– هيبة ولطف وإجابات صارمة من العذراء…
***
إلى هناك ، سافرت مع بعض أفراد جمعية “نسروتو” ، الى الأرض التي تطأها سيدة الطهر وأم المراحم السيدة العذراء والتي تفيض برسائلها نعمة على المؤمنين في كل انحاء العالم، إلى هناك توجهنا في رحلة حج بعيداً عن عالمنا الزائف الرازح تحت وطأة الخطيئة رغبة في نيل المراحم والتطهر من الخطايا والزلات.
هناك تشعر بهيبة المكان الذي يرخي عليك بظلال الوقار والهيبة أمام سحر “مديغوريية” وعذرائها التي ما ردت خائباً متضّع القلب والرحمة.
هناك في ظهورات السيدة العذراء، حيث أتت على ذكر لبناننا الحبيب أكثر من مرة، يجتمع المؤمنون من كل أنحاء العالم، يصلون بحرارة ويلقون بوزر شجونهم وأحزانهم وأمراضهم على كاهل العذراء مريم الرحومة.
في أولى ظهوراتها منذ عام 1981 كانت العذراء تجيب على معظم أسئلة المؤمنين، وكانت صارمة في اجاباتها، فمثلاً حين سألتها إمرأة عن إبنها الغارق في عالم الرذيلة، أجابتها بأنه كان عليها أن تربيه جيداً منذ البداية، طالبة منها الصلاة التي هي العلاج الوحيد لخروج إبنها من الخطيئة.
تبقى مديغورييه بمنأى عن كل الاشاعات والهرطقات التي شابت العالم وحاولت النيل من هيبة تلك البقعة التي تعتبر محجاً للكثير من المسيحيين حول العالم.
كثيرة هي الاقاويل والاشاعات، فمنهم من يتجرأ ويكذب شهادات الشهود والظهورات المتتالية، حتى وصل الامر بلجنة تقصي حقائق ان تذهب إلى هناك لتكشف حقيقة الظهورات، فوضعت الشهود في تجارب نفسية وجسدية قاسية، وكانت النتيجة إندهاش هذه اللجنة من شدة الايمان، والحال ذاته بالنسبة إلى ياباني قرر ان يأتي بآلاته ذات التقنية العالية لقياس قوة الضوء، ولكن الآلات عجزت عن تحمل الشعاع الصادر، ما أثبت أن العذراء تظهر بنور لا يمكن أن تقيسه آلة أو يستوعبه عقل.
البابا يوحنا بولس الثاني أقر أن مديغورييه هي مقر حج، ولكن الكنيسة لا يمكنها حسم رأيها لأن الظهورات لا زالت مستمرة، وهي تعطي نعماً وشفاءات كثيرة.
البعض يصف مديغورييه بالمكان بالتجاري، نقولها بالفم الملآن ان محلات التذكارات تحيط بكل المقامات الدينية في انحاء العالم كافة، حتى ان اسعار وجبات الطعام زهيدة تناسب كل المؤمنين، تلفتك طيبة اهل مديغورييه وخامتهم النقية، فهم محافظون على نظافة منطقتهم وبيئتها، ويحسنون معاملة الحجاج بكرم وطيبة.
هناك تشعر برهبة تلك الظهورات والعجائب التي نستمدها بشفاعة العذراء مريم، فالشاهدة فيتسكا التي تتحمل الآلام، توسلت العذراء ان تشفيها من اوجاعها المستعصية التي لا تطاق، وإستجابت العذراء لها مشترطة عليها في حال شفائها عدم ظهورها لها من جديد. وحصل للشاهدة ما ارادت، ولكنها بعد فترة اشتاقت الى العذراء، فعادت لتطلب منها الألم لتعود وتعاين ظهورها ايماناً منها بأن الالم يطهرنا من الدنس والخطيئة، وليس صحيحاً ان طلب الالم نوع من المازوشية، وهنا نشير إلى أن كثيرين ينسبون شفاءاتهم الى صلوات فيتسكا.
كما لا بد ان نأتي على ذكر الاب سلافكو، الكاهن الثاني في الرعية الذي نفذ طلبات السيدة العذراء ووضع برنامج الرعية حسبما طلبت، إنطلاقاً من تلاوة المسبحة، الذبيحة الالهية، عبادة وتأمل القربان المقدس المجسد فيه يسوع وصلوات الشفاء، انتقل إلى ديار ربه على رأس جبل كريزيفاك، وهو يسمى بجبل الصليب نسبة للصليب الموجود على رأس الجبل وظهور العذراء التي صلت عند أسفله، وفي اليوم التالي من وفاته بعثت مريم برسالة تفيد بوجوده إلى جانبها وهو يتشفع لرعيته. هذا الاب على وجه الخصوص لم تظهر عليه يوماً السيدة العذراء، لكنه اتسم بشدة ايمانه، وطوبى لم آمن ولم يرَ.
قبر الاب سلافكو موجود خلف كنيسة الرعية في مديغورييه، على بعد أمتار منه هناك مزار للقديسة “مريم ليسوع المصلوب”، وهي كانت راهبة تعيش في الناصرة، وإضطهدت كثيراً بسبب مسيحيتها، وكانت قد شاهدت رؤيا وهي دماء كثيفة في شوارع بيروت وذلك قبل الحرب اللبنانية.
نذكر أن الشهود هم 4 إناث فيتسكا وماريا وميريانا وإيفانكا، وشابين ايفان وياغوف، وتظهر العذراء مريم يومياً لإيفان وماريا وفيتسكا، في حين أنها تظهر لميريانا مرة في الشهر، وفي 18 آذار، وتظهر لإيفانكا في عيد الظهورات في 25 حزيران، ولياغوف في عيد الميلاد في 25 كانون الأول.
رحلة الحج هذه كانت مميزة للغاية، ناهيك عن الهدف السامي للزيارة، فقد صودف في اليوم الذي وصلنا فيه إلى مديغورييه في 31 ايار، اليوم الاخير من الشهر المريمي، كما صودف الاول من حزيران تساعية قلب يسوع، واليوم الثاني التاريخ المحدد لظهور السيدة العذراء على الشاهدة ميريانا التي وجهت رسالة من خلالها إلى من لم يتعرف على محبة ابنها يسوع.
كما تقول السيدة العذراء في رسالة لها، ان جسماً غريباً سيظهر في الفضاء ليشكل ظاهرة يعجز العلم عن شرحها، وستكون عصية على الظروف المناخية بحيث لا تتأثر بالعوامل الجوية والعواصف. وقدر البعض ان يكون صليباً من نار سيتمركز فوق جبل الظهورات بودبوردو ، كما دعتنا نحن شعبها إلى الإرتداد لنحصل على الخلاص، فإبنها طويل الأناة على الاشرار، داعية الجميع إلى الصلاة التي وبفضلها توقفت حروب وكوارث.
والملفت ان العذراء مريم تظهر في كل مكان في مديغورييه، حتى أنها يوماً ظهرت داخل مركز علاج مدمني المخدرات الذين تم علاجهم من خلال الصلاة، كما ظهرت على جبل “كريزيفاك” حيث توسل الشعب يسوع المسيح الرحمة والحماية من المجاعة، وحين صنعوا صليباً ووضعوه ليحمي مزروعاتهم، ظهرت السيدة العذراء على مقربة منه والذي وضعت فيه ذخيرة من الصليب المقدس الحقيقي الذي صُلب عليه يسوع المسيح.
في الختام، لا بد من كلمة شكر إلى جمعية “شباب مريم” Youth of Mary المنظمة للرحلة الدينية هذه، وللسيد جان ناكوزي الذي اقل ما يقال فيه انه يتمتع بصفات اللطف وبوفرة المعلومات.
المصدر: موقع النشرة