إنّ البشر مُلكي؛ فلماذا يسلُبني إيّاهم الشيطان ؟
باب رحمتي غير مغلَق؛ باب عدلي مغلَق بمفتاح ولا أفتحه إلاّ للذي يضطرّني إلى فتحه؛ من ذات نفسي لا أفتحُه
🌷✝🌷
هكذا عرّف الرب يسوع الطوباوية “بينينيا كونسولاتا Beninia Consolata عن رحمة قلبه القدوس. التي كان يخاطبها بإيحاءاتٍ داخليّة…
– ♰ –
من كتابات خادمة الله “بنينيا كونسولاتا” ومخاطبات الرّب يسوع لها عن قلبه الكليّ المحبّة والرحمة …
“لو تعلمين كم يشقُّ على الذي لا حدّ لمحبته أن لا يكون محبوبًا ! فإنّي لا أَمَلُّ : فأطلبُ دائمًا المحبّة، ولا أحد يعطيني. إنّي دائمًا في طلب قلوبٍ تحبّني، فيتركوني ليطلبوا السعادة حيث لا سعادة. ينتصر الأشرار وتبقى لي نفوسٌ قليلة أمينة. فيا عروسي هل يمكنهم أن يكونوا سعداء بمخالفتهم شريعةً مقدّسةً وجيّدة وسهلة كشريعتي؟
إنّهم قد تركوا قلبي، لكنّه لا يتركهم. إنّ حبّي مجهول جدًّا، حتى أنّ البشر لو خُيِّروا فضّلوا عليّ الشيء الأكثر مادّةً !
أن أرى هؤلاء البشر يئنّون ويتعبون ويُضنون أنفسهم، وأن أعلم أنّ عندي كلّ ما يحتاجون إليه، وأن أرغب رغبةً شديدة في أن أمنحهم إيّاه (وهو لا شك السعادة)، وأن أراهم يرفضونه ويحتقرونه، فذلك ألمٌ يطعن قلبي.
آه ! هل كان يجب أن أحبّ البشر كما أحبّهم، وأن أموت لأجلهم كما قد متُّ ! إنّ البشر مُلكي؛ فلماذا يسلُبني إيّاهم الشيطان ؟ آه ! يا عروسي، لو تعلمين كم هي عظيمةٌ رغبتي في حبّ البشر : فمذ أرى قلبًا يفتح لي الباب أُسرع إليه مع كلّ نِعَمي. إنّي أدعو كلّ البشر إلى قلبي، ولا أحد يلبّيني. إنّ قلبي ما عاد يقدر أن يحفظ كنوز النِّعَم التي فيه؛ فإنّي محتاج أن أنثُرها على خلائقي.
أترَين يا حبيبتي، إنّي أُضحّي بذاتي على الهيكل مِرارًا لا تُحصى كلّ يوم، وخلائقي غيرُ مباليةٍ إلى حدّ أنّها لو رأت حيونًا يتألّم رَثَت له أكثر. فمشهد ذلك الكُفران الفظيع كان أليمًا جدًّا لقلبي على الجلجلة. آه يا عروس، أي عذاب الشهداء يعذّبون عريسك ! ولو استطاعوا لأماتوني ! لكنّي أنا يا حبيبة، أحبّهم، أحبّ هؤلاء الخطأة المساكين.
“نادرةٌ النفوس المدعوّة إلى التوغّل في محبّة قلبي غير المتناهية، وأنتِ من عداد هؤلاء اللواتي ينُحنَ كالحمام. لقد أعطيتُكِ قلبًا حسّاسًا وحسّاسًا جدًّا لكي تعرفي أن تَرثي لأوجاع نفسي وتُعزّيني. فابكي على غموم قلبي، إبكي على هذا القلب المعروف قليلاً والمحبوب أقلّ”.
فبكَت حينئذٍ أشدّ بكاء وانتحَبَت. فعاد السيّد يعزّيها قائلاً:
“لي نفوسٌ طيّبةٌ حتى في العالم، أجِدُ فيها نعيمي؛ هي كواحاتٍ أستريح فيها في وسط الصحراء.
يا تعزية قلبي، إنّ عريسك دائمًا معكِ: معك في العمل، في الصلاة، عندما تكتُبين، حينما تنامين؛ فإنّي أريد لكِ خيرًا كثيرًا حتى إنّي ما عدتُ أتركُكِ دقيقةً. إبكي أيضًا يا كنسولاتا، فإنّ دموعكِ كبلسم لقلبي.
