وكما كانَ أيضًا في أيَّامِ لُوط: كانَ الناسُ يأكلونَ ويشرَبون، ويشترونَ ويبيعون، ويغرسونَ ويبنُونَ. ولكنْ يومَ خرجَ لُوطٌ من سَدومَ، أمطرَ اللهُ نارًا وكبريتًا من السماءِ فأهلَكَهُم أجمعين. هكذا يكونُ يومَ يَظهَرُ ٱبنُ الإنسان. في ذلكَ اليوم، مَن كانَ على السطحِ وأَمْتِعَتُهُ في البيت، فلا يَنْزِلْ ليأخُذَها. ومَن كانَ في الحقل، فكذلك لا يرجِعْ إلى الوراء. تذكَّرُوا ٱمرأةَ لُوط!” (لو17: 22 و17: 26-32).
لذلكَ نشهدُ تَصاعُدًا في وتيرةِ حُدوثِ الزَلازِلِ وفي الطوفاناتِ على وجهِ الأرض بسببِ غليانِ باطِن الأرض، كذلكَ نَختبرُ تصاعُدًا في ٱرتفاعِ الحرارةِ على الأرض وثورانَ كوكبِ الشمسِ وتغيُّراتٍ غيرَ مألوفةٍ في الطقس والْمُناخ. ولَم يكُنْ ليحدُثَ كلُّ ذلك لو لَم “يأتِ الْجُحُودُ أوَّلاً” (2تس2: 3) ليُمَهِّدَ ظهورَ “إنسانِ الاثمِ، ٱبنِ الْهَلاك” (2تس2: 3) الَّذي جلَسَ بِهَرْطَقاتِه وتَعاليمِه الكاذبةِ “في قُدْسِ هيكَلِ الله” (2تس2: 4) وسيُظهِرُ قريبًا “نفسَهُ أنَّهُ الله” (2تس2: 4). إنَّه “الْمُضَلِّلُ والمسيحُ الدجَّال” (2يو1: 7-11) الَّذي يتعدَّى تعليمَ المسيحِ إلَهِنا ويرفضُ اللهَ في أقانيمِه الثلاثة وبالأخَصِّ، يرفضُ الآبَ والابنَ (رسالتَا يوحنَّا الأولى والثانية). وكان الربُّ يسوعُ المسيحُ قد أكَّدَ حلولَ المحنةِ الكُبرى في المستَقبل عندما قال لتلاميذه: “متى رأَيتُم رجاسةَ الخرابِ – الَّتي تكلَّمَ عنها دانيَّالُ النبيُّ – قائمةً في المكانِ المقدَّس، ليفهَمِ القارئ!” (متَّى24: 15 و دا11: 31)، “فسوفَ يكونُ حينئذٍ ضيقٌ شديدٌ لَم يَحدُث مثلُهُ منذُ بدايةِ العالَمِ إلى الآن، ولن يحدُثَ… ولكنْ من أجلِ المختارينَ ستُقَصَّرُ تلكَ الأيَّام” (متَّى24: 21-22).
