كان أجدى بتلك السيدة المُتظاهرة التي كانت تقطع الطريق في منطقة الذوق، وعيَّرت عنصراً من الجيش اللبناني أنه يتقاضى راتبه منها، أن تتوجَّه الى بيت الوسط على سبيل المثال، وتُخيِّم هناك، وتُعيِّر رئيس حكومة تصريف الأعمال سعد الحريري، أنه يتقاضى راتبه منها ومن سائر اللبنانيين بصفته رئيس حكومة تصريف أعمال وهو لا يعمل، لا بل هو العاطل الأول عن العمل وعن الوطن، لأن الإستخفاف الذي ينتهجه الرئيس الحريري في معالجة الكارثة الحاصلة في البلد لا يُحتمل ولا يُصدَّق، سيما وأن كل ما يحصل في عهد فخامة الرئيس ميشال عون، هو من تداعيات أداء الحكومات الحريرية المُتعاقبة.
وقد سبق للرئيس عون منذ سنوات أن وصَّف أداء الرئيس الحريري بالقول: يقضي وقته بالطائرة أكثر مما يقضيه في لبنان، لكن الحريري في ظلّ الأزمة الحالية، لم يكتفِ عند إجراء مشاورات التكليف باستخدام زهرة المارغريت: “بتجوَّز ..ما بتجوَّز”، بل ظنّ أنه ما زال يمتلِك شارعاً يُقيم الدنيا ولا يُقعِدها، والدلع الذي أظهره قبل العزوف عن قبول التكليف: عين على السراي وعين على بديل يُمثِّله، وإحراق الأسماء كما يحرق سيجاره الكوبي، ثم المغادرة الى باريس لقضاء الأعياد مع العائلة، ضارباً بعرض الحائط الإجتماعات الواجب عقدها لحكومة تصريف الأعمال، فإن جميع هذه الوقائع تؤكد، انه لا يجب أن تكون هناك عودة للرجل الى السراي الحكومي في يومٍ من الأيام.
سلَّمنا جدلاً بالأداء غير المسؤول للرئيس سعد الحريري، وإدارة ظهره لمسؤولياته الوطنية والوظيفية، فإن بعض وزراء تصريف الأعمال الذين يتحلُّون بالمسؤولية يُتابعون شؤون وزاراتهم، وهم معروفون دون الحاجة الى تسميتهم، لكن أين وزيرة الداخلية من القيام بواجباتها في ظلّ أفظع فلتان أمني يعيشه لبنان خلال تاريخه المُعاصر، ولماذا يجب على الجيش اللبناني أن يكون كبش المحرقة السياسية، وأين العشرة آلاف عنصر أمن داخلي الذين استنفرتهم وزيرة الداخلية ليلة رأس السنة لِحفظ أمن السهارى والسكارى، ولماذا لا يُكلَّفون بمهام دوريات في المناطق الحسَّاسة والطرقات التي تتعرَّض للقطع؟!
وإذا كانت وزيرة الداخلية قالت منذ بداية الحراك، أن المعالجة يجب أن تكون سياسية لا أمنية، فإن الحراك قد انتهى، واللبنانيون باتوا رهينة زُمرة “ثوار” أبناء شوارع يعيثون في الأرض كل أنواع الإرتكابات، وباتت كل مجموعة من عشرة أشخاص تدَّعي أنها من الثورة، وتُحلِّل لنفسها اقتحام المصارف وتكسيرها وإحراقها، والتهجُّم علىى المؤسسات والأفراد، وتقطع الطرقات على عشرات آلاف المواطنين، إن لم يُكن بالإطارات المُشتعلة وحاويات النفايات فببدعةٍ جديدة عديمة الأخلاق والضمير، عبر نثر الطرقات بالمسامير، إضافة الى الشلل الذي تُحدِثُه زمرة هؤلاء المُشاغبين داخل المؤسسات العامة والخاصة، في خُطَّة مُتعمَّدة لِشَلِّ البلد والتعجيل في إنهياره، خصوصا عبر استهداف المصارف.
وأمام الأداء السيء وغير المسؤول لا بل المُتعمَّد لبعض وزراء تصريف الأعمال، لمجرَّد أن عودتهم ضمن الحكومة العتيدة ممنوعة، فإننا نقول لهم بصراحة، أن تاريخ الأشخاص المؤتمنين على الشأن العام هو في السيرة والمسيرة، وإذا كان بعضهم قرر الإلتزام بمواقف رئيس الحكومة المًستقيل ومشاركته في إهمال الواجب الوظيفي، فإننا “نُبشِّرهم” أن لا عودة لهم الى أية حكومة مستقبلاً، وأن بعض الحراك على حق عندما يرفض عودة وجوه قديمة لم تعمل حتى باللقمة التي التهمتها من أفواه الشعب اللبناني…
المصدر: الثبات