عَ مدار الساعة


لن تنجح الحريرية السياسية في الاستقواء بالمبادرة الفرنسية لتحقيق مكاسب سياسية


كما فشل الحريري الأب بكسر إميل لحود سيفشل الحريري الابن بكسر ميشال عون ( نسيم بو سمرا )

***

على الرغم من الصورة القاتمة التي نشهدها اليوم في لبنان على المستويات كافة، الصحية والاقتصادية والاجتماعية والسياسية، يبقى الأمل موجود بغد أفضل وبخاصة ان النظام المسؤول عن مآسينا هو دستورنا المنبثق عن اتفاق الطائف المشؤوم، والذي بدأ يتداعى منذ وصول الرئيس العماد ميشال عون الى سدة الرئاسة، واستخدامه صلاحياته وفق الدستور ولكن بعناد معهود لديه طوال تاريخه العسكري كما السياسي، وقوة مستمدة من التأييد الشعبي الذي يتمتع به الرئيس عون، وسيسقط هذا النظام من دون أن نأسف على شبابه، وما محاولات رؤساء الحكومات السابقين اليوم لاعادة عقارب الجمهورية الى الوراء، من خلال تكبيل الرئيس وتحويله الى باش كاتب كمعظم رؤساء الجمهورية في زمن رفيق الحريري باستثناء العماد اميل لحود طبعا، إلا تعبيرا عن اليأس الذي وصل اليه هؤلاء، ولكن لا مجال للتذكير أن الرئيس عون بات فوق الحصار، لا بل هو الذي يحاصر الآخرين بشعبه العظيم، الذي يشكل رأس ماله الوحيد، ولا يمكن لأحد في لبنان أو خارجه من محاصرته.

أما الذي يحصل اليوم في اطار تشكيل مصطفى أديب للحكومة اطلاقا للمبادرة الفرنسية التي لا يمكن ان تسلك طريقها الانقاذي للبنان من دون الخطوة الاساسية بتشكيل حكومة، فيثبت أن لا يمكن لهذا النظام الهجين ان يستمر من دون خضات كبرى، تحصل عند كل مفصل أساسي، وبخاصة ان معادلة اعادة التوازن الى السلطة من خلال استعادة المسيحيين لدورهم السياسي، ورفض الحريرية السياسية لاستعادة هذا الدور، يعرقل مسار الحكم وبخاصة إذا كان الرئيس قويا، لا يقبل المساومات على حساب اللبنانيين، كما هو الرئيس عون اليوم، ولذلك لم تبصر الحكومة النور بعد، وتشير معلومات الى ان عندما زار الرئيس المكلف مصطفى أديب، قصر بعبدا، لعرض تشكيلته الوزارية على رئيس الجمهورية في بداية الأسبوع، للتوقيع عليها، ثم إعلان ولادتها، استخدم الرئيس عون صلاحياته الدستورية، واستمهل قبل أن يوقع، لإجراء المشاورات اللازمة، للتحقق من إمكان حصول الحكومة العتيدة على ثقة مجلس النواب، إذا نحن في نظام برلماني بالنهاية، في حين ان بات جلياً ان التسكيلة لم تكتب بحبر أديب، بل بقلم رؤساء الحكومات السابقين الذين يحاولون التحكم بمفاصل السلطة، مستغلين المبادرة الفرنسية ومسخرين إياها كما اعتادوا، لاستعادة دور مفقود، خسروه مع وصول العماد عون الى قصر بعبدا.

في حين ان انقلاب أديب على معظم من سموه، واضح، من خلال حصر تنسيقه مع فريق الحريري في بيت الوسط، وعدم تواصله مع الافرقاء الآخرين ومن ضمنهم الرئيس عون، للوقوف عند رأيه بالتشكيلة الحكومية إلا مؤخرا، بسب اصطدامه بعوائق سياسية عدة، أجبرته على اعادة تفعيل خط التنسيق مع رئيس الجمهورية، وما رفض أديب إسناد حقيبة المال للشيعة، بغض النظر عن صحة إسناد الطائف لهذه الحقيبة للشيعة، قبل ان يستولي عليها رئيس الحكومة الراحل رفيق الحريري، “بقبة باط” من الرئيس نبيه بري، كما تشير المعلومات، سوى نتيجة المسار الخاطئ الذي سلكه أديب منذ تكليفه تشكيل الحكومة، والمطبات التي وضع نفسه بمواجهتها نتيجة عدم استلامه لزمام المبادرة كما كان يفترض به ان يفعل.

غير ان الحصيلة اليوم، تمديد للمهلة الفرنسية المعطاة لتأليف الحكومة الجديدة، افساحاً في المجال أمام  المزيد من المشاورات لولادة حكومة تحصل على ثقة البرلمان، تلافياً لسقوط مبادرة ماكرون، التي صحيح انها فقدت زخمها، ولكنها ما زالت الوحيدة المعول عليها لاخراج لبنان من ازماته، ولكن لنجاحها على فرنسا كف يد السنيورة وفريقه عن تسخيرها لتحقيق مكاسب سياسية ضيقة، وبخاصة ان التيار الوطني الحر سيبقى من المسهلين لولادة الحكومة ولن يكون حجر عثرة أمام إنجاح المبادرة الفرنسية لكن بشرط عدم كسر اي فريق جراءها وبخاصة إذا كان المراد كسره اليوم هو الثنائي الشيعي، فتاريخ الحريرية السياسية قام اساسا على الاستقوء بالخارج لفرض معادلات مرفوضة من اللبنانيين، فبعد وصول رفيق الحريري على حصان أبيض سعودي بقبول سوري وفرضه على اللبنانيين، استغل الحريري الرئيس الفرنسي الراحل جاك شيراك لكسر الرئيس العماد اميل لحود، ففشل، واليوم ايضا سيفشل الحريري الابن بفرض أجندته على اللبنانيين، أولا بوجود ميشال عون في بعبدا، الذي يعالج كل الملفات الصعبة والمتفجرة بحكمة وروية، وثانيا نظراً للصداقة التي تربط الرئيس عون بالرئيس ماكرون، فالاخير يؤمن بالمشروع الاصلاحي الذي ينفذه الرئيس عون ويثق بحتمية انتصاره في الحرب التي يشنها على الفساد وهو سيساعده لتحقيق هذا الانتصار على مافيا الفساد؛ ولذلك سيفشل رؤساء الحكومات السابقون بإثارة الانقسامات وإيقاع الفتنة بين اللبنانيين.