إستنادًا إلى ذلك، أخبرَتْ أُمُنا العذراءُ البريئةُ من الدَنَس الأبَ ستيفانو دون غوبي في الأوَّل من كانونَ الثاني سنة 1993 عن هذه المحنة الكبرى الَّتي تبدأُ بزمن الامتحان الكبير، وقالت له وللبشريَّة: “… لقد وصلَ إليكم الامتحانُ الكبير، يا أولادي المساكينُ، أنتُم المهَدَّدينَ من إبليسَ (الحيَّةِ القديمةِ والتنِّينِ الْجُهَنَّميِّ الخبيث) والمهاجَمينَ من قُوَّاتِ الشرِّ. إنَّه يُداهِمُكُم خطَرُ ضَياعِ النعمةِ والاتِّحادِ بالحياةِ مع الله، الحياةِ الَّتي جعلَها لكُم يسوعُ ٱبني في لَحظةِ الفداء، عندما ٱنتزَعَكم من عبوديَّةِ الخبيثِ وحرَّرَكُم من الخطيئة. لَم يَعُد يُنظَرُ إلى الخطيئةِ اليومَ على أنَّها شرٌّ، وفي بعض الأحيانِ تَتِمُّ الإشادةُ بِها على أنَّها قيمةٌ وعَمَلٌ جيِّدٌ… إلْتَجِئوا فورًا إلى كرسيِّ الاعترافِ، ولْيَكُنِ الاعترافُ الْمُتواتِرُ هو الدواءَ الَّذي تستعملونَهُ ضدَّ ٱنتشارِ الخطيئةِ والشرِّ!… لقد وصلَ الامتحانُ الكبيرُ إلى الكنيسةِ الَّتي ٱغتصَبَتْها قوَّاتُ الشرِّ، وجُرِحَت في وحدَتِها، وأظلَمَت في قداسَتِها. أُنظُروا كيف تَنتَشِرُ فيها الأخطاءُ الَّتي تقودُ إلى فقدانِ الإيمانِ الحقِّ. إنَّ الجحُودَ يَنتَشِرُ في كلِّ مكان. إنَّ كتابَ التعليمِ المسيحيِّ الكاثوليكيِّ هو هِبَةٌ خاصَّةٌ من قلبي البريءِ من الدَنَس، والَّذي أرادَ هذا البابا خاصَّتي (يوحنَّا بولس الثاني) أن يُشَرِّعَهُ كحِجَّةٍ مُضيئةٍ وسامية. ولكنْ كم هُمْ كُثُرٌ الرُعاةُ الَّذينَ يَسيرونَ بقطيعِهم في وسطِ الظُلُمات، وأَضْحَوا خُرْسًا بسببِ الخوفِ أو التَسْوِيات، ولَم يَعُودُوا يُدافِعُونَ عن قطيعِهم ضدَّ الذئابِ المفتَرِسة. لقد جعلَ الفِسقُ (الدَنَسُ) العديدَ من الكهنةِ والْمُكرَّسينَ قاحلين، تغويهم الْمَلَذَّاتُ والتفتيشُ عن وسائل الراحةِ والعيشِ الْهَنيء. لقد ٱنْجَذَبَ المؤمنون إلى فِخاخِ هذا العالَمِ الَّذي أضحى وَثَنيًّا، وبواسطةِ الشِيَعِ العديدةِ الَّتي تَنتَشِرُ بشكلٍ مُتزايِدٍ. لقد دَقَّتْ ساعةُ الامتحانِ الكبيرِ وبالأخَصِّ بالنسبةِ إلى الكنيسة، لأنَّ فُقدانَ الإيمانِ سيَهُزُّها، وهي تُظلِمُ بسبب الجحود، وتُجرَحُ بسبب الخيانات، ويَترُكُها أولادُها، وتُقَسِّمُها البِدَع، وتتملَّكُها وتُسَيطِرُ عليها الماسونيَّةُ، فتُصبِحُ أرضًا خصبةً تَنبُتُ فيها الشجَرةُ الفاسدة، شجرةُ الرَجُلِ الشِرِّير: المسيحِ الدجَّالِ الَّذي سيُقيمُ مُلْكَهُ في داخلِ الكنيسة… وفي فَجْرِ هذه السنةِ الجديدة (1993)، يُصبِحُ التهديدُ بِحَرْبٍ ثالثةٍ أكبرَ قُوَّةً وٱنشغالاً… وإذا كان زمنُ الامتحانِ الكبيرِ قد وصل، فقد حانَ أيضًا الوقتُ الَّذي فيه عليكم أن تُسرِعوا جميعُكم إلى الْمَلْجَأ الأمين لقلبي البريءِ من الدَنَس. لا تَفْقِدُوا الشَجاعةَ، كونوا أَقْوِياءَ في الثِقَةِ والرجاء. لقد أَنْبَأْتُكم بالأزمنةِ… لكي أُساعدَكم وأُدافعَ عنكم، وأَحميَكُم وأُعزِّيَكم ولأُهَيِّئَ لكم أيَّامًا جديدةً من السكينة والسلام. وفي النهاية، وبعدَ زمنِ الامتحانِ الكبير، ينتظرُكم زمنُ السلامِ الشامل، وزمنُ القداسة الكبير، وزمنُ الانتصارِ الأكبَرِ للهِ فيما بينكم…”[7].
