عَ مدار الساعة


شكوى وقحة ضد باسيل واسود وحايك وعون وماروني وعلي بركات.. (التفاصيل)

– بدُّن اللجوء والنزوح لخلخلة الوضع الديمغرافي.. وبدّن ضرب للتنوّع..!!

***

بيروت في 22/8/2019
جانب النيابة العامة التمييزية في بيروت الموقّرة
شكوى مع اتخاذ صفة الادعاء الشخصي
المحامية ديالا شحادة
المحامي جاد طعمة المحامي محمود الحافي

مقدّمة من الجمعيات المدعية التالية (وفقاً للترتيب الأبجدي):

1) جمعية “الجمعية اللبنانية للتعارف الفني والثقافي – أمم للتوثيق والأبحاث” وكلاؤها القانونيون بموجب سندات توكيل قضائية مصدّقة أصولاً ومرفقة ربطاً:
2) جمعية “التوعية النسائية”
3) جمعية “كفالات الخير”
4) جمعية “مانشيت”
5) جمعية “المحور اللبناني في سبيل مواطنة جامعة – هيا بنا”
6) جمعية “معمل 961”
7) جمعية “النخيل للخير والإنماء”

بوجه المدعى عليهم:

1) السيد جبران باسيل – نائب مُنتخب في مجلس النواب ووزير معيّن على رأس وزارة الخارجية والمغتربين
يُبلّغ أصولاً بواسطة وزير العدل ورئيس مجلس النواب السيد نبيه بري، وبواسطة رئيس مجلس الوزراء السيد سعد الدين الحريري
2) السيد جورج عون – رئيس بلدية الحدث (قضاء بعبدا) المُنتخب
يُبلّغ أصولاً بواسطة وزيرة الداخلية والبلديات السيدة ريّا الحسن
3) السيد ناجي حايك – ناشط سياسي
محل الإقامة غير معروف
4) السيد إيلي ماروني – نائب ووزير سابق
محل الإقامة غير معروف
5) السيد زياد أسود – نائب مُنتخب في مجلس النواب

6) السيد رشيد جنبلاط – ناشط سياسي محل الإقامة غير معروف
7) السيد علي بركات – “مُنشد” محل الإقامة غير معروف

يُبلّغ أصولاً بواسطة وزير العدل ورئيس مجلس النواب السيد نبيه بري

الموضوع: إثارة نعرات طائفية وأهلية – الجرم الموصوف في المادة /317/ من قانون العقوبات اللبناني

“لا شيء يحرّكنا ويثير قلقنا العميق في لبنان أكثر من مشكلة حقوق الإنسان والحريات الأساسية. إن تاريخ بلدي لقرونٍ هو تحديداً تاريخ بلدٍ صغير يكافح ضدّ كل الاحتمالات من أجل الحفاظ على الحرية الحقيقية للأفكار والضمير وتعزيزها. لقد وَجد عددٌ لا يُحصى من الأقليات المضطهدة، على مرّ العصور، ملاذاً أكثر تفهّماً في بلدي، فأساسُ وجودُنا هو الاحترام الكامل للاختلافات في الرأي والمعتقد”.

السفير اللبناني لدى الأمم المتحدة السيد شارل مالك في مقدمة كلمته أمام الجمعية العامة خلال مناقشات تحضيرية لصياغة “الإعلان العالمي لحقوق الإنسان” سنة 1946.

لقد كرّسنا مفهوماً لانتمائنا اللبناني هو فوق أي انتماء آخر، وقلنا إنه جينيٌّ… وعلى رفض النزوح واللجوء معاً من جهة أخرى”. (الوزير اللبناني لشؤون الخارجية والمغتربين السيد جبران باسيل في “تغريدة” نشرها على حسابه على موقع “تويتر” الإلكتروني سنة 2019).

73 سنة تفصل بين كلمة السفير شارل مالك وبين تغريدة الوزير جبران باسيل، منها 30 عاماً قطعها لبنان منذ “اتفاق الطائف” (30/9/1989) الذي أنهى رسمياً (لا فعلياً بالضرورة) تناحراً أهلياً وطائفياً أغرق بلدنا خلال 15 عاماً في حروبٍ راح ضحيتها 120 ألف قتيل و170 ألف مخفيّ قسريّاً على الأقلّ، ومنها أيضاً 71 عاماً منذ تبنّي الجمعية العامة للأمم المتحدة “الإعلان العالمي لحقوق الإنسان” (10/12/1948) الذي أدّى لبنان دوراً ريادياً في صياغته ببصماتٍ دامغة لسفيره الخلّاق شارل مالك. وبرغم ثقل حقبة الحرب بكل ويلاتها وفظاعاتها وجرائمها على ذاكرة اللبنانيين، استفحلت في الآونة الأخيرة خطاباتٌ علنية أعادت إنتاج البلاغة التحريضية عينها التي أغرقت لبنان في مستنقع الحرب الأهلية قبل ثُلُث القرن. الأسوأ أن على رأس مُطلقي هذه الخطابات موظفٌ عام رفيع المستوى في ما يُفترض أنه “حكومة الوحدة الوطنية”، وثلاثة أعضاء منتخبين في مجالس يتمحور واجبُها، ويا للمفارقة، حول تكريس دولة القانون والمؤسسات. ولم يأبهْ هؤلاء إلى أن خطاباتهم تشكّل جرماً موصوفاً يعاقب عليه قانون العقوبات اللبناني منذ فجر الاستقلال. ولمّا لم يعد بالإمكان التغاضي عن هذه الخطابات لما فيها من

1) مسّ بمفهوم “العيش المشترك” الدستوري وبالسلم الأهلي،

2) وتعكير للصفاء بين المجتمعات/communities التي تعيش في لبنان،

3) وتشويه لسمعة لبنان والتزاماته القانونية على الخارطة الدولية، جئنا إليكم بالشكوى الحاضرة، باعتباركم رأس الهرم القضائي وصمّام القانون في دولتنا، وبصفتنا أصحاب مصلحة وصفة في الأضرار الناشئة عن هذه الخطابات من جمعيات ذات أهداف توعوية وتنموية واجتماعية وثقافية وحقوقية… وقد شئنا التقدّم بالشكوى الحاضرة بتاريخ اليوم (22 آب) الذي يوافق الاحتفاء الأول بـ”اليوم الدولي لإحياء ذكرى ضحايا أعمال العنف القائمة على أساس الدين أو المعتقد”، والذي اعتمدته الجمعية العامة للأمم المتحدة بتاريخ 28/5/2019، لعلّ المدعى عليهم يتأمّلون، في هذا اليوم الدولي، ما كبّدته خطاباتٍ كهذه من أثمانٍ باهظة على اللبنانيين في زمنٍ مضى، ولا نريدُ له أن يتكرّر، أبداً.

أولاً: في الوقائع

أ‌. إثارة النعرات المذهبية/الطائفية

1. إنه لمن أكثر ما أساء للجمعيات المدعية في الشكوى الحاضرة، وهي تضمّ أعضاء متنوعين في عقائدهم ومعتقداتهم ومتحدّين حول مبدأ سيادة القانون، هو التنامي الجسور للخطاب التمييزي الطائفي الداعي إلى منع بيع وتأجير العقارات المبنية وغير المبنية للبنانيين من أبناء الطائفة المسلمة في مناطق ذات غالبية/كثافة سكانية من الطائفة المسيحية. وبرغم أن هذا الخطاب المثير للنعرات الطائفية ليس بجديدٍ للأسف، إلا أنه تبلور ليقفز من القول إلى الفعل بشكلٍ لم يعد أصحابه يستحون به، بل بزعم “خدمة العيش المشترك”، في محاولةٍ غير معقولة لإعادة تعريف هذا المفهوم رغماً عن أنف الدستور. هذا الدستور الذي كرّس في الفقرة “و” من مقدمته حرية الحقوق الاقتصادية للمواطن: “النظام الاقتصادي حرّ يكفل المبادرة الفردية والملكية الخاصة”، وفي الفقرة “ط” حقّه التنقل بحرية ضمن أرضِ وطنه: “أرض لبنان لكل اللبنانيين. فلكلّ لبناني الحق في الإقامة على أيّ جزء منها والتمتع به في ظل سيادة القانون، فلا فرز للشعب على أساس أي انتماء كان ولا تجزئة ولا تقسيم ولا توطين”. مع العلم بأن مقدمة الدستور هي في صميم التعديل الدستوري الذي مَأسَسَ المصالحة الوطنية في أعقاب اتفاق الطائف بموجب القانون الدستوري الصادر بتاريخ 21/9/1990؛

2. ومن دون شكّ، فإن التسامح الرسمي والقضائي المزمنين مع هذا الخطاب هما ما سمحا بإفلات مطلقيه من العقاب واستفحاله حدّ تجاسر نائب ووزير سابق، المدعى عليه الرابع السيد إيلي ماروني، إلى القول خلال مؤتمر عقدته “حركة الأرض اللبنانية” بتاريخ 9/1/2017 في مطرانية سيدة النجاة في زحلة: “[مثلما] الداء يحتاج إلى دواء، البائع المسيحي يحتاج إلى شارٍ مسيحي”، مقترحاً “إنشاء البنك المسيحي العقاري أو الشركة العقارية المسيحية ومهمتها شراء العقارات من البائع المسيحي إذا لم يكن هناك شارٍ مسيحي، والبنك أو الشركة تستثمر – تبيع متى وُجد الشاري [المسيحي]”؛

