– الدولة ليست إلى اندثار فالافق ليس مسدودا والبوصلة ليست ضائعة؛ القرار ليس تائهاً والخطوات ليست مطوية(هتاف دهام)
***
يتعامل رئيس الجمهورية العماد ميشال عون مع كل ما يحدث في لبنان والمحيط من منطلق المصلحة الوطنية العليا، من دون أن يعني ذلك التنكر للتفاهمات الكبرى والتسوية التي أنتجت “حكم الأقوياء”، أو التنكر لكل ما من شأنه أن يوفر الاستقرار الذي ينعم به لبنان؛ مع تشبثه أكثر بضرورة التمسك بالدستور نصاً وروحاً بعيداً عن المراعاة السياسية، وبصلاحيات الرئاسة الأولى التي كان بارزاً دعوة بكركي أمس لحمايتها بما يعزز مناعة الدولة وهيبتها من جراء الافتئات ضد حقوق المسيحيين، وفق ما يقول زوار قصر بعبدا لـ”لبنان24″. فما حصل تحت قبة الصرح البطريركي يتعدى دق جرس الإنذار إلى التعبيرعن حالة غير طبيعية أشار إليها البيان الختامي في ما خص صلاحيات الرئيس.
يدرك زوار بعبدا المقربون جداً من الرئيس عون أنه غير راض عن المسار الذي يحكم مواقف بعض الفرقاء السياسيين المعطلة والمعرقلة لعمل المؤسسات، لا سيما في ما خص الملف الحكومي والتطورات التي رافقت التحضير للقمة العربية الاقتصادية التنموية، والعراقيل الموضوعة في وجه العهد ومشاريعه الإصلاحية، بمعزل عن أنه متيقظ جداً للتهديدات الخارجية والمتمثلة بما يحدث في الجنوب من تهويل إسرائيلي، مرتبط بالحدود البرية والبحرية المتنازع عليها.
لا يظن أحد أن الرئيس عون يتفرج على ما يجري، يقول زواره. حلوله جاهزة في وجه التعطيل والعرقلة، وكل شيء في أوآنه. فعلى سبيل المثال، فإن الرسالة إلى مجلس النواب التي يعتقد البعض أنها طويت، لم يسحبها رئيس الجمهورية من دائرة اهتمامه؛ فهو يتفاعل مع الحدث، والتوقيت عنده بأهمية المضمون لأن مهمة الانقاذ تقع على عاتقه.
ويؤكد رئيس الجمهورية، بحسب زواره، أن الدولة ليست إلى اندثار، فالافق ليس مسدودا، والبوصلة ليست ضائعة؛ القرار ليس تائهاً والخطوات ليست مطوية. يرصد الرئيس عون كل ما يجري من حوله إن لجهة ما يحكى عن الثلث المعطل وتمثيل اللقاء التشاوري، أو لجهة الحاق الضرر بالقمة الاقتصادية؛ يفند ويحلل وقائع الأمور منذ تكليف الرئيس سعد الحريري في انتظار أن ينتهي من وضع الخلاصات بشأنها، لتحديد المسؤوليات ليبنى على الشيء مقتضاه في حينه، في انتظار أن يمر انعقاد القمة الاقتصادية بأقل ضرر ممكن لأن الضرر تحقق لا سيما على صعيد مستوى التمثيل الذي يعني العهد ويعني مصلحة لبنان العليا وصورته بالدرجة الأولى.
إن النقطة الوحيدة التي يمكن أن يأخذ بها العهد بعين الاعتبار تتمثل بـ”حزب الله”، فهو الحليف الاستراتيجي للرئيس عون الذي يؤكد أمام زواره أنه لا ولم ولن ينقل البندقية من كتف إلى كتف. يدرك رئيس الجمهورية جيدا الهجوم الاميركي ذا المنسوب العالي ضد المقاومة، والذي عبر عنه وكيل السياسة الخارجية الاميركية ديفيد هيل خلال زيارته لبنان، ووزير الخارجية الأميركي مايك بومبيو في القاهرة، ويأخذه على محمل الجد ليس لتبرير ما يحصل على خط الضاحية – بعبدا أو تخفيض منسوب العتب انما لمنع استهداف لبنان والحزب معا. فالمقاومة مكون اساسي في البلد.
ترفض بعبدا توصيف ما يجري على خط “حزب الله” – “التيار الوطني الحر” على أنه استهداف مباشر من “حزب الله” للعهد. فمسألة الثلث المعطل ليست كما يتصورها البعض، فربما يعتقد “حزب الله” أنّ بإعطائه “تكتل لبنان القوي” مع رئاسة الجمهورية الثلث المعطل، يكون قد فلش كل أوراقه أمام عين التينة وبنشعي.
وبالتالي، فإن مجريات الاحداث المتصلة بالحكومة والقمة الاقتصادية تستهدف “حزب الله” لحشره في الزاوية، يقول زوار بعبدا أنفسهم، متسائلين: بماذا تفيد “حزب الله” تصريحات وزير المال علي حسن خليل عن الوضع المالي والنقدي ؟ وبماذا تفيد “حزب الله” تحركات مناصري حركة “امل” في الشارع وحرق العلم الليبي ؟ ليخلص الزوار إلى القول إن بعبدا لا تتدخل في ما يجري على صعيد الثنائية الشيعية لكنها مسؤولة عن الاستقرار السياسي والمالي والامني في البلد. فهيل خلال زيارته تحدث عن حكومة بلا “حزب الله” في الصحة، ودعا إلى تفعيل حكومة تصريف الاعمال، في مؤشر إلى ان لا حكومة قبل ان يستقر الرأي الأميركي حيال إيران.
وعليه، فإن الرئيس عون موجود عند كل مفصل عندما يتعلق الامر بالمصلحة العليا التي تقضي راهنا أن تمضي القمة على خير بعد ان سدد البعض لها الضربات على مستوى الحضور، ولكل حادث حديث بعدها، تقول مصادره لـ”لبنان24″. فعندما أخطا أحدهم، في إشارة إلى حديث الوزير خليل، عن اعادة هيكلة الدين العام، وتأثيراتها الدولية على السندات اللبنانية، أتت مبادرة الرئيس عون لجمع المعنيين بالملف وتأكيد الموقف الرسمي لإعادة ضخ الثقة في الأسواق المالية.
(مقال للصحافية هتاف دهام)