ܼ🌷✝🌷 رسالة فاطيما النبويّة ܼ🌷✝🌷
عظة الأسقف أثناسيوس شنايدر: الثورة ضدّ الله + خطايا الدنس + الرحمة المزيفّة..
*♰*
الأُسقف أثناسيوس شنايدر، هو أسقف مدينة “أستانا” (عاصمة كازاخستان)، عُرِف حول العالم مؤخّرًا بسبب دفاعه القوي عن التقليد الكنسي والتعليم الثابت، ومواقفه الجريئة ضدّ اللّيبراليّين (المُتجدّدين) في الكنيسة، خاصّةً بعد “سينودس العائلة الأخير”، الذي طَرح مواضيع جديدة، كـ”مناولة المُطلَّقين” [وهم في حال الخطيئة]، واحتمال اعتبار المِثليين جنسيًا عائلةً، مواضيع كان قد رفض كلٌّ من البابَوَين يوحنا بولس الثاني [القديس]، وبنيدكتوس السادس عشر، البحث حولها !
وقد أدلى الأسقف شنايدر بهذه العظة الرائعة يوم 27 أيار 2017 ! خلال “مؤتمرٍ عالميٍ في مناسبة مِئويّة فاطيما” ! في بِرغامو (شمال إيطاليا).
1- رسالة فاطيما النبويّة؛ الثورة ضدّ الله والكنيسة !
إنّ الظهورات الّتي حصلت في فاطيما سنة ١٩١٧، هي واحدةٌ من أكثر الأمثلة تألّقاً حول المواهب والعطايا النبويّة في تاريخ الكنيسة.
فاللّه أرسل إلينا أمّه البريئة من الدنس، لكي بنداءاتها الاموميّة المُلحّةٍ تدوّي في وجه الأخطار الرّوحية الكبيرة جدّاً، الّتي بدأت الأسرة البَشرية كافّةً، الوقوع فيها، منذُ بداية القرن العشرين (1900).
لقد تبيّن مع الوقت، أنّ تنبيهات العذراء القدّيسة هي نبويّةٌ حقّاً، وذلك على ضوء الحالة المزرية التي وصلنا إليها اليوم، من الجحود والإلحاد والثورة المُباشرة على اللّه وعلى وصاياه السّائدة.
لقد أصبح للحياة العامّة والخاصّة في القرن العشرين ميزةُ خاصّة اسمها بعنوان العيش من دون الله وحتى العيش ضدّ الله ! لا سيّما من خلال الهَيمنة العِلمانية الّتي نشرتها الماسونيّة – والمنظمات السريّة – ، (كما حصل في المكسيك عام ١٩٢٠، ومع الإشتراكية الوطنية في عهد هيتلر في إلمانيا، والشيوعية الروسية في بلاد الإتحاد السّوفياتي سابقاً، وبالأخصّ مع الشيوعية الماوستية مع “ماوستونغ” في الصين).
وفي بداية القرن الواحد والعشرين (أي عام 2000)، احتدمت الحرب ضدّ الله وضدّ المسيح وضدّ وصاياه الإلهيّة بشكلٍ مَسكونيٍّ شامل، وخاصةً من خلال الهجوم التجديفي على الخَلق الإلهيّ للكائن البشري، كرجُلٍ وامرأة. مُستخدمِين، في هجومهم هذا، ديكتاتورية “إيديولوجيّة الجَندر”، والتشريع العلني لكل أنواع الإنحطاط الجنسي.
ففي القرن العشرين، كانت روسيا الشيوعية تُمثّل الأداة الأكثر قوّةً التي تهدف الى نشر العَلمنة والإلحاد بشكلٍ واسعٍ. فمِن خلال “الثورة البولشيفية” في تشرين الأوّل ١٩١٧، بدأ إبليس يستخدم أكبر البلاد في العالم، وأكبر البلاد المسيحيّة في الشرق ليُحارِب المسيح وكنيسته، بشكلٍ صريحٍ وواضحٍ ومفتوح (علنيّ).
