– أطباء يتفحصون الجروحات وجنود يتوبون
***
وكانت ترى الله بنعمه اللامتناهية كرأس الإنسانية المتجددة فيه. وكانت ترى كافة الصراعات الماضية، الحاضرة والمستقبلية للكنيسة، عروسه البتول القديسة… إزاء هذا المشهد، لا تعود مستغربةً العبارة التي تلقتها الأخت إيمريخ من ملاكها الحارس في أحد الأيام: “ما من أحد رأى هذه الأشياء بالدرجة عينها”.
… ولدى إحضار إحدى الذخائر إليها، كانت تضمها إلى قلبها بشدة لا إرادياً. وتتابع قائلة: “أشعر أن هذا الشعاع يأتي من نجم، وأن هذا النجم متصل بسماء من النجوم، جميعها تشعّ نوراً من منبع من النور لا ينضب. يقودني هذا الشعاع السرّي، وأنتقل عبر الضوء، وأرى جسد القديس الذي يرتبط به وروحه وحياة النضال والمعاناة والإنتصار الكاملة التي عاشها. وما بين الجسد والروح صلة وثيقة وسريّة، فالروح قادرة على تقيس جسدها أو تدنيسه. وبدون هذا الإتحاد، لن تكون التوبة عن الخطيئة من خلال التوبة الخارجية أمراً جائزاً. ومثلما جعل القديسون خلال سنوات حياتهم من أجسادهم أداة لأعمالهم المقدسة، كذلك لا يزالون الآن بعدما انفصلوا عنها يسخرونها في سبيل التأثير في إخوتهم المناضلين. لكن الإيمان وحده قادر على كشف سر هذا العمل السرّي”.
الذبيحة الإلهية
وكان صوت الجرس الذي يدعو المؤمنين إلى القداس كافياً لتفرح نفسها في التأمل بتضحية يسوع المسيح في سبيل العالم. “أرى، بحسب تعبيرها، فوق المذبح والكاهن الذي يحتفل بالجزء الأعظم من الآلام: سيدنا يسوع المسيح يُقدّم ذاته لأبيه على الصليب، وعلى جانبيْه حضرت العذراء القديسة والقديس يوحنا الإنجيلي. وظهرت لي هذه الرؤيا الأولى في كنيسة دولمان، وبعدها في كنائس العالم أجمع. أرى الكهنة والمؤمنين وما في داخلهم من نوايا.
وفوق المذبح، أشاهد لوحة ملفتة للنظر فيها ملائكة منهمكة في إضافة كل ما يغيب من ذهن الكاهن سهواً. ولطالما كانت هذه الرؤى تراودني منذ طفولتي، وكانت تحت ناظري في كل ساعات النهار والليل… كم هو عظيم حب يسوع المسيح لنا! هو لا يكلّ من عمل خلاصنا في الذبيحة المقدسة… أعمال الله جميعها أبدية، لكنها بالنسبة الى البشر الخاضعين لظروف الزمن، ليست الا وعوداً فحسب، الى أن يأتي وقتها لتتحقق وهو الوقت المناسب لتجسدّها، عندها يحين دورها لتؤثر في البشرية بحسب فضيلتها…
وكانت لا تزال في عمر الطفولة عندما كانت ترى أولاداً آخرين في سنّها يقترفون أفعالاً بذيئة بينما يلعبون، فتتوجه على الفور وتمرّغ نفسها على عشب القراص للتكفير عن خطأهم…
…ومنذ بلوغها سن الشباب، لطالما طلبت من المخلص طبع رسم الصليب المقدس بقوة بالغة في قلبها، كي يستحيل عليها أن تنسى حبه اللامتناهي لنا.
في 29 ك1 1812، استقلت على فراشها، ذراعاها ممدوتان على شكل صليب، ثابتة لا تتحرك، فرحة تختبر حالة من النشوة، ووجها يتقّد حرارة. لقد كانت تتأمل آلام المسيح، وصلاتها الحارة تتلمس طلب مشاركته معاناته. فجأة، نزل عليها نور رأت في وسطه يسوع المسيح مصلوباً مع جراحه الخمسة تسطع كالشموس. وكان قلب آن كاثرين عالقاً بين الألم والفرح..
شهادة الأب مانيس
رغم ذلك، كان الحاكم، حال عودته الى مونستر، يرسل 8 أو 10 أطباء وجراحين في الجيش، لزيارة الأخت الجليلة إيميريخ، مع أوامر بتسخير جميع الموارد الطبية لتضميد الجروح بأسرع وقت ممكن.
ويتجدّد الموعد كل أسبوع يوم الجمعة، حيث يشهد الموكب المؤلف من العمدة ومعاونين وجراحين في الجيش على فشل الجهود البشرية وعجز أهل الطب أمام هذه الحالة.. ولم تكن تتذمر قط… أما الأطباء بعدما عجزوا عن التحقق من دون مفاجأة كبيرة من عمل إصبع الله الذي لم ينكشف لهم أبداً، فبدأوا يسأمون نظراً الى أن لصقاتهم وموادهم الكاوية وضمادتاتهم الممهورة جيداً بعلامتهم الخاصة. لم تحل دون سيلان الدماء في الأيام العادية.. وهكذا تراجعوا بعدما باءت محاولاتهم بالفشل، حتى أن مراقبة الشابة القديسة توقفت عندما أكتُشف أنه بمجرد مرآها كان جنود يتوبون.
(المجلّد الأول – ص: 23-24-25-27-28)
***
تمّ إختصار الفَصل، ويمكن العودة الى الكتاب لقراءة النصوص بشكل كامل.. والكتاب متوفّر في مكتبة “البولسية”في جونية – ودير القديسة تريزيا الطفل يسوع في السهيلة..
عن كتاب رؤى “آنا كاثرين إيميريخ” حول حياة سيدنا يسوع المسيح (المجلّد الأول – الجزء الثالث – السنة الأولى من الحياة العامة).
كتابة الراهب الموقر الأخ جوزيف ألفار الدولي من رابطة الرهبان الدومينيكيين. ترجمة حديثة بالكامل للنص الإلماني نفذّها شارل ديبيلينغ.
ترجمته الى العربية كاتيا عازار مظلوم تحت إشراف وتنسيق الأب مروان خوري.
***
حياة آن كاثرين إيميريخ.. طلبت إكليل الشوك الذي وضعه بنفسه عَ رأسها وقامت بغرزه بيديها بجبينيها (2)
حياة آن كاثرين إيميريخ.. طلبت إكليل الشوك الذي وضعه بنفسه عَ رأسها وقامت بغرزه بيديها بجبينيها (2)
حياة آن كاثرين إيميريخ.. طفلة تطلب من الله أن يأخذها من العالم قبل أن تبلغ سناً قد تسيء إليه (1)
حياة آن كاثرين إيميريخ.. طفلة تطلب من الله أن يأخذها من العالم قبل أن تبلغ سناً قد تسيء إليه (1)