أخبار عاجلة

عَ مدار الساعة


يسوع لماريا فالتورتا عن “قصيدة الإنسان – الإله”: لأجد عند عودتي الإيمان والمحبة.. ,لمواجهة أزمنة الحداثة والتنين الأحمر..

♰ لا تعرفون كلَّ شيءٍ عني.. المُفيد أكثر لكم إحراقُ كثيرٍ من العلم غير المُفيد..
♰ الله الواحد والثالوثي كان ينال تعزيته بحُبّ مريم.. الوسيلة ليتمكّن الله العودة لتمجيد نفسه بخليقته..
♰ يعتقدون بأن من المسموح إستغلال حِلمه واختباره. لا يُهزأ بالله..

♰ لهذا العصر حيث الإنسانية تندفع نحو هاوية الظلمة، أَفتستطيعون منعي من ذلك؟
♰ استيقظوا وباركوا الشمس.. لا ترفُضوني. بي عطشٌ بل اقرأوه وأقرِؤه “لأن الزمن قريب..

* *

يقول يسوع:

“الأسباب التي دفعتني الى توضيح الفصول والكلمات التي وجههتها الى يوحنا الصغير (ماريا فالتورتا) وإملائها عدة، إلى فرح إبلاغ هذه النفس الضحية والمُحبة معرفةً صحيحة عني. لكن روح كلّ ذلك هي حبّي للكنيسة المعلمّة والمُجاهدة، والرغبة في مُساعدة النفوس في صعودها نحو الكمال. معرفتي ذلك يُساعد على الصعود. كلمتي صعود. 

أسمّي الرئيسية:

(1) 

الأسباب التي أفصحت عنها في إملاء 18-1-1947 التي سيضعها يوحنا الصغير هنا حرفياً. انه السبب الأخطر لأنكم سوف تهلكون وأُريد تخليصكم.

السبب الأعمق لهِبة هذا العمل، هو أن في هذه الأزمنة حيث الحداثة، التي دانها نائبي الأقدس بيوس العاشر، تفسد لتُولد عقائد أكثر ضرراً دوماً، تملك الكنيسة المُقدسَّة، المُمثلّة بنائبي، وسائل أكثر لمحاربة الذين يُنكرون:

  • الطابع الفائق الطبيعة لأركان العقيدة؛
  • أُلوهية المسيح، حقيقة المسيح، إلهاً وإنساناً، حقيقياً وكاملاً، كما بقصته (الإنجيل، أعمال الرسل، الرسائل الرسولية، التقلد)؛
  • عقيدة بولس ويوحنا ومجامع نيقية، أفسس وخلقيدونية، كما عقيدتي الصحيحة التي علمتُها أنا شفهياً؛
  • علمي اللامحدود لأنه إلهي وكامل؛
  • الأصل الإله لأركان العقيدة، لأسرار الكنيسة الواحدة، المُقدسّة، الكاتوليكية، الرسولية؛
  • الشمولية والإستمرارة، حتى نهاية الدهور، للإنجيل المُعطى مني ولكل البشر؛
  • الطبيعة الكاملة، منذ البدء، لعقيدتي التي لم تتكوَّن كما هي عبر تحوُّلاتٍ مُتتابعة، بل هي كما أُعطيت: عقيدة المسيح، زمن النعمة، ملكوت السموات وملكوت الله فيكم، إلهية، كاملة، ثابتة، بشرى سارّة لكل الذين بهم عطش الى الله.
  • في وجه التنين الأحمر ذي الرؤوس السبعة، القرون العشرة والتيجان السبعة فوق رأسه، الذي يجرّ بذنبه ثلث نجوم السماء ويقذفها الى أسفل – والحق أقول لكم انها تُقذَف إلى أسفل بَعْدُ من الأرض – والذي يضطهد المرأة، في وجه حيوانات البحر والأرض التي يعبدها كُثُرٌ للغاية، تُغويهم كما هي حالهم أشكالها وآياتها، ضَعوا ملاكي الذي يطير في وسط السماء مُمسكاً بالإنجيل الأبدي مفتوحاً جيداً حتى عند الصفحات المُقفَلة حتى الآن، ليتمكّن البشر من يُخلِّصوا أنفسهم، بفضل النور، من شرطة الحيّة العظيمة ذات الأشداق السبعة، التي تُريد إغراقهم في الظلمات، ولأجد بَعْدُ عند عودتي الإيمان والمحبة في قلب الذين ثابروا، وليكونوا أكبر عدداً مما يدَعنا عمل الشيطان والبشر نأمل بإمكان أن يكونوا.