عندما تكلّمت العذراء مريم في ١٣ تموز ١٩١٧، على الخطر الكبير الذي يسبّبه نشر روسيا لأخطائها وأضاليلها في العالم كلّه، لم يكن باستطاعة أحد أن يتصوّر السيناريو النُّهيوي الذي حقّقته روسيا بعد بضعة أشهر فقط، أي قبل نهاية شهر تشرين الأوّل ١٩١٧، باضطهادها الكنيسة في نشرها العلمنة والإلحاد، بكل ما للكلمة من معنى؛
وبذلك، أظهَرت ظهورات “فاطيما”، أنّ طابعها النّبوي هو فائق الطبيعة وحقيقيٌّ، وهو علاجٌ [حلٌّ] أساسيٌ في وجه العَلمنة والإلحاد الفكريّ والعَمليّ الذي سقَطت فيه البشرية في هذا الزمن الراهن.
لهذا السبب، طَلبت مريم العذراء وألحّت على صلاة الوردية المقدّسة، والتكرّس والتعبّد لقلبها البريء مِن الدنس، و”عبادة السبوت الخمسة الأولى من كلّ شهر”، بالإضافة الى تكريس روسيا لقلبها الطاهر، تكريسٌ كان يجب على البابا أن يقوم به بالإشتراك مع كل الأساقفة في العالم.
2- خطايا الدنس، وهلاك النفوس بأعدادٍ هائلةٍ !
إنّ احتقار وصايا الله يَعني: “الإثم”. والإثم أو “الجحود” يقودُ إلى هلاكٍ نفوس كثيرةٍ الى الأبد.
ففي رسالتها في فاطيما، أشارت والدة الإله إلى الخطايا التي تُرتكب ضدّ الطهارة، وإلى احتقار قدسيّة الزواج، كأمرَين عظيمَين، وأكثر ما يقود النفوس إلى الهلاك الأبدي !
وقد قالت العذراء للقديسة الطفلة “جاسنتا”:
“إنّ أكثر الخطايا التي تقود نفوس إلى جَهنّم هي خطايا الدّنس، وأنّه سيتمّ إدخال أساليب جديدة لموضة اللّباس، ستُهين اللّه كثيراً. وأنّ على مَن يريدُ أن يخدُم اللّه، أن لا يتبعَ هذه الموضة أبداً”. (موضة لباس اليوم)
فلا موضة للكنيسة ! لأنّ ربّنا يسوع هو هو، الأمس واليوم وغداً.
كما قالت أيضًا، بأنّ “زيجاتٍ عديدةٍ لن تكون صالحة، وهي ليست من اللّه، ولا يمكن أن تَطيب له”.
إليكم على سبيل المثال بعضٌ مما كان يقوله القديس “جان ماري فيانيه” (“خوري آرس”) في عظاته وهو شبيه بهذا الكلام:
” ما أعظمَ جهل العالم للطّهارة في أيّامنا هذه ! وما أكبر ازدرائنا لها ! وكم إنّنا لا نجتهدُ، إلّا نادراً جدّاً، في الحفاظ عليها !
وما أضعفَ غيرتنا في طلب نعمة الطّهارة مِن الله ! فلنعلم أنّنا لا نستطيع أن نحصُل عليها بِقوّتنا الذاتية، وأنّ أولائك “المتحرّرين الجدُد” الذين يتّبعون شَهواتهم، يَجهلون تماماً ما هي الطّهارة. آه، لو عَرَفتم في أيّة حالةٍ مِن البشاعة ستظهرُ النفس أمام الله [يوم الدينونة]، باحتقارها فضيلة الطّهارة. يا إلهي، كم مِن النفوس تسقُط في جهنّم بسبب خطيئة الدّنس !”
3- خطة الرّحمة المزّيفة داخل الكنيسة !
