- أحسست أن الصلبان باتت كبيرة، وأن بيني وبين الله مسافة تبتعد
***
كثيرة هي الاسئلة التي جالت في فكري في هذه المرحلة ومعظمها بأبعاد روحية ودينية ووجودية… وكثيرة هي مشاعر الهبوط المعنوي التي مررت بها…
أحسست أن الصلبان باتت كبيرة، وأن بيني وبين الله مسافة تبتعد.
أحسست أن المعارك التي نخوضها باتت صعبة وأقوى من قدرتنا على الاحتمال.
أحسست أن طلباتنا غير مستجابة وان الرسائل ما عدت أفهمها.
أحسست أننا نقاتل لوحدنا وأنني عاجزة عن شكر الله كما كنت أفعل دائماً.
أحسست بالإحباط وبتشوّش فكري مزعج.
أحسست بانسداد في الافق وبانعدام في الرؤية.
وقعت تحت ثقل الافكار المتخبطة والصور غير الواضحة، إلى أن أتى الحلم في تلك الليلة.
رأيت في منامي انني وسط صحراء واسعة مع أشخاص لم أعد أميّزهم. وفجأة هبّت عاصفة عنيفة، ورأيت شجرة بلوط ضخمة تركع وتصلي لله وأنني حلّقت في الجوّ…
أقسم ان مشهد تلك الشجرة وهي تركع بخشوع أوضح مما يمكن أن نراه في أي يقظة… واستفقت!
كان هذا المنام على قدر كبير من الغرابة ولم أنساه بعد استيقاظي… وشعرت انها رسالة ما. وبقيت طيلة النهار افكر بما رأيت وأتمنى أن اتصل بشخصية دينية علها تفكك شيفرة تلك الرسالة التي انا على يقين أنها من الله.
وأنا غارقة في تفكيري، اتصلت بي الاخت باسمة… منذ فترة طويلة لم نتهاتف.. منذ ما بعد ١٧ تشرين بقليل.
قالت لي إنها فقط تتصل للاطمئنان ولتقول لي انها والراهبات في رياضة روحية وشعَرَت أنني بحاجة إلى صلاة فكرّست لي جزءاً من صلاتها… وأضافت: “لا تخافي… ليس بعد الصلبان إلا القيامة.. لا تدوم ضائقة وكل شيء سيكون على ما يرام.. نحن في أسبوع الآلام فتذكري صليب السيد المسيح كم كان ثقيلاً، وكم كانت بعده القيامة مجيدة…”
وعلى كلمة القيامة وانهمار دموعي أقفلت الخط… ولم أجد إلا شكر الله والسلام الداخلي والشعور بأنني تلقيت واحدة من أجمل وأقدس الرسائل، فأحببت ان أتشارك بها معكم لأن نعمة الله وحضوره لا يجوز أن نخبئهما…
فليتمجد اسم الله وما بعد الصليب إلا القيامة!
إنه ليس ههنا، ونحن كما هو لن نبقى في القبر… فالمسيح قام وتدحرج الحجر وكان النور!