– الحكومة آتية آتية فهللوا.. رغم إتقان البعض لغة النقيق والبوم (حبيب البستاني )
***
قد يتبادر إلى ذهن بعض القراء ومتابعي السياسة الداخلية اللبنانية أن الأمور في البلد وصلت إلى حافة الهاوية، وأن تشكيل الحكومة باتت تهدد أمن المنطقة لا بل قل العالم، وأصبح البعض يهدد بالويل والثبور وعظائم الأمور، في حال لم يصار إلى إعطائه مقاعد تفوق حصته وحجم تمثيله النيابي والشعبي في التشكيلة العتيدة. وقد ذهب هذا البعض إلى الإيحاء أن جهة عربية معروفة وجهة إقليمية مستورة لن تقبلا إلا بإعطائه مطالبه بالكمال والتمام، بغض النظر عن الأحجام والأوزان، شاء من شاء وأبى من أبى، حتى أنه لا يرعوي عن الإستعانة بالقديسين والعناية الالهية مثله مثل أباطرة العالم القديم ألذين كانوا يأتون إلى الالهة لكي تحقق غاياتهم وتنصرهم على هذا العدو أو ذاك.
موازين القوى تغيرت والعالم تغير
غريب أمر هؤلاء فهم لم يفهموا أن العالم قد تغير فعلا وأن لغة السياسة أصبحت تحاكي لغة الواقع ولغة الأرقام، وإن المبدأ ألذ ي وضعه Bismarck مؤسس الرايخ الثاني وطبقه هنري كيسنجر وزير خارجية الولايات المتحدة الأسبق والمعروف بال Realpolitik أصبح سائداً، إن في العلاقات السياسية الداخلية او في العلاقات الخارجية. لقد نسي هؤلاء أن العالم فعلاً تغير وأن الأوضاع السياسية اللبنانية لا بد وأن تعكس ميزان القوى في المنطقة، وأن الروس موجودون في الإقليم وأصبح حلم كاترين الثانية بالمياه الدافئة حقيقة. هذا البعض يحاول دفن رأسه بالرمال كي لا يرى الموفد الرئاسي والوفد الروسي الرفيع المستوى ألذي زار لبنان والذي يتولى حل مشكلة النازحين، وأن المنطقة كل المنطقة أصبحت خاضعة لتفاهمات القوى التي تمسك بقرار الحرب والسلم، عنينا بها روسيا من جهة وأميركا من جهة ثانية، مدعومتين بكل القوى الدولية.
وجود الحكومة حاجة ملحة
لقد كان معبراً المشهد الرئاسي في بعبدا، فخامة رئيس الجمهورية يحيط به دولة رئيس مجلس النواب ودولة رئيس مجلس الوزراء، وهذا في حد ذاته يدل على مدى أهمية المرحلة المقبلة والتي تطلب وجودا ومشاركة من قبل لبنان الرسمي مجتمعا، وقد كانت واضحة الرسالة الفرنسية بضرورة الإسراع في تشكيل الحكومة وأن اللعب في الوقت الضائع قد انتهى، وانتهى معه الدلع السياسي والإستقواء بالخارج. ولقد أصبح واضحا أن خيوط اللعبة الإقليمية قد خرجت من أيدي اللاعبين الصغار، فالدول العربية ومهما علا شأنها مدعوة للمشاركة في الحل وتسهيله لا عرقلته، وحتى الدولة العبرية لن تستطيع بعد اليوم فرض شروطها وممنوع على أي كان خربطة الأمور.
ولادة ألحكومة على قاب قوسين أو أدنى
يرى المراقبون أنه ومع انتهاء الجولات الرسمية للوفد الروسي سيشهد لبنان ولادة لحكومة العهد الأولى التي طال انتظارها، وأن هذه الحكومة ستعكس بالتأكيد وبدقة حجم كل طرف وذلك بحسب نتائج الإنتخابات الأخيرة، لا أكثر ولا أقل، وبالتالي فإن كل الذين يحاولون نفخ أحجامهم سيرون أنفسهم مغردين خارج السرب في حال استمروا في ذلك، ولن تنفع معهم لا النذورات ولا الصلوات.
تفاؤل مبني على وقائع
منذ البداية كانت لفخامة رئيس الجمهورية العماد ميشال عون نظرة تفاؤلية للأمور، وهو ما انقطع عن تطمين اللبنانيين أن الأمور ذاهبة إلى الحل، بغض النظر عن مواقف هذا الفريق أوذاك، ممن يتقنون لغة النقيق والبوم. ولقد قال حرفيا أن الأمور تسير بشكل جيد وأن وقت الإنتظار بات ينفذ وبالتالي فالحكومة آتية آتية فهللوا.
* كاتب سياسي