إنّ الطّابع النّبوي لرسالة “فاطيما”، أضحَى اليوم جَليّاً أمام أعيُننا، لدرجةٍ أنّه حتى في حياة بعض الكنائس الكاثوليكيّة الخاصّة، أضحت خطايا الدنس وعلاقات الزّنى من المُمارسات المُشرَّعة، تحت عنوان “خطة رعائية لإعادة أولئك الأشخاص المُنفصلين والمُطلّقين، إلى الشّرِكة المُقدّسة”، وهم لا يزالون يُتابِعُون علاقاتِهم الجنسيّة كما لو كانوا مُتزوَّجِين، مع عِلمهم المسبق بأنّ هذه العلاقة هي خطيئة، وأنّه لا يحقُّ لهم ذلك لأنّ مُساكَنتهم هي غيرُ شرعيّةٍ [أمام الله].
لذا، فإنّ خطّةً رعائيةً مُزيّفةً كهذه، ستكون – بحسب كلام العذراء – سبب هلاكٍ أبديٍ لنفوس عديدة لا تُحصَى، ومسؤولةً عنه ! لأنّ مُمارسةً كهذه، تُشجّع البشر على لإستمرار في إهانة اللّه بالخطيئة، وعلى احتقار وَصاياه أكثر فأكثر !
قالت العذراء مريم للقديسة “جاسيتنا”:
” لو أنّ البشر يَعلمون ما هي الأبديّة لصَنعوا كل ما يجب عمله ليُبدّلوا حياتهم.” إنّ البشر يَهلِكون لأنّهم لا يفكرون ويتأمّلون بموت يسوع على الصليب، ولا يتوبون.”
إنّ والدة الله قد ظهرت في فاطيما، أوّلاً وفوق كل شيء، لكي تُطلِق نداءً أمومياً مُلِحًّا، يَهدُف الى خلاص النفوس مِن الهَلاك الأبدي.
لذلك أظهَرت للطِّفلين الصَّغيرين (القدّيسَين فرنشيسكو وجاسينتا) حقيقةَ جَهنّم المُرعبة، كما أظهرت أيضاً في الوقت عينه طريق التوبة كالسبيل الوحيد، لتَجنّب السقوط في جهنّم. وأوضحت أنّ لطريق التوبة هذا بُعدَين:
1- البُعد الأول يُمثّل وسيلةً لنهرُب مِن أسباب الخطيئة المُستقبليّة، ونُعوِّض عن الخطايا التي ارتكبناها.
2- والبُعد الثاني هو نوعٌ مِن التوبة البَديلة؛ أي التكفير والتعويض عن الخطأة، في سبيل قيادتهم إلى التوبة.
4- سرّ فاطيما الثالث، وأبدّية المصير.
أمّا فيما يتعلّق بالقسم الثالث من أسرار فاطيما، فاللّه يُصوّر لنا الصورة المُرعبة التالية، داعيًا إيّانا إلى التوبة.
يقول الأطفال:
” رأينا على يسار سيّدتنا، وقليلاً إلى الأعلى مَلاكاً يحملُ سَيفاً من نارٍ في يده اليُسرى، وكان السّيف يُطلق شراراتٍ ناريةٍ كبيرة، بدت وكأنّها على وشك أن تُحرِق العالم. لكنّها كانت تنطفىءُ فور مُلامستها النور الذي كان يخرج مِن يد سيّدتنا اليُمنَى.”
وكان الملاك يشير إلى الأرض بِيده اليُمنى، ويصرُخ بصوتٍ مُدوًّى: “التوبة، التوبة، التوبة.”
على الكنيسة اليوم إذن، أن تعود وتَعِظ من جديد بقوّةٍ حول الحقيقة الإلهية، التي تتعلّق بحقيقة الهلاك الأبدي وبجَهنّم ! وذلك بهدف خلاص النفوس الخالِدة، إذ من دونِ وعظٍ كهذا، ستهلك إلى الأبد !
فإنّ وُجود جَهّنم أبديّة، هو حقيقةٌ إيمانيةٌ أقرَّتها الكنيسة، خلال المجامع في أفعال الإيمان، وفي وثائق التعليم الرّسمي.
وقد اعتبرت عذراء فاطيما أنّ هذه الحقيقة هي مُهمّةٌ لدرجةٍ كبيرةٍ ورعائية بِفعاليّةٍ، حتّى أنّها استعملتها بنفسها، فأظهرت للأطفال الصّغار، جهنّم ! وهذه هي الطريقة الرّعائية الصحيحة.
