– الأباتي أبو جودة لعون: مار أنطونيوس ترك صومعته ليصوّب الاداء. الوديعة بين ايديكم لتصوبوا الاداء، نحتاج لحل دائم وحكومة تشبهكم بظافة كفكم وضميركم الحي..
– الاب صدقة: انتم حارس الدستور واقسمتم اليمين الحفاظ عليه فلا تدعوا احدا يمسّه..
***
كلمة فخامة الرئيس العماد ميشال عون خلال مأدبة غداء اقامته الرهبانية الانطونية بعد القداس الالهي الاحتفالي بعيد شفيعها القديس انطونيوس في دير مار انطونيوس في بعبدا: (17 كانون الثاني 2019)
https://www.youtube.com/watch?v=jGD-N-BIWbs&feature=youtu.be
https://www.youtube.com/watch?v=z0MfnC728r0&feature=youtu.be
“ايها الحضور الكريم. عندما اصغيت اليكم تتحدثون عن القيادة الحكيمة للسفينة، استذكرت قصة تلك السفينة التي كان يقود ربّان وعلى متنها ابنته، فيما كانت الانواء تعصف بها، وبدأ الجميع باخلائها. وحيث كان البحارة يفتشون الغرف تمهيدا لاخلائها، وجدوا ابنة صغيرة لا تزال نائمة. واذ طلبوا منها الاسراع بالمغادرة، سألتهم: الا يزال القبطان موجودا في القيادة؟ وهل لمّا يزل والدي هو القبطان؟ فاجابوها: نعم. فعادت الى النوم. لذلك اقول لكم: لا تخافوا! نحن لن نترك السفينة، وسنقوم بعملية انقاذ لجميع من هم على متنها. نحن موجودون هنا، ولسنا معتادين على التخلي عن مسؤولياتنا.”
وختم بالقول: “في زمن سابق، واجهنا الدبابة والطائرة والمدفع، ولم نخف. وكنت هنا في بعبدا الى جانبكم. نحن لن نترك بعبدا ولن نجعل احدا يسيطر على لبنان!”
عظة الاباتي ابو جودة
- هذا الدير الرابض على تلة تواجه القصر الجمهوري، تنير مسيرة العاصمة بالوطنية والتربية والروحانية.
- شرفتمونا يا فخامة العماد عون بزيارتكم لنا، التي تلقي على عاتقنا مسؤولية جديدة، نحن في الرهبانية الانطونية المارونية وكل الكنيسة، للاسهام في بناء الوطن.
- في حين اختار الكثيرون مسارات متعددة .. في الوطن، اختارت الكنيسة القضايا التربوية، والصحية، والاجتماعية، والانسانية لاعلاء شأن الوطن من جهة، ولردم تلكؤ الدولة من جهة اخرى، ولم تنكفىء يوما على الرغم من الصعوبات والازمات التي الّمت بنا من جّراء الحروب او المشاكل الامنية او الضائقة الاقتصادية، عن تأدية دورها في بناء الوطن.
- لقد دفعت رهبانياتنا الانطونية، من البشر والحجر، ما يشهد عليه الكثيرون لفداء وطننا. وارى انّ الكنيسة، صمّام الامان في الوطن، اعطت للبنان وجها في العلم والعمل الانساني يحسدنا عليه جيراننا باجمعهم.
- على الرغم من الانتقادات المتكررة لبعض السقطات الصغيرة، فان نور لبنان وفكره يشعان على المشرق وعلى العالم، مضيئا صفحة مجلّية من تاريخه الحضاري.
- فيما نحتفل اليوم بذكرى مار انطونيوس ابي الرهبان، يلفتنا كيف قَرَنَ هذا القديس الكلمة الى العمل، فصار علما في تجسيد الانجيل، سار في اثره الكثيرون. وما زال انطونيوس يلهم الكثيرين في اختيارهم والتزامهم الحياة على مختلف المستويات.
