المطلوب من اللبنانيين اليوم أكثر من اي وقت مضى، الوحدة الداخلية التي وحدها تنقذ لبنان
***
في شكل غير مسبوق ارتفع الضغط في منطقة الشرق الاوسط بعد سلسلة اجراءات اتخذتها الادارة الاميركية بحق ايران ولبنان، غداة انسحاب الرئيس الاميركي دونالد ترامب من الاتفاق النووي مع ايران، وأقول هنا عقوبات على لبنان، لأنه أكثر من أي وقت مضى تصيب العقوبات الاميركية على حزب الله، لبنان في الصميم بنظامه الاقتصادي كما بانتظام عمل مؤسساته، واليوم ايضا اكثر من أي وقت مضى ستؤثر هذه الهجمة الاميركية على العلاقات الداخلية بين الافرقاء اللبنانيين، وبخاصة اننا في خضم مرحلة انتقالية على المستويين النيابي والحكومي، ما قد يرخي بظلاله على الاستشارات الحكومية لتشكيلها وهو موقف لا يحسد عليه الرئيس الذي سيكلف تشكيل الحكومة، وهو كما بات معروفا سيكون الحريري من جديد، من ناحية ضم الحكومة لوزراء حزب تخوض واشنطن حربا مباشرة هذه المرة ضده، بعدما كانت في السابق تستعين بالعدو الاسرائيلي او بالارهاب التكفيري لمحاولة اخضاعه او سحقه.
وقد اعلن في هذا الاطار مسؤول في وزارة الخزانة الأميركية، ان ” إذا استلم مسؤولون في حزب الله مواقع حكومية فسيكون هناك عواقب كارثية بالنسبة إلى لبنان”، في رسالة مباشرة الى الرئيس الذي سيكلف تشكيل الحكومة العتيدة، مضيفا ان “الإيرانيين يرسلون أموالا ليس فقط إلى جماعة إرهابية في لبنان وإنما إلى الأسد وحزب الله في العراق”، في حين من المرجح ان لا تؤثر العقوبات الاميركية على استحقاق انتخاب رئيس جديد للمجلس النيابي وتعيين نائب له، ليمر هذا التعيين من دون أي عوائق نظرا لأن الرئيس بري عائد بالتأكيد لرئاسة المجلس، في وقت لن تخلق مسألة تعيين نائب له مشكلة.
وذكرت معلومات ان العقوبات الاميركية والسعودية واكبها لبنان رسميا من خلال تكثيف الاتصالات بين رئيس الجمهورية الرئيس العماد ميشال عون ورئيس المجلس النيابي نبيه بري بالاضافة الى رئيس الحكومة سعد الحريري، لتحديد معالم المرحلة، عشية الاستحقاقين النيابي والحكومي، لأن الضغط الاميركي المستجد وإن كان لا يؤدي الى ضرر مباشر على حزب الله ولكنه قد يعرقل انطلاقة العهد الثانية.
ولذلك، المطلوب من اللبنانيين اليوم وأكثر من اي وقت مضى، الوحدة، فالوحدة الداخلية وحدها تنقذ لبنان، وهذا ما يكرره الرئيس عون دائما في المناسبات المفصلية، لأن أي انقسام لجهة تأييد العقوبات ضد حزب الله، سينعكس توترات داخلية تعيدنا الى مرحلة من الانقسام البغيض، لا تحمد عقباها، وهنا تبرز المخاوف من امكان مجاهرة بعض الافرقاء اللبنانيين بعدائهم لحزب الله، من خلال تأييدهم للعقوبات الاميركية على لبنان، وبخاصة ان المملكة العربية السعودية التي يرتبط بها البعض، تتخذ اجراءات بالتوازي وبالتنسيق مع اميركا ضد حزب الله، وهنا بيت القصيد، إذ يمكن في حال أخطأ البعض بحساباته من خلال الانضمام الى هذه الجبهة المعادية للمقاومة، ان يحدث شرخا داخلي سيكون اكثر شراسة من الانقسام في مرحلة سابقة بين 8 و14 آذار، لأننا هنا نتحدث عن المس بالمسلمات من خلال مساعدة اليد التي تضغط على رقبة حزب الله، وهذا لن ينسف فقط التسوية الرئاسية بل قد ينسف التسوية الكبرى في لبنان.
من الناحية الاقليمية، جاء لقاء الرئيس السوري بشار الاسد الذي زار روسيا، مع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين في سوتشي، مطمئن، لأن الهجمة الاميركية المستجدة على ايران وحزب الله لا بد ان تنعكس مباشرة على الوضع في سوريا، وربما تأتي هذه الزيارة لرفع مستوى التنسيق بين الحليفين لمواجهة التحديات هذه، وقد أعلن المتحدث باسم الرئاسة الروسية دميتري بيسكوف، أن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين استقبل نظيره السوري بشار الأسد في مدينة سوتشي الروسية، امس الخميس، واعلن ان الرئيس بوتين أجرى محادثات مع رئيس الجمهورية العربية السورية بشار الأسد، الذي قام بزيارة عمل إلى مدينة سوتشي”.وهنأ الرئيس بوتين نظيره السوري بالنجاح بمكافحة الإرهاب.
وأكد الرئيسان بوتين والأسد على ضرورة تهيئة ظروف إضافية لعملية سياسية كاملة الشكل في سوريا، بدوره أكد الرئيس الأسد استعداده لبدء عملية سياسية في البلاد.
اما العقوبات الاميركية فجاءت كالتالي: أعلنت وزارة الخزانة الأميركية فرض عقوبات على شخصين و5 مؤسسات على صلة بحزب الله.
وجاء في بيان الوزارة الأميركية أن العقوبات تفرض على عبدالله صفي الدين، ممثل “حزب الله” في طهران وابن عم الأمين العام للحزب حسن نصر الله، وكذلك على رجل الأعمال اللبناني محمد إبراهيم بزي، الذي قالت الخزانة الأميركية أنه عمل لصالح “حزب الله” وإيران.
وأدرجت الخزانة الأميركية 5 شركات، مسجلة في دول أوروبا وغرب أفريقيا والشرق الأوسط، ومرتبطة بالشخصين المذكورين.