عَ مدار الساعة


قرار صدر من بعبدا بتسوية ملف النازحين ووضعه حيز التنفيذ.. والأمم المتحدة تعمل لتوطينهم

– عون ماضٍ في ملف عودة النازحين ولن «يرد» على الحريري

***

ما لا يقوله جبران باسيل في ملف النازحين وفي خصوص ترتيب العودة بعدما بلغت مخاطر الملف سقوفاً عليا، تتكفل به بعبدا، واذا كان وزير الخارجية الذي يحمل الملف صار متهماً من جانب المدافعين عن النازحين السوريين بالعنصرية وتهم الخيانة لانه يطرح الملف بابعاده وانعكاساته وهواجسه الخطيرة وبأنه يقود خطاباً تجييشاً وانتخابياً بامتياز، فان لا احد يمكنه ان يوجه الانتقادات او يرشق العهد الذي يضع الملف في اولوياته بالتهم ذاتها، فرئيس الجمهورية كما تقول اوساط مواكبة للملف لن يتراجع في هذا الملف، وهو يتوجه الى المجتمع الدولي، وبعد كلمته المدوية في الأمم المتحدة ومخاطبته الرئيس الاميركي في تقرير اين يوطن النازحون، فان الرئيس ميشال عون جمع سفراء الدول الدائمة في مجلس الأمن الدولي لوضعهم في صورة التصور اللبناني للعودة الآمنة للنازحين الى بلادهم، واللافت في هذا الصدد ان رئيس الجمهورية يخوض المعركة، فيما يتفرج عليه الآخرون حتى لا يقال انهم يقفون في الجبهة المعارضة للعودة وعلى رأسهم تيار المستقبل الذي لا يزال يتحفظ على مسألة العودة وقد عبر رئيس الحكومة عن موقف رافض لها من الفاتيكان، فيما طرحت تساؤلات حول غياب وزير النازحين عن اجتماعات السفراء في بعبدا قبل ان يتبين ان الحريري لم يتخذ قراراً بعد، وان التباين مستمر مع رئيس الجمهورية وفريقه السياسي حول هذا الموضوع. وهذا الموقف بحسب الاوساط يعتبر «خطأ» لبنانياً او «فاولاً» فالتوجه الى المجتمع الدولي يبدو مترنحاً وسط التناقضات والمواقف اللبنانية المختلفة من المسألة.

ووفق الاوساط فان رئيس الجمهورية المعروف بتعنته وتصلبه بمواقفه السياسية لن يتراجع او يساير احداً في الملف،  هو فجر  قنبلة النازحين امام الأمم المتحدة رافضاً إملاءات احد على اللبنانيين في هذا الملف ومطالباً بالعودة الفورية والضرورية والحسم الفعلي لملف النزوح، وهو  يضع ملف النازحين في أولويات العهد، وقد حان الوقت اليوم لمعالجة الملف ووضع خطط للعودة وتطبيقها حتى لا تتفاقم الاوضاع ومترتبات الملف على الوضع اللبناني. وحيث ان فريقاً مكلفاً من قبل بعبدا ينكب منذ فترة على وضع آلية العودة ومن ضمنها شروط وظروف النازحين واسباب نزوحهم  التي تتراوح بين السياسية بسبب الحرب السورية او الاقتصادية.

وبحسب الاوساط، فان  قراراً صدر من بعبدا قبل فترة بتسوية الملف ووضعه حيز التنفيذ لبنانياً مهما كلف الثمن، وازالة كل العوائق من طريق الملف سواء العوائق الداخلية من فيتوات فريق سياسي يتجنب الغوص في الملف لرفضه فكرة الحوار والتطبيع مع النظام السوري او العوائق الخارجية بعدما حدد الرئيس عون من نيويورك ان التوطين في البلاد التي استضافت النازحين وخصوصاً لبنان مرفوض بالكامل، واذ تؤكد الاوساط ان  الجانب اللبناني لم يتلق رفضاً او موقفاً سلبياً من الدولة السورية في شأن عودة السوريين الى بلادهم، كما ان الدولة اللبنانية لن تستعمل القوة في فرض العودة على النازحين الذين يستشعرون خطراَ يهدد حياتهم وبالتالي فان العودة ستحصل ضمن آلية ستسير بها بعبدا.

واذا كان موقف بعبدا واضح في هذا المجال ولا مجال للتراجع عنه فهل يمكن لرئيس الحكومة ان  يعيد حساباته مع بعبدا فيسير في هذا الملف خصوصاً وان الحريري يخضع حالياً لاختبار نوايا وهو يتأرجح بين ان يكمل الطريق في الخيار الذي اتخذه منذ التسوية الرئاسية والذي مكنه من العودة الى السراي ومن الشراكة مع العهد في الحكومة نتج عنها  توافق حول قانون الانتخابات والتعيينات الامنية والقضائية وفي ادارارت ومؤسسات الدولة، ام ان الحريري سوف يساير فريقه السياسي وبالتالي يلتقي مع حليفه وليد جنبلاط بالاستمرار برفض اعادة العلاقات مع النظام السوري فتكون ورقة واحدة من الاوراق التي سيتم استعمالها لتقويض العلاقة بين بعبدا والسراي.