3. وبرغم عدم وجود أي قانون يمنح البلديات سلطة تقييد حريات المواطن المكرّسة دستورياً لجهة التبادل الاقتصادي والملكية الخاصة والإقامة، إلا أن بعض المسؤولين الرسميين، وفي طليعتهم المدعى عليه الثاني السيد جورج عون، رئيس بلدية الحدث المُنتخَب، راحوا يتعسّفون في استخدام سلطاتهم تطبيقاً للخطاب التمييزي الطائفي هذا، وبثقة عجيبة الشدّة. إذ جاهر عون، في شهر حزيران 2019 الماضي، على خلفية قيام المواطن محمد عواد بإثارة قضية رفض تأجيره شقة في الحدث لعلّة معتقده الديني، بقوله إن هذا القرار “يعود إلى شهر أيار من العام 2010… ونحن لا نخجل به كبلدية بل نفتخر به ومستمرّون به… وفي كل فترة نتفاجأ بإثارته مجدداً… وإذا أُجبرتُ على عدم تطبيقه سأستقيل”؛

4. وحاول المدعى عليه الثاني إعادة صياغة خطابه المثير للنعرات الطائفية هذا زاعماً بأنه قد “شُوِّه”، وبأنه ينسجم مع مقدمة الدستور في فقرتها “ي” التي نصّت على أن “لا شرعية لأي سلطة تناقض ميثاق العیش المشترك”. إذ قال عون في مقابلة أجراها معه تلفزيون “أورينت” بتاريخ 21/6/2019 (منشور على موقع “يوتيوب” الإلكتروني): “أنا لا أمنع المسلمين من أن يشتروا، وإنما أمنع المسيحي من أن يبيع أو يؤجر بيته أو أرضه… لأياً كان… الحدثي ممنوع أن يترك بيته…. فخامة الرئيس ميشال عون ودولة الرئيس نبيه بري والسيد حسن نصر الله يدعمون قراري بألا يبيع المسيحي… هؤلاء يشدّون على يدي بالطبع وهم مع العيش المشترك ومقدمة الدستور… نحن نقول للمسيحيين ألا يبيعوا أراضيهم لأن الحدث كانت سنة 1990 بلدة مسيحية 100%.. وبعد 20 سنة اشترى إخواننا الشيعة 60% منها. حين أتيتُ على رأس المجلس البلدي في العام 2010 اتخذتُ هذا القرار وقلتُ لمن تبقى من المسيحيين ممنوع أن تؤجروا أو تبيعوا أو تتركوا البلدة… أدعو جميع البلدات أن تحافظ على شيعيتها وسنيتها ودرزيتها… التغيير الديموغرافي يضرّ بالمسلم والمسيحي وبالعيش المشترك وبالدستور… ولن أستقيلَ لأنني لن أتراجع عن هذا القرار ولا يمكن لأحد أن يضغط عليّ لتغييره”؛

5. وفيما يتمسّك المدعى عليه الثاني بقراره هذا بهدف ما يصفه بـ”الحفاظ على العيش المشترك”، مستقوياً بداعمين “كبار” يقول إن بينهم رئيس الجمهورية ورئيس مجلس النواب والأمين العام لـ”حزب الله”، إلا أن الدستور وقوانين لبنان واتفاقياته الدولية هي فوق كل مواطنٍ في لبنان. ولا يعود لأي مسؤول أياً كان منصبه أن يشرّع خرقاً فاضحاً كهذا بهزّة رأس، اللّهمَ إلا إذا اتفقنا جميعاً على إسقاط مفهوم الدولة وقوانينها ومؤسساتها مرّة واحدة. ونحنُ نسأل القضاء أن يحسمَ هذه المسألة؛

6. وبرغم أن وزيرة الداخلية والبلديات السيدة ريا الحسن أبدت استهجانها لهذا القرار ووصفته بـ”الفئوي والشعبوي والمنافي للدستور”، في حديثٍ لقناة “أل. بي. سي” بتاريخ 20/6/2019 (منشور على “يوتيوب”)، قائلةً: “أعمل على مكتوبٍ لأطلب فيه من محافظ جبل لبنان محمد مكاوي الاستماع الى رئيس البلدية للتأكد بأن ما ورد عن الاجراء هو صحيح، وسنطلب من بلدية الحدث التراجع عن إجرائها غير الدستوري هذا في حال تأكد”، ولكننا لم نلحظ أيّ إجراءٍ رسميّ من قبل الوزيرة الحسن أو غيرها في هذا الصدد حتى تاريخ تقديم الشكوى الحاضرة؛

7. الأسوأ من ذلك، أن نائباً منتخباً في مجلسنا العتيد سارع إلى تأييد موقف المدعى عليه الثاني وتحريضه على التمرّد على أي قرارٍ هرمي قد يصدر عن وزيرة الداخلية ضد هذا الإجراء، وهو المدعى عليه الخامس النائب زياد أسود، الذي كتب في تغريدة نشرها على حسابه على “تويتر” بتاريخ 20/6/2019: “من يعتقد أن بإمكانه فرض أي أمر على رئيس بلدية منتخب هو واهم. لا سلطة لوزارة الداخلية عليه ولا لأي موظف في المحافظة، وكل ما عليكم فعله هو التمني والقرار يعود له فقط”؛

8. يقول يسوع المسيح (عليه السلام): “كما تريدون أن يفعل الناس بكم افعلوا هكذا أنتم أيضاً بهم”. فهل يريد أصحاب هذا الخطاب أن يُمنع اللبنانيون من أبناء الطائفة المسيحية من الاستئجار والتملك والعيش في المناطق ذات الغالبية أو الكثافة السكانية من أبناء الطائفة المسلمة؟ وما هي الخطوة اللاحقة لإجراء كهذا؟ إصدار بطاقات إقامة طائفية عن بلديات هذه المناطق؟ إعادة إنشاء حواجز الفرز الطائفي على مداخل البلدات؟ وكيف يمكن وصف خطابٍ كهذا إلا بالتحريضي والتمييزي والمثير للنعرات الطائفية والفتن الأهلية ضد أبناء شريحةٍ لبنانية لعلّة معتقدهم الديني؟ بل كيف يمكن لأيّ شخصٍ ألا يرى في هذا الخطاب انتهاكاً فاضحاً لكل من الدستور وقانون العقوبات اللبنانيين ولمبدأ “العيش المشترك” الذي لا يمكن أن يعني بأيّ شكلٍ منع اشتراك اللبنانيين في العيش في بلداتٍ واحدة؟ بل كيف تغضّ الدولة طرفها عن خطابٍ كهذا لا يناقض دستورها وحسب، بل ينتهك أيضاً الالتزامات القانونية الدولية للبنان وفي مقدمتها “الإعلان العالمي لحقوق الإنسان” و”العهد الدولي الخاص بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية”، و”الإعلان العالمي للقضاء على جميع أشكال التعصب والتمييز القائمين على أساس الدين أو المعتقد”، وغيرها؟

ب‌. الحضّ على النزاع بين مكونات الشعب اللبناني

9. لا ينازع الخطاب المثير للنعرات الطائفية سوى خطاب التحريض على خلفية جرائم ارتُكبت خلال الحرب الأهلية قبل ثُلث القرن. ومع إجماع المدعين على أن جميع الجرائم التي تُرتكب في أيّ زمان ومكان، وخصوصاً خلال النزاعات المسلّحة، يجب أن تُعالج بالمحاسبة القانونية كأداة أساسية للردع وعدم التكرار، حتى لو اقتصرت هذه المحاسبة على تقصّي الحقائق والإقرار بالخطأ والاعتذار من الضحايا وأسرهم وجبر أضرارهم، إلا أن المدعين استهجنوا في الوقت عينه إقدام بعض المدعى عليهم على إثارة ضغائن الحرب اللبنانية بعد مرور أكثر من 32 عاماً على جرائمها الدامية التي أبكت اللبنانيين وأهالي ضحاياها؛

10. فبتاريخ 3/8/2019، نشر المدعى عليه الثالث السيد ناجي حايك، الناشط السياسي في حزب “التيار الوطني الحرّ”، على حسابه على موقع “فايسبوك” الإلكتروني، تصريحاً شائناً يحتفي ويتشفّى ويكيد ويذمّ بلبنانيين قُتلوا خلال الحرب الأهلية: “بعد ١٠ أيام سوف نتذكر نحن وأنت القرود الذين أرسلتهم إلى سوق الغرب في ١٣ آب ١٩٨٩، وقد أعادهم ميشال عون لعندك بأكياس الجنفيص”. وقد وجّه المدعى عليه الثالث تصريحه هذا إلى رئيس الحزب التقدمي الاشتراكي النائب السّابق وليد جنبلاط، على خلفية زلّة لسان الرئيس عون في خطاب ألقاه خلال تخريج ضباط في عيد الجيش الثالث والسبعين، حين قال “فلتُسمَّ دورتكم دورة فجر القرود” بدلاً من أن يقول “فجر الجرود” (تيمّناً بالمعركة التي خاضها الجيش ضد مجموعات إرهابية في البقاع صيفَ 2017). وكان جنبلاط علّق على زلّة لسان الرئيس بتغريدة نشرها على حسابه على موقع “تويتر” الإلكتروني، وكتب فيها: “أعتقد أن العماد عون أسيئ فهمه عندما خرج بتلك التسمية لدورة الجرود. فهو استوحى من خطابي في ساحة الحرية عام ٢٠٠٦ وقصد أن الجيش اللبناني يملك رجال تقتحم الجرود وتقتل وتهزم قرود داعش وبشار [الأسد]”؛