- يستوقفني موقف قائد المئة الذي، وبسبب مزاولته مهنته بشكل جيد، يعرف انّ له سلطة وعليه سلطة، ولكن تفهّمه وحده لا يكفي ليشفي عبده، فكان لا بد من تدخّل يقوم به المخلص، ولو بكلمة، ليحدث الشفاء. وهذا هو وضعنا اليوم امام مأزق الصحة والتعليم، فلا يكفي يا فخامة الرئيس، ان نفهم الوضع، ونتحاور ونحدد المسؤوليات، بل ان نجد حلا لاهلنا وابنائنا المنتظرين جوابا على شفائهم وتعليمهم. فاللبنانيون منذ ما يقارب الثلاثة عقود دفعوا كل انواع الضرائب التي يتكلّف بها مواطنو الدول العالمية، ولكنهم بالمقابل لم يحصلوا على الخدمات الاجتماعية المحقّة لهم من طبابة وتعليم وضمان شيخوخة. والحل برأينا انه آن الاوان لكي تصدر الدولة البطاقة المدرسية والبطاقة الصحية للجميع، بدل عرض حلول جزئية عابرة لن يتمكن المواطنون من مواجهتها في الغد القريب. بذلك تشهد الدولة على التكامل بين القطاع العام والقطاع الخاص، وعلى حق المواطنين بان يؤمنوا تعليم اولادهم والطبابة لذاتهم.
- نحن يا فخامة الرئيس، نحتاج الى حل دائم للمضي قدما في بناء وطن حديث. وعلى الرغم من ان الكثيرين يقولون بان القطاع المصرفي وحده ثابت في البلد، اود ان الفت خاطركم بان القطاع التعليمي والجامعي في لبنان هو القطاع الاثبت في الوطن، وهو وحده الذي يبني للبنان غدا، لذا اوجّه تحية الى كلّ العاملين في هذا القطاع الذين صقلوا لبنان اليوم، وخرّجوا اجيالا نفخر بها اينما حللنا، في العالم.
- لا يمكن يا فخامة الرئيس، ان نتغاضى عن هذه النتيجة المشتركة، وتاليا لا بد من دعمها لان كلفتها ليست عالية على ما تدفعه الدولة اليوم على هذا القطاع، فيكفي ان يدار الملف التربوي بشفافية لنحصل على نتيجة مرضية للجميع، رحمة بلبناننا وبأبنائنا وبأهلنا وبأبنائنا وبغدنا الذي نريده دوما مشرقا.
- فخامة الرئيس، لقد خضت هذا الموضوع اليوم على خلفية تدخل مار انطونيوس في حياة عالمه، وقد كان ناسكا في البرية، بعيدا عن حياة العالم، وعن مشاكل عصره، ولكن لما سمع عن القلاقل والهرطقات في الاسكندرية، ترك صومعته ليصوّب الاداء. وأنا اليوم اضع هذه الوديعة بين ايديكم لتصوبوا الاداء، وخصوصا لنخرج من الفهم والتلاسن نحو الحل، فنعمل على شفاء، ليس ابن قائد المئة، انما لنعطي الكثيرين من اهلنا وابنائنا الذين يقفون كقائد المئة ينتظرون من يغيّر حياتهم ومستقبلهم. واتمنى ان تكونوا ” بي الصبي” ليس فقط في قانون الانتخاب وفي الحلول الكثيرة التي اوجدتموها حتى الان في فترة رئاستكم، انّما على مستوى التعليم والصحة، لكي لا نواجه في السنوات المقبلة من عهدكم اقفالا جماعيا للمدارس الجبلية والريفية ومرضى ينتظرون من سيداويهم…
- في ما خصّ تأليف الحكومة فإننا يا فخامة الرئيس نضم صوتنا الى صوت صاحب الغبطة والنيافة مار بشارة بطرس الكلي الطوبى والى سائر الاساقفة والرؤساء العامين الموارنة.. نعم يا فخامة الرئيس نحن بحاجة الى حكومة تشبهكم في نظافة كفكم وضميركم الحي لينهض الوطن من كبوته…
- ليسدّد الله بشفاعة مار انطونيوس ابي الرهبان خطاكم وخطانا لما هو مصلحة ابنائنا، في وطن نفخر انه يحمل ستة آلاف سنة من الحضارة، ونريد بقيادتكم ان يستمر ويصبح اكثر عدالة في زمن يكثر فيه الهراطقة والمعطلون والمشكّكون في الصيغة اللبنانية: “الوحدة في التنوع” التي يقوم عليها وطن الرسالة، كما كان يحلو للبابا القديس يوحنا بولس الثاني تسميته.