إفتكري في عدد الناس العائشين في العالم؛ إفتكري في أنّي كفّرتُ وتألّمتُ من أجل الجميع، وفي أنّي أرى هذه النِّعمة العظيمة، نعمة فِدائي للعالم مُهمَلةً ! وذلك كما لو كانوا يَضحكون منكِ يا بنينيا، لكونكِ تتألّمين لأجل غيركِ، وكما لو كانوا يلومونكِ على تألّمكِ هذا”
لنصلّي: مسبحة قلب يسوع (تتلى باستخدام المسبحة العادية)
- على الحبّات الكبيرة :
أيها الآب الأزلي، إني أقدّم لك دم سيّدنا يسوع المسيح الثمين للغاية، وفاءً عن خطايانا ولأجل احتياجات الكنيسة المقدسة .
- على الحبّات الصغيرة :
يا يسوع الوديع والمتواضع القلب، إجعل قلبنا مثل قلبك .
- في خاتمة العشر حبّات :
يا قلب مريم الحلو ، كن خلاصي .
* ♰ *
“أنا إله كلّ رحمة؛ ولا أرغب في شيء أكثر من استعمال الرحمة دائمًا. وإذا استعلمتُ العدل خالفتُ مجراي ووجب أن أغصِبَ ذاتي..
إنّ باب رحمتي غير مغلَق بمفتاح؛ بل إنّما هو مردودٌ فقط؛ إذا حرّكه أحدٌ قليلاً انفتح للحال؛ حتى إنّ الولد الصغير أو الشيخ الكبير الذي لم يبقَ له قوةٌ يستطيع فتحه. أمّا باب عدلي فمغلَق بمفتاح، ولا أفتحه إلاّ للذي يضطرّني إلى فتحه؛ أمّا من ذات نفسي فلا أفتحُه أبدًا.”
“بنينيا، أكتُبي هذا:
- إنّ الشيء المهمّ الذي أرغب في أن أجعله معروفًا، إنّما هو أني كلي محبّة. وإنّ أعظم غمّ يغمّني به البشر إنّما هو شكّهم في جودتي.
- إنّي أحبّ جدًّا الخطأة المساكين؛ وأريد أن يعرفوا كم أحبّهم. فقد تركتُ يدَيّ تُسَمّران على الصليب لكي لا أعود أقدر على نحوٍ ما، أن أعاقبهم. وكان رأسي يتألّم جدًّا من إكليل الشوك ومن الدم الذي كان يدخل في عينيّ حتى كنتُ لا أستطيع فتحهما تقريبًا، لكنّي مع هذا كنتُ أفتحهما وقتًا بعد آخر لكي أنظر إلى جلاّديّ بكثير من الحنوّ“.
واسمعوا ما يقوله لكاتمة أسرار قلبه في 17 شباط 1916:
“إجعلي ذهنكِ يعكُف على هذا، ورّدّديه للنفوس لكي تتذكّره في حال التعزية وخصوصًا في حال اليَبوسة، وهو: لي يسوع الذي لي طعامٌ وشرابٌ وراحةٌ وحياةٌ وقوّة؛ الذي هو لي أبٌ وأخٌ وصديقٌ وعريس وأمّ وطبيب ودواء ومصلحٌ ومخلّص”. ثم سألها: بنينيا، من أنا؟
– أنتَ يسوع
– بنينيا، من أنا؟
– أنتَ المخلّص
– بنينيا، من أنا؟
– يا يسوعي، أنتَ إلهُ كلّ رحمة”
أخيرًا صرّح لها قائلاً: “أنا حملُ الله الماحي خطايا العالم؛ الذي ينزعًها، يا بنينيتي؛ وليس الذي يستُرها أو يضعها ناحية بحيث يجدها أيضًا أبي الأزليّ ويعاقبها؛ كلا، كلا، إني أبيدها وأمحوها. فيا بنينيتي، أكتبي أكثر ما تستطيعين وعرّفي رحمتي”.
وكان قد قال لها في 3 تشرين الأول سنة 1915: “قد قلتُ لكِ إنّ لكِ رسالةً عليكِ إنجازها. فإنّ الطوباويّة مرغريتا مريم كان لها رسالة تعريف قلبي. وأنتِ رسالتكِ أن تعرّفي رحمة قلبي، وكنوز جودته غير المتناهية؛ وهذه يجب أن تُنجزيها بكتابتك أكثر ما تستطيعين”.
ثم أعلمها بالمكافأة العظيمة التي ينالها في السماء كلّ من يسعى في تعريف جودة قلبه الأقدس، قال: “يا بنينيتي، إنّي أصنع لي في الفردوس إكليلاً مرصّعًا بالجواهر، مؤلّفًا من النفوس التي سعت في تعريف جودة قلبي؛ فستكون كألماساتٍ لتاجي، وأنتِ يا بنينيا، ستكونين واحدةً مِنهنّ”.
(كتاب: الأخت بنينيا كونسولاتا فريرو، سلسلة الشهود 13)
المصدر: قلب مريم المتألم الطاهر