11. إن من شأن خطابٍ كهذا أن يستدرج ذاكرة الحرب السوداء وأوجاعَ كل من خسرَ حبيباً وقريباً وصديقاً خلال تلك الحقبة المرّة من تاريخ لبنان، وأن يحرّض اللبنانيّين على نبش الماضي في جرائم أخرى لم يحقّق فيها القضاء لعلّة قانون العفو العام رقم 84/1991 الذي منح عفواً عاماً عن الجرائم المرتكبة قبل تاريخ 28/3/1991 شريطة عدم التكرار، بهدف الحفاظ على “العيش المشترك” لا غيرِه. بل إنّ ردود فعل العموم على هذا الخطاب كما ظهر في مواقع التواصل الاجتماعي استحضرت بالفعل ضغائن الحرب، بما فيها جرائم اتُهم حزب المدعى عليه الثالث بارتكابها في ما عُرف بحرب “الإلغاء”، ويا لفداحة الموقف ورعونة المتسبّب به!؛

12. المحزن أننا لم نرَ القضاء اللبناني يتحرك حيال خطاباتٍ مثيرة للنزاعات كهذه سوى عندما مسّت بأشخاص السلطة الحاكمة، وذلك حين تم توقيف المدعى عليه السادس السيد رشيد جنبلاط في شهر أيار الماضي على خلفية تصريحاتٍ أطلقها في تسجيلٍ مرئي ومسموع نشره بتاريخ 25/3/2019 على حسابه على موقع “فايسبوك” الإلكتروني، وذمّ فيه بإسهاب وزيراً في الحكومة هو للمفارقة المدعى عليه الأول في الشكوى الحالية، مستحضراً تاريخ الجبل ونزاعاته. علماً أن السيد رشيد جنبلاط كان سبق ونشر على حسابه الإلكتروني عينه بتاريخ 20/7/2018 تصريحاً كتب فيه: “بالنسبة إليّ جبران باسيل هوي شارون، وميشال عون هو بن غوريون، يعني أعدائي، وكل صديق لعدوي هو عدوي. ولو كنتُ رجل دين مسلم، كنت أفتيتُ بقتلهما”، في تحريضٍ مباشر لطائفةٍ دينية بأكملها ضد مكوّن من طائفةٍ أخرى يمثّل ركناً مهماً من عناصر الأمة. فلماذا يتحرك القضاء لجهة جرم يمسّ بشخصٍ نافذ في السلطة، ولا يتحرّك لجهة جرم إثارة النعرات الطائفية الذي يمسّ بأشخاص الأمة ككلّ؛

13. ولو كان عُذر السيد رشيد جنبلاط أن خطابات المدعى عليه الأول التحريضية لم تلقَ سوى تسامحاً رسمياً وقضائياً، ما أسقطه في مظلومية انبرى لردّها بنفسه، إلا أن الردّ على الخطاب التحريضي بمثله لا يجب أن يلقى التسامح في دولة القانون والمؤسسات كي لا تتحوّل (مجدّداً) إلى دولة شريعة الغاب و”العين مقابل العين”. وإنّ هذا التسامح القضائي بالذات هو ما سمح بانفلات الخطابات مبادرةً ورداً ككرة الثلج، ما يهدّد بخطرٍ أكبر على السلم الأهلي ومفهوم “العيش المشترك”؛

14. وفي استهانة بالغة بمشاعر ضحايا جريمة اغتيال رئيس الوزراء الراحل رفيق الحريري، عمد المدعى عليه السابع، “المُنشد” علي بركات كما يسمّي نفسه على صفحته الرسمية على موقع “تويتر” الإلكتروني، إلى نشر تغريدة كتب فيها: “ما رأيك بتسمية مسجد محمد الأمين المدفون فيه رفيق الحريري بمسجد مصطفى بدر الدين [أحد المتهمين قضائياً باغتياله]؟ هل تؤيد؟”. وقد ادّعت النيابة العامة الاستئنافية في النبطية، بتاريخ 11/2/2019، على بركات بجرم “إثارة النعرات الطائفية” سنداً الى المادة /317/ من قانون العقوبات، بناء على الإخبار المقدّم ضده من المحامين محمد زياد جعفيل وعمر الكوش وفادي سعد. وبحسب موقع “الوكالة الوطنية للإعلام”، أُحيلَ الادّعاء الى القاضي المنفرد الجزائي في النبطية حسين الحسيني الذي حدّد الجلسة الأولى للمحاكمة بتاريخ 8/7/2019؛

15. مع العلم بأن الجمعيات المدعية ترى في فعل المدعى عليه السابع حضّاً على النزاع بين عناصر الأمة/communities of the population لا إثارةً للنعرات الطائفية بالضرورة. لأن قضية اغتيال رئيس الوزراء الراحل رفيق الحريري، بمعزل عن أيّ رأي حول إدارته وحكمه، هي قضية إنسانية وأهلية تقع في صميم مفاهيم السلم الأهلي و”العيش المشترك” ودولة القانون والمؤسسات (لا الإلغاء والعنف والاغتيالات) التي تكافح الجمعيات المدعية جاهدةً للدفاع عنها؛

16. إن خطاباتٍ تجترّ ذاكرة الاقتتال الأهلي اللبناني بنبرة طائشة، تارةً تذكّر ضحيةً بجلّادها غمزاً ولمزاً، وطوراً تتشفى بدماءٍ هُدرت على مذبح الاقتتال الطائفي، أو تدعو إلى “الإفتاء” بهدر دماءٍ جديدة، إنما أقلّ ما يقال عنها بأنها تحضّ على النزاع بين عناصر الأمة، وتثير النعرات الطائفية والأهلية، ولا يجب أن تمرّ من دون محاسبة. إذ لن يؤدي التسامحُ مع هكذا خطابات سوى إلى تشجيع تكرارها من قبل أصحابها أو مواليهم أو غيرهم من العموم. وإنّما القضاء وسيلةٌ للردعِ لا للمحاسبة وحسب. وهل أشدّ خطراً على “العيش المشترك” المكرّس دستورياً من خطاباتٍ كهذه؟

ت‌. إثارة النعرات العنصرية والحضّ على النزاع بين عناصر الأمة/ communities

17. لم تعد مسألة الخطاب التمييزي المثير للنعرات ضد المجتمعات السورية والفلسطينية مسألة طارئة على المشهد اللبناني، برغم قلبِ صفحة الاقتتال اللبناني-الفلسطيني السوداء بموجب “اتفاق الطائف” – ميثاق “العيش المشترك”. غير أن هذا الخطاب اتخذ منحى فاقعاً في الآونة الأخيرة، وخصوصاً بمثابرة من المدعى عليه الأول، الذي ابتكر بتاريخ 7/6/2019، في تغريدةٍ نشرها على حسابه الرسمي على موقع “تويتر” مفهوم “الجينة اللبنانية” و”التفوق اللبناني”، وخصوصاً بوجه اللاجئين السوريين وأيضاً الفلسطينيين: “لقد كرّسنا مفهوماً لانتمائنا اللبناني هو فوق أي انتماء آخر، وقلنا إنه جينيٌّ، وهو التفسيرُ الوحيدُ لتشابهنا وتمايزنا معاً، لتحمّلنا وتأقلمنا معاً، لمرونتنا وصلابتنا معاً، ولقدرتنا على الدمج والاندماج معاً من جهة، وعلى رفض النزوح [السوري] واللجوء [الفلسطيني] معاً من جهة أخرى.” مع العلم بأنه لم يوجد أي دليل قط على رغبة المجتمعات الفلسطينية والسورية بتكريس وجودها (القسري، نذكّر) في لبنان، وإنما الدلائل أكثر من تُحصى على عكس ذلك؛

18. ولقد لاقت التغريدة الشهيرة هذه استياءاً عارماً بين أوساط اللبنانيين من مختلف الطوائف والمعتقدات الدينية والسياسية، ما أدى إلى إصدار بيانٍ وقعّه المئاتُ من حقوقيين وكتاب وصحافيين وأكاديميين ومحامين وفنانين لبنانيين، ونشرته الصحف اللبنانية بتاريخ 25/6/2019. وأعرب هؤلاء في بيانهم عن “استنكارنا المطلق للحملة التي يتعرّض لها المواطنون والمواطنات السوريّون في بلدنا، وقرفنا الصريح من هذه الهستيريا العنصريّة التي يُديرها وزير خارجيّتنا السيّد جبران باسيل”، معتبرين أن “الحملة هذه إنّما تسمّم المناخ الداخليّ برمّته (…) وفي ما تتسبّب به من اعتداءات مباشرة ومن ترويع للأفراد السوريّين ولمؤسّساتهم المتواضعة، ترسم بلدنا مكاناً للاضطهاد والاسترقاق يجافي كلّ المزاعم المعهودة عن لبنان بوصفه بلد الإشعاع والنور وملجأ المضطهَدين في الجوار. وفي هذه الغضون يُدفَع سِلمنا الأهليّ، على هشاشته، في وجهة الاحتمالات العنفيّة التي سبق لها أن كلّفت بلدنا الكثير”. وحذّر البيان من خطورة حملة باسيل هذه “ومن افتتاحها طوراً بالغ البشاعة في التاريخ اللبنانيّ الحديث، وفي العلاقات اللبنانيّة – السوريّة المستقبليّة، وقبل كلّ شيء في ما يخصّ إنسانيّتنا نفسها”؛