كلمة الاب صدقة
- اهلا بكم، يا فخامة الرئيس، في دير مار انطونيوس الكبير الذي تحبون، والذي يحبكم لما لكم من علاقات وصداقات متينة مع الرهبانية الانطونية، ترسخت على حب الله والوطن، وتعززت بالروح العائلية الصادقة. الدير ديركم، فمعكم ومع قدس الاب العام، نتأهل بالضيوف الكرام، ونتمنى للجميع عيدا مباركا.
- انّ الامواج العاتية تلاطم سفينة الوطن من كل الجهات، وكلنا يعرف الصعوبات والضيقات التي تمر بها البلاد. هناك الكثيرون الذي يعرقلون مسيرة الوطن والعهد، من اقربين وابعدين، ومن محليين واقليميين.
- عاهدناكم، يا فخامة القبطان القدير الذي يقود سفينة لبنان الى ميناء الخلاص والامان، معوّلين على عهدكم بان يكون عهد الاصلاح وعهد الامن وعهد الحرية وعهد التحرير الكامل للارض وعهد السيادة، عهد القرار الحر. فقلبنا معكم وصلاتنا من اجلكم كي تتحقق هذه الاحلام وتعيش اجيالنا القادمة بكرامة.
- فخامة الرئيس، انتم حارس الدستور، وقد اقسمتم اليمين بالحفاظ عليه. فبالله عليكم لا تدعوا احداً يمس هذا الدستور، لان الجمر تحت الرماد، والقلوب مليئة والنفوس مشحونة تكاد ان تنفجر، وبخاصة هناك من يغذّيها، بالاعلام والاعمال، وكلنا يعرف كم كلّف هذا الدستور من اثمان باهظة بالارواح والممتلكات. ولنقلها بصراحة ان التلويح بالمثالثة هو دعوة الى حرب اهلية، وتغليب فئة على فئة، وتشويه لصورة لبنان التعايش والخصائص الفريدة المميزة.
- نبارك سعيكم بان تبقوا “بيّ الكل”، بان تجمعوا المسيحيين لما لهم من دور فاعل عندما يتوحدون، وان تجمعوا اللبنانيين جميعا، ولو اقتضى ذلك التضحيات فانتم “بي الصبي”.
- لا يسعني الا ان أشيد بما قام به عهدكم، واسمحوا لي بان اثني على بعض الوزراء، وبخاصة، الموجودين بيننا، على ما قاموا به من تنظيم وتطوير وتقدم، وخدمات جلّى، كنائب رئيس الوزراء معالي الوزير حاصباني، على ما قدّم لوزارة الصحة من خدمات. وكم نرجو ان تُطّبق البطاقة الصحية التي اعدّها، خدمة لكل مواطن. كما انوّه بالدور الكبير الذي اداه معالي وزير الخارجية جبران باسيل الديناميكي، في هذه الوزارة، حيث اسهم بارجاع اللبنانيين في عالم الانتشار الى وطنهم، واستعادة الجنسية اللبنانية التي هي حقهم. والمزيد من الثناء لمعالي الوزير بيار بو عاصي، على ما انجز من اعمال خيّرة للفقراء والمعوزين وللانعاش الاجتماعي.
وفي الختام، قدّم الاب الدكتور ميشال روحانا الانطوني الى الرئيس عون، النسخة الاولى من كتابه: الخلق من الحب، جسر منير بين العلم والدين، محاولة في اللاهوت الرازائي.