فالأخت لوسيا تقول: ” لقد دام هذا الظهور لحظةً واحدةً فقط، وذلك بفضل أمّنا السّماوية الطّيبة، التي في ظهورها الأوّل كانت قد وَعدتنا بأنها ستأخذنا إلى الفردوس. فلولا هذا الوعد، أعتقدُ أنّنا كِدنا نموت مِن الرعب والهول.”
ثم قالت العذراء للأطفال: “ لقد رأيتُم جَهنّم، حيث تذهبُ نفوسُ الخطأة المساكين، فلِتخليصهم يُريدُ الله إقامة التعبّد لقلبي الطاهر.”
تُتابع الأخت لوسيا وتقول:” تساءلت جاسينتا:
“قالت هذه السيّدة بأنّ نفوسًا عديدةً تسقُط في جهنّم، وأنّه لا نهاية لجَهنّم أبداً ! وكذلك أيضًا بالنسبة للفردوس، فلا نهاية له. فمن يذهب إلى الفردوس لا يعودُ ويخرج منه، وهكذا أيضاً بالنسبة الى مَن يذهب إلى جهنّم. ألا تفهمين يا لوسيا، أنّهما أبدَيّتَين وهما لا تَنتهيان ؟!”
ولكن الأمر الذي أثّر بجاسنيتا بالأكثر، كان الأبديّة. وقبل أن تموت صرَّحت بما يلي:
“لو أنّ الناس يَعلمُون ما هي الأبديّة، لفعلوا كلّ ما بإمكانِهم، ليُبدِّلوا سيرة حياتهم. فأعمال الإماتة، والتّوبة تَطيبُ جداً لربّنا وإلهنا.”
5- على الرعاة أن يتكلّموا على خطورة الخطيئة بوضوحٍ، كما فعلت العذراء وليس تلميحاً !!
إنّ أحد أهمّ المعاني في رسالة فاطيما، يقومُ على تذكير الكنيسة والبشر في زمننا الراهن، بحقيقة الخطيئة ونتائجها المَهولة، وبحقيقة الأبديّة. فإنّ الخطيئة تُهيُن الله، وتُهينُ عَظمته وتُعاكِس إرادته وحِكمته القدّوسة.
لذلك كانت العذراء تقول للأطفال:” يجب على البشر أن يتوبوا عن خطاياهم، وأن يُصلِحوا حياتهم، ويطلُبوا الصَّفح والمغفرة مِن الله.” عليهم ألّا يُهينوا اللّه أكثر، فإنّه قد أُهِين بما فيه الكِفاية.”
والتصريح التالي للبابا (المكرّم) بيوس الثاني عشر لشهيرٌ جداً:
“إنّ الخطيئة الأكبر في عالم اليوم ولعلّها أصبحت واقعاً، أنّ البشر بَدأوا يَفقدون الحسّ بالخطيئة.”
في حين أنّ الخطيئة، وخاصّةً المُميتة منها، هي الخطر الروحي الأكبر، فإنّ المسؤوليّة المتوجّبة على رؤساء الكنيسة والأكثر ضرورةً اليوم، هي أن يُنبِّهوا الناس عن حقيقة وخُطورة الخطيئة، وأن يعِظوا حول شرّ الخطيئة الكبير وخطرها، لكي يقودوا إلى توبة حقيقيّة، بِنعمة الله، ويُخلّصوا الخطأة من الموت الأبدي، وذلك من خلال الوعظ والصّلاة وأفعال الإماتة والتعويض.
فعلى رُعاة الكنيسة وكهنتها، ألّا يُقلّلوا أبداً مِن شأن الخطيئة، وألّا يَتكلّموا بتاتاً بشكل مُبهَم حول ما هو خطيئة، ولا يجب عليهم، لا بشكل مباشرٍ أو غير مباشرٍ، ولا لأيّ سببٍ من الأسباب، أن يحثّوا (يشجّعوا) خاطئاً على طريق الخطيئة، كما هو حال المُطلّقين والمتزوّجين مِن جديد خارج الزواج الكنسيّ. فإنّ موقفًا كهذا، هو موقفٌ غيرُ رعائيٌ، بل يُناقِض الرعاية الحقيقية.
