الهام هاشمي – اندلعت أعمال الشغب والنهب الأخيرة في الولايات المتحدة الأمريكية بسبب القتل الوحشي للمواطن الأمريكي جورج فلويد. العالم بأكمله يعرف قصة فلويد الحزينة ولا داعي لذكرها هنا. لكن هذه القصة ليست سوى غيض من فيض. للذين يعتقدون بأن مقتل فلويد هو السبب الحقيقي وراء امتلاء شوارع الولايات والمناطق الأمريكية المختلفة بالمحتجين والمتظاهرين، فهم مخطئون. هذه الاحتجاجات نتاج لتراكمات سنوات طويلة.
إذا كنت تعرف الولايات المتحدة جيدًا، بت تعرف الآن أنه لا وجود لرعاية صحية شاملة في البلاد. الأجور غير كافية لتوفير ضروريات الحياة العادية. هناك ظاهرة ارتفاع نسبة السجناء وتاريخ طويل من وحشية الشرطة. أضف على ذلك غياب الفرص والتعويضات.
أما الساسة العنصريون فمتواجدون في كل مكان ونظام العدالة في البلاد عنصري والناس غير قادرة على الحصول على التعليم بتكلفة معقولة.
مع انتشار فيروس كوفيد-19 (COVID-19) وانزلاق البلاد نحو الفوضى، يبدو أن جريمة قتل فلويد كانت القشة التي قصمت ظهر البعير.
بفضل شبكات التواصل الاجتماعي والاعلام البديل، لم يعد أي شيء مخفي. تتدفق المعلومات في ثوان معدودة من خلال تقنية الألياف البصرية وتصل إلى الملايين في جميع أنحاء العالم.
الناشط والمحلل من مدينة ميشيغان سام ج أكد لموقع “العهد” الاخباري أن “المعلومات لم تعد قابلة للاحتكار. أصبح الناس في جميع أنحاء العالم مدمنين على الأخبار ويساهمون في تعدد الأصوات الإعلامية بالإضافة إلى تقديم معلومات عن تجارب مباشرة وما يحدث في كل بلد”.
وقال سام “كشفت جائحة كورونا، ربما علينا شكرها في وقت ما، عن نفسية كل دولة. بمعنى آخر نوايا الدول التي اعطت أهمية أكبر للاقتصاد كما هو الحال في الولايات المتحدة ودول أخرى مثل إيران التي نفذت سياسة مكافحة فيروس كورونا وأولت أهمية كبرى لصحة الشعب على الرغم من العقوبات المالية التي تفرضها الولايات المتحدة حيث يعاني شعبها من السياسات الفردية لحكومتهم. الفرق واضح – الاقتصاد مقابل الصحة، والمال مقابل الحياة. وهذه دولة بالرغم من انها تعاني أكثر من غيرها، لكنها نموذج“.
وأشار الناشط إلى “الكثير من الأزمات الداخلية في الولايات المتحدة، وهي بحاجة إلى التغلب عليها. وامتدت الأزمة السياسية لتصل إلى الرئيس الأمريكي دونالد ترامب. ومسؤوليه لم يعد بإمكانهم دعم تصريحاته وقراراته السيئة”.
“نحن نتحدث عن حكومة تعامل شعبها بعنصرية. إنها دولة غارقة في المشاكل والقضايا المعقدة وحكومتها تعيش نوعًا ما في حالة إنكار. وتعاني الولايات المتحدة من أزمة اقتصادية حيث أعلنت شركات النفط غير التقليدية إفلاسها واضطرت الدولة إلى دعمها بينما الناس يموتون لعدم تمكنهم من الوصول إلى الرعاية الصحية لان النظام الصحي خاص ويميز بين المرضى”.
ووفقًا لسام هذا “يؤدي إلى أزمة اجتماعية غير مسبوقة ويثبت مرة أخرى أن إدارة ترامب ليس لديها نية لتحسين بلادها”.
وبحسب سام، هذه ليست سوى بداية التغيير في الولايات المتحدة والعالم والنظام العالمي. يعتقد الناشط بأن الناس لن تتراجع أو تتوقف عن الاحتجاج حتى يتم اعتقال جميع الضباط المتورطين في قتل فلويد وحتى يروا، على الأقل، تحرك على مستوى حماية حقوق الأمريكيين من أصل أفريقي.
في أجزاء كثيرة من العالم، أدى موت رجل أسود آخر على أيدي الشرطة في الولايات المتحدة إلى اندلاع احتجاجات جماعية ضد وحشية الشرطة. بالنسبة للعديد من النشطاء والمنظمين، كانت وفاة فلويد تحت ركبة ضابط شرطة في مينيابوليس بمثابة تذكرة واضحة بالانقسام العنصري في شيكاغو وتاريخ وحشية الشرطة ضد الأمريكيين الأفارقة.
وأظهرت البيانات التي جمعتها Mapping Police Violence، وهي جماعة بحث ودعوة، ان الشرطة في الولايات المتحدة قتلت 7666 شخصًا بين عامي 2013 و2019. وقالت المجموعة أنه في عام 2019، قُتل أكثر من 1000 شخص على أيدي الشرطة.
ودعت عدة ولايات الحرس الوطني للمساعدة في قمع الاحتجاجات، الذي تحول بعضها إلى أعمال شغب. كما فرضت المدن في جميع أنحاء البلاد حظر التجول والذي لم يردع المتظاهرين.
لقد فشلت الولايات المتحدة حتى في ضمان حق المواطنين في الاحتجاج، وهو أبسط شكل من أشكال حرية التعبير وحقوق الإنسان في ما يسمى بأرض الديمقراطيات والحريات. وبحسب منظمة العفو الدولية، فإن أساليب الشرطة المستخدمة حتى الآن يمكن أن تؤدي إلى تصاعد العنف.
وقال البيان “إن تجهيز الضباط بطريقة أكثر ملاءمة لساحة المعركة قد يضعهم في عقلية أن المواجهة والنزاع أمر لا مفر منه”، مضيفا “يجب على الشرطة نزع الطابع العسكري عن نهجها والانخراط في حوار مع منظمي الاحتجاج”.
المصدر: العهد