19. وتجاوزت ردود الفعل على بدعة “الجينة المتفوقة اللبنانية” هذه حدودَ لبنان إلى الرأي العام الدولي، بما نخشى أن يشكّل تناوله إسهاباً مفرطاً على نيابتكم في الشكوى الحاضرة. ولكن يكفي القول بأن ردود الفعل المستهجنة لم تستثنِ حتى العدو الصهيوني، حيث علّق المحلل الإسرائيلي اليساري تسيفي بارئيل في جريدة “هآرتز” بتاريخ 3/7/2019 على تغريدة باسيل هذه كاتباً: “من المؤسف ألا يستطيع اليمين الإسرائيلي توظيف قادة سياسيين من الجوار، إذ لو كان هذا بمستطاعه لكان التيار الوطني شريكاً طبيعياً له”. ووصف بارئيل خطاب باسيل بأنه “يفوق الخطاب العنصري لأقصى شخصيات اليمين في إسرائيل”، مشبّهاً إياه بالحاخامات المتطرفين الذين يجاهرون بالتعبير عن إيمانهم بـ”التفوق الجيني لليهود البيض ونظرية الشعب المختار”؛

20. علماً أن خطاب المدعى عليه الأول “التفوّقي/العنصري” هذا، بحسب ما يعرّفه القانون الدولي لا الجهة المدعية، هو ليسَ بالأول له ولو كان الأكثر وضوحاً. إذ سبق أن نشر تغريدة على حسابه على موقع “تويتر” الإلكتروني كذلك بتاريخ 8/10/2017، مقتبساً من كلمة ألقاها في بلدة خربة قنافار (البقاع): “عنصريّين بلبنانيّتنا، مشرقيّين بتكويننا، عالميين بانتشارنا”. وأضاف في كلمته “نعم نحن عنصريون لبنانيون، لكننا نعرف كيف نكون مشرقيين بانتمائنا وعالميين بانتشارنا وأقوياء بانفتاحنا، ولا يحقّ لأي كان في العالم أن يفاتحنا بموضوع الإنسانية”. وأثارت تلك التصريحات استهجاناً واسعاً بين اللبنانيين في حينه، فيما حذّر مثقفون من التعامل معها بخفّة، بينهم الباحث غسان صليبين الذي كتب في جريدة “النهار” اللبنانية بتاريخ 18/10/2017 في مقال بعنوان: “عنصرية الوزير باسيل ليست مارونية ولا لبنانية”: “ربما سبب الخفة، تراكم الأزمات من جهة وفقدان الأمل بإمكان التغيير من جهة ثانية، ما يجعل معظمنا لا يكترث لظاهراتٍ جديدة في مجتمعنا (…) المسألة لا تقتصر على تصريح لبَسَ شكل مزحة، فركائز أساسية للعنصرية أصبحت متوافرة وعلى لسان الوزير نفسه: العداء المعلن والمتكرر بانتظام للآخر الغريب وتحميله مسؤولية كل الشرور؛ الاعتقاد – وهذا ما قاله [باسيل] – بأن الله اختاره هو وقومه للقيام بما يقوم به من سياسات؛ واعتبار العنصرية قيمة يمكن الافتخار بها، وهذا ما ظهر في تصريحه الذي يعنينا”؛

21. وعلماً أن المدعى عليه الأول سبق أن قال بتاريخ 19/9/2016، خلال مؤتمرٍ للمغتربين اللبنانيين في نيويورك، الولايات المتحدة، في معرض حديثه عن مشروعه (العنصريّ جندرياً وجنسيةً) لسنّ قانون يكرّس للمواطنة اللبنانية جزءاً من حقها الدستوري بمنح الجنسية لأولادها عبر حجب هذا الحق عن المولودين لأبٍ فلسطيني أو سوري: “أول شيء وأغلى شيء هو لبنانيّتنا. ولها كلفة لكي نحافظ عليها. لها كلفة عالية. تمسّ أوقاتٍ بحقوق الإنسان”. وغطت قنوات الإعلام العربية ذلك الخطاب متسائلةً “هل تمثّل تصريحات جبران باسيل اللبنانيين؟” (عنوان حلقة برنامج الواقع العربي – قناة الجزيرة – المنشورة على موقع “يوتيوب” الإلكتروني في 20/9/2016؛

22. وقد حاول المدعى عليه الأول هو الآخر إعادة صياغة خطابه غير مرة، وخصوصاً في كلمة ألقاها خلال العشاء الختامي للمؤتمر السادس لـ”الطاقة الاغترابية” المنعقد في مسرح “بيال” في بيروت بتاريخ 8/6/2019، لدرجة أنه حرّف أمام حشدٍ كبير مضمون “الاتفاقية الدولية للقضاء على جميع أشكال التمييز العنصري” (لبنان دولة طرف فيها). وقال باسيل في كلمته تلك: “للأسف هناك من لا يفهم ماذا يعني أن تكون لبنانيتنا فوق كل شيء (…) من الطبيعي أن ندافع عن اليد العاملة اللبنانية بوجه أيّ يدٍ عاملة أخرى أَكانت سورية، فلسطينية، فرنسية، سعودية، إيرانية، أميركية، لا يهمّ. اللبناني قبل الكلّ (…) نريد أن نميّز المواطن اللبناني عن غير اللبناني، بالعمل والسكن والضريبة وأمور كثيرة. وهذه ليست عنصرية. البعض يتهمني إني عنصري وأنا أفهم. لأن الانتماء اللبناني لدى بعض الناس ليس قوياً كفاية ليشعروا بما نشعر به. لأنهم يعتبرون أن هناك انتماءاً ثانياً أهم بالنسبة لهم”. وحرّف باسيل في كلمته مضمون “الاتفاقية الدولية للقضاء على جميع أشكال التمييز العنصري” قائلاً: “هذا ليس تمييزاً عنصرياً بل سيادة الدولة على أرضها، والفقرة الثالثة منها [الاتفاقية] تنصّ على سيادة القانون المحلي على أيّ قانون آخر”، فيما أنه لا يوجد لا فقرة ثالثة ولا مادة ثالثة تفيد بهذا الزعم في الاتفاقية المذكورة، بل إن الاتفاقية تلزم الدول الأطراف، وبينها لبنان، على منع ومحاسبة أي خطاب أو عمل تمييزي وعنصري. وسنشرح ذلك بالتفصيل ضمن الباب الثاني الخاص بالقانون في شكوانا هذه؛

23. كل هذا التغاضي القضائي والسياسي عن خطاب المدعى عليه الأول العنصري المتراكم، وأخذه بخفة عمياء وغير مسؤولة، هو ما سمح له بالتمادي في الترويج لمفهوم “الجينة اللبنانية المتفوقة”، حتى رأينا مواطنين من جنسيات غير عاملة في لبنان يردّون من بلدانهم على تغريداته هذه بتغريدات مقابلة ساخرة عكّرت صورة لبنان المتميز بانفتاحه على المختلف (وعلى المضطهد) في محيطه العربي، كما قال الراحل شارل مالك قبل 73 عاماً، وحتى اضطرت الجمعيات المدعية للتقدّم بالشكوى الحاضرة مطالبة بوقف هذا الخطاب المسيء للبنانيتنا وإنسانيتنا؛

24. وكان المدعى عليه الأول قد روّج لحملته التحريضية والتمييزية ضد السوريين في لبنان، في كلمة مسهبة ألقاها خلال مؤتمر البلديات الثالث للجنة البلديات المركزية في حزب “التيار الوطني الحرّ”، في الـ”فوروم دو بيروت” بتاريخ 15/6/2019، وعرضَ فيها أرقاماً مغلوطة عن واقع اللجوء السوري في لبنان: “لدينا واقع بمليارات الدولارات من الخسارة تتراوح بين 18-30 مليار دولار، البطالة تتراوح بين 25-40% بين اللبنانيين، الجريمة ازدادت بنسبة 25 % (…) ولدينا معدّل شهري من 600 ألف سوري يغادرون إلى سوريا ويعودون منها من دون أن يمنعهم أحد”، علماً أن أياً من هذه الأرقام لا يستند إلى وثائق علمية من جهة، ومن جهة أخرى فإن البنك الدولي أوضح في تقاريره المنشورة على موقعه الإلكتروني الرسمي منذ العام 2016 بأن الأزمة الاقتصادية اللبنانية سابقة لمرحلة الأزمة السورية، وبأن تفاقمها مردّه إلى تأثير النزاع المسلح في سوريا على حركة الاستثمار في دول الجوار جميعاً، وإلى الفساد وسوء الإدارة والعجز المتراكمين تاريخياً في لبنان، وأن ثمة لبس بين تداعيات تأثير النزاع السوري على لبنان وبين آثار طفرة اللاجئين السوريين فيه. بل أكّد البنك الدولي غير مرة في تقاريره وبياناته على أن نسبة نموّ اقتصاد لبنان كانت لتكون أسوأ لولا ارتفاع معدّل الاستهلاك المحلي بفضل طفرة اللاجئين وتلقيهم دعماً خارجياً عبر الأفراد والمؤسسات والحكومات، ناهيك عن مليارات من الدولارات ضخّها المجتمع الدولي منحاً في لبنان لتنمية المجتمعات المُضيفة وبناها التحتية؛

25. واستحضرَ المدعى عليه الأول المصطلحات والبلاغة عينها التي استُخدمت ضد الفلسطينيين خلال سنوات الحرب الأهلية اللبنانية، محرّضاً السلطات البلدية ضد السوريين: “إنها مؤامرة على لبنان. فليقل أحد بعدم وجود نية لتوطين السوريين مثلما توجد نية لتوطين الفلسطينيين (…) ثمة شبكة كبيرة من المافيا تعمل لهذا الغرض وثمة مستفيدين لبنانيين من كل هذا العمل، وثمة منظومة إعلامية مالية سياسية متكاملة تشجّع السوريين على البقاء هنا وهدفها منعهم من العودة. (…) لكل هذا نلجأ اليوم إلى البلديات لأنها خطّ التماس الأول مع النازحين. (…) هكذا صار لدينا مخيمات للاجئين الفلسطينيين في لبنان لا تقدرُ الدولة مرات على دخولها أو ضبط السلاح فيها… هل تريدون أن يحصل لنا هكذا في كل بلدة في لبنان؟ هل تعلمون أن أصغر مخيم [سوري] حين يتمّ دخولُه من قبل جهاز أمني يُعثر فيه على قطعة سلاح، صغيرة أم كبيرة؟ (…) أليس هذا هو الأمن الوطني الذي يتعرّض [للخطر]. (…) عليكم أن تباشروا بعملكم على مستوى كل بلدية (…) وهذا أقلّ ما نقوم به كلبنانيين لنحافظ على وجودنا ولا نسمح لمؤامرة التوطين والتجنيس وضرب الهوية أن تمرّ”؛

