أخبار عاجلة

عَ مدار الساعة


العهد العوني ليس فقط رئاسة!

مقدمة اخبار OTV/السبت 31 تشرين الاول 2020***

نجاح العهود الرئاسية من فشلها غالبا ما يقاس حول العالم بمحصلة السنوات التي يمضيها رئيس الدولة في منصبه، ليكون الرأي العام هو الحكم.
ولكن في لبنان، نجاح العهد، اي عهد، لا يرتبط بشخص الرئيس، بقدر ما يرتبط بأداء المؤسسات السياسية كافة خلال ست سنوات، لأن النظام هنا ليس رئاسيا، ورئيس الجمهورية الذي ينبغي دائما ان يكون قويا بتمثيله الشعبي، لا يتمتع دستوريا بصلاحيات مطلقة تخوله القدرة على الحل والربط، بل صلاحياته مقيدة بحدود النصوص والطوائف والمذاهب.
اما عهد الرئيس العماد ميشال عون، فمختلف، ذلك ان اصدار الحكم له او عليه لا يرتبط حصرا بسنوات اربع او ست، بل بمسيرة حياة، بدأت بالمؤسسة العسكرية، وبلغت رئاسة الحكومة، ثم المنفى، فالعودة وترؤس احدى اكبر الكتل البرلمانية في تاريخ لبنان، انبثقت عن اكبر تيار شعبي، محوره هو شخصه ومجموعة من المبادئ، لا الخدمات الشخصية ولا الدين ولا المال ولا الولاء الخارجي… ووصولا الى رئاسة الجمهورية، واستكمالا بإرث وطني وسياسي ستتوارثه الاجيال.
فبين سنة 1955، تاريخ دخوله المدرسة الحربية، وحتى عام 1990 حين اطاح بحكومته تحالف محلي واقليمي ودولي قل نظيره، كان عهده في الجيش عهد ضابط مقدام شجاع بطل، لم يتردد في اتخاذ موقف مبدئي، ولم يتهرب من معركة دفاعا عن لبنان، فلم توفره محاولات اغتيال ثلاث.
وبين عامي 1988 و1990، حين تولى رئاسة الحكومة بعدما القيت كرة النار بين يديه، كان عهده عهد اعادة تسليط الضوء على القضية اللبنانية بعد طول نسيان، وعهد تثبيت الحق بالحرية والسيادة والاستقلال… واذا كانوا في النهاية سحقوه عسكريا، فهم في كل الاوقات، لم يأخذوا التوقيع.
بين عامي 1990 و2005، كان عهده في المنفى عهد مقاومة سياسية، فولد التيار الوطني الحر في الداخل وبلدان الانتشار، وصار الاهتمام بقضية لبنان يكبر شيئا فشيئا في عواصم القرار، حتى تكونت ظروف خروج الوصاية بعد التحرير، لتأتي العودة عنوانا لعهد جديد على مساحة الوطن.
اما بين عامي 2005 و2016، فكان عهده عهد نضال برلماني في سبيل تطبيق الميثاق من جهة، والاصلاح من جهة اخرى.
تحت عنوان الميثاق، اعاد تثبيت الشراكة. وتحت عنوان الاصلاح، معاركه لا تعد او تحصى، من الابراء المستحيل الى اقتراحات القوانين، مرورا بالصوت المرتفع، والنبرة العالية متى لزم الامر.
اما عام 2016، فالانتخاب الرئاسي لم يكن نتيجة تركيبات وتسويات، بقدر ما كان اقرارا بحق سياسي طبيعي، لصاحب اوسع تمثيل شعبي في تاريخ لبنان، وبالارقام. حق ربحوا معركة اسقاطه عام 2007، لكنهم خسروا حرب انهائه سنة 2016، ليبدأوا حربا من نوع آخر: حرب تحويل عهد ميشال عون في الرئاسة، نهاية لعهده في الوطن. سخروا في سبيل ذلك كل الادوات، السياسية والامنية، ثم الاقتصاد والمال، مرورا بقلة الاخلاق.
ولكن، عام 1990 كان وحده، وكانت معهم دبابات وطائرات.
اما اليوم، فليس وحده، وليست لديهم لا دبابات ولا طائرات.
قبل ثلاثين سنة ارادوها نهاية، فكانت بداية.
اما اليوم، فالنهاية التي يريدون، ستكون بداية مرحلة تجدد، لعهد في الرئاسة لا تحكموا عليه قبل انتهائه، ولعهد في الوطن، عمره مسيرة حياة بقتال ثم نضال في سبيل وطن.