يقول العارفون في هذا الملف ان التجربة السياسية بين السراي وبعبدا لا تعتريها اشكالات كبيرة او خلافات كثيرة وعميقة ، فرئيس الحكومة راغب في الاستمرار في الحكومة وعلى هذا الاساس تحصل دائماً التفاهمات السياسية كما حصل مؤخراً في التشكيلات القضائية التي كان يعارض بعض بنودها الحريري الى ان تم الاتفاق حولها.

الاختلاف في وجهات النظر بين بعبدا والسراي وبين العونيين والمستقبليين هي في مقاربة الملف فقط، فبالنسبة الى التيار الوطني الحر العودة لا تحصل الا وفق الآلية اللبنانية،  فالأمم المتحدة لا تعمل على عودة الى بلادهم بل تريد توطينهم في البلاد المضيفة، فالتيار الوطني الحر الذي يلتزم مواقف رئيس الجمهورية هو اول المطالبين بعودة النازحين السوريين، ويفترض ايجاد حل لها والتفاوض مع النظام السوري ليس عيباً في هذا المجال لتأمين مستلزمات العودة. تيار المستقبل من جهته يعتبر ان العودة تمر عبر الأمم المتحدة وحدها ويحسبها من نواحي اخرى، من ناحية اعادة العلاقات مع النظام السوري من جهة، ولحسابات المستقبل السياسية والانتخابية  خصوصاً وان القاعدة المستقبلية تتقبل بصعوبة الخيارات السياسية الجديدة لرئيس الحكومة ولا بد من حسابات لاهواء الشارع السني، فالمعركة النيابية يحسبها الحريري جيداً، والتواصل مع النظام السوري بالنسبة الى الحريري امر مرفوض وعقبة اساسية في موضوع النازحين ويمكن ايجاد الحلول له من خلال الأمم المتحدة وحدها.

بالمؤكد ان رئيس الحكومة مضطر وفق اوساط سياسية ان يغير من استراتيجيته أولاً لتفادي الخلاف مع بعبدا في هذا الملف فرئيس الجمهورية سائر في رفض التوطين وترحيل السوريين الى بلادهم الى الآخر، فالحريري  ملزم ان يحافظ على تفاهمه مع بعبدا، عدا ذلك فان الحريري مدرك ان ملف النازحين السوريين صار قنبلة موقوتة تصيب كل اللبنانيين والطائفة السنية بشكل أساسي كونها على تماس مع النازحين في البقاع والشمال، وايجاد حلول للعودة أمر لا بد ولا مفر من معالجته.

بدون شك فان التيار الوطني الحر هو رأس الحربة في طرح ملف  النزوح والمبادر الاول لاثارته، هو الذي بدأ اولاً باثارة وطرح موضوع النزوح السوري وتقليص عدد النازحين السوريين في حين سانده حزب الله بضرورة التنسيق مع السلطات السورية لاعادة السوريين الى المناطق الآمنة، وقد اثار الامين العام لحزب الله في خطبة عاشوراء موضوع النازحين السوريين والهواجس المترتبة من التوطين، في حين تتأرجح مواقف المستقبل  بين الرفض المطلق للغوص في الملف والاستعداد للخوض في غماره وذلك ربطاً بالأحداث السياسية والضغوطات على المستقبل. التيار الوطني الحر تقدم بمسودة لعودة التازحين بقيت دون تنفيذ وقد نبه وزير الخارجية جبران باسيل الى موضع اهمال تلك الورقة والى مسؤولية الحكومة السابقة في عدم المبادرة في هذا الملف، وقد سبق لباسيل ان حذر في وقت سابق من سياسة «طمس الرؤوس في الرمال» وحينها رد الشركاء في السلطة بتوسيع الحفرة حتى يخفوا رؤوسهم ومعها الحقائق بالارقام بالنسبة الى اعداد السوريين الذين يدخلون لبنان. ويقول باسيل «طالبنا بمواكبة النزوح الكثيف الى لبنان ووضع حد للفوضى في ادارتها وللنعكاسات الاجتماعية والاقتصادية للنزوح فحينها كيلت علينا الافتراءات والاتهامات بالعنصرية والتنكر لواجبانتا الوطنية وبخطابات شعبوية. وخطة الحكومة التي وضعت العام 2014 لوضع حد للنزوح الى لبنان هي ورقة سياسة الحكومة للنزوح السوري لكنها بقيت خطة نظرية لم تأت بنتائج حسية ومرجوة وهي بحاجة الى التحديث ولاجراءات فعلية، فهي لم توقف حركة النزوح بل اوقفت تسجيل النازحين والفرق كبير ولم تسمح بمسح شامل للنازحين بل دفعت بعدد منهم للتفلت من اي قيد او سجل.

وعليه تقول الاوساط ان صورة الموقف الرسمي تبدو على الشكل التالي، رئيس الجمهورية  متشدد وحازم لانهاء الملف، التيار الوطني الحر يمتلك خطة مرسوم وآلية للعودة، حزب الله يريد العودة،  البطريركية المارونية  دخلت على خط ملف النازحين  بموقف داعم لرئاسة الجمهورية في هذا المجال، وحده المستقبل يناور ويرفض العودة حرصاً على المواطنين السوريين من عمليات انتقامية فيما الواقع يؤكد ان الرفض لحسابات سياسية منها ما هو متعلق «بالتطبيع» مع النظام.

المصدر: الديار