– البشر ما زالوا بعيدين كل البعد عن تحقيق رسالتهم الانسانية بعدم فهمهم معنى العيش الواحد
ان حريق كاتدرائية نوتردام بحد ذاته هو قضاء وقدر، وهذا بانتظار التحقيقات التي ستثبت ذلك او تتوصل الى دلائل بان الحريق هو نتيجة عمل تخريبي، ولكن يؤسف له في كل الاحوال، لما تزخر به الكاتدرائية من إرث تاريخي حضاري كبير، وهي شاهدة على محطات رئيسية من تاريخ فرنسا وأوروبا منذ القرن الثاني عشر، وأجريت فيها مراسم ملكية وإمبراطورية وحفلات زفاف ملكي وجنازات وطنية، فضلا عما تمثله الكاتدرائية من رمز روحي لمسيحيي العالم وليس فقط لما تعنيه لمسيحيي فرنسا، أما المستغرب فهو ان يحتفل بعض الجهلة بهذا الحادث الكارثي للحضارة الانسانية، لا فقط المسيحية.
فحين يتمنى بعض المهاجرين الى فرنسا “وباسم الاسلام البراء منهم ومن عقدهم النفسية”، ان تدمر الكاتدرائية عن بكرة أبيها وينادون مسلمي فرنسا (وكأن هؤلاء ليسوا من ضمن نسيج المجتمع الفرنسي) بالمساهمة باطفاء النار بالبنزين، فهذا يدل الى ان البشرية لم ترق بعد الى مستوى الشعور الانساني، وما زلنا بحاجة الى رفع الجدران وتثبيت الحدود بين الدول كما بين الاجناس والاعراق والاديان، لأن البشر ما زالوا بعيدين كل البعد عن تحقيق رسالتهم الانسانية ، وذلك جراء عدم فهمهم معنى العيش الواحد ضمن التنوع وقبول الاختلاف واحترام الآخر.
في شريط سريع لتاريخ كاتدرائية نوتردام دو باريس، فقد بدأ بناء الكاتدرائية عام 1160 واكتمل معظمها بحلول عام 1260، حيث بنيت على جزيرة وسط نهر السين، ضمن الدائرة الرابعة في باريس. ويعتقد أنها شهدت الكثير من التعديلات على مدار القرون التالية. في عقد 1790، شهدت نوتردام تدنيساً أثناء الثورة الفرنسية، فتضررت معظم لوحاتها الدينية أو تدمرت. بعد فترة وجيزة من نشر رواية أحدب نوتردام لفيكتور هوغو عام 1831، تجدد الاهتمام الشعبي بالمبنى.
في عام 1845 بدأت أعمال ترميم كبرى للمبنى تحت إشراف أوجين ڤواليه-لو-دوك واستمرت خمسة وعشرين عاماً. بدءاً من عام 1963، تم تنظيف واجهة الكاتدرائية من السخام والأوساخ التي تراكمت عليها منذ عدة قرون، وأعيد لونها الأصلي. وجرت حملة أخرى للتنظيف والترميم في الفترة من 1991 إلى 2000.
يزور الكاتدرائية سنوياً حوالي 12 مليون شخص، مما يجعلها الأثر الأكثر زيارة في باريس.