الكسندر نعمه –
أمام التحديات الكبرى التي يمر بها لبنان، لا بدّ من إيجاد مخرج للوضع الحالي، فلا يمكن للبنان واللبنانيين أن يستقبلوا العام الجديد بهذا الكمّ الهائل من الصعوبات.
لبنان اليوم لم يعد كما كان في تسعينيات القرن الماضي، وقتها كان الدين العام ما زال في المربع المقبول مقارنة مع القدرة الشرائية للمواطن، مما سمحت للسياسيين أن يتناحروا لكي يحصلوا على جزء من مقدرات البلد كلٌ بحسب حجمه وارتباطاته الخارجية.
اليوم، هذا الوطن الصغير على شاطئ المتوسط، يعيش مرحلة خطيرة جدًا، وهنا لست بوارد يث كمية من التشاؤم والقلق، ولكن لست بواردٍ أيضًا أن أنثر الورد والرياحيين وكأننا نعيش في ذروة نمونا.
لقد بات الجميع مدرك حجم التحديات الاقتصادية التي يعاني منها المواطن، وما تشهده المصارف اللبنانية من تأخير بدفع سندات المديونية للمواطن إلا مؤشر من المؤشرات التي لا بدّ أن نتوقف عندها، ناهيكم عن جمود الحركة الاقتصادية في الاسواق التجارية وحركة الاستراد والتصدير.
فأمام هذا الواقع، المطلوب وقفة شجاعة، وموقف بطولي لتجنيب لبنان واللبنانيين هذا الكأس.
بالعودة الى الانتخابات النيابية الاخيرة، لفتني مؤشرين أساسيين، نسبة المقاطعة التي لامست 51 % بالمئة، والكمية الملحوظة للاموال التي صرفت في الانتخابات، مما يؤشر الى حجم انعدام الثقة بين المواطن والطبقة الحاكمة وما نشرته الدولية للمعلومات حديثًا عن ان 34 الف مواطن لبناني غادروا الاراضي اللبنانية ضمن فترة 10 أشهر ولم يعودوا الا مؤشر اضافي لحجم انعدام الثقة واتساع الهوة بين الدولة والمواطن.
7 أشهر ما زال موضوع الحكومة يعاني التنفس الاصطناعي في غرفة الانعاش السياسي،
7 أشهر، ولبنان ترتفع فيه نسبة البطالة، وحجم التدهور الاقتصادي ينحدر شيئًا فشيئًا، والصراع الاقليمي الدولية يزداد يومًا بعد اليوم، بالاضافة التي التهديدات الاسرائيلي والتي وصلت لزروتها في الايام الاخيرة.
بعد 7 أشهر، لا بدّ ان يبادر احد، فالصمت مشاركة في اعدام الوطن والمواطن.
فلا يمكن للبلد أن يعالج كل هذه المشاكل من دون حكومة تمسك زمام الامور، وتضع مصلحة المواطن والبلد فوق كل اعتبار، وان أي كلام عن صلاحيات من هنا وصلاحيات من هناك، لا تُصرف في اي مكان، في حال فقدنا الوطن وبتنا مشردين من دون هوية او كيان !
لبنان بحضوره الفاعل هو من يعطي الصلاحية والسلطة لرئيس جمهورية، وحكومة، لوزراء ونواب، وحتى للسلطات الدينية، فعندما تهاجر خيرة شبابه وما تبقى يعيش تحت خط الفقر والجوع والمديونية، فماذا تنفع الصلاحيات والمراكز والصفات ؟
ماذا يعني أنني صاحب شركة، عندما تكون هذه الشركة مفلسة وعليها عشرات الاحكام القانونية، ولا يحق لها التعامل مع المصارف ؟
لكل السياسيين الذين يتنافسون على الصلاحيات، ويحذرون من المساس بها، نطالبهم بالمحافظة على الوطن أولاً لكي تبقى الصلاحيات مصانة ومحترمة وذو قيمة معنوية ودولية.
إذا كان الخروج من الحلقة المفرغة لتشكيل الحكومة بات أمرًا مستعصيًا لا بل تعجيزيًا، فماذا تنتظرون من رئيس جمهوية وحده أقسم على الدستور وهو مؤتمن المحافظة عليه؟
ما تنتظرون من رئيس جمهورية، يجد شبابه تهاجر وشعبه يرزح تحت مشاكل اقتصادية كبيرة ؟
أليس من حقه أن يبادر ويضع الجميع أمام مسؤولياتهم ؟
الرسالة التي إن قرر فخامة الرئيس إرسالها لمجلس النواب، هي لكي يبادروا إلى اتخاذ الموقف المناسب لإنقاذ البلد، وليس لالغاء طائفة أو المساس بالصلاحيات، فالدستور كُتب للصون المراكز والصلاحيات وليس لالغائها.
الرسالة، هي خلاصة معانات يسمعها ويعرفها فخامة الرئيس، ولا بد له أن يبادر.
من الواضح، ان الخيارات امام مجلس النواب محدودة، فإما أن يعيد اطلاق حركة المشاورات وان تبصر النور الحكومة قبل نهاية السنة. أو يتم سحب التكليف والدعوة لاستشارات نيابية جديدة، وهذا الخيار يُسقط جميع الاتفاقيات السابقة ويفتح المجال أمام مشاورات جديدة وشروط ومعايير جديدة.
في الختام، مهما كانت الخيارات، لا بد للمسؤول ان يدرك مردة جديدة أن لا وجود لأي طائفة أو مركز أو أي منظومة سياسية عندما نفقد الوطن.
عليكم أن تبحثوا عن حل سريع، لكي تحفظوا الوطن وبعدها تعالوا كلمونا عن صلاحيات من هنا وكراسي من هناك، ولكن تيقنّوا أن فسادكم وصل لحدود الكون ولم نعد نحتمل الانتظار أكثر.