(2)

إيقاظُ حبٍّ قوي لدى الكهنة ولدى العلمانيين، للإنجيل ولما يعود الى المسيح. قبل كل شيءٍ محبّة متجدِّدة لأمي، التي يكمن في صلواتها سرّ خلاص العالم. إنها هي، أمي، المُنتصرة على التنين الملعون. ساعدوا قدرتها بحًبّكم المُتجدِّد حيالها وبإيمانكم المُتجدِّد ومعرفتكم لما يعود إلى ذلك. مريم مَن أعطى العالم المُخلِّص. منها أيضاً سينال العالم الخلاص.

(3)

تقديم مساعدة للمعلمين الروحيين ومُرشدي النفوس من أجل خدمتهم، بدرس عالم الأرواح المُختلفة الذي عاش حولي، والطرق المتنوعّة التي استخدمتها لتخليصها.

ستكون بالفعل غباءً الرغبةُ في استعمالِ أسلوبٍ وحيد لكلّ النفوس. مُختلِفة طريقة اجتذابِ بارٍّ الى الكمال ينهد اليه عفواً، عن التي ينبغي استعمالها للذي هو مؤمنٌ إنما خاطئ، عن التي ينبغي استخدامها لوثنيّ، لديكم منها كثيرة حتى بينكم، إذ تمكنتم من أن تحكموا عليها وثنيةً، كما يحكم عليها معلمكم، الكائنات المسكينة التي استبدلت بالله الحق وثنَ السلطان والقوة، أو الذهب، أو الفِسْق، أو كبرياء علمها. ومختلفةٌ الطريقة التي يجب استعمالها لتخليص المُهتَدين العصريين، أي الذين  قبلوا الفكرة المسيحية إنما ليس الإنتماء إلى الحاضرة المسيحية، بالإنتماء إلى الكنائس المُنفصِلة. حذارِ أن يُحتقَر أحدٌ، وأقل من أيّ أخرى تلك النعاج الضالّة. أَحبّوها واسعوا إلى إعادتها إلى الحظيرة الوحيدة لتتمّ رغبة الراعي يسوع.

البعض يعترضون وهم يقرأون هذا العمل: “لا يبرز من الإنجيل ان يسوع كانت له اتصالات برومانيين أو يونانيين، ونرفض إذاً هذه الصفحات”. كم من أمورٍ لا تبرز من الإنجيل، أو تكاد لا تبدو خلف ستائر سميكة من الصمت أسدلها الإنجيليون بسبب عقليتهم العبرانية المُتعذِّرة الكسر في ما يخصّ فصولاً لا يؤيدونها! أَتتصوّرون معرفة كلّ ما فعلت؟

الحقّ أقول لكم انكم حتى بعد بعد قراءة هذا التوضيح لحياتي العامة وقبوله، لا تعرفون كلَّ شيءٍ عني. كنتُ قتلتُ، في تعب أن أكون مُدوِّنَ كلّ أيام خدمتي، وكلّ الأعمال المُتمِّمة في كلِّ من تلك الأيام، يوحناي الصغير، لو عرّفته إلى كل شيءٍ لينقل إليكم كل شيء! ثمة من بَعدُ أمورٌ أخرى صنعها يسوع أعتقد بأنها لو كُتِبت واحداً واحداً لما تمكّن العالم من احتواء الكتب التي يجب كتابتها”، يقول يوحنا. ما عدا المُبالغة، الحقّ أقول لكم لو كان يجب كتابة كلّ الأعمال الخاصة، كلَ تعليماتي الخاصة، تكفيراتي وتضرُّعاتي لخلاص نفسٍ، لكان ينبغي قاعات إحدى مكتباتكم، وإحدى أعظمها، لاحتواء الكتب التي تتكلّم عني. والحقّ أقول لكم أيضاً أن المُفيد أكثر لكم إحراقُ كثيرٍ من العلم غير المُفيد القديم والمُنحرف لإخلاء المكان لكتبي، من أن تعرفوا أموراً قليلة جداً عني، وتعبدوا هكذا إلى هذا تلك المطبوعات المُلطَّخة دوماً تقريباً بدنسٍ وهرطقة.

