عَ مدار الساعة


افتراضات لا وقائع وخيوط جمعها جوني منيّر لا تصلح لبيت عنكبوت – نسيم بو سمرا

هو الرئيس القوي الذي يعمل على تعزيز موقع الرئاسة كي لا يشغله ضعاف يجالسهم جوني منيّر

***

الكاتب والمحلل السياسي جوني منيّر، يتحفنا دائما بتحليلاته الفظيعة لا العظيمة، تحليلات مبنية على افتراضات لا وقائع وصدفة لا بناء متماسكا وعلى خيوط جمعها جوني منيّر من هنا ومن هناك، بشكل لا يصلح بالتأكيد لبناء بيت عنكبوت، فكيف يمكن ان يصدقها عاقل او يبني عليها، فمنيّر في مقالته اليوم في الجمهورية يبهرنا بنظريته السطحية، تقول ان مشكلة الحكومة ليست مشكلة نظام، ولا مشكلة تمثيل عادل بعد إجراء انتخابات نيابية على اساس قانون اخذ سنوات من الجدال لننجح اخيرا بفرضه على الجميع، فنعيد تشكيل السلطة بطريقة سليمة اعادت تصحيح التوازنات في البلد، كما انها ليست مشكلة مشاركة يجب ان تحصل بالنسبة لمنيّر وليست مشكلة دستور اخلّ بهذه التوازنات لصالح فئة على اخرى ونزع صلاحيات رئيس الجمهورية في الطائف، ووزعها على مرجعيات عدة فبات من الصعب أخذ القرار في مختلف المسائل اذا لم يكن توافقيا، وبتنا نسير في نظام توافقي لا برلماني..

ونسي منيّر ايضا مسألة الاعراف التي تفرض عن غير وجه حق مثل محاولة فرض المثالثة من خلال فرض الزامية توقيع وزير المال على كل القرارات بعدما عمدوا على تكريس وزارة المال للشيعة، ويتناسى ايضا منيّر ان نظامنا الاقتصادي المبني على الريعية والاحتكار هو اساس العلل، ولا خروج من ازماتنا الا بالعمل على ارساء نظام اقتصادي قائم على الانتاج، فكل هذه المسائل هي في برنامج العهد برئاسة ميشال عون، والذي كما التاريخ يخبرنا ان كرة النار لطالما رميت على العماد عون منذ ال 1984 الى 1988 مرورا بال 2005 وصولا الى ال 2016 بانتخابه رئيساً للجمهورية، فجاء  لينقذ الجمهورية لا ليبني نظاماً ملكياً اقطاعياً وراثياً في موقع الرئاسة، بل يعمل على تعزيز هذا الموقع، كي لا يشغله لاحقاً رجالات يعمل جوني منيّر على تسويقها، وكان اولها قائد الجيش السابق العماد جان قهوجي.

في منطق جوني منيّر الذي شرحه في مقالته يختصر المشكلة الحكومية بعامل معرقل واحد وهذا المعرقل للحياة السياسية والمسؤول عن الازمات الوطنية ربما منذ استقلال لبنان في العام 1943 وليس منذ العام 2005، هو جبران باسيل، بسعيه لرئاسة الجمهورية، خلفا للرئيس عون في العام 2022، وركزوا على الرقم 2022 اي بعد اربع سنوات بالتمام والكمال، إذا كل المشاكل الوجودية التي يمر بها اللبنانيون والتي لن تبقي جمهورية في حال لم نخرج منها في عهد ميشال عون، ينسبها منيّر الى باسيل، معتبراً ان حزب الله هو العامل الاقوى في لبنان وهو الذي اذا رضي عن زعيم او سياسي، يصبح رئيساً للجمهورية، فالجمهورية الكرتونية التي يسوق لها في مقالاته جوني منيّر، بات هو نفسه يصدقها ويبني عليها معادلاته الفكرية، ضاربا بعرض الحائط كل تصريحات رئيس الجمهورية ورئيس التيار الوطني الحر الوزير جبران باسيل وكل مسؤولي التيار الوطني الحر، ومسخّفا القضية الى اقصى درجات، فيما يغيب عامل الاقتصاد المنهك في بلدنا، وقضايانا الاجتماعية الشائكة، عن بال منيّر الذي يبدو مرتاحا لوضعه المادي.. فلا يشعر بوجع الناس لأن وجعهم وجعنا، يشعر بهذا الوجع الرئيس اولا وباسيل ثانيا، الذي يصوره منيّر وغيره باللاهث للسلطة، فيما لمعلومات منيّر ان باسيل هو رئيس اكبر تيار لبناني والاكبر مشرقيا لا يحتاج الى رئاسة الجمهورية بل يعمل على بناء وطن يحفظ  اولاده واولادنا، وطن الاجداد الذي يؤمن به باسيل وهو المهندس الذي يبني التراث من خلال الابنية التاريخية التي يعيد احيائها، وهكذا رجالات وطنية هي فقط من تحظى بثقة الرئيس ميشال عون، لا الوصوليين الذين يحيطون بمنيّر واولياء نعمته، والذي تعوّد على مجالستهم.

