أخبار عاجلة

عَ مدار الساعة


حياة آن كاثرين إيميريخ.. طفلة تطلب من الله أن يأخذها من العالم قبل أن تبلغ سناً قد تسيء إليه (1)

– 4 أشهر بالمدرسة، وأرسلها الأستاذ إلى المنزل قائلاً إنها تعرف كل ما يمكنه أن يعلمه..

***

ولدت آن كاثرين إيميريخ في قرية فلامسكي، بالقرب من مدينة كسفلد الصغيرة في وستفاليا في 8 أيلول – سبتمبر 1774. وخلال الحقبة التي كانت تمرّ خلالها الكنيسة بتجارب كبيرة، خلق الله هذه الروح القديسة لتكون أداة يُغدق عبرها نعماً لا تحصى. ومنذ نعومة أظافرها، أظهرت تقوى استثنائية وكانت تطلب من الله أن يأخذها من العالم قبل أن تبلغ سناً قد تسيء فيه إليه.

وإذ حلّت عليها نعمة التواصل مع السماء منذ طفولتها، ظهر عليها ملاكها الحارس بشكل حسّي وقد رأته في وسط البراري على سورة راعٍ يافع يلهو بألعابها. وقد رأت يسوع المسيح، ومريم العذراء، والقديس يوسف، والقديس يوحنا المعمدان، يأتون إليها وكأنهم أولاد من سنّها، ويشرحون لها رمزية عميقة متمثلة على شكل نباتات وأزهار في كافة أعمال ومشاهد الطبيعة، بحيث كان بإمكانها أن تقول في نهاية حياتها:

بفضل الله، لم أقرأ أي شيء تقريباً، وعندما كنت أنظر إلى أي كتاب، كان يبدو لي أنني أفهم كل سطر عن ظهر قلب. وحتى أن سير حياة القديسين عنما كنت أقوم بمقارنتها مع حياتهم كما كانت تُنقل إلي، كانت تبدو لي كشمس ساطعة مقارنة مع الواقع“. وغالباً ما كان يسوع ومريم يأتيان ليأخذا من يديها  الأشرطة الملونة وأكاليل الأزهار التي كانت تستمتع بجمعها لهما عندما كانت ترعى القطعان.

قالت في أحد الأيام كنت اسعى إلى التأمل في القسم الأول من قانون الإيمان “نؤمن بإله واحد، ضابط الكل” (وكنت أبلغ من العمر 5 أو 6 سنوات). وكانت تتراءى لروحي مشاهد من الخلق بدءًا بقدوم الملائكة، خلق الأرض والسماء، خلق آدم وحواء وعدم إطاعتهما الله، لقد رأيت كل شيء. كنت أتخيل أن الجميع يرون هذه الأمور تماماً كالأشياء المحيطة بنا”.

ومنذ أن كانت في هذا السن الصغير، كانت مرهفة الإحساس عندما يتعلق الأمر بآلام وأفراح الآخرين. وكانت تعطي الفقراء كل ما تملك، وحتى أنها غالباً ما كانت تتقاسم معهم المؤن القليلة التي تملكها في المنزل، لتشعر بعدها بالذنب لكن نظراً إلى أن والدتها التي كانت تراقبها لم تعر الأمر الأمر إهتماماً سرعان ما كانت تطمئن. وكانت والدتها الصارمة إنما غير القاسية تعاقبها أحياناً من دون أن تثني على أعمالها قط. أما آن كاثرين التي كانت تسمع الأمهات الأخريات تمدحن أولادهن فكانت تعتقد أنها أكبر مشاكسة في العالم.

وحصلت حادثة مثيرة للإهتمام كشفت لأهلها الكنز الذي منحهما إياه الله. فقد سمع والدها عن الروايات التي كانت كاثرين ترويها لزميلاتها. وفي أحد الأيام، أخذها بين ذراعيه وقال لها: “يا إبنتي، ها نحن بمفردنا، أخبري والدك العجوز قصة”. فبدأت كاثرين تسرد بلغتها البسيطة كل القصص الجميلة التي كانت تعرفها عن ابراهيم والأنبياء؛ “وبما أن والدها لم يرَ أي أمر مماثل في السابق، حسبما قالت، بدأت الدموع تنهمر من عينيه وتتساقط علي وقد قال لي: “يا إبنتي أين تعلمت كل هذا؟” فأجبته “أنني أرى كل هذه الأشياء، فصمت ولم يعد يسألني أي شيء منذ ذلك الحين”.