(4)

إعادتهما إلى حقيقتهما وجها إبن الإنسان ومريم، إبنا آدمٍ الحقيقيان بالنسبة إلى الجسد والدم، إنما آدمٍ بريء. مثلما كان يجب أن يكون أبناء الإنسان، لو لم يُحقِّرِ الوالدان الأولان إنسانيتهما الكاملة – بمعنى كلمة إنسانٍ، أي مخلوق فيه طبيعة مزدوجة، الطبيعة الروحية، على صورة الله ومثاله، والطبيعة المادية – كما تعلمون أنهما فعلاً. حواسّ كاملة. أي خاضعة للعقل، على رغم لطافتها العظيمة. في الحواسّ، أُدرجُ الحواسّ الأخلاقية مع الحواسّ الجسدية. حبٌّ تام وكامل إذاً، في آنٍ للزوج الذي لا تربطها به الشهوة، بل فقط علاقةُ حُبٍّ روحي، وللإبن، المحبوب تماماً، المحبوب بكل كمالِ إمرأةٍ كاملة للابن المولود منها. هكذا كان على حواء أن تُحِبّ: مثل مريم: اي ليس للمتعة الجسدية التي يأتي بها الإبن، بل لأن هذا الإبن كان إبنَ الخالق وإتماماً للطاعة لأمره بتكثير الجنس البشري.

ومحبوبٌ بكل اضطرامِ مُؤمنةٍ كاملة تعلم إبنها ليس في الصورة، بل حقاً: إبن الله. إلى الذين يجدون حُبّ مريم مُفرطاً في العطف، أقول بتأمُّل مَنْ كانت مريم: المرأة البلا خطيئةٍ والبلا عيبٍ إذاً لمحبّتها حيال الله، حيال والدَيها، حيال زوجها، حيال إبنها، حيال القريب، بتأمُّل ما كانت تراه أُمه فيَّ فوق رؤيتها إبن أحشائها، وتأمُّل جنسية مريم أخيراً. أصل عبراني، أصلٌ شرقي، وزمنٌ بعيد جداً عن الأزمنة الحاضرة. هكذا ينتج من هذه العناصر تفسير بعض التضخيمات الشفهية للحُبّ التي يمكن أن تبدو مُبالغاً فيها. أسلوبٌ مزخرف ومُفخّم، حتى في اللغة العادية، الأسلوب الشرقي والعبراني. كلّ كتابات ذلك الزمان وذلك الأصل برهانٌ على الأمر، وتسلسل القرون لم يُغيِّرْ كثيراً أسلوب الشرق.

لأنكم أنتم، بعد عشرين قرناً، وحين قتل فسادُ الحياة حُبًّا بهذه العظمة، تدّعون بأن عليكم أن تجدوا في هذه الصفحات مريمَ ناصرةٍ كما إمرأة زمنكم اللامُباليِة والسطحية؟ مريم هي ما هي، ولا نُحوِّل إبنة اسرائيل اللطيفة، الطاهرة، الودودة، عروس الله، أُمّ الله البتولية، امرأةً مُتهوِّسة على نحو مُفرِط، على نحو مَرضيّ، أو إمرأة من عصركم أنانية على نحو بارد.

إلى الذين يَرون حُبّ يسوع لمريم مُفرطاً في العطف، أقول بتأمُّل أن الله كان في يسوع، وأن الله الواحد والثالوثي كان ينال تعزيته بحُبّ مريم، تلك التي كانت تدفع له ثانيةً من ألم كلّ الجنس البشري، الوسيلة ليتمكّن الله العودة لتمجيد نفسه بخليقته، والتي تمدّ سماواته بسكان. وليتأمّلوا أخيراً أن كلّ حبٍّ يصبح أثيماً حين، وفقط، حين يُخالف النظام، أي حين يُناهِض مشيئة الله والواجب الذي نبغي إتمامه.

والحال هذه تأملّوا: هل فعلُ مريم ذلك؟ هل فعل حُبّي ذلك؟ هل منعتني، بحُبٍّ أناني، من أن أفعل كلّ مشيئة الله؟ هل بحُبٍّ مُضطَّرب لأُمي، نكرت ربما مهمتي؟ لا. كلا الحُبّان لم يكن لهما سوى رغبةٍ واحدة: أن تتمّ مشيئة الله لخلاص العالم. والأُم قامت بكلّ الوداع لإبنها، والإبن قام بكل الوداع لأُمه، مُسلمّةً ابنها لصليب التعليم العام ولصليب الجلجلة، مُسلِّماً أمه للوحدة والتمزُّق لتكون شريكةً في الفداء، من دون اعتبار إنسانيتتنا التي كانت تشعر  بأنها مُمزَّقة، وقلبنا الذي كان يشعر بأنّه مُحطّم ألماً. أذلك ضعفٌ؟ تكلُّفُ عاطفة؟ إنه الحُبّ الكامل، أيها البشر الذين لا يعرفون أن يُحبّوا، والذين ما عادوا يفهمون الحُبّ ونداءاته!

ولهذا العمل أيضاً هدفُ توضيحِ نقاطٍ غطّتها بجهالاتٍ مجموعةٌ مُعقَّدة من الظروف وتُشكِّل هكذا مناطق مُعتمة في وضوح اللوحة الإنجيلية، ونقاطٍ تبدو انقطاعات، وليست سوى نقاطٍ أصبحت مُعتِمة، بين فصلٍ أو آخر، نقاطٍ لا تُقرأ، وفي توضيحها المفتاح لنفهم بالضبط بعض المواقف الناشئة وبعض استعمالات القوّة التي اضطُّرِرت إليها، التي كانت تتناقض كثيراً مع حضّي المُستمرّ على المغفرة، على الوداعة وعلى التواضع، بعض تصلُّبٍ حيال أخصامٍ عنيدين وما من شيءٍ كان يُمكنه تحويلهم عن رأيهم. تذكَّروا كلّكم أن الله، بعد استخدام كلّ رحمته، يعرف أيضاً، وهو موضع افتخارٍ له، أن يقول: “ذلك يكفي” للذين بسبب جوده، يعتقدون بأن من المسموح به لهم إستغلال حِلمه واختباره. لا يُهزأ بالله. انها كلمة قديمة وحكيمة.

(5)

معرفة التعقيد والمدّة بالضبط لآلامي الطويلة، التي بلغت أوجها في الآلام في الآلام الدموية المُتحقِّقة في بضعِ ساعاتٍ، التي أضنتني في عذاب يوميّ امتدّ أعواماً خمسةً إلى أعوامٍ خمسةٍ، ومضت مُتعاظمةً دوماً، ومع آلامي آلام أمّي التي اخترق سيف الألم قلبها خلال وقتٍ موازٍ. وأن تدفعوا انفسكم، بهذه المعرفة، إلى أن تُحبّونا أكثر.

(6)

إظهار قدرة كلمتي وتأثيراتها المُختلفة حسبما يكون الذي يتلقاها مُنتمياً إلى جماعة ذوي الإرادة الصالحة أو إلى جماعة الذين كانت لهم إرادة شهوانية ليست مُستقيمة أبداً.

الرسل ويهوذا، ها هما مثلان مُتعارضان. الأُوَل، ناقصون جداً، خشنٌ، جهلة، عنيفون، إنما ذوو إرادة صالحة. يهوذا، أكثر تعلُّماً من الأكثرية بينهم، رهّفته الحياة في العاصمة وفي الهيكل، إنما ذو إرادة سيئة. لاحظوا تطوُّر الأُول في الخير، صعودهم. لاحظوا تطوّر الثاني في الشرّ وهبوطه.

ليُلاحظوا هذا التطوُّر في الكمال للأحد عشر، خصوصاً أولئك الذين، بنقصٍ في الرؤية العقلية، هم معتادون تشويه حقيقة القديسين، جاعلين من الإنسان الذي يبلغ القداسة من خلال صراعٍ قاسٍ، قاسٍ جداً ضد التقوى الثقيلة والمُظلمة، كائناً مُناقضاً للطبيعة بلا شهوات وبلا إرتعاشات، وبالتالي بلا استحقاقات. لأن الإستحقاق يأتي بالضبط من الإنتصار على الشهوات المُضطربة والتجارب التي نُسيطر عليها بفضل حبّ الله، ولبلوغ الموت والحساب والحياة الأخرى: التمتُّع أبدياً بالله. ليُلاحظوه أولئك الذين يدّعون بأن مُعجزة الاهتداء يجب أن تأتي فقط من الله. الله يمنح وسائل الإهتداء، لكنه لا يُكره حرية الإنسان، وإذا كان الإنسان لا يُريد الإهتداء، فعبثاً امتلاكه ما يفيد في اهتداء آخر.

ليتأملوا أؤلئك الذين يتفحصّون التأثيرات المتعددة لكلمتي، ليس فقط على الإنسان البشري، بل أيضاً على الإنسان الروحي. ليس فقط على الإنسان الروحي، بل أيضاً على الإنسان البشري. إن كلمتي مُتلقاةً بإرادةٍ صالحة، تُبدّل الواحد والآخر، قائدةً إياه نحو الكمال الخارجي والداخلي.

الرسل الذين كانوا، بسبب جهلهم وتواضعهم، يُعاملون ابن الإنسان بدالّةٍ مُفرطة – معلّماً صالحاً بينهم، لا اكثر، معلِّماً مُتواضعاً وصبوراً كان مسموحاً معه الإفراط في التجاسر عليه؛ إنما بالنسبة إليهم لم يكن ذلك قلةَ احترام: كان جهلاً وقابلاً للعذر إذاً – الرسل المُشاغبون في ما بينهم، الأنانيون، الغيارى في حُبّهم ومن حبّي، النافذو الصبر مع الشعب، المُتكبرِّون قليلاً لأنهم “الرسل”، القلقون من الخارق الذي يُشير إليهم أمام الجمع موهوبين سلطاناً مُذهلاً، يتحوّلون على مهلٍ إنما في استمرارٍ بشراً جدداً، مُسيطرين في البدء على شهواتهم  ليقتدوا بي ويُسعِدوني، عارفين لاحقاً دوماً أكثر أناي الحقيقية، مُغيِّرين أساليبهم وحُبّهم حتى رؤيتي، حُبّي ومُعاملتي سيدًا إلهياً. هل لا يزالون ربما في نهاية حياتي على الأرض رفاق الأزمنة الأولى السطحيين والمَرحين؟ هل هم، خصوصاً منذ القيامة، الأصدقاء الذين يُعاملون ابن الإنسان صديقاً؟ لا. انهم خدام الملك، أولاً. إنهم كهنة الله، من بَعدُ. كلّهم مُختلفون، مُتبدِّلون تماماً.

ليتأملوا ذلك أولئك الذين سيجدونها خشنة، ويحكمون بأنها مُتناقضة للطبيعة لطبيعة الرسل، كما كانت موصوفة. لم اكن حَبراً صعباً، ولا مَلِكاً مُتكبراً، لم اكن معلّماً يحكم على البشر الآخرين بأنهم غير أهلٍ له. لقد عرفت الرأفة. أردت أن أُنشئ آخذاً مواد غليظة، أن أملأ كمالاتٍ من كلّ نوعٍ أوعيةً فارغة، أن أُثبت ان الله قادرٌ على كلِّ شيءٍ، ومن حجرٍ يُخرج إبناً لإبراهيم، إبناً لله. ومن لا شيء معلماً، لإفحام المعلمّين المُتكبّرين بعلمهم الذي فقد غالباً جداً طيب علمي.

(7)

أخيراً تعريفكم بسرّ يهوذا، ذلك السر الذي هو سقوط روحٍ غمرها الله بخيراتٍ خارقة. سرٌّ يتكرّر في الحقيقة غالباً جداً، وهو الجرح الذي يُعذِّب قلب يسوعكم. 

تعريفكم كيف نسقط مُتحوِّلين من خدامٍ وأبناء الله إلى شياطين وقتلة الله، يقتلون الله فيهم، بقتلهم النعمة، لمنعكم من وطء ممراتٍ نسقط منها في الهاوية، وكيف تعليمكم طريقة تصرّفكم في ذلك، من اجل مُحاولة لجم الحِملان المُتهوّرة التي تتدافع نحو الهاوية. ركزّوا ذكاءكم على درس الوجه المُرعب والشائع مع ذلك ليهوذا، المُعقّد حيث تهيج مثل حيّاتٍ كل الرذائل الرئيسية التي تجدونها والتي عليكم محاربتها في هذا أو ذاك. انه الدرس الذي عليكم خصوصاً حفظه، لأنه سيكون الأكثر إفادةً لكم في خدمتكم معلّمين روحيين ومُرشدي نفوس. كم، في كلّ حالٍ من الحياة، يُقلدون يهوذا، واهبين أنفسهم للشيطان ويلقون الموت الأبدي!

  سبعة أسبابٍ كما هناك سبعة اجزاءٍ:

  1. الإنجيل التمهيدي (من الحبل بلا دنس لمريمٍ الدائمة البتولية إلى موت القديس يوسف).
  2. العام الأول من الحياة العامة.
  3. العام الثاني من الحياة العامة.
  4. العام الثالث من الحياة العامة.
  5. مقدمة الآلام (من تِبت إلى نيسان، أي من نزاع لعازر الى عشاء بيت عنيا السرّي)
  6. الآلام (من وداع لعازر إلى دفني، واليومان التاليان حتى الفجر الفصحي)
  7. من القيامة الى العنصرة.

ليُلتزم بتقسيم الأجزاء هذا كما أُحدّده، والذي هو الصواب.

والآن؟ ماذا تقولون لمعلّمكم؟ لا تتكلمون معي. بل تتكلمون في قلبكم، وإذا كنتم فقط تستطيعون القيام بذلك، تتكلمون مع يوحنا الصغير. إنما في أيّ من هاتين الحالَين لا تتكلّمون بذلك العدل الذي أودّ رؤيته فيكم. لأنكم مع يوحنا الصغير تتكلمون لتُحزنوه، دائسين الرحمة حيال المسيحية، زميلتكم وأداة الله. الحقّ أقول لكم مرةً أخرى أن يكون المرء أداتي ليس فرحاً هادئاً: إنه تعبٌ وجهدٌ مُستمران، في كل شيءٍ، إنه ألمٌ، لأن العالم يُعطي تلاميذ المعلّم ما أعطى المعلِّم: ألماً، ينبغي أن يُساعد على الأقل الكهنة، وخصوصاً الزملاء، هؤلاء الشهداء الصغار الذين يتقدمون تحت صليبهم… ولأن لديكم في قلبكم، وأنتم تُكلمون أنفسكم بأنفسكم، شكوى كبرياء، حسد، ريبة واشياء أخرى. لكنني سأُقدِّم جواباً على شكاويكم واستغراباتكم المُستنكِرة.

مساء العشاء السريّ الأخير، قلت للأحد عشر الذين كانوا يُحبونني: “حين سيأتي الروح المُعزّي، سوف يُذكّركم بكلّ ما قلته لكم”. حين كنت أتكلّم، كان حاضراً دوماً في ذهني، الى الذين كانوا هناك، كلّ الذين يجب أن يكونوا تلاميذي بالروح، وبحق الرغبة ومشيئة ذلك. ان الروح القدس، الذي بنعمته، يبثّ فيكم موهبة تذكيركم بالله، مُحرِّراً النفوس من بلاهة الخطيئة الأصلية، ومُنجِّياً إياها من الإظلامات التي تُغطّي بصيرة الأرواح التي خلقها الله لتتمتّع بالرؤية والمعرفة الروحية، بسبب وراثة آدم المُحزنة، تُكمِّل عمله معلماً، “مُذكِّرةً” في قلوب أؤلئك الذين يقودهم، والذين هم ابناء الله، بما قلت، ذلك ما يُشكّل الإنجيل. التذكُّر هنا، هو هدي الروح. فلا يعني شيئاً تذكُّر كلمات الإنجيل إن كنا لا نفهم روحها.

وروح الإنجيل، التي هي حبّ، يمكننا إفهامها من المحبّة، أي من الروح القدس. كما كان هو المؤلف الحقيقي للإنجيل، كذلك هو مُفسِّره الوحيد، بما أنه وحده مُؤلفُ عملٍ يعرف روحه ويفهمه حتى إن لم ينجح في إفهامه للذين يقرأونه. إنما حيث لا ينجح مؤلفٌ بشري، لأن كلَّ كمالٍ بشري غنّي بثغراتٍ، يتمكّن من ذلك الروح الكلّي الكمال والكلّي الحكمة. بالفعل، وحده الروح القدس، مؤلّف الإنجيل، هو أيضاً الذي يُذكّر به ويُفسِّره ويُكمِّله في عمق نفوس أبناء الله.

المُعزّي، الروح القدس، الذي سيُرسله الآب إليكم باسمي، سوف يُعلِّمكم كلَّ شيءٍ، سوف يُذكِّركم بكلّ ما قلت لكم“. (يوحنا، الفصل 14، الآية 26)

“حين سيأتي من بَعْدُ روح الحق ذاك، سوف يُعلِّمكم كلّ حق؛ لأنه لن يُكلِّمكم من عنده، بل سيقول كلّ ما سمع ويُخبركم بما يأتي. كلّ ما للآب هو لي؛ لذلك قلت انه سيأخذ مما هو لي ويُخبركم”. (يوحنا، الفصل 16، الآيات 13-14-15)

إذا اعترضتم من بَعدُ بأن الروح القدس باعتباره المؤلّف الحقيقي للإنجيل، لا نفهم لِمَ يُذكِّر بما قيل في هذا العمل وما يُفهمه يوحنا بأنه حدث بالكلمات التي تختم إنجيله، أُجيبكم بأن أفكار الله مُختلفة عن أفكار البشر، وبأنها دوماً حق ونهائية.

وكذلك: إذا اعترضتم بأن الوحي أُقفل مع الرسول الأخير ولم يكن هناك شيء إضافي لزيادته، بما أن الرسول يقول في الرؤيا: “إذا زاد أحدٌ شيئاً على هذا، فسوف يُنزل الله المصائب المكتوبة في هذا الكتاب” (الفصل 22، الآية 18)، وبأن ذلك يمكن أن يُفهم من كلّ الوحي الذي رؤيا يوحنا تتويجه الأخير، أجيبكم بأن مع هذا العمل لم يُضَفْ شيء إلى الوحي، بل سُدَّت الثغرات التي أحدثتها أسبابٌ طبيعية ومشيئاتٌ فائقة الطبيعة. وإذا شئت إعادة تشكيل لوحة محبتّي الإلهية كما يفعل مَن يُرمِّم فسيفساء، مُعيداً القطع التالفة أو الناقصة إلى موضعها، لأُرجع إلى الفسيفساء جمالها الكامل، وإذا أرجأت القيام بذلك في هذا العصر حيث الإنسانية تندفع نحو هاوية الظلمة والرعب، أَفتستطيعون منعي من ذلك؟ 

أتسطيعون ربما القول أنكم لا تحتاجون إلى ذلك، أنتم الذين روحكم مُظلمة، صمّاء، ضعيفة جداً أمام الأنوار، أمام الأصوات، أمام الدعوات من فوق؟

الحق أن عليكم مُباركتي لإضافةِ أنوارٍ جديدة إلى النور الذي تملكون والذي ما عاد يكفيكم من أجل “رؤية” مُخلّصكم. من أجل رؤية الطريق، الحق والحياة، والشعور بظهور تلك الزلزلة الروحية لأبرار زمني فيكم، من أجل أن تبلغوا عبر هذه المعرفة تجدداً لأرواحكم في المحبّة التي ستُخلّصكم، لأنها ستكون ارتقاءً نحو الكمال.

لا أقول أنكم “موتى” بل نائمون، خامدون، أشبه بأشجارٍ خلال رقاد الشتاء. الشمس تمنحكم بهاءاتها. استيقظوا وباركوا الشمس التي تهِب نفسها، استقبلوها بفرحٍ لتُدفئكم من الخارج الى الداخل، تُوقظكم، تكسوكم زهوراً وثماراً.

إنهضوا. تعالوا الى عطيتي.

“خذوا وكُلوا. خذوا واشربوا” قلت للرسل.

“لو كنت تعرفين عطيّة الله، ومَن هو الذي يقول لك: “أَعطني لأشرب”، أنت بنفسك كنت لتطلبينها من الذي ليُعطيك ماءً حياً”، قلت للسامرية.

أقول ذلك ايضاً: للأحبار كما للسامريين، لأن الطبقَتين الضدَّين تحتاجان إلى ذلك، ويحتاج إلى ذلك الذين هم بين الضدَّين. الأوّل لئلا يكونوا سيئي التغذية ومحرومين من قوى حتى لهم، ومن طعامٍ فائق الطبيعة للذين يضنَون لعدم معرفة الله، الله – الإنسان، المعلّم والمُخلِّص. الثانون لأن النفوس تحتاج الى ماءٍ حيّ حين تهلك بعيداً عن الينابيع. اولئك الذين هم بين الأُوَل والثانين، الجمهور الكبير من الذين ليسوا في حالِ خطيئةٍ جسيمة، إنما أيضاً الذين يلبثون من دون تقدُّم ٍ، كسلاً، فتوراً، بتصوُّرٍ خاطئ للقداسة، الذين يُفكرّون خصوصاً بعدم الهلاك، بأن يكونوا مًمارسين واجباتهم الدينية، الذين يتوهون في متاهةِ مُمارساتٍ سطحية، إنما الذين لا يجرؤون على القيام بخطوةٍ واحدة على رب البطولية الوعرة، العسيرة، من أجل أن يحصلوا بهذا العمل على الدفع الأساسي للخروج من هذه الجمودية وبدء الطريق البطولية.

أنا الذي أقول لك هذه الكلمات. انني أُقدّم لكم هذا الطعام وهذا الشراب الحيّ. كلمتي حياة. وأريد أن أفوز بكم في الحياة، معي. وأُضاعف كلمتي لأُوازِن أوخام الشيطان التي تُدمِّر قوى الروح الأساسية.

لا ترفُضوني. بي عطشٌ إلى أن أهب نفسي لكم لأنني أُحبكم. إنه عطشي الذي لا يُروى. بي رغبةٌ شديدة في الإتصال بكم لأُعدّكم لوليمة العرس السماوي. وأنتم تحتاجون إليَّ لئلا تضنَوا، لتلبسوا الثوب المُزيَّن لعرس الحَمَل، لإحتفال الله العظيم، حين تكونون قد تغلبتم على المحنة في هذه الصحراء الملأى أفخاخاً، أشواكاً وحيّاتٍ، التي هي الأرض، لتجتازوا النار المُدمّرة من دون أن تتعرضوا لأضرارٍ، دوس الزحّافات، تُجرُّع السموم من دون أن تموتوا، وأنا فيكم.

وأقول لكم أيضاً: خُذوا، خُذوا هذا العمل، و “لا تختموه”، بل اقرأوه وأقرِؤه “لأن الزمن قريب” (يوحنا، رؤيا، الفصل 25، الآية 10) “ومن هو طاهرٌ فليستحلْ أكثر طهارةً بَعدُ” (الآية 11).

لتكن نعمة ربكّم يسوع المسيح مع كلّ الذين يرون في هذا الكتاب اقتراباً مني ويطلبون أن يتمّ، لحمايتهم، بصيحة المحبّة: “ايها الربّ يسوع!”

يسوع قال لي بَعدُ على حدَةٍ: 

“في رأس العمل تضعين الفصل الأول من إنجيل يوحنا، من الآية الأولى الى الأية 18 ضمناً، حرفياً كما هو مكتوب. يوحنا كتب هذه الكلمات، كما كتبت كلّ تلك المنقولة في العمل، بإملاء روح الله. ليس هناك شيء لإضافته أو لحذفه، كما لم يكن هناك شيء لإضافته أو لحذفه من صلاة الأبانا، ولا من صلاتي بعد العشاء السرّي الأخير. كلّ كلمات هذه النقاط حجرٌ كريم إلهي ويجب ألاّ تُمسّ. بالنسبة إلى هذه النقاط، ليس هناك سوى أمرٍ واحد يجب عمله: الصلاة بحرارة ألى الروح القدس يوضح لكم كلّ جمالها وحكمتها.

حين ستصلين من بَعدُ إلى النقطة التي تبدأ فيها حياتي العامة، تنقلين حرفياً أيضاً الفصل الأول من يوحنا، من الآية 19 إلى 28 ضمناً، والفصل الثالث من لوقا من الآية 3 إلى 18 ضمناً، الواحد في إثر الآخر كما لو كان ذلك فصلاً واحداً. هناك كلّ السابق، هو مُتقشّف الكلمات القليلة العدد وصاحب النظام القاسي، وليس هناك شيءٌ آخر يُقال. ثم تضعين عمادي وتمضين قُدماً كما قلت، من دفعةٍ إلى أخرى.

وتعبك انتهى. الآن يبقى الحُبّ والبهجة التي هي مكافأة.

يا نفسي، وماذا عليّ أن أقول لك؟ تسألينني بروحك التائهة فيّ: “والآن، يا ربَ، ماذا ستفعل بي، انا خادمتك؟”.

يمكنني أن اقول لك: “سوف أُحطّم الإناء الفخاريّ لأستخرج منه الجوهر وأحمله إلى حيث أنا”. وسيكون ذلك فرحاً لكلينا. لكنني لا أزال أحتاج اليك وقتاً قليلاً، وأيضاً وقتاً قليلاً، هنا، لأُصعِّد طيوبك التي هي ايضاً رائحة المسيح الذي يسكن فيك. وإذاك سأقول كما بالنسبة الى يوحنا: “إذا شئتُ أن تبقَى حتى آتي لأخذكِ، فما يهمّك أن تبقي؟

السلام لكِ يا صغيرتي، يا صوتي الذي لا يتعب. السلام لك. سلامٌ وبركة. المعلّم يقول لك: “شكراً”. الرب يقول لك: “كوني مُباركة”. يسوع، يسوعك، يقول لك: “سأكون دوماً معك، فعذبٌ عندي أن اكون مع الذين يُحبّونني”.

سلامي، يا يوحنا الصغير. تعال ارتحْ إلى صدري”.

وبهذه الكلمات تنتهي أيضاً النصائح لكتابة العمل، وأُعطيت التفسيرات الأخيرة. فياريجّيو في 28 نيسان 1947 (ماريا فالتورتا)

الإنجيل كما كُشف لي أو قصيدة الإنسان – الله للرائية ماريا فالتورتا ، (المجلّد 10 ؛ 38 – وداع العمل ؛ ص: 404 -416 ؛ ترجمة اسكندر شديد) 

 *

قصيدة الإنسان – الإله / ماريا فالتورتا
Il Poema Dell’ Uomo-Dio / Maria Valtorta
The Poem Of The Man-God

بالفرنسية: (الإنجيل كما أوحي به إليّ) L’Évangile tel qu’il m’a été révélé

ترجمه إلى اللغة العربية: فيكتور مصلح… 

يمكن قراءة كتب ماريا فاتورتا مجاناً بالضغط على الرابط (هنا)