26. والأسوأ في خطاب المدعى عليه الأول أنه استخدم سلطته التي مُنحها بحكم وظيفته العامة في تحريض رؤساء البلديات لشنّ حملة طارئة ضد السوريين: “كل رئيس بلدية منكم هو قادرٌ، وكل بلدية هي قادرة على المساعدة في تحقيق هذا [عودة اللاجئ السوري] عبر تطبيق صلاحياتها. (…) دوماً يوجد لبناني يشغّل [السوري] ودوماً يوجد لبناني يؤجّر [السوري] مسكناً أو مشغلاً. (…) ثمة بلديات فعلت ورأسها مرفوع وكل أهلها وسكانها يفتخرون بها لأنها نفّذت ومنعت حالات النزوح في نطاقها البلدي. (…) فاسمحوا لي أن أقول لكم بأن كل رئيس بلدية لا يطبق القانون اللبناني ضمن نطاقه البلدي هو متخاذل (…) هذا الوقت الأنسب في موسم الصيف وبكل ما يلزم لنقوم بهذا العمل”.

27. لو كان خطاب المدعى عليه الأول يُراد به فعلاً تطبيق القانون، فما الذي جعله ينتظر ثمانية أعوام ليطلقَه؟ ولماذا يسترجع مصطلحات الحرب عينها من “المؤامرة” و”خطوط التماس” و”خطر التوطين” الذي لا يمكن طرحه أصلاً من دون إجماع الكتل الحاكمة التي يمثّل بائتلافه السياسي غالبيتها، وفي الوقت عينه يرفضها تماماً المعنيون بها من فلسطينيين؟ ولماذا يعمد إلى تضليل الرأي العام حول الأسباب الحقيقية لتدهور الاقتصاد اللبناني؟ ولماذا يريد من جمهوره أن يخاف ويمقت وينفر من اللاجئين السوريين المقيمين في لبنان في وقتٍ لا يملك فيه هؤلاء من أمرهم سوى انتظار فرص العودة الآمنة إلى بلدهم الذي تركوه قسراً لا رفاهية، بدليل أنهم يستمرون في التمسّك بملاذهم اللبناني برغم كلّ التنكيل الذي لحق ويلحق بهم وآخره الخطاب التحريضي هذا؟

28. إن خطاب المدعى عليه الأول هو بذاته ما يشكّل ضرباً للهوية اللبنانية التي تميّزت في منطقتنا بانفتاحها على المختلف واحتضانها للمضطهد، وتهديداً لأمن لبنان الذي لا يمكن أن يستتبّ بوجود خطاباتٍ كهذه تحضّ على نزاعاتٍ بين المجتمعات التي تعيش فيه. كان بالإمكان للمدعى عليه الأول بصفته وزيراً للخارجية أن يخاطب نظيره السوري في سوريا أو السفير السوري في لبنان لمناقشة سبل توفير شروط العودة الآمنة والعادلة للسوريين اللاجئين الموجودين في لبنان كما تقضي أصول الدبلوماسية، غير أنه اختار على ما يبدو النيل من الحلقة الأضعف واستقطاب الجمهور بلغة شعبوية فتّانة كمن يحاول أن يستعيضَ بها عن نجاحاتٍ حكمٍ لم تتحقّق، مستحضراً أشباحَ حربٍ لم يكفرْ بزمنها، على ما يبدو؛

29. علماً أن بلديات عدة سلكت نهجاً مشابهاً لبلدية الحدث أو متفوقاً عليه لجهة إثارة النعرات الطائفية و/أو العنصرية، وبينها بلديات بشري وزغرتا وزحلة وعمشيت ومزيارة ورميش وترتج وحراجل وعرجس وتمتين التحتا وغيرها، حتى قالت منظمة “هيومان رايتس ووتش” الدولية الرائدة في الدفاع عن حقوق الإنسان وتوثيق انتهاكاتها، في تقرير أصدرته بتاريخ 20/4/2018: “إن الإخلاء على أساس الجنسية والانتماء الديني، كالذي تقوم به البلديات المذكورة، ليس مسموحاً بأي شكل من الأشكال. وحتى في الحالات التي تكون قانونية، لأسباب أمنية أو غيرها، كما هو محتمل في الإخلاءات بجوار مطار رياق العسكري، يجب اتباع الإجراءات الواجبة والالتزام بالمعايير الدولية. لم يتمّ الالتزام بالمعايير الدولية في أيّ من الحالات التي وثّقتها هيومن رايتس ووتش”؛

30. كل هذا يجعل الادعاء مفتوحاً في الشكوى الحاضرة لضمّ مدعى عليهم آخرين متى توفّرت للمدعين الأدلة الكافية على ارتكابهم لجرائم المادة /317/ ع.؛

ثانياً: في القانون

أ‌. في النصوص القانونية الوطنية

الدستور اللبناني المعدّل بموجب القانون الدستوري الصادر في 1990/9/21

31. لما كان الدستور اللبناني في مقدمته المُضافة وفقاً للقانون الدستوري رقم /18/ بتاريخ 21/9/1990 قد نصّ على ما حرفيته:
(…)
ب- لبنان عربي الهوية والانتماء، وهو عضو مؤسس وعامل في جامعة الدول العربية وملتزم مواثيقها، كما هو عضو مؤسس وعامل في منظمة الأمم المتحدة وملتزم مواثيقها والإعلان العالمي لحقوق الإنسان. وتجسد الدولة هذه المبادئ في جميع الحقول والمجالات دون استثناء.
ج- لبنان جمهورية ديمقراطية برلمانية، تقوم على احترام الحريات العامة، وفي طليعتها حرية الرأي والمعتقد، وعلى العدالة الاجتماعية والمساواة في الحقوق والواجبات بين جميع المواطنين دون تمايز أو تفضيل. (…)
و- النظام الاقتصادي حر يكفل المبادرة الفردية والملكية الخاصة.
(…)
ط- أرض لبنان أرض واحدة لكل اللبنانيين. فلكل لبناني الحق في الإقامة على أي جزء منها والتمتع به في ظل سيادة القانون، فلا فرز للشعب على أساس أي انتماء كان، ولا تجزئة ولا تقسيم ولا توطين.
ي- لا شرعية لأي سلطة تناقض ميثاق العيش المشترك.

32. ولما كان “العيش المشترك” المنصوص عنه في الفقرة “ي” من مقدمة الدستور لا يمكن أن يتحقّق خلافاً لمضمون الفقرات “ب” و”ج” و”هـ” و”ط” من المقدمة عينها؛

33. ولما كانت مقدمة الدستور جزءاً لا يتجزأ من الدستور كما هو حال جميع النصوص القانونية الرسمية؛

34. ولما كان الدستور بمادته السابعة قد نصّ على مساواة المواطنين في المسؤولية الجزائية أمام القانون:
كل اللبنانيين سواء لدى القانون وهم يتمتعون بالسواء بالحقوق المدنية والسياسية ويتحملون الفرائض والواجبات العامة دون ما فرق بينهم؛

35. ولما كان الدستور لم يمنح الوزراء ورئيس الحكومة حصانةً مطلقة وإنما ربطها بالوظيفة، مميزاً بين جرائم الخيانة العظمى والإخلال بالوظيفة وسياسة الحكومة العامة، وبين الجرائم الأخرى أياً كانت، كما حصر حصانة النواب بالآراء التي يعبّر عنها هؤلاء بما يحميهم من الملاحقة بموجب جرم القدح والذم (كما هو حال حصانة المحامي):
المادة /39/:
لا يجوز إقامة دعوى جزائية على أي عضو من أعضاء المجلس بسبب الآراء والأفكار التي يبديها مدة نيابته.
المادة /40/:
لا يجوز في أثناء دور الانعقاد اتخاذ إجراءات جزائية نحو أي عضو من أعضاء المجلس أو القاء القبض عليه إذا اقترف جرماً جزائياً إلا بإذن المجلس، ما خلا حالة التلبس بالجريمة (الجرم المشهود).
المادة /66/:
لا يلي الوزارة إلا اللبنانيون ولا يجوز تولي الوزارة إلا لمن يكون حائزاً على الشروط التي تؤهله للنيابة. يتولى الوزراء إدارة مصالح الدولة ويُناط بهم تطبيق الأنظمة والقوانين كل بما يتعلق بالأمور العائدة إلى إدارته وبما خصّ به. يتحمل الوزراء إجمالياً تجاه مجلس النواب تبعة سياسة الحكومة العامة، ويتحملون إفرادياً تبعة أفعالهم الشخصية.
المادة /70/:
لمجلس النواب أن يتهم رئيس مجلس الوزراء والوزراء بارتكابهم الخيانة العظمى أو بإخلالهم بالواجبات المترتبة عليهم، ولا يجوز أن يصدر قرار الاتهام إلا بغالبية الثلثين من مجموع أعضاء المجلس. ويحدد قانون خاص شروط مسؤولية رئيس مجلس الوزراء والوزراء الحقوقية.

