– ما أرخص دمائّنا تُستعمل لِحشدِ الأصواتِ وتُهدر حقوقنا في سبيل رافضي السلام
***
أكد وزير الخارجية جبران باسيل في كلمة له خلال المنتدى العربي-الروسي للتعاون في دورته الخامسة في موسكو أنه “ما أْحْوجنا اليوم الى التوازنِ في العلاقاتِ الدوليةِ، في هذا الزمنِ الذي تَمنَحُ فيهِ دولةٍّ ما أرضاً تخُصُ دولةٍ الى دولةٍ أُخرى وما أْحْوجنا الى التوازنِ في العلاقاتِ الدوليةِ، في زَمَنٍ تَهِبُ دولةً ما عاصمةً تاريخية تعود لشعبٍ الى شعبٍ آخر، وذَلِكَ كرمى لحملةٍ إنتخابيةٍ لمن قَتَلَ النِساءَ وضربَ الأطفالَ وتَرَكَ العُزّل دون مأوى في فلسطين، وفجَّر حِقْدَهُ في أشجارِ الزيتون وقُبَبِ الكنائس ومآذن المساجد”.
ولفت إلى أنه “ما أرخص دمائّنا تُستعمل لِحشدِ الأصواتِ، وتُهدر حقوقنا في سبيل رافضي السلام. هذه حالنا وحال العالم، نشكو من آحادية ظالمة ليس بحقنا فقط، بل بحق بشريةٍ باتَ عليها أن تدفعَ ثمنَ هذه الآحاديةِ تَطرُفاً وإرهاباً”، مؤكداً أنه “اليوم لم يعد مقبولاً هذا التمادي في إهدارِ الحقوقِ العربيةِ تمهيداً للإعلانِ عن صفقة العصر، التي إنتظرناها حلاً وتمنيناها أُفقاً جديداً للأجيال الجديدة لتعيشَ بأمنٍ وسلام، فوجدناها سلسلةً تُلَفُ حولَ عُنُقِ القضيةِ لِخَنْقِها، فتضيعُ معها القدسُ والجولانُ وشِبعا وتنتهي القضية”.
وأشار إلى أنه “من المُمكنِ أَن يخافَ البعضُ من طموحِ دولةٍ ما، أو من تمدد طائفةٍ ما، ولكن تهدئة المخاوف لا تُبرر التعاطي مع الشيطان”، مؤكداً أنه “لا يجوز أن نُخطِىءَ في العدو ولا أن نُضيعَ البوصلةَ، فالعدُو هو إسرائيل والبوصلة هي فلسطين، وكل ما يُشتت من تركيزنا عن هَدفِ إعادةِ حُقوق الشعبِ الفلسطيني هو إِلهاءٌ لنا عن مصالِحِنا ومصالح شعوبنا”، مشدداً على “أننا على ثوابتنا باقون، فلسطين عربية، وعاصمتها مدينة القدس، والجولان سوري، وسكانه عرب سوريون، وشبعا لُبنانية وصُكوكِها عائِدَةٌ لنا، كما كرامَتنا لا يأخذُها أحدٌ مِنا”.
وأضاف باسيل: “أحد أهم أوجهِ التعاونِ العربي-الروسي هو المجال السياسي، لإعادة التوازن الى مِنطَقَتِنا في وقتٍ دفعت فيه ثمن الأحادية وغيابِ مرجعيات القانونِ والعدالةِ والسلام”، مشيراً إلى أن “تعزيزِ تعاونِنا العربي- الروسي ليس مُوجهاً ضِدَ أحدٍ ولا يجِبَ أن يُقلِقَ أحدا، لأنَ الهَدَفَ الأساس من وراءِ هذا الإجتماعِ هو التنسيق والتعاون وإيجادِ الُسبُلَ الى حياةٍ أفضل في منطقتنا العربية”.
وتابع: “التعاون العربي مع الصين أو روسيا أو اليابان أو الهند أو أميريكا وأو الإتحاد الأوروبي، هو لمصلحة الشعوب العربية، وتعزيز رخائها وإزدهارها، وهو ليس تحالف عسكري أو سياسي موجه ضد أحد”، مؤكداً “اننا داعمون للتعاون العربي–الروسي وداعون لتعزيزه لما فيه من خير لشعوبنا ودولنا على كافة الصعد دون حصره بالشق السياسي بل إمتداده ليشمل الإقتصاد وكل قطاعاته، من نفط وغاز حيث الشركات الروسية رائدة، والصناعة الروسية متطورة، والتكنولوجيا والعلوم متقدمة والزراعة عضوية، والسياحة ممتعة”.
