أخبار عاجلة

عَ مدار الساعة


الكُرة في ملعب الرئيس، لأنه الأقوى

– لا عَجَب لو رأينا كُرة النار تُقذف الى ملعبه دائماً (أمين أبوراشد)

***

كان العُرف في لبنان منذ العام 1943، أن يكون رئيس الجمهورية ضعيفاً في طائفته، ورئيس الحكومة أقوى أقوياء الطائفة، وانسحب العُرف السنِّي لاحقاً على الشريك الشيعي لجهة قوَّته التمثيلية، وبقي الرئيس المسيحي ضعيفاً في الصلاحيات، قياساً لتسويات الطائف، وضعيفاً، لأنهم يعتبرونه رئيس كل لبنان وليس زعيم طائفة، الى أن جاءت ظاهرة فخامة الرئيس العماد ميشال عون ليكسر بشخصه كل الأعراف، ويرتقي الى كرسي بعبدا كأقوى رجُل مسيحي في الشرق، والأقوى في طائفته، والأقوى في حجم تمثيله الشعبي الذي تخطَّى طائفته، إضافة الى أنه الأكثر جرأة في استخدام صلاحياته، وأثبت بحُكم ثقافته الأخلاقية والعسكرية والوطنية أنه بيّ الكلّ، ولا عَجَب لو رأينا كُرة النار تُقذف الى ملعبه دائماً، ما دام الأكثر قدرة على تلقُّفها وتبريدها واستيعاب الصدمات.

مسألة تمثيل “السُنَّة المستقلين” هي واحدة من الكُرات التي رموا بها الى ملعب الرئيس، والمشكلة أن أي تأخيرٍ في تشكيل الحكومة يستنزف المزيد من ولاية فخامته، ولأنه سبق وقال، أن عهده يبدأ عند تشكيل أول حكومة بعد الإنتخابات النيابية، فإن من مصلحة المُتضرِّرين عرقلة التشكيل وفرملة العهد، لأن بشائر الإصلاح في بعض دوائر الدولة قد بدأت ولو بلا حكومة، ولأن الكثير من مغاور علي بابا وزواريب النهب قد أقفلها فخامة الرئيس عون، ويخشاه “المزارعجيون” لأنه قرر أن يبني دولةً على أنقاض فسادهم.

وللدلالة على قذارة أخلاق “المزارعجيي” نُلاحظ، أنه ما بقي ملفٌّ معيشي الَّا وأثاروه في عهد ميشال عون، ملفات تآكلها العَفن في الأدراج من سلسلة الرُتب والرواتب، الى المُياومين، الى الكهرباء والنفايات… واللائحة تطول، ويتناسى هؤلاء الفاسدون، خاصة أولائك الذين تخرَّجوا من مدارس المُقاولات في التسعينات وسواهم من جماعات الميليشيات، أنهم فعلوا بالدولة اللبنانية ما لا تفعله القوارض الجائعة والثعالب الخبيثة والذئاب الناهشة، ورغم ذلك، فُرِضَ على فخامة الرئيس الآدمي أن يُلَملِمَهم من مزارعهم ليكونوا شركاء في بناء الدولة التي سرقوها ونهبوها وأوقعوها تحت عجزٍ ناهز المئة مليار دولار، ورغم ذلك، ما زالت لديهم وقاحة الإطلالة من جحورهم، لأن تلك الجحور تدعمهم بسموم المذهبية، وفخامة الرئيس عون يواجههم بمنطق المواطنة، لضبط الفحيح ونِباح بعض أهل العمائم المسعورة التي تلقَّت الضربات الإقليمية في صراعاتٍ مذهبية لا علاقة للرئيس المسيحي اللبناني الوطني بها.

وعليه، نُكرِّر ما ذكرناه سابقاً، لأولائك المُرتهنين لسفارةٍ من هنا وبلاطٍ من هناك، أن كل الوثائق التي يتسوَّلون بها المال لبيع الوطن موجودة، لكن لبنان ما قبل الأعوام 2000 و 2006 و 2017، ليس كما بعدها، وهذا الوطن الذي تحرَّر بقبضات جيشه وشعبه ومقاومته قد طفَح كيلُه من الخيانة، وإذا كان هؤلاء الخونة يعتقدون، أنهم سوف يهنأون بشراكة بناء الدولة بأياديهم القذرة فهُم مخطئون، حتى ولو كانوا شركاء في الحكومة العتيدة بحُكم التوازنات والأمر الواقع، ولأن تشكيل الحكومة آتٍ حتى ولو على حساب تنازل فخامة الرئيس عن جزء من حقوقه في التوزير، فإنهم سوف يجدون نمطاً جديداً من العمل في الشأن العام ما اعتادوا عليه في كل العهود، ومهما عرقلوا مسيرة هذا العهد النقي الطاهر، فإن حملة التطهير السياسي لهؤلاء المتآمرين القابعين تحت نعال الشحاطات قادمة، وإذا كان “منشار الإجرام” قد “شلَّع” بعض الشحاطات الإقليمية، فإن “منشار الدولة” ذات الهيبة قادمٌ لا محالة، ليقطع بإذن الله وهِمَّة فخامة الآدمي وكل الشرفاء، كل يدٍ سرقت ونهبت اللقمة من أفواه الفقراء، أو تلطَّخت بنقطة دمٍ من بريء لبناني وإن غداً لناظره قريب…