36. ولما كانت الجرائم المُشار إليها جميعاً هي مشهودة لجهة أن أصحابها عبروا عنها صراحة من على منابر علنية فعلية أو افتراضية شهدها الآلاف من اللبنانيين على الأقلّ، فيكون شرط “الجرم المشهود” متوفراً لجهة المدعى عليهم جميعاً؛

37. ولما كان المشرّع اللبناني لم يصدر حتى الآن قانوناً خاصاً بأصول ملاحقة رئيس مجلس الوزراء والوزراء جزائياً في الجرائم العادية، فيكون على القضاء واجب الاستناد إلى النصوص الخاصة ويجتهد في التفسير والقياس معاً:

قانون أصول المحاكمات أمام المجلس الأعلى (مرسوم اشتراعي 13/1990)

38. حصر قانون أصول المحاكمات أمام المجلس الأعلى لمحاكمة الرؤساء والوزراء ورؤساء الحكومة، الذي تم تشكيله وفقاً للمادة /80/ من الدستور اللبناني، في المادة /18/ منه، صلاحية اتهام الوزراء من قبل المجلس النيابي بجرمي الخيانة العظمى والإخلال بواجبات الوظيفة، بما يحسم عدم صلاحية المجلس النيابي لاتهام/الادعاء على الوزراء في إطار أي جريمة أخرى يرتكبونها غير جريمتي الخيانة العظمى والإخلال بواجبات الوظيفة:
“لا يمكن اتهام رئيس الجمهورية لعلتي خرق الدستور والخيانة العظمى أو بسبب الجرائم العادية إلا من قبل المجلس النيابي. وللمجلس النيابي أن يتهم رؤساء الحكومة والوزراء لارتكابهم الخيانة العظمى او لإخلالهم بالموجبات المترتبة عليهم”؛

39. ولما كان الدستور والمبادئ العامة للقانون والاتفاقيات الدولية والاجتهاد والفقه كلها مصادر أساسية للقانون، وخصوصاً لجهة تطبيق ما نصّ عليه الدستور في حتمية المساواة بين اللبنانيين أمام القانون في الحقوق والموجبات، فإن قانون العقوبات يجب أن يُطبّق على الوزراء المرتكبين للجرائم الجزائية العادية/الأخرى كما يُطبّق على أشخاص الوظيفة العامة، ومن هنا وجوب اعتماد القياس في تحديد أصول الملاحقة الجزائية للوزراء في الجرائم العادية التي يرتكبونها ولم يخصّها الدستور بنص؛

قانون نظام الموظفين العامين – مرسوم اشتراعي رقم 112/1959

40. حدّد قانون نظام الموظفين شروط الملاحقة الجزائية للموظف العام في مادته /61/ كما يلي:
المادة /61/:
1- يُحال على القضاء الموظف الذي يتبين أن الاعمال المنسوبة إليه تشكل جرما يعاقب عليه قانون العقوبات وغيره من القوانين النافذة.
2- إذا كان الجرم ناشئاً عن الوظيفة فلا يجوز ملاحقة الموظف إلا بناء على موافقة الادارة التي ينتمي إليها.
3- لا تحرَّك دعوى الحق العام بواسطة الادعاء الشخصي المباشر، وعلى النيابة أن تستحصل على موافقة الإدارة قبل المباشرة بالملاحقة إذا كان الجرم ناشئاً عن الوظيفة.
4- إذا حصل خلاف بين النيابة العامة والإدارة المختصة حول وصف الجرم، ما إذا كان ناشئا عن الوظيفة أو غير ناشئ عنها، عُرض الأمر على هيئة مجلس الخدمة المدنية للبتّ فيه إذا كان الموظف من الدوائر التابعة لسلطته، أما إذا كان الموظف من غير الدائرة التابعة لسلطته فيكون القول الفصل للإدارة المختصة.
5- إن دعوى الحق العام مستقلة عن الدعوى التأنيبية. ولا تحول إقامة دعوى الحق العام دون إقامة الدعوى التأنيبية والسير بها والحكم فيها”؛

41. ولما كان الرأي القضائي اللبناني قد فسّر الدستور لجهة إحالته الوزراء للقضاء الجزائي في أفعالهم الجرمية الجزائية العادية. إذ قال القاضي المتقاعد الدكتور سليم سليمان، القاضي السابق في مجلس شورى الدولة، ورئيس المحكمة الإدارية وهيئة التحكيم في جامعة الدول العربية، وعضو لجنة الدراسات الدستورية والقانونية في الرابطة المارونية، والمستشار القانوني المفضّل لعدد من الوزراء والسياسيين المخضرمين حاضراً وسابقاً، في مقابلة نشرتها مجلة “محكمة” بتاريخ 19/7/2019 (العدد /40/): “يُعاقَب المجرم على سلوك يعتبر خطراً على المجموعة (…) ويُعتبر هذا الأساس الذي لا بدّ منه لبقاء الفرد والمجموعة وتطورّهما ونموهما الواحد للآخر، ومن يتعرّض لهذه الأسس بمفرده فرداً كان أو جماعة يستجلب المعاقبة بالإخراج من الحماية التي توفّرها القواعد التي تحمي هذه الأسس والمتمثّلة بقانون العقوبات والمساواة تجاه هذا القانون، والتي تتضمّن حماية من يتقيّد بأحكامه على السواء ومعاقبة من يخالف أحكامه على السواء حاكماً كان أم محكوماً. هذا ما نصّت عنه المادة /7/ من الدستور بكلّ وضوح – كل اللبنانيين سواء لدى القانون – ورئيس الجمهورية ورئيس الوزراء والوزراء والمواطنون سواء لدى قانون الجزاء”؛

42. ويضيف القاضي سليمان: “لقد نصّت المادة /60/ [من الدستور] على أن جرائم رئيس الجمهورية العادية هي خاضعة للقوانين العامة. والمقصود هنا قانون الجزاء. ولم يتضمّن الدستور نصّاً مشابهاً في ما يختص بجرائم رئيس الوزراء والوزراء العادية، أيّ ما خلا الخيانة العظمى والإخلال بواجبات الوظيفة، لأنّ المواد الدستورية الأخرى التي وضعت قاعدة المساواة بين جميع المواطنين تجاه القوانين، وبخاصة قانون العقوبات الحامي لأسس المجتمع، تضمنّت قاعدة خضوع رئيس الوزراء والوزراء لقوانين الجزاء العادية، وكان بإمكان المشترع الدستوري أن لا يورد النصّ الذي أورده في المادة /60/ لهذه الجهة في ما يخصّ رئيس الجمهورية (…) ونظراً لاستقلال الملاحقة الجزائية عن الملاحقة التأديبية والعكس بالعكس، فليس ما يحول دون ملاحقة رئيس الوزراء والوزراء أمام المرجعين، أي المجلس الأعلى والقضاء الجزائي بالجرائم الجزائية العادية”؛

43. ولما كانت إجراءات الملاحقة الجزائية المنصوص عنها أعلاه ضمن قانون نظام الموظفين العامين تنطبق على كل من المدعى عليهما الأول والثاني؛

النظام الداخلي للمجلس النيابي المعدّل – مرسوم اشتراعي 52/2003

44. ومثلما الحصانة الوزارية هي شكلية، وتتوقف على تطبيق جملة إجراءات ريثما يتمّ التثبت مما إذا كان جرم مرتكبها المحصّن مرتبطاً بالوظيفة، أو بجرم نصّ الدستور على حصره بصلاحيات مجلس النواب والمجلس الأعلى لمحاكمة الرؤساء والوزراء، أم غير ذلك من الجرائم العادية، كذلك هي الحصانة النيابية التي حدد النظام الداخلي المعدّل للمجلس النيابي شروطها كالتالي:
المـادة /91/:
يقدم طلب الإذن بالملاحقة وزير العدل مرفقاً بمذكرة من النائب العام لدى محكمة التمييز تشتمل على نوع الجرم وزمان ومكان ارتكابه وعلى خلاصة عن الأدلة التي تستلزم اتخاذ إجراءات عاجلة.
المـادة /92/:
يقدم طلب رفع الحصانة إلى رئيس المجلس الذي يدعو هيئة مكتب المجلس ولجنة الإدارة والعدل إلى جلسة مشتركة لدرس الطلب، وعلى هذه الهيئة تقديم تقرير بشأنه في مهلة أقصاها أسبوعان.
المـادة /93/:
إذا لم تقدم الهيئة المشتركة تقريرها في المهلة المعنية في المادة السابقة، وجب على رئاسة المجلس إعطاء علم بذلك للمجلس في أول جلسة يعقدها، وللمجلس أن يقرر منح الهيئة المشتركة مهلة إضافية بالقدر الذي يراه كافياً، أو وضع يده على الطلب والبتّ به مباشرة.
المـادة /96/:
يتخذ قرار رفع الحصانة بالأكثرية النسبية وفقًا للمادة 34 من الدستور.
المـادة /97/:
إذا لوحق النائب بالجرم المشهود أو خارج دورة الانعقاد أو قبل انتخابه نائباً تستمر الملاحقة في دورات الانعقاد اللاحقة دون حاجة إلى طلب إذن المجلس، ولكن على وزير العدل أن يحيط المجلس علماً بالأمر في أول جلسة يعقدها وللمجلس الحقّ بأن يقررّ عند الاقتضاء بناء على تقرير الهيئة المشتركة المشار اليها في المادة 100 وقف الملاحقة بحق النائب وإخلاء سبيله مؤقتا اثناء الدورة إذا كان موقوفاً وذلك إلى ما بعد دور الانعقاد.
المـادة /98/:
للهيئة المشتركة وللمجلس عند درس ومناقشة طلب رفع الحصانة تقدير جدية الملاحقة
والتأكد من أن الطلب بعيد عن الغايات الحزبية والسياسية ولا يستهدف حرمان النائب من ممارسة عمله النيابي.