“في حادثة أخرى في المدرسة (مع الإشارة إلى أن الأخت كاثرين لا تزال تتحدث)، قلت بكل سذاجة أموراً لم نتعلمها عن القيامة وبثقة أكبر مما كنت أعتقد، بكل بساطة، وهي تفاصيل يعلمها الجميع. وكان الأطفال الآخرون المصابون بدهشة يهزأون مني ويشون بي حتى إلى الأستاذ الذي منعني بقساوة من الإستسلام لأحلام يقظة مماثلة”.

وبعد مرور أربعة أشهر من المدرسة، أرسلها الأستاذ إلى المنزل قائلاً إنها تعرف كل ما يمكنه أن يعلمها إياه.

وحصلت عدة أحداث مماثلة جعلت كاثرين الصغيرة تفكر أنها ترتكب خطأ عند التحدث عن هذه الأمور. وكانت تشعر بالذنب لأنها لم تكن كتومة كسائر الأطفال الأتقياء التي كانت تظن أن الله وهبهم النعم ذاتها. وتتابع قائلة “بدأت أتكتم عن هذه الأمور وكنت أعتقد أنه لا يجدر بي التحدث عنها من دون أن أتمكن مع ذلك من إيجاد تفسير منطقي لسلوكي، لكنني كنت أشاهد الرؤى بشكل مستمر. كنت كطفل يرى صوراً جميلة ويتفاعل مع كل منها، من دون أن أسعى إلى فهم ما تعنيه. كنت أعتقد أن الرؤى هي كتاب صور وكنت أتعمق فيها بروحي بسلام وأقول لنفسي إنها لمجد الله.

وكانت التضحيات وإماتة الجسد ركيزتيْ تقواها. ومنذ نعومة أظافرها، لم تكن تأكل أو تنام إلا عند الضرورة القصوى. وكانت تمضي قسماً من الليل في الصلاة. وحتى أنها غالباً ما كانت في الشتاء تصلي جاثيةً على ركبتيها على الثلج الذي يغطي الطريق، وكانت تنام على الأرض على ألواح موضوعة على شكل صليب. وكانت تحب أن تردد ما هو غير نافع دائماً ما يكون مضراً وأن مكافأة الروح ستكون أكبر بمئات الأضعاف عن كل ما تحرم ذاتها منه محبة بالله. وأضافت، وهي تقوم بمقارنة صادقة، يجب تشذيب الكرمة والأشجار لكي تحمل ثماراً؛ ومن دون هذه الرعاية لن تحمل سوى حطب جاف غير نافع”.

ومن أجل التوفيق بين آراء والدتها التقية وبين أهواء قلبها، كانت إما تجلس في الأمام أو تبقى في الخلف عندما تقصد الكنيسة لتتجنب رؤية أو سماع أي أمر من شأنه أن يدفع بها إلى الخطيئة. وكانت تتحدث من دون توقف مع الله على طول الطريق، وكانت صلاتها الأساسية التأمل في آلام المخلص على الصليب. ونادراً ما كانت تطلب من السماء أي شيء لنفسها: كانت كل طلباتها تتعلق بتوبة الخطأة وخلاص الأنفس المطهرية. وإذ عملت خادمة لعدة سنوات من شبابها نادراً ما أكملت عملها لأنها كانت تجلس جانباً لتتحدث مع الله، كطفلة تتحدث مع والدها.

(المجلّد الأول – ص:16-17-18-19)

***

تمّ إختصار الفَصل، ويمكن العودة الى الكتاب لقراءة النصوص بشكل كامل.. والكتاب متوفّر في مكتبة “البولسية”في جونية – ودير القديسة تريزيا الطفل يسوع في السهيلة..

عن كتاب رؤى “آنا كاثرين إيميريخ” حول حياة سيدنا يسوع المسيح (المجلّد الأول – الجزء الثالث – السنة الأولى من الحياة العامة).

كتابة الراهب الموقر الأخ جوزيف ألفار الدولي من رابطة الرهبان الدومينيكيين. ترجمة حديثة بالكامل للنص الإلماني نفذّها شارل ديبيلينغ.

ترجمته الى العربية كاتيا عازار مظلوم تحت إشراف وتنسيق الأب مروان خوري.

***

حياة آن كاثرين إيميريخ.. طلبت إكليل الشوك الذي وضعه بنفسه عَ رأسها وقامت بغرزه بيديها بجبينيها (2)

حياة آن كاثرين إيميريخ.. طلبت إكليل الشوك الذي وضعه بنفسه عَ رأسها وقامت بغرزه بيديها بجبينيها (2)