هل يطيح ابن سلمان إمبراطورية الشويري؟
قالت مصادر لبنانية عاملة في الإمارات العربية المتحدة إن جميع العاملين في الحقل الإعلامي والإعلاني يعيشون حالاً من التوتر، في انتظار ما ستؤول إليه الإجراءات التي بدأتها حكومة السعودية ضد رجال أعمال يملكون أبرز الوسائل الإعلامية الناشطة عربياً، كالوليد بن طلال ووليد الإبراهيم وصالح كامل. وكشفت المصادر أن القلق يتجاوز توقف الأعمال، ويلامس خطر استدعاء رجال أعمال لبنانيين، شركاء للموقوفين، للاستماع إلى شهاداتهم. وقد عاد بعض هؤلاء سريعاً الى بيروت، وهم يخشون من أن توجّه إليهم أي «دعوات» لزيارة السعودية.
وبين الشركات التي تواجه تحديات صعبة شركة «شويري غروب»، لأصحابها ورثة رجل الإعلانات الراحل أنطوان شويري. إذ قررت الشركة وقف دفع الفواتير الشهرية الخاصة بوسائل الإعلام العاملة معها في بيروت وصرف مستحقات لبرامج ومشاريع تُبَثّ على قنوات تلفزيونية عدة، وذلك على خلفية اعتقال صاحب شبكة «MBC» العملاقة وليد الإبراهيم الذي وقّع، منذ سنوات عدة، عقداً حصرياً مع «شويري غروب» لإدارة ملف الإعلانات التجارية في الشبكة.
قرار مجموعة الشويري وقف صرف الأموال يعود إلى أن المدير الحالي للشركة، بيار الشويري، لم يتمكن بعد من الإحاطة بكامل مجريات الحدث السعودي، لا سيما خلفية وأبعاد اعتقال الإبراهيم، الذي يتهمه محمد بن سلمان بالتورط في الفساد وهدر أو اختلاس أموال تابعة للدولة. أضف الى ذلك الارباك الذي حلّ بالإجراءات الإدارية اليومية نتيجة توقيف الابراهيم، وهو المفوض من الشركة إنجاز أمور كثيرة لا سيما ما يتعلق بقرارات الصرف والقبض.
توقيف صاحب «MBC» له ما بعده، خصوصاً أن القرار السعودي شمل تعيين الزميل داوود الشريان، أحد أشهر مقدمي البرامج في المجموعة نفسها، رئيساً لهيئة الإذاعة والتلفزيون. واللافت، هنا، أن الشريان ليس فقط من أبرز معارضي آل الحريري في السعودية، بل لديه «نظرة خاصة» الى العمل مع الشركات الإعلامية والإعلانية اللبنانية، وهو يعتقد بأن بعض هؤلاء «استغلوا المملكة أكثر من المحتمل».
مشكلة الشويري تطوّرت مع تبلّغه، بالتواتر، أن اسمه وُضع على لائحة «ترقّب وصول»، وهي إجراء أمني يُتخذ عند المنافذ الحدودية لتوقيف من يرد اسمه في هذه اللائحة وإحالته الى الجهات الامنية والقضائية المعنية. وهذا ما أثار ذعر الشويري، ودفعه إلى بدء اتصالات في العواصم الخليجية لمعالجة الأمر. وعُلم أن معلومات وصلت إلى الشويري بأنه مطلوب للاستماع إلى إفادته في ملف الإبراهيم، وأنه تمنّع عن السفر حتى الآن، نزولاً عند نصائح والدته روز الشويري التي تعمل في الشركة، خشية توقيفه. كما عُلم أنه بات يتفادى البقاء في الإمارات العربية المتحدة بشكل دائم لخشيته من أن سلطاتها الأمنية ستوقفه على الفور في حال طلبت السلطات السعودية ذلك. وقد بدأ مساعدون له التواصل مع السلطات الاماراتية للتثبت من أنها لن تلاحقه بناء لطلب سعودي، علماً أن هذه السلطات استدعت مقيمين في الإمارات ممن تربطهم علاقات بالأمراء الموقوفين في الرياض واستمعت الى إفاداتهم بطلب من الحكومة السعودية.
وتفيد المعلومات أن المحققين السعوديين يدققون في حجم الموجودات المالية الموجودة في حوزة الابراهيم، وفي ما إذا كان الشويري أو آخرون ساعدوه في نقل جزء منها الى حسابات مصرفية في العالم. علماً أن نافذين في الشبكة السعودية ينفون حصول الأمر، ويؤكدون أن التحويلات المالية الشهرية من «شويري غروب» الى القناة كانت تتم عبر حسابات تخص الشركة ولا تخص الابراهيم نفسه. ويتهم هؤلاء منافسين للشويري بإشاعة أنباء خاطئة، ولا يستبعدون ان يكون هؤلاء قد تقدموا الى السلطات السعودية بمعلومات تستهدف الشويري وشركته.