أخيرًا، يجبُ أن نشهَدَ بإخلاصٍ، أنَّ خلاصَ العالَمِ ظهَرَ بالمسيحِ في مَجيئِهِ الأوَّل، وسيكونُ هذا الخلاصُ مُثْبَتًا أيضًا بالمسيحِ في مَجيئِه الثاني. لذلك، فٱنتصارُ المسيحِ حَتْمِيٌّ ولا يكونُ إلاَّ بٱنتصارِ قلبِ أُمِّه مريَمَ البتولِ الَّتي وَلَّدَتِ الْمَجِيءَ الأوَّلَ الَّذي ٱنتَصَرَ فيهِ المسيحُ بِمَوْتِهِ على الصليبِ الْمُقدَّس، وسيتِمُّ ويكتَمِلُ أيضًا بٱنتصارِ قلبِها الطاهِرِ الَّذي سيُوَلِّدُ المجيءَ الثاني للمسيحِ الْمَلِكِ الَّذي سينتَصِرُ ويَملِكُ بٱنتصارِ صليبِ كنيستِهِ المقدَّسة. وتأكيدًا على هذا الانتصار، يقولُ القدِّيسُ لويس ماري غرينيون دو مونفور: ” إنَّ خلاصَ العالَمِ ٱبتَدَأَ بِمَريَمَ، وبِمَريَمَ يَجِبُ أن يستَمِرَّ حتَّى النهاية“[8].
([1] القدِّيس أثناسيوس الإسكندريُّ، الشَيطان يَعمَل في الخفاء. المطران بطرس الجميِّل، صلاة المؤمن، الجزء 2، 2006، ص227-228.
([2] تعني عبارةُ “هذا الجيل”، زمَنَ المجيءِ الأوَّلِ أو الزَمَنَ الَّذي يَتراوَحُ بين صعودِ الرَبِّ يسوعَ المسيحِ إلى السَماء بعد قيامتِهِ المجيدةِ ولحظةِ بدايةِ المجيءِ الثاني بٱنتهاءِ آخِرِ مرحلةٍ من مراحل نِهايةِ الأزمنةِ الأخيرةِ أي المحنةِ الكبرى.
([3] كتَبَ لويس دو بوديكور، الأمينُ العامُّ لجمعيَّةِ القدِّيسِ بولسَ بتاريخِ 01 آب 1882، في مُقدِّمةِ كتابٍ وَضَعَتْهُ الكاتِبةُ الفرنسيَّةُ الكاثوليكيَّة الـﭭـيكونتيس داﭬـيو دوﭘـيولان (La Vicomtesse d’Aviau de Piolant) بعنوان “في بلد الموارنة”، ” لقد فقدَت فرنسا، سنةَ 1870، مكانَتَها العسكريَّة، وبالتَالي مركزَها المُتَفَوِّقَ في الشَرق، حيثُ كانت لها، في لبنان، عند مدخَلِ الأراضي المُقدَّسة، طلائع باسلة من الأمَّةِ المارونيَّةِ الَّتي لَم تَنقضْ يومًا وفاءَها للكرسيِّ الرَسوليِّ. إلاَّ أنَّ هذه القلعةَ الدَائمةَ الحيويَّة، وقد تَخَلَّت