– جحا ما في إلا على خالته (حبيب البستاني)
***
هل أضاع البوصلة وليد بك مرة أخرى؟ وهل أخطأ في فهم التعليمات أو الإملاءات السعودية، لا فرق؟ وهل المملكة فعلا قد وضعت نفسها في موقع الهجوم على العهد؟ معلنة القول الشهير: علي وعلى أعدائي. ولو افترضنا جدلا بأن المملكة فعلا قد سارت في هذا المسار وأرادت أن تقطع شعرة معاوية مع فخامة الرئيس القوي العماد ميشال عون، فهل أصبح زعيم المختارة صاحب الإستدارات المعروفة الناطق الرسمي باسمها؟ أسئلة قد نرى الإجابة عليها في الأيام القليلة المقبلة مع عودة الرئيس المكلف سعد الحريري إلى لبنان، لنتبين الخيط الأبيض من الخيط الأسود، ولنرى ما إذا كانت الرياض أمام أمر واقع جديد يحرجه ليخرجه.
ثمة من يقول أن وليد جنبلاط اختار أهون الشرّين بهجومه على العهد وسيد العهد، فهو ليس بمقدوره الهجوم على حزب الله والرد على المحور السوري الإيراني العدو اللدود لآل سعود، فدور التعليمات المعطاة له وأقنع نفسه أن هجومه على العهد يغنيه من الهجوم على حزب الله من جهة، ومن جهة ثانية يعطي الرياض أكثر مما تطلب، ولكن طبعاً كل ذلك بحسب وجهة نظر البيك.
فهل نجح جنبلاط في ما يصبو إليه؟
سعودياً من المبكر الإجابة على ذلك، علما أن الأمور مرهونة بخواتيمها.
داخلياً لقد أخطأ جنبلاط بهجومه على العهد لأسباب عديدة:
1- إن العهد لا يمثل امتداداً سياسياً للمحور السوري الإيراني، وما التفاهمات التي ينسجها مع الجميع، لا سيما الممثل الأقوى للطائفة السنية دولة رئيس الحكومة سعد الحريري إلا خير دليل على ذلك.
2- إن فخامة رئيس الجمهورية ليس هو من يمثل الخامنائي في لبنان.
3- إن تكتل لبنان القوي الداعم الأول للعهد، قد ردّ وبأكثر من مرجع في داخله أنه لا يمثل امتداداً للحالة الإيرانية ولا يمكن لقاسم سليماني أن يعتبره من عداد النواب المحسوبين على حزب الله.
4- إن هجوم جنبلاط على العهد ودفاعه عن “المهجرين” السوريين، ألذين هم نازحين، قد فتح جروح الماضي وأصاب مهجري الجبل في الصميم، وهو الذي هجرهم والذين لم يأخذوا بعد تعويضاتهم لم تكتمل عودتهم، وقد هالهم أن يتبنى البيك قضية المهجرين الغير لبنانيين ويتناسى قضيتهم.
وأخيراً ربما وليس آخراً علينا أن نذكر رئيس الحزب التقدمي الإشتراكي أنه وللأسف بات لا يعير خصوصية الجبل وأبناء الجبل اهتمامه، وقد انعكس ذلك في صناديق الإقتراع في انتخابات البارحة، حيث خرج المسيحييون وبصورة أخصّ الموارنة عن بيت الطاعة الجنبلاطية، وأصبح لهم ممثليهم الحقيقيين، وأنه لولا وقوف القوات اللبنانية وبعض المسيحيين ذوي المصالح الآنية، والدعم الكبير للثنائي الشيعي له إما بتأييده أو توزيع أصواته بشكل لا يسمن ولا يغني من جوع بحسب القول الكريم، ووقوف تيار المستقبل إلى جانبه، لكانت المختارة بالكاد تنعم بالتمثيل الدرزي. فهل سأل الزعيم الدرزي نفسه لماذا هذا التحول في المزاج المسيحي؟ ففي الوقت الذي اندثرت فيه الزعامة الشمعونية، بات مسيحييو الجبل يبحثون عن زعيم ماروني يلبسوه عباءة الزعامة ليواجهوا فيه وبه الغطرسة الإشتراكية في صندوق المهجرين، وفي حرمان مناطق الجبل لا سيما مناطق العودة من الإنماء. ولقد أتت هذه المواقف الأخيرة للمختارة لتبين صوابية خياراتهم.
وكذلك لا بد من تذكير البيك أنه وكما للجبل خصوصيته فللبنانيين خصوصيتهم ولا سيملا المسيحيين منهم، وهم لا ولن يرضوا أن يمس أو أن يتعرض أحد، مهما علا شأنه، لفخامة رئيس البلاد رمز كرامتهم ورمز الوطن، وهم بغالبيتهم العظمى متمسكون بالرئيس القوي فخامة الرئيسس العماد ميشال عون.
* كاتب سياسي