واعتبر أن “كل حوار عليه أن يكون مُنْتِجاً وكل عمل ما بين الدول يجب أن يكون مُثمراً، ونحن مؤتمنون على مستقبل أجيالنا، ولزام علينا فتح الأسواق الجديدة لمنتجاتنا، وإستقدام السواح لفنادقنا، وجلب الإستثمارات لأسواقنا، والتعاون التكنولوجي مع جامعاتنا، وتبادل الخبرات مع مؤسساتنا”، مشيراً إلى أن “التعاونُ بين الدُولِ لا أُفقَ له ولا تَحدُهُ حدودٌ سوى إستقلالِ كُلِ دولةٍ ومصالحها وخضوعِنا جميعاً للقانونِ الدولي؛ والتواصل الإنساني بفضل تطور الإتصالات والفكر لم يعد أمامه أي عائق، فلا تُقيده تأشيرة ولا يُعيقهُ شُرطي حدود، فالشعوب يجب أن تتواصل وتتلاقى من دون ضوابط أو قيود”.
وشدد باسيل على أنه “علينا اليوم وضع الإطار لتنظيم وتسهيل عملية التواصل بين شعوبنا، وخلق مساحات إستراتيجية مشتركة فيما بيننا”، مشيراً إلى أنه “في كُلِ مرةٍ نجتمع فيها، هناك كرسي شاغر يُنغّص جمعتنا العربية، فلا يجوز أن تبقى سوريا خارج الحضن العربي”، لافتاً إلى أنه “تاريخياً لقد كانت لكل منا ملاحظات على النظام في سوريا وقد كنت شخصياً أنا وما ومن أُمثل من المناهضين للوجود السوري في لبنان، ولكن حين إنسحبت الجيوش السورية الى سوريا، إرتضينا أن نكون على أحسن العلاقات معها”.
ولفت إلى أنه “اليوم، الأزمة السورية على شفير الإنتهاء، ونحن مع المصالحة بين المكونات السورية، ومع وضع لجنة لتعديل الدستور، ومع الحل السياسي الذي سيوافق عليه ويختاره السوريون، ومع الإنتخابات الديمقراطية، ومع إعادة الإعمار ومع عودة النازحين السوريين، من دون ربطها بأي شرط سوى الأمن والكرامة”، مشيراً إلى “أنني لا أريد تكرار ما تحمل لبنان من تبعاتٍ للأزمةِ السورية، ولكن أريد أن ننحاز هنا في روسيا لمصلحة لبنان ونؤيد المبادرة الروسية لعودة النازحين، بدلاً من الإكتفاء بشكر لبنان على إستضافته لهم. فلبنان لم يعد يحتمل، وهو بحاجة لأفعال قبل الأقوال والأموال؛ والى حل مستدام وليس مساعدات دائمة”.
وأكد أن “لبنان اليوم مسؤولية عربية ودولية وليست مسؤولية روسيا وحدها مساعدته على تحقيق العودة وهو يناشدكم لمساعدته، فلا حل بمعزل عن الحضن العربي”، مشيراً إلى أنه “أعيدوا سوريا الى الجامعة، ولنعمل معاً لإعادة النازحين الى سوريا، ولتكن الجامعة العربية أم الصبي والمبادر الأول لمعالجة المشاكل العربية ونطلب عندها مساعدة روسيا، ومن يريد مساعدتنا، على إيجاد الحلول وليس على خلق المشاكل، لتكن سوريا أول الحلول، ولنبدأ بعلاج الجرح السوري وختمه نهائياً لأن لائحة مشاكلنا طويلة وصعبة، فليبيا واليمن تنتظراننا وعلينا المبادرة، وفلسطين على شفير الضياع وعلينا المبادرة، والسودان والجزائر ليسا بأفضل الأحوال”.
وأضاف: “شعوبنا العربية تعول علينا وتنتظر أن تلعب الجامعة العربية دوراً أساسياً في جمع الصف العربي وحل مشاكلنا الكثيرة، فلنبرهن عن الرشد العربي، الذي به نقيم تفاهماتنا الإستراتيجية مع أصدقائنا وعلى رأسهم روسيا، عوض أن نعيش القصور العربي الذي يظهر تبعيتنا لأصدقائنا أو أعدائنا”.