عنها حكومةُ الجمهوريَّةِ الفرنسيَّة، أصبَحَت عُرضةً لحِصارٍ تضربُهُ عليها جميعُ المِلَلِ البروتستانتيَّةِ والمُلحِدَةِ فتَخنقُ الإيمانَ” (ص15). وورَدَ في الحاشيةِ الأولى للمُقدِّمة، أنَّ فرنسا فقَدَت مكانَتَها بسببِ الحروبِ، وبالأخصِّ في زمنِ الجمهوريَّةِ الثالثةِ بعد سقوطِ نابوليون الثالث. وكُتِبَ: “وقد ٱتَّسَمَ الحكمُ الجمهوريُّ الفرنسيُّ الجديدُ بالرُوحِ العلمانيَّةِ المُناهضَةِ للنِظامِ الكاثوليكيِّ التَقليديّ، فسنَّ القوانينَ الليبراليَّةَ في شتَّى ميادينِ الحياة، ولا سيَّما في التَربيةِ والتَعليم” (ص19). وٱنتَهَتِ الحربُ على الجامعاتِ والمدارسِ الكاثوليكيَّةِ بنفي مُعلِّمي الرَهبنةِ اليسوعيَّةِ وسائرِ الرَهبناتِ وإقفالِ مدارسِهم.
لذلك، مَهَّدَ مُتَرجِمُ هذا الكتاب ومُحقِّقُهُ، كميل أفرام البستانيّ، بقولِه: ” في خِضَمِّ الصِراعِ الدِينيِّ، العقائديِّ، السِياسيِّ، الَّذي ٱنتابَ فرنسا عند قيامِ الجمهوريَّةِ الثَالثة، وبعد فوزِ الجمهوريِّينَ وتسلُّطِهِم، ثمَّ ٱنقسامِهِم أحزابًا مُتطاحنة، من “المُفَكِّرينَ الأحرار” إلى الماسونيِّين، إلى سائرِ الفِئاتِ المنعوتَةِ باليسار، وٱتِّحادِهِم هدفًا واحدًا، علَنًا وسِرًّا، في مُحارَبَةِ الدِينِ الكاثوليكيِّ… وبالتالي فصلِ الدَولةِ عن الدِينِ وفرضِ التربيةِ العلمانيَّة، مِمَّا أدَّى إلى إقفالِ المدارسِ المسيحيَّةِ فطَرْدِ المنظَّماتِ الدِينيَّةِ التربويَّةِ من فرنسا، في هذه الأجواءِ المُكفَهِرَّةِ، رأت الـﭭـيكونتيس داﭬـيو دوﭘـيولان أن ترجِعَ إلى الأصول، فتروي من ينابيعِها غليلَ ظَمَئِها إلى الْمَعينِ المُقدَّس، فتعود، في نشاطٍ جديدٍ، إلى الدِفاعِ عن الإيمان، وإلى مُقاومةِ تلكَ التَيَّاراتِ الجارِفَةِ الَّتي قلَبَت روحَ السُلطةِ الفرنسيَّةِ رأسًا على عقب، وبدَّلَت سياسَتِها الشَرقيَّةِ التَقليديَّةِ تبديلاً جذريًّا” (ص9).