45. ولما كانت شروط الملاحقة الجزائية للنواب في الجرائم الجزائية المشهودة المنصوص عنها أعلاه تنطبق على المدعى عليهما الأول والخامس؛

قانون العقوبات المعدّل – المرسوم الاشتراعي 340/1943

46. ولما كانت المادة /317/ من قانون العقوبات اللبناني المعدّل، ضمن الفصل الثاني “في الجرائم الواقعة على أمن الدولة الداخلي”، النبذة الخامسة منه “في الجرائم التي تنال من الوحدة الوطنية أو تعكر الصفاء بين عناصر الأمة”، قد نصّت على ما حرفيته:
“كل عمل وكل كتابة وكل خطاب يقصد منها أو ينتج عنها إثارة النعرات المذهبية أو العنصرية أو الحض على النزاع بين الطوائف ومختلف عناصر الأمة يعاقب عليه بالحبس من سنة إلى ثلاث سنوات وبالغرامة من مئة إلى ثمانمائة ألف ليرة وكذلك بالمنع من ممارسة الحقوق المذكورة في الفقرتين الثانية والرابعة من المادة 65 ويمكن للمحكمة أن تقضي بنشر الحكم”.

47. ولما كانت الفقرتين الثانية والرابعة من المادة /65/ من قانون العقوبات اللبناني، قد نصّتا على ما الحرمان من:
2- الحق في تولي الوظائف والخدمات في إدارة شؤون الطائفة المدنية أو إدارة النقابة التي ينتمي إليها. (…)
4- الحق في أن يكون ناخباً أو منتخباً في جميع منظمات الطوائف والنقابات (…).”

48. ولما كانت المادة /317/ ع. استحدثت باللغة الفرنسية في العام 1943، وعُدّلت مرة أولى في العام 1954 (لتشديد العقوبة الحبسية من 6-24 شهراً إلى 12-36 شهراً والمالية من 25-200 ل.ل. إلى 50-400 ل.ل.)، ومرة ثانية في العام 1993 (لتشديد العقوبة المالية إلى 100-800 ألف ل.ل.)، في دلالة واضحة على رغبة المشترع بتشديد الرادع الجزائي ضد مرتكبي هذا الجرم. وجاءت عبارة “مختلف عناصر الأمة” كترجمة غير دقيقة les communautés ou les différents éléments de la population ، أي “المجتمعات أو العناصر المختلفة للسكان”:
Art. 317: Tout acte, tout écrit rendu public, tout discours dont le but ou l’effet est d’éxciter l’esprit de corps confessionnel ou éthnique et de suxiter des conflits entre les communautés ou les différents éléments de la population, sera passible d’un emprisonnement de six mois à deux ans et d’une amende de vingt-cinq à deux cent cinquante livres, ainsi que de l’intérdiction de l’exercée des droits mentionnés à l’article 65 – par. 2 et 4. Le tribunal pourra ordonner la publication du jugement.

49. ولما كانت “المجتمعات” التي تمثّل السكان في أي بلدٍ تشمل في من تشمل المواطنين، والمقيمين، والعمال المهاجرين، واللاجئين، وطالبي اللجوء، والسياح، وغيرهم ممن يمثلون “مجتمعاتٍ” صغيرة تعيش ضمن “الأمة” = “السكان” = “population”:
Une “population” désigne l’ensemble des habitants vivant dans un pays, ou un lieu determiné.
(Dictionanire Juridique, Larousse, La Toupie, Le Dictionnaire…)

50. ولما كانت الأفعال المعدّدة ضمن “الوقائع” أعلاه ينطبق عليها وصف جرائم المادة /317/ ع. لجهة المدعى عليهم السبعة، كتابةً وخطاباً، ولجهة المدعى عليه الثاني، على الأقلّ، عملاً؛

قانون أصول المحاكمات الجزائية المعدّل – المرسوم الاشتراعي 328/2001

51. ولما كانت المادة الخامسة من قانون أصول المحاكمات الجزائية اللبناني قد نصّت على أن “دعوى الحق العام، الرامية إلى ملاحقة مرتكبي الجرائم والمسهمين فيها وإلى تطبيق العقوبات والتدابير في حقهم، منوطة بقضاة النيابة العامة المعنيين في هذا القانون. أما دعوى الحق الشخصي بالتعويض عن الضرر الناتج عن الجرائم فهي حق لكل متضرر. كل شخص تقام عليه دعوى الحق العام يسمى مدعى عليه، ويسمى ظنينا إذا ظن فيه بجنحة ومتهماً إذا اتهم بجناية”؛

52. ولما كان المدعون أصحاب صفة ومصلحة في الادعاء الحاضر، حيث أنهم يمثّلون أفراداً وجماعات مكونات مختلفة من “عناصر الأمة” التي لحق بها ضرر معنوي شديد بسبب ما أقدم عليه المدعى عليهم السبعة من إثارة للنعرات الطائفية/المذهبية و/أو العنصرية و/أو الحض على النزاعات في ما بين “عناصر الأمة” هذه في أوقاتٍ لم يمرّ عليها الزمن، وبما أثاره هؤلاء من قلق وخوف من زيادة زعزعة استقرارهم (المترنّح أصلاً بسبب الأزمة الاقتصادية) في ضوء انجرار أفراد ومجموعات مختلفة في لبنان نحو العنف المعنوي أو البدني تأثراً بهذه الخطابات؛

53. ولما كانت المادة /147/ أ.م.ج. قد نصّت على وجوب تبليغ موظفي القطاع العام أي أوراق قضائية عبر رؤسائهم: ” يبلغ رجال السلك الديبلوماسي والقنصلي أوراق دعوتهم بواسطة وزارة الخارجية. يُبلّغ العسكريون أوراق دعوتهم بواسطة قادة قطعهم” من دون أن تشير إلى موظفي القطاع العام الذين ورد فيهم نصّ خاص ضمن “قانون نظام الموظفين” المُشار إليه ضمن المقطع (38)؛

ب‌. في النصوص القانونية الدولية

الإعلان العالمي لحقوق الإنسان

54. لما كان “الإعلان العالمي لحقوق الإنسان” المعتمد من قبل الجمعية العامة للأمم المتحدة بتاريخ 10/12/1948، قد نصّ في مادته الثانية على أن “لكلِّ إنسان حقُّ التمتُّع بجميع الحقوق والحرِّيات المذكورة في هذا الإعلان، دونما تمييز من أيِّ نوع، ولا سيما التمييز بسبب العنصر، أو اللون، أو الجنس، أو اللغة، أو الدِّين، أو الرأي سياسيًّا وغير سياسي، أو الأصل الوطني أو الاجتماعي، أو الثروة، أو المولد، أو أيِّ وضع آخر…”، وفي مادته السابعة على أن “الناسُ جميعًا سواءٌ أمام القانون، وهم يتساوون في حقِّ التمتُّع بحماية القانون دونما تمييز، كما يتساوون في حقِّ التمتُّع بالحماية من أيِّ تمييز ينتهك هذا الإعلانَ ومن أيِّ تحريض على مثل هذا التمييز”، وفي الفقرة الأولى من مادته /13/ على أن “لكلِّ فرد حقٌّ في حرِّية التنقُّل وفي اختيار محلِّ إقامته داخل حدود الدولة”، وفي مادته /14/ على أن “لكّل فرد حق التماس ملجأ في بلدان أخرى والتمتّع به خلاصاً من الاضطهاد”؛

الإعلان العالمي للقضاء على جميع أشكال التعصب والتمييز القائمين على أساس الدين أو المعتقد

55. ولما كان “الإعلان العالمي للقضاء على جميع أشكال التعصب والتمييز القائمين على أساس الدين أو المعتقد” المعتمد من الجمعية العامة للأمم المتحدة بتاريخ 25/11/1981 قد نصّ على ما يلي:
المادة 2:
“1. لا يجوز تعريض أحد للتمييز من قبل أية دولة أو مؤسسة أو مجموعة أشخاص أو شخص على أساس الدين أو غيره من المعتقدات.
2. في مصطلح هذا الإعلان، تعنى عبارة “التعصب والتمييز القائمان على أساس الدين أو المعتقد” أي تمييز أو استثناء أو تقييد أو تفضيل يقوم على أساس الدين أو المعتقد ويكون غرضه أو أثره تعطيل أو انتقاص الاعتراف بحقوق الإنسان والحريات الأساسية أو التمتع بها أو ممارستها على أساس من المساواة”؛
المادة 3:
“التمييز بين البشر على أساس الدين أو المعتقد يشكّل إهانة للكرامة الإنسانية وإنكارا لمبادئ ميثاق الأمم المتحدة، ويجب أن يشجب بوصفه انتهاكا لحقوق الإنسان والحريات الأساسية التي نادى بها الإعلان العالمي لحقوق الإنسان والواردة بالتفصيل في العهدين الدوليين الخاصين بحقوق الإنسان، وبوصفه عقبة في وجه قيام علاقات ودية وسلمية بين الأمم”؛
المادة 4:
“1. تتخذ جميع الدول تدابير فعالة لمنع واستئصال أي تمييز، على أساس الدين أو المعتقد، في الاعتراف بحقوق الإنسان والحريات الأساسية في جميع مجالات الحياة المدنية والاقتصادية والسياسية والاجتماعية والثقافية، وفى التمتع بهذه الحقوق والحريات.
2. تبذل جميع الدول كل ما في وسعها لسن التشريعات أو إلغائها حين يكون ذلك ضروريا للحؤول دون أي تمييز من هذا النوع، ولاتخاذ جميع التدابير الملائمة لمكافحة التعصب القائم على أساس الدين أو المعتقدات الأخرى في هذا الشأن.”؛