أما الرئيس ميشال عون، الذي انقذ لبنان في محطات عدة، ليبقى وطننا، وآخر عملية قتالية خاضها وسيخوض غيرها بالتأكيد، وهو العسكري البطل، هي عملية فجر الجرود، التي أدارها بشجاعة المغوار العماد قائد الجيش جوزيف عون، وهي محطات جاءت على طبق من الفضة بالنسبة لمنيّر على ما يبدو ولذلك لا تعنيه التضحيات ولا يفكر للحظة بعذابات الجرحى وأنين امهات الشهداء الذين سقطوا في هذه المعركة لأن مثال منيّر الاعلى، تخلى عن عسكره في عز المعركة بعرسال وساوم على دمائهم مع التكفيريين، وهو الذي كان يلهث الى السلطة ولو على حساب كرامة الجيش واستمراريته، اما الرئيس القوي فلا يمكن أن تمر المياه من تحته من دون ان يدري، كما يصوّر منيّر في مقالته، اما علاقة الرئيس مع حزب الله كما علاقة الوزير باسيل مع السيد نصرالله فلا يعرفها منيّر، ولو كانت مصلحية كما يصورها لكانت شبيهة بالعلاقة المستجدة بين رئيس حزب القوات سمير جعجع ورئيس تيار المرده سليمان فرنجية التي بنى عليها منيّر وربما هو التحليل المنطقي الوحيد في المقالة الذي اصابه منير،  ويختص باهداف المصالحة بين جعجع وفرنجية، والهدف المشترك الذي يجمع الرجلين بحسب منيّر، هو منع باسيل من الوصول الى رئاسة الجمهورية، فاصاب هنا منيّر، اما حين استرسل في منطقه فعاد واخطأ بالادعاء ان حزب الله يمكن لوحده ان يوصل رئيسا اذا رضي عنه، وهنا يصور منيّر المسيحيين كأهل ذمّة، فيمعن في الخطأ، فمن قال ان في عهد السيادة والاستقلال سنسمح لسوريا او لايران او سنسمح للسعودية او لاميركا، او اننا سنقبل ان يفرض علينا التقاطع السوري السعودي سمير جعجع رئيسا للجمهورية، او ان يفرض علينا في حال تقاطعت مصالح ايران والسعودية وسوريا، سليمان فرنجية، رئيسا، لا فزمن الوصايات انتهى الى غير رجعة والاقوى على ساحته طالما نظامنا طائفي هو من يحق له ان يشغل موقع الرئاسة من الان والى دهر الداهرين، وهذا عرف كرّسه ميشال عون ولن نتراجع عنه، فلا سوريا ولا اي وصاية جديدة يعول عليها البعض،  سنسمح لها بالتدخل في شؤوننا الداخلية بعد كل التضحيات والشهداء والعذابات التي مر بها شعبنا العظيم، وهذا ما سنثبته في الحكومة بتكريس عدالة التمثيل، فلا تنازل من الرئيس عن حصته مهما كانت المبررات، فمسألة التنازل عن الحصص وبخاصة اذا كانت للرئيس ليست طبيعية، بشكل ان كلما اختلف اثنان يمدون يدهم الى حصّة الرئيس، فالثلث الضامن في الحكومة للرئيس والتيار الوطني الحر أصبح مطلبنا اليوم، بعد ما شهدناه في عملية شد الحبال الحكومية التي باتت تشكل عبئا على الرئيس والعهد، وهو عبئ نعد شعبنا العظيم اننا سنتخلص منه قريبا، بجهود الاوفياء.