المَرجِع بالكامل: الـﭭـيكونتيس داﭬـيو دوﭘـيولان، في بلد الموارنة، ترجمه عن الفرنسيَّة كميل أفرام البستانيّ، منشورات دار لحد خاطر، بيروت، لبنان، 1987
المَرجِع الفرنسيّ: La Vicomtesse d’Aviau de Piolant, Au Pays des Maronites, Librairie H. Oudin, Paris, 1882
[4] إشارةٌ هنا إلى النَتَائجِ السلبيَّةِ للثورةِ الفرنسيَّةِ الَّتي تَمثَّلَت بإطلاقِ العنانِ للجسد، ورفضِ الأديانِ واللهِ، والارتدادِ عن الإيمانِ المسيحيِّ مع ٱنطلاقِ الإديولوجيَّات والفلسفاتِ العصريَّةِ المادِّيَّةِ والكُليانيَّةِ الحاقدةِ الَّتي تجعلُ الإنسانَ مِحْوَرَ الكونِ ومِحْوَرَ ذاتِه، ثُمَّ ديمقراطيَّةِ الظُلمِ والرأسماليَّةِ الْجَشِعةِ والشُيوعيَّة الجاحِدة والإلْحاد. [5] “هو (الوحش) يَجعَلُ الجميع، الصِغارَ والكبارَ، والأغنياءَ والفُقراءَ، والأحرارَ والعبيد، يَضعونَ سِمَةً على يَدِهِمِ اليُمنى أو على جَبهَتِهِم، بحيثُ لا يَستَطيعُ أحدٌ أن يَشتَريَ أو يبيعَ إلاَّ مَن كانت عليه السِمَة، أي ٱسمُ الوحشِ أو عدَدُ ٱسْمِهِ. هنا الحِكمَةُ: مَن لَهُ الفَهْمَ فَلْيَحْسُبْ عدَدَ الوَحشِ، فإنَّهُ عدَدُ إنسان، وعدَدُهُ سِتُّ مِئَةٍ وسِتَّةٌ وسِتُّون” (رؤ13: 16-18). سِمَةُ الوَحشِ هذه ستُعطى، إلزاميًّا، لكلِّ أميركيٍّ ٱبتداءً من يومِ السبتِ الواقِعِ في 23 آذار سنة 2013. المَراجِع مُتوافِرة بكثرةٍ على المَواقِعِ الإلكترونيَّة وفي مُعظَمِ صُحُفِ الغرب. وتُدعى هذه السِمَةُ باللغَّةِ الإنكليزيَّةِ: Microchip, Radio Frequency Identification Device، وباللغَّةِ الفرنسيَّةِ: La Puce Eléctronique. [6] راجِع المُلحَق 1 في القسم الثالث من الكتاب، رسالةُ العذراءِ للأبِ ستيفانو دون غوبي رقم 485. [7] الحركة الكهنوتيَّة المريَميَّة، إلى الكهنة أبناء العذراء الأحبَّاء، الطَبعة العربيَّة الثالثة، 2002، رسالة رقم 486، 01/01/1993. [8] القدِّيس لويس ماري غرينيون دو مونفور، الإكرام الحقيقيُّ للعذراء الفائقة القداسة، جماعة أمجاد مريَم، 2010، # 49.***
الوكيلُ الأمينُ والوكيلُ الخائن (الجزء 1)
نهاية الأزمنة.. وتحدّيات “الوكيل الأمين”.. “لا تُطفئوا الروح. لا تحتقروا النبوءات وٱمتحِنُوا كلَّ شيءٍ”.. (الأب غسان رعيدي)
“أيّها المُراؤون، تعرفون أن تُميّزوا وجه الأرض والسماء أمَّا هذا الزمانُ فكيف لا تميّزونه؟” (الجزء 2)
يُوبِّخُ عَ كيفيَّة قراءةِ علاماتِ الطقس في الطبيعة وعدمِ قراءةِ علاماتِ مجيئِهِ الثاني (الأب غسان رعيدي)
“طُوبى للَّذي يَقرَأُ كَلِماتِ هذه النُبوءَة،
ولِلَّذينَ يَسمعونَها ويَحفظونَ ما هو مَكتوبٌ فيها،
لأنَّ الوقتَ قَريبٌ!” (رؤ1: 3)
“ها هو يأتي على السُحُب،
وسَتَراهُ كلُّ عَين،
وأيضًا الَّذينَ طَعَنوه،
فتَنتَحِبُ عليه قبائلُ الأرضِ كلُّها.
أجل! آمين.
أنا هو الأَلِفُ والياء،
يقولُ الرَبُّ الإله،
الكائن، والَّذي كان، والآتي،
الضابطُ الكُلَّ” (رؤ1: 7 – 8)