ونستطيع تشبيه هذا الأمر، بالأمّ الّتي عند رؤيتها ابنها يركُض نحو الهاوية، تتكلّم معه بطريقة غامِضةٍ غير واضحة، دون أن تُشير إلى الهاوية. فموقفها هذا، ليس موقفٌ أموميٌ ولا والديٌ، بل هو عِدائيٌ وفيه شيءٌ مِن القتل.
لذلك، فالإكليروس الذين نراهم في أيّامنا هذه، بأعدادٍ كبيرةٍ، يَسمحون للمُطَلَّقين والمتزوجّين خارج الكنيسة (مدنيًا أو مُساكنةً)، أن يُكمِلوا عيشهم في حالة الزنى هذه، بحجّة أو بسبب ما يَرتأوه كفعلِ محبّةٍ أو رحمة، فهُم يَعمَلون كالقتَلى؛ قتلة النفوس !
فإنّ الرعاية المُلقَبّة بـ”رعائية الرحمة”، تُجاه هؤلاء المُطلّقين الذين يعيشون حالةً غير كنسيّةٍ، والتي يَسير على رأسها خاصةً الكاردينال “كاسبر”، وكلّ مَن يَقتفي إثرِه من الإكليروس، – وللأسف أنّنا نرى اليوم مجموعاتٍ أسقفيّةٍ وطنيةٍ كاملةٍ تحزو حزوه – هي رعويّة ذات موقفٍ عديم الرحمة ! موقِف جلّادٍ، حتى إنّه بالامكان اعتباره موقف قتلة نحو هؤلاء الخاطِئين !
أمّا موقف قديسَي فاطيما، فرنشيسكو وجاسنيتا، نحو الخاطىء والخطيئة، فهو يُظهِر شَناعة “الرعوية الجديدة” الخاطئة، الّتي تنتشرُ اليوم تحت قِناع رحمةٍ مزّيفةٍ، ويجب أن يُخجلها !
6- نبوءة فاطيما؛ الخطايا الأفظع: تدنيس المقدّسات !
تتطلّبُ حقيقة الخطيئة، ضرورة التوبة والتعويض. وهذا ما قاله أيضاً الملاك في ظهوره للأطفال عندما عَلّمهم السجود التعويضي للقربان الأقدس، لِكثرة ما تُهين الخطيئة اليوم الربَّ يسوع الموجود في القربان.
إنّ ظهورات ورسائل العذراء في فاطيما، لا يمكن فَهمها كما يجب دون أن نأخذ بالإعتبار ظهورات الملاك للأطفال الثلاثة عام ١٩١٦.
فإنّها مُرتبطة ببعضها ارتباطاً وثيقاً، لكون كلمات الملاك قد هيّأت الطّريق لرسالة العذراء الأساسيّة في فاطيما:
” قدّموا للّه كلّ ما تعملونه، تعويضاً وتكفيراً عن الخطايا التي تُهينه. وقدّموها كفِعل توسّلٍ مِن أجل توبة الخطأة.”
ومع ذلك فإنّ المعنى الأهمّ لظهورات الملاك يكمُن في الرسالة المُتعلّقة بسرّ الإفخارستيا: جسد ودم المسيح.
ففي العام ١٩١٦، أعلنَ الملاك أنّ المسيح مُهانٌ بشكلٍ كبيرٍ جداً في سرّ القربان.
في ذلك الزمن، لم يكن أحدٌ في الكنيسة ليتصوّر إلى أي حدٍّ من الإهانة سيتعرّض لها سرّ الإفخارستيا الأقدس، وكيف ستنتشر بشكلٍ كبيرٍ جداً هذه الإهانات، لا بل سيُشَجَّع عليها داخل الكنيسة!