معلوم ان مشكلة الشويري مع السعودية سابقة لأزمة اعتقال الإبراهيم. إذ سبق للسلطات هناك أن أوقفت بيار أبو جودة، أحد أبرز رجالات الشويري في الرياض، وجمّدت حساباته المالية التي قيل إنها تناهز مليار ريال سعودي (نحو 275 مليون دولار أميركي) تتعلّق بشركة تعمل في مجال الإعلانات الطرقية تبين ان الشويري باع اسهمه فيها، قبل وقت من ملاحقة ابو جودة الموجود الآن في الاقامة الجبرية وليس في السجن بسبب وضعه الصحي الدقيق.
وُضع اسم الشويري على لائحة «ترقّب وصول» على المنافذ الحدودية السعودية للاستماع إلى إفادته
كما يواجه الشويري أزمة أخرى، بعد خروجه من سوق الاعلانات الطرقية والاعلام المكتوب، على اثر التراجع الكبير في حجم السوق الإعلانية في دول الخليج في السنوات القليلة الماضية. فقد تراجعت قيمة العقد السنوي الأخير بين «شويري غروب» و»MBC» إلى مليار وثلاثمئة مليون دولار سنوياً، ما عُدَّ تراجعاً كبيراً في عمل الشركة الإعلانية العملاقة. لذلك كان ردّ فعلها الأول على التطورات الأخيرة تجميد الإنفاق، بما في ذلك وقف الدفعات الشهرية المستحقة عليها، لبنانياً على الأقل، حتى انجلاء الصورة.
لكن الشويري لم يقف عند هذا الحد، بل طلب من قائد «القوات اللبنانية» سمير جعجع مساعدته على مواجهة الأزمة ومعالجة أي ضرر يمكن ان ينشأ من ابن سلمان وأزلامه. ويستند الشويري في طلبه هذا الى أن جعجع من المقربين الآن من ابن سلمان والسبهان، وان للشويري مونة كبيرة على «القوات اللبنانية» التي كان والده يوفر مساعدات مالية كبيرة لكوادر بارزة فيها، خلال وجود جعجع في السجن بعد ادانته باغتيالات سياسية طالت رئيس الحكومة الشهيد رشيد كرامي ورئيس حزب الوطنيين الاحرار داني شمعون وعائلته. وتردد ان رجل الاعمال ف. س. الذي عمل لوقت طويل في حقل الاعلانات، وهو قريب جداً من جعجع، توجه الى السعودية للمساعدة في معالجة اي مشكلة تواجه الشويري وشركته.
على ان الانعكاس الابرز لإجراءات الشويري لبنانياً كان على «المؤسسة اللبنانية للإرسال». إذ يجري الحديث عن تجميد الشركة المبلغ الشهري المفترض تحويله الى القناة والذي يقارب المليوني دولار، ما قد يدفع الى عدم صرف كامل رواتب العاملين في المؤسسة هذا الشهر، كما هي الحال بالنسبة الى جريدة «النهار» التي تنتظر إدارتها القرار النهائي لـ«شويري غروب» حيال الأمر نفسه.
المشكلة مع الشويري لا تقتصر على ما يطاول العقد مع المؤسسات التلفزيونية السعودية، بل قد يصل إلى وقف عملها في السعودية، وسط تزايد «الضغوط» على الحكومة السعودية لإنشاء شركة سعودية تتولى إدارة الملف الإعلاني لجميع وسائل الإعلام في المملكة، على أن يجرى تشكيلها من خلال دمج بعض الشركات المحلية، والاستعانة بفريق من المتخصصين، بينهم من عمل سابقاً لدى الشويري. وكان لافتاً في هذا السياق النشاط المتزايد لرجل الإعلانات اللبناني ج. ر.، الذي تولت شركته إدارة مراسم الاحتفالية بإعلان مشروع «نيوم» الذي أعلن محمد بن سلمان نيته إنجازه قبل عام 2030.
وسبق أن عمل ج. ر. في مشاريع إعلامية وإعلانية عدة. وهو واجه مشكلة كبيرة في قطر قبل عدة سنوات، كانت ذروتها منعه من السفر إلى حين الانتهاء من دعوى قضائية دفع بموجبها مبلغاً مالياً كبيراً، ضمن ملف يخص شركة إعلانية كبرى. وقد طاولت العقوبات يومها أحد أفراد العائلة الحاكمة في قطر.
-الأخبار-