العهد الدولي الخاص بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية

56. لما كانت “العهد الدولي الخاص بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية” الذي اعتمدته الجمعية العامة للأمم المتحدة بتاريخ 16/12/1966 ودخل حيّز النفاذ بتاريخ 3/1/1976، وصادق عليه لبنان بتاريخ 3/11/1972، قد ألزم الدول الأطراف فيه بما يلي:

المادة 2
2. تتعهد الدول الأطراف في هذا العهد بأن تضمن جعل ممارسة الحقوق المنصوص عليها في هذا العهد بريئة من أي تمييز بسبب العرق، أو اللون، أو الجنس، أو اللغة، أو الدين، أو الرأي سياسيا أو غير سياسي، أو الأصل القومي أو الاجتماعي، أو الثروة، أو النسب، أو غير ذلك من الأسباب.
المادة 13
1. تقر الدول الأطراف في هذا العهد بحق كل فرد في التربية والتعليم. وهي متفقة على وجوب توجيه التربية والتعليم إلى الإنماء الكامل للشخصية الإنسانية والحس بكرامتها وإلى توطيد احترام حقوق الإنسان والحريات الأساسية. وهي متفقة كذلك على وجوب استهداف التربية والتعليم تمكين كل شخص من الإسهام بدور نافع في مجتمع حر، وتوثيق أواصر التفاهم والتسامح والصداقة بين جميع الأمم ومختلف الفئات السلالية أو الإثنية أو الدينية، ودعم الأنشطة التي تقوم بها الأمم المتحدة من أجل صيانة السلم.

الاتفاقية الدولية للقضاء على جميع أشكال التمييز العنصري

57. ولما كانت “الاتفاقية الدولية للقضاء على جميع أشكال التمييز العنصري” التي اعتمدتها الجمعية العامة للأمم المتحدة في 21/12/1965 وصادق عليها لبنان في 12/11/1971 ودخلت حيز النفاذ في 4/1/1969، عرّفت في مقدمتها “التمييز العنصري” على أنه “أي تمييز أو استثناء أو تقييد أو تفصيل يقوم على أساس العرق أو اللون أو النسب أو الأصل القومي أو الاثني ويستهدف أو يستتبع تعطيل أو عرقلة الاعتراف بحقوق الإنسان والحريات الأساسية أو التمتع بها أو ممارستها، علي قدم المساواة، في الميدان السياسي أو الاقتصادي أو الاجتماعي أو الثقافي أو في أي ميدان آخر من ميادين الحياة العامة، وأدانت صراحة الخطاب القائم على التفوق العنصري، وألزمت الدول الأطراف بأن تضمن حقّ التقاضي وطنياً بوجه مرتكبي هذا الأفعال:
المادة 4:
“تشجب الدول الأطراف جميع الدعايات والتنظيمات القائمة على الأفكار أو النظريات القائلة بتفوق أي عرق أو أية جماعة من لون أو أصل اثني واحد، أو التي تحاول تبرير أو تعزيز أي شكل من أشكال الكراهية العنصرية والتمييز العنصري، وتتعهد باتخاذ التدابير الفورية الإيجابية الرامية إلى القضاء على كل تحريض على هذا التمييز وكل عمل من أعماله، وتتعهد خاصة، تحقيقا لهذه الغاية ومع المراعاة الحقه للمبادئ الواردة في الإعلان العالمي لحقوق الإنسان وللحقوق المقررة صراحة في المادة 5 من هذه الاتفاقية، بما يلي:
(أ) اعتبار كل نشر للأفكار القائمة على التفوق العنصري أو الكراهية العنصرية، وكل تحريض على التمييز العنصري وكل عمل من أعمال العنف أو تحريض على هذه الأعمال يرتكب ضد أي عرق أو أية جماعة من لون أو أصل أثني آخر، وكذلك كل مساعدة للنشاطات العنصرية، بما في ذلك تمويلها، جريمة يعاقب عليها القانون،
(ب) إعلان عدم شرعية المنظمات، وكذلك النشاطات الدعائية المنظمة وسائر النشاطات الدعائية، التي تقوم بالترويج للتمييز العنصري والتحريض عليه، وحظر هذه المنظمات والنشاطات واعتبار الاشتراك في أيها جريمة يعاقب عليها القانون،
(ج) عدم السماح للسلطات العامة أو المؤسسات العامة، القومية أو المحلية، بالترويج للتمييز العنصري أو التحريض عليه”.
المادة 6:
“تكفل الدول الأطراف لكل إنسان داخل في ولايتها حق الرجوع إلى المحاكم الوطنية وغيرها من مؤسسات الدولة المختصة لحمايته ورفع الحيف عنه على نحو فعال بصدد أي عمل من أعمال التمييز العنصري يكون انتهاكاً لما له من حقوق الإنسان والحريات الأساسية ويتنافى مع هذه الاتفاقية، وكذلك حق الرجوع إلى المحاكم المذكورة التماسا لتعويض عادل مناسب أو ترضية عادلة مناسبة عن أي ضرر لحقه كنتيجة لهذا التمييز.”

58. ولما كانت الاتفاقية المذكورة قد عمّمت، بتاريخ 1/10/2004، عبر لجنتها الخاصة بمكافحة التمييز العنصري “توصية عامة” على جميع الدول الأطراف في الاتفاقية تقضي بوجوب توخي التشريعات الوطنية الخاصة “عدم ممارسة التمييز بناء على الجنسية أو العرق أو الإثنية أو اللون في قرارات الإبعاد والترحيل، وبوجوب منح حقوق تقاضي متساوية لهؤلاء من أجل الطعن في قرارات ترحيلهم/إبعادهم”؛

اتفاقية مناهضة التعذيب وغيره من ضروب المعاملة أو العقوبة القاسية أو اللاإنسانية أو المهينة

59. ولما كانت “اتفاقية مناهضة التعذيب وغيره من ضروب المعاملة أو العقوبة القاسية أو اللاإنسانية أو المهينة” الصادرة عن الجمعية العامة للأمم المتحدة في 10/12/1984، والتي دخلت حيز النفاذ في 26/6/1987 وصادق عليها لبنان بتاريخ 25/10/2000 وتنصّ في مادتها الثالثة على أنه:
“1- لا يجوز لأية دولة طرف أن تطرد أي شخص أو تعيده أو أن تسلّمه إلى دولة أخرى، إذا توافرت لديها أسباب حقيقة تدعو إلى الاعتقاد بأنه سيكون في خطر التعرض للتعذيب.
2- تراعي السلطات المختصة لتحديد ما إذا كانت هذه الأسباب متوافرة، جميع الاعتبارات ذات الصلة، بما في ذلك، في حالة الانطباق، وجود نمط ثابت من الانتهاكات الفادحة أو الصارخة أو الجماعية لحقوق الإنسان في الدولة المعنية”؛

60. ولما كانت ذاكرة اللبنانيين لم تبرأ من ويلاتِ الحرب الأهلية التي أودت بحياة 120 ألف شخصٍ على الأقلّ و170 ألف مخفيّ قسرياً لم تزل أسرهم محرومة من الخلاص بمعرفة مصيرهم، ولما كانت “القيم التي نزعم كلبنانيين النطق بلسانها والتعبير عنها مُهدَّدة في وجودها ذاته، فضلاً عن مصداقيّة زعمنا لها”، كما وصف البيان الأهلي الصادر بتاريخ 25/6/2019، فإن “هذه القيم هي بالذات ما يستحقّ أن نقاتل لأجله”، بأداة القانون الذي نعلّق عليه كل ما تبقى من آمالنا لبناء الدولة الحديثة التي طالَ تطلّعنا إلى قيامها. ولن تكون قيامةٌ لها من دون قضاءٍ عادل وقويّ.

لكل هذه الأسباب
ولما قد ترتئيه نيابتكم الموقّرة
ولما قد ندلي به لاحقاً

جاءت إليكم الجمعيات اللبنانية المدعية، لتطلب منكم استدعاء المدعى عليهم السبعة وفقاً للأصول القانونية المتبعة، وذلك للتحقيق معهم في الجرائم المنسوبة إليهم والمجرّمة وطنياً ودولياً، متخذةً صفة الادعاء الشخصي بحقهم وبحق كل من يظهره التحقيق فاعلاً أو شريكاً أو متدخلاً أو محرضاً بجرم المادة /317/ من قانون العقوبات اللبناني، وإحالتهم إلى القضاء المختص تمهيداً لمحاكمتهم، ولردعهم عن تكرار أفعالهم الجرمية بحق مكونات و”عناصر الأمة” والمجتمعات التي تشترك في العيش في لبنان، مع استعداد الجهة المدعية للرجوع عن الشكوى الحالية فيما لو أظهر هؤلاء ندماً على الخطابات والأفعال التي أقدموا عليها، وتقدّموا باعتذار رسميٍّ عنها للجمعيات المدعية، وللشعب اللبناني ومكونات الأمة جميعاً، ومع إصرار الجهة المدعية على أن يضع القضاء الوطني بالذات، لا القنوات القضائية الدولية، حداً لهذه الأفعال الجرمية المهدّدة للسلم الأهلي و”العيش المشترك”، حتى لا تُضطرّ إلى البحث عن ملاذٍ قانوني خارج بلدها الذي أطلق الرومان على عاصمته لقبَ “أمّ الشرائع”، في زمنٍ ولّى.

ولكم منا جزيل الشكر والتقدير لحكمتكم وعدلكم.

مع فائق الاحترام وبالوكالة،