وللأسف، لدينا أدلّةً واضحةً جداً في أيّامنا هذه، عن هذا النوع من الانتهاكات وقلّة الإحترام، إن مِن خلال السّماح بالمناولة باليَد وإن -بالأخصّ- مِن خلال إعطاء المناولة الى خطأةٍ يَعيشون في حالة الخطيئة دون توبة!
فإنّه لم يحصل البتّة، في أيّة مرحلة من تاريخ الكنيسة، ما نشهده اليوم من إهانةَ الافخارستيا وهَتك الأقداس الفظيعةٍ والمنتشرة، إن من قِبل الإكليروس أو من قِبل المؤمنين. فحتّى في هذا الموضوع، نرى كيف كانت ظهورات فاطيما نبويّةً بشكلٍ واضحٍ جداً.
لذلك، على الكنيسة اليوم، أن تفهم من فاطيما، الصّلة الغير مُنفصلة بين عبادة القربان الأقدس، وبين التعبّد والإكرام للعذراء مريم خاصّةً لقلبها الطاهر. فإنّ انتشار التعبّد والتكرّس لقلب مريم الطاهر هو مرتبطٌ، بل ويجب أن يكون مرتبطًا، بتجدّدٍ حقيقيٍ لعبادة الإفخارستيا، أي وبشكلٍ أوضحٍ : يجب أن يقودنا التكرّس لقلب مريم الى إعادة العِبادة الخارجية، والى الإحترام المتوجّب لقُدسيّة القداس الإلهي، ولطريقة تلقّي مناولة جسد ودم الربّ.
علَّ الكنيسة اليوم تسمع صوت الرّوح القدس الذي يكلّمها من خلال كلمات الملاك في فاطيما، ومِن خلال مَثل حياة القديسَين الصَّغيرين البطولي، وخاصةً من خلال كلمات العذراء مريم، أمّ الله وأمّنا والأمّ الروحية لكلّ البشرية !
7- الشهادة الحقيقيّة للكنيسة الكاثوليكيّة
إنّ رسالة فاطيما وأهميّتها اليوم، تقوم على تحضير الكنيسة في أيّامنا هذه إلى أن تكون شاهدة دون خوف للإيمان الكاثوليكي الحقيقي، حتّى الإستشهاد. وهذا ما نستطيع أن نراه أيضاً في سرّ فاطيما الثالث.
وبالرغم من ذلك، تبقى “فاطيما” علامةً حقيقيةً ونبويةً للرجاء، لأنّ العذراء مريم وَعدت بعد كل هذا التدهور الخطير، بزمن سلامٍ، وبانتصار قلبها الطاهر.
وفي نصّ الصلاة التي كرّس بها البابا يوحنا بولس الثاني العالم لقلب مريم الطاهر في ٢٤ أذار ١٩٨٤، ترك للعالم وللكنيسة في زمننا، التوسّل الحارّ التالي، والذي فيه تُختَصر الأهميّة النبويّة لرسالة فاطيما:
“أيا أيّها القلب البريء من الدنس، ساعِدنا لننتصر على تهديدات الشرّ الذي يتأصّل اليوم بسهولة في قلوب الناس، وبِنتائجه التي لا تُستقصى يَضع عالمنا اليوم أمام خطرٍ مُرعبٍ.
فمِن الخطيئة ضدّ حياة الإنسان منذ لحظات وجوده الأولى، نجّنا.
من الحقد ومن الحطّ من كرامة أبناء للّه، نجّنا.
من السهولة التي تُداس فيها وصايا الله، نجّنا.
من الخطايا ضدّ الروح القدس نجّنا، نجّنا !
خلّصنا، أيّها القلب الطاهر، وأظهر مرةً أخرى بَعد، في تاريخ البشرية، قُدرة الفداء الخلاصيّة اللامتناهية وقدرة الحبّ الرحوم ! وليُكبِح الشرّ وليُحوِّل الضّمائر. وليَنجلِ في قلبِك الطاهر يا مريم، نورَ الرجاء للجميع.”
هذا ما نعتبره كلاماً واضحاً لا ضبابياً.
فليحفَظ لنا الربّ رُعاةً، مثل البابا يوحنا بولس الثاني القديس.
المصدر: heartofmaryarabic.com