عَ مدار الساعة


خليل الفغالي: عميد كلية مُكلّف برتبة “مصارعجي”

لم يكن عصر الخميس 22 شباط 2018 عصراً عادياً في الفرع الثاني من كلية العلوم الإقتصادية وإدارة الأعمال؛ كما لم يمر في بال أساتذة الفرع وموظفوه وطلابه أن ما سيشاهدوه ويشهدوه عند الساعة الخامسة من ذاك اليوم الأسود من تاريخ الجامعة اللبنانية، هو سابقة لا تمرّ في كلّ جيل سوى مرّة.

ما حصل كان كالخيال… عدا أنه حقيقة.. وحقيقة موجعة جداً. في الزمان والمكان المعيّنين أقدم المدعو خليل أسعد الفغالي، والدته تريز غالب والمولود في بدادون بتاريخ 1-1-1960، رقم سجلّه 42، أقدم متلبّساً على التطاول جسدياً على زميل له في قاعة الامتحان أمام الطلاب، فكان التعدي ليس على زميل المهنة فقط، بل على كرامة كل أستاذ جامعي.

في التفاصيل، “داهم” العميد المكلّف لكلية العلوم الإقتصادية وإدارة الأعمال خليل الفغالي قاعة من قاعات الكلية في الفرع الثاني أثناء خضوع طلاب الماستر 1 للامتحانات، دون أي اعتبار لخصوصية المسابقة ودون أي احترام للطلاب والأساتذة المراقبين… وكأنها الأدغال.

لم تمنع انفعالية المُقتحم وتوتّره الزائدَين الزميل المُعتدى عليه من إلقاء السلام على العميد المُكلّف، كما تقتضي أبسط قواعد التهذيب التي أمعن الفغالي بطعنها في الصميم تكراراً كما سيلي. باغت المُداهِم محيّيه بالتهديد “بالاقتصاص منه” محذراً مراقبي القاعة من مغبة التعاطي معه، واستأنف هجومه بصوتٍ عالٍ مرتجف ملؤه الإنفعال والتوتّر، وذلك كما ادعى، على خلفية تقديم الزميل طعوناً بأحد مرشحي الفغالي في الفرع، ومفترياً عليه بتهمة “التعرّض الشخصي” له.

متهيّباً الموقف الساديّ العجيب الناتج عن الهمجية الإجتماعية الذي برع فغالي في تظهيرها، حاول الدكتور المُعتدى عليه دون جدوى، ولمدة ساعة كاملة خسرها الطلاب من امتحانهم وتركيزهم، تهدأة روعه؛ فكلّما زاد الأستاذ من هدوئه، خسر فغالي من عقلانيته واحترامه، وكلّما حاول الأستاذ استيعاب حالته وصولاً إلى محاولة استدراجه خارج قاعة الامتحان نحو أخرى مجاورة، كلما ازداد غيظه وحنقه.

وقد التف على صراخ العميد المكلف وتهديداته، بما انعم عليه من نطاقات في حباله الصوتية، بعض الاساتذة محاولين استقدام بعض الروح الحضارية للمشهد المروع في عقر الجامعة الأم. متهيبا الوضعية، قام الاستاذ المعتدى عليه بالانسحاب، بهدوئه المعتاد، عائدا الى مراقبة الامتحانات، الأمر الذي أثار حفيظة العميد المكلف، فما كان منه الا تتبعه، محذرا كل من التقى به من مغبة التعامل معه، حتى انتهى به الامر بمعاودة اقتحام قاعة الامتحان، ليفاجئ الجميع، إلا نفسه، بالتهجم من جديد على الاستاذ، محدثا له أذى جسدي نتيجة تصرف صبياني عنيف ومتوحش على مرأى من الطلاب، تمخّضت عن صفعة للجامعة اللبنانية وللوطن وللأدبيات الاجتماعية والحضارة الانسانية والتربية الاخلاقية… خارجا بعدها من الصالة يردد منتشيا “فشيت خلقي… فشيت خلقي”.

إذا كان العميد المحقون قد فشّ خلقه المكبوت بطريقة شوارعية دنيئة لا ترقى حتى إلى مستوى العصور الحجرية، فمن ذا الذي سيفشّ خلق الأستاذ المُعتدى عليه؟ من سيشفي غليل زملائه من أكاديميين وموظفين ليفوّت عليهم مغامرات وانتهاكات بحقهم وبحق الجامعة الوطنية؟ كلّها أسئلة تطرح نفسها لسبب وجيه واحد: يقبع في أدراج المجلس التأديبي التابع للجامعة اللبنانية عدد من الملفات بحق العميد المستبد نفسه، مرفوعة من عدد من الأساتذة دون أي نظر فيها ولا فصل!

وأذا كان الدكتور المغدور تعالى على جراحه وحافظ على رباطة جأشه وعلوّ مقامه فامتنع عن الإدعاء على الجاني أمام المجلس التأديبي، لقناعته التامة أن لا أمل من المسألة، فلجأ إلى اتخاذ صفة الإدعاء الشخصي على الفغالي أمام النيابة العامة بتاريخ 27 شباط 2018، بعدما سُدَّت أمامه سبل المراجعة الجامعية التي أثبتت عجزها، لسبب أو لآخر أمام الشخص نفسه مراراً وتكراراً!

فإذا كان المجلس التأديبي هو المولج بتحصيل حقوق الأساتذة المتضررين معنوياً من هكذا تصرفات ميليشوية، فإذ به يتلكّأ متقاعساً أو مُجبراً، مرة تلو الأخرى، عن الحسم فيها، فلمن يلجأ المُستضعفون داخل الجامعة، والذين يعملون بكل ضمير وتفانٍ، ويلقون بالمقابل معاملة سيئة وعدائية!؟ إلى متى ستتحكم شريعة الغاب برقاب من بذل المُهج وخاض اللُجج وصرف الليالي لتحصيل علمٍ يخدم فيه وطنه وفي عقر جامعته الأم… وإذ به يُجابه بالشوارعية! إلى متى سيظلّ كعبُ الغوغائية يعلو فوق سطوة القانون والمؤسسات؟ إلى متى سيظلّ منطق تيمورلنك “الحق للقوة” يسود في كلية العلوم الإقتصادية وإدارة الأعمال؟ متى ستنتفض الإدارة الجامعية فوق الحمايات والحصانات الحزبية لبعض شذّاذ الآفاق وتنطق:” القوة للحق؟”

(المكتب التربوي – التيار الوطني الحر FPM Educational Office)