– هو المرفأ الوحيد في العالم الذي لا يعمل 24 ساعة على 24 (نسيم بو سمرا)
***
إنّ أكبر مصدر للهدر في الدولة اللبنانية هو مرفأ بيروت، بدل ان يكون المرفأ، من أكثر القطاعات انتاجية في الدولة، وهذا مردّه أولا الى الوضع الشاذ في المرفأ لناحية إدارته بواسطة لجنة مؤقتة لا تخضع للمراقبة والمساءلة، وقد تقدّم النائبان حكمت ديب وشامل روكز، في هذا الاطار، من ضمن معركة يخوضها تكتل لبنان القوي لوقف الفساد في المرفأ وزيادة انتاجيته، بإقتراح قانون لإعادة اللجنة المؤقتة لإدارة مرفأ بيروت “ذات السيادة ” إلى كنف الدولة.
وفي حين ان المرفأ لا يعمل الا لثماني ساعات يوميا كما انه يقفل يومي السبت والاحد، وكذلك في أيام الاعياد الرسمية والعطل، أي ان الموظفين في المرفأ يخضعون لدوام العمل الرسمي في ادارات الدولة، ما يجعل منه المرفأ الوحيد في العالم الذي لا يفتح 24 ساعة على 24، ما يحد من انتاجيته، ويكبد التجار والصناعيين خسائر فادحة من طول مدة إقفال مرفق حيوي كمرفأ بيروت، وهي خسائر تحصل جراء تأخر إخراج البضائع من المرفأ بسبب فترات الاقفال الطويلة خلال العام، وأحيانا يكبدهم هذا التأخير غرامات ورسوم، حين تفوق مدة تكديس بضاعتهم في حاويات المرفأ لأكثر من 8 أيام، في حين ان التاجر ليس مسؤولا عن هذا التأخير اصلا، فالقوانين تنصّ على إعطاء مهلة 9 ايام كفترة سماح لكل شاحنة حتى تتمكن من مغادرة ارض المرفأ، وخلال هذه الفترة يُجري صاحب الحاوية او من اوكل اليه معاملات وفحوصات ودفع رسوم. أما اذا انتهت هذه المهلة، اي فترة الـ9 ايام، يعطى مهلة 8 ايام يتكبّد خلالها التاجر رسوماً اضافية تصل الى 521 الف ليرة عن مستوعب سعة 20 قدماً، و 941 الف ليرة عن مستوعب سعة 40 قدماً، واذا استمر التأخير بعد هذه المدة يتكبّد التاجر كلفة اضافية تصل الى 20 دولاراً عن كل 3 ايام تأخير اضافية لمستوعب سعة 20 قدماً، و30 دولاراً لثلاثة ايام عن كل مستوعب سعة 40 قدماً.
أمّا في الايام العشرة الاخيرة فقد تكبدت خزينة الدولة خسائر فادحة بالمليارات، جرّاء إقفال مرفأ بيروت، طوال هذه المدة من دون ان يتنبّه أحد من المسؤولين لوضع حد لها، إذ بعد إقفال 4 أيام بسبب عيد الفصح عند الطوائف الغربية، تبعه 4 ايام عند الطوائف الشرقية، ومن ثم فرصة عيد العمال وتلاه اضراب الاتحاد العمالي العام لمدة ثلاثة ايام، تتكدّس البضائع والحاويات في مرفأ بيروت من دون ان يتمكن التجّار من إخراجها وهم يعدّون غرامات التأخير التي سيتكبدّونها نتيجة هذه الخطوات والتي ستنعكس في النهاية على المستهلك الذي سيساهم بدفع هذه الغرامات من خلال ارتفاع اسعار السلع او من خلال نقص بعض البضائع من السوق.
إذاً الى متى سيبقى الوضع الشاذ في أهم مصدر دخل للدولة، وهو المرفأ الاساسي للبلاد، والذي يمكنه وحده إذا ضبط مدخوله ووصل كاملاً الى الخزينة، إنهاء العجز في ميزانية الدولة وعكس المسار كلياً ليدر الارباح، بدل ان يشكل عبئا اضافيا على الاقتصاد المنهك أصلا، ليتحول عندئذٍ مرفأ بيروت من مصدر للهدر والفساد، الى قطاع ناجح، يؤمن مردودا